الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
الرّسَالَةُ الوَثِيقَةُ
فِي
ثَبـْتِ لَفْـتَةِ الحَقِيقَةِ
(مع الحاشِيَة)
ويَلِيهَا
البـَلْسَم الـمَسْطُور في الكَوْثَر الـمَهْدُور
بقلم : سلمان بن مبارك الجميعة
الطبعة الثانية
مُنَقَّحَة ومَزِيدَة
ـــــــــــــــــــــــــ
الإهداء
أهدي هذا العمل إلى رسول الله الأمين وخُلَفائه في العالمين صلوات الله عليهم سيما مَدَار الدَّهر ونامُوس العَصْر إمام الزمان عجل الله فرجه الشريف، وإلى البضعة الطاهرة الصِّدِّيقَة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وإلى جميع مَن شَادَ الدِّينَ الحنيف، وفي طليعتهم أم البنين و السَّادَة الأكابِر..العبَّاس وزينب ابْنَي أمير المؤمنين وعليِّ الأكبر والقاسم ابن الحسن والرَّضِيع بن الحسين وفاطمة المعصومة عليهم السلام..
يا سادتي،تَقَبَّلُوا هذا القَلِيل بِحَقِّ الله عليكم.
خادمكم سلمان
ــــــــــ
مقدمة الطبعة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،الحمد لله الذي لا يَبلغ مدحتَه القائلون ولا يُحصي نعماءَه العادُّون ولا يُؤدي حقَّه المجتهدون، ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، وبعد..
كانت لي ذِكْرَى عزيزة مع أحدِ أساتذتي في إحدى الجامعات، قد مَضَى عليها حَوَالَى بضع عشرة سنة، دَارَت بيننا حِوَارَاتٌ حَول بعضِ عقائدنا نحن الشيعـة الإمَـامِيَّة الاثني عشريَّة، وقد وَفَّقني اللهُ جل وعلا لكِتَابة رِسَالَةٍ إليه بعد هذه الحوارات، وَضَعْتُها فيما بَعْدُ في كُتَيِّبٍ صغير، عَنْوَنتُه بـ:(الرِّسَالَة الوَثِيقَة في ثَبْتِ لَفْتَةِ الحَقِيقَة) وهي عبارة عن رَوَافِد لِصِحَّةِ بعضِ عقائدِنـا مِن أهمِّ مَصادِر إخوانِنا العَامَّة وهو كتاب (صحيح البخاري) لإمَامِ الحديث عندهم محمد بن إسماعيل البخاري، وإني مُتَـوَكِّلٌ على الله القدير وذاكِرٌ مَلاحِقَ -على هَيْئَةِ حَوَاشٍ- لِتَدْعَم تلك الرَّوَافِدَ، وستكون روَاياتٍ كثيرةً مِن كُتُب الصِّحَاحِ السِّتَّة عند العَامَّة، مع ما يُسَهِّل اللهُ تعالى لي بالتعليق عليها، ولَسْتُ أَدَّعِي اسْتِقْصَاءَ مَا يتعلق بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام في هذه الصِّحَاح.
ويُمَثِّل مَا سَأنقُلُه أَدِلَّةً على مَذهَبِ الحَقِّ، وبَعْضُه يَشْتَمِل على إشَارَاتٍ عَقائديَّة أو فِقْهِيَّة لا تَتَوَاءَم مَعَ مَذهَب العَامَّة عَامَّةً أو بعضِهم خَاصَّة، وهي تُمَثِّل مُؤَيِّـدَاتٍ لِلْحقيقة العقائدية.
وسأُضِيف إلى مَصَادري المُسْتَـدْرَكَ على صَحِيحَي البخاري ومسلمٍ لِلحَاكِم النَّيْسَابُوري، لِـمَا اسْتَدْرَكَه وذَكَرَه مِن رواياتٍ كثيرة كانت صحيحةً على شَرْطِ الشَّيخَيْن البخاري ومُسْلِم -في روايتهما للحديث- إلا أنهما لم يَرْوِيَاهَا في صَحِيحَيْهما.
وأُقَدِّم بين يَدَي حَدِيثي مَا كَتَبَه إمَامُ الجَرْح والتَّعْدِيلِ -عند العامَّة- أبو عبدالله شمسُ الدين الذهبي عن الحاكم النيسابوري، وذلك في كتابه [تذكرة الحفاظ ج3ص778] مِن طَبْعِ دار إحياء التراث العربي،قال الذهبي:
(الحَافِظُ الكبيرُ إمَامُ المُحَدِّثِين أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد ابن حمدويـه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المَعروف بابن البيع، صَاحِب التَّصَانِيف).
وكَذا ما قالَه عنه ابنُ القاضي شهبة في كتاب (طبقات الشافعية) ص193 بعدما ذكرَ اسمَه:
(الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع، صاحب المستدرك وغيره مِن الكُتب المشهورة...وقد أَطْنَبَ عبدُالغافر في مَدْحِه وذِكْر فضائله وفوائده ومحاسنه، إلى أن قال: مَضَى إلى رحمة الله تعالى ولم يُخَلِّف بعده مثله).
إذن سَتَكُون مَصَادرنا هنا هي:
الصِّحَاحُ السِّتَّة، ولا حاجَةَ إلى التعرِيف بها أو بِمُصَنِّفِيها لِتَسَالُم أكثَر العامَّة على قبولها، ولو في الأزمنة المتأخرة، ولكني أُعَدِّدها هنا مع أسماء مؤلفيها:
1-صحيح البخاري للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبة البخاري الجعفي (طبعةٌ بالأوفست عَنْ طَبْعَـةِ دَارِ الطباعة العامرة باستانبول دَار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1401 هـ).
2-صحيح مُسْلِم (وهو: الجَامِـع الصحيح للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري). طبعةٌ مصححة ومُقَابَلَةٌ على عِدَّة مخطوطات ونُسَخ مُعْ معتمدَة. دار الفكر للطباعة لبنان.
3-صحيح الترمذي (وهو: الجامع الصحيح للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي). حَقَّقه وصَحَّحه عبدُالوهاب عبداللطيف. طبعة دار الفكر للطباعة والنشر.
4-صحيح النسائي (وهو سُنَنُ النسائي للحافظ أبي عبدالرحمن أحمد بن شعـيب بن علي بن بحر النسائي). طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. الطبعة الأولى 1348 هـ.
5-صحيح أبي داود (وهو سُنَنُ أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني). تحقيق وتعليق: سعيد محمد اللحام. طبعةٌ جديدة مُنَقحة ومُفَهرسة. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
6-صحيح ابن ماجة (وهو سُنَنُ ابن ماجة للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني). حقَّق نصوصَه ورقَّم كتبَه وأبوابَه وأحاديثَه، وعلَّق عليه: محمد فؤاد عبدالباقي. طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
7-بالإضافة إلى المُسْتَدْرَك على الصَّحِيحَيْن، والمُسْتَدْرِكُ هو الحاكمُ النيسابوري وقد نقلنا ثناءَ ومَدْحَ اثْنَيْنِ مِن علماء العامة عليه.
ومَا سأنقله عنه مُذَيَّلٌ بِالتَّلْـخِيص للحافظ الذهبي (طبعة بِفَهرس الأحاديث الشريفة.دار المعرفة.بيروت) وأُقَدِّم هنا مَـا قَالَه الحاكمُ في آخِر خطبَةِ (مقدمةِ) كتابِه المستدرَك:
(...وأنا أَستعين اللهَ على إخْرَاج أحاديثَ رُوَاتُها ثُقَاتٌ،قد احْتَجَّ بِمِثْلِها الشَّيْخان -رضي الله عنهما- أو أَحَدُهما. وهذا شَرْطُ الصَّحِيح عند كَافَّةِ فقهاء أهل الإسلام:
إنَّ الزِّيَادَةَ في الأسَانِيدِ والمُتُونِ مِن الثُّقَاتِ مَقْبُولَةٌ. والله المُعين على ما قصدتُه وهو حسبي ونعم الوكيل).
في هذه العبارة يَشْهَدُ الحَاكِمُ -الحَافِظُ الكبيرُ إمَامُ المُحَدِّثِين كَمَا قال الذَّهَبِي- بأنَّ مَا سيذكره في مُسْتَدْرَكِه مُتَوَفِّرٌ على شَرْطِ الحَدِيث الصَّحِيح عند البخاري ومسلم، أو عند أحدِهما على الأقلّ ألا وهو كَوْنُ رُوَاتِه ثقَاتًا عندهما أو عند أحدهما،وإنْ لم يَرْوِيَاه.
وشَهِدَ بِأنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ هذا إذا تَوَفَّرَ في الحَدِيثِ فهو صَحِيحٌ، وإنْ زَادَت الأسانِيدُ والطُّرُقُ إليه أو زَادَ نَفْسُ مَتْنِ وألْفاظِ و نَصِّ الحديث عمَّا يَرْوِيه البخاري ومسلم أو أحدُهما في صَحِيحِه، فيمكن الاعتمادُ على غير ما في الصَّحِيحَيْنِ أو الصِّحَاحِ السِّتَّةِ أو العَشْرَة، إذا كانت رُوَاتُها ثُقَاتًا عندهما أو عند أحدِهما.
بل إنَّ الحاكمَ النيسابوري أطْلَقَ كَلامَـه في أنه إذا تَوَفَّرَ شَرْطُ الصِّحَّةِ فإنَّ كافَّـة فقهـاء أهل الإسلام يَقْبَلُونه -وإنْ لَم يُوجَد في الصَّحِيحَيْن- سواء كان على نهج تَصْحِيحِ البخاري ومسلم أو على نهجِ غيرهما، فإنَّ العلماءَ والفقهاءَ كثيرون، ومَا يَرَاه البخاري ومسلمٌ ثِقَةً قد لا يكون كذلك عند غيرهما، ومَا لا يَرَيَانِـه ثِقَةً فقد يَرَاه غيرُهما ثِقَةً أو فوق الثِّقَةِ بِدَرَجَات.
أحمد الله رب العالمين، وأشكر مَن شَارَكَ في إخراج هذا العمل، وأرجو أن يكون عملُنا هذا مُعِينًا على رَدِّ بعضِ الشبهات، وأن يكون دَاعِمًا لِلوحدة بين المسلمين، ولا حقوقَ طبْعٍ له، وأسأله تعالى أن يُرِيَنا الحـَقَّ حَقًّا حتى نَتَّبِعَه، ويُرِيَنا الباطلَ باطلاً حتى نَجْتَنِبَه، ولا يَجْعَله علينا مُتَشَابِـهًا فنَتَّبِِعَ أهْوَاءنا بِغَيْر هُدى مِنه، وصلى الله على محمـد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيته في العالمِين إمام الزمان صلوات الله عليه.
سلمان بن مبارك الجميعة
ظَهِيرة يوم السبت 29/4/1430هـ
ـــــــــــ
مقدمة الطبعة الثانية
بِحَمد الله رب العالمين تمَّ إضافةُ بعض الفوائد والروايات لِهذه الطبعة،ومِن هذه الفوائدِ كتابةُ خاتمةِ نُسْخَةِ صحيح البخاري التي نَقَلتُ منها رواياته،فقد كَتَبَ مُصَحِّحُه (ج8ص219)ما يلي:
{قد تم بحمد الله جل ثناؤه طبع هذا الجامع الصحيح مع الشكل الجميل على وجْهٍ صحيح...بدار الطباعة العامرة الغراء الكائنة في الفناء الشرقي من فروق البخراء...مُصَحَّحًا بِالمقابَلَة مع المـَتْنَيْنِ المطبُوعَيْن في مصر القاهرة، المـَشْكُول وغَيْر المشكول بِالطبْعة الزاهرة الفاخرة في عهد(مولانا السلطان الغازي عبدالحميد)...وقد صادف يوم اختتامه السعيد عشرين مِنْ شهرٍ عاشرُهُ عيدٌ مِن شهور سنة 1315 هـ... وأنا مُصَحِّحُه العبد المذنب المفتقر إلى الملك القدوس الغني محمد ذهني غفر له مولاه ولوالديه...}.
وقد وَرَدَت في مقدمة الطبعة هذه العبارة:
{أجْريَ الطبع على ما شَرَحَ عليه العلامةُ أحمدُ بنُ محمد الخطيب العسقلاني إلا ما نَدرَ}.
وكَمَا هو واضح لِلقارئ بِأَنِّي جَعَلْتُ مَا بالرسالة الأَصْل تحْت عنوان: (جاء في رسالة الذِّكْرَى)، ومَا أَضَفْتُه لاحِقًا جَعَلْتُه تحت عنوان:(الحَاشِيَة).
أسأل الله القبول من الجميع بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
سلمان 29/9/1430هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء في رِسَالَةِ الذِّكْرَى:
{بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين كمَا مُقتَضَى قولِه تعالى(إنما يريد اللهُ لِيُذهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطهِّرَكم تطهيراً)، وبعد ..
أستاذي الكريم .. ألتمس منك تعليقًا شافيًا عما سأتناوله فإنْ رَأَيْتَ ذلك فَبِها وإلا فإني أرَانِي قد أُعْذرتُ .. سأشرع – بعونه تعالى وتوفيقه – في نقل نصوص وروايات مِن كتاب (صحيح البخاري) وأسأله سبحانه أن يُؤَيِّدَنِي بالتعليق عليها بما آتاني .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
يقول محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه:
1-في الجزء الثامن من(كتاب الأحكام):حدثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال:سمعتُ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول:(يكون اثنا عشر أميراً)،فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي:إنه قال: (كلهم من قريش).
أقول(أنا سلمان):لم يخرج علماء إخواننا المسلمين بمِصْدَاقٍ مُقنعٍ يمكن أن يَنطَبِق عليه كَيْنُونَةِ الاثني عشر أميرا ً–فقط– بعد النبي صلى الله عليه وآلـه وسلم، فإنَّ كلماتهم بهذا الصَّدَدِ غَايَة في الاضطراب0وعلى أية حال..فإنَّ هذا الحديث الشريف –وبعد أكثر مِن ألف وأربعمئة سنة– لا يمكن أن يَنْطبِق إلا على مذهبنا الجعفري فنحن –الشيعة الإمامية الاثني عشرية– الذين نَعْتَقِد بِوُجُودِ اثني عشر أميرًا-فقط وفقط-قد اسْتَخْلَفَهم رسولُ الله بأمرٍ منه تعالى،منذ انتقاله إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وآله وسلم حتى تقوم الطامة الكبرى .. أجارنا الله تعالى من أهوالها وإياكم}.
الحاشية:
*البخاري(ج8)كتاب الأحكام(في أوَّلِه):عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال:[مَن أطاعَنِي فقد أطـاع اللهَ ومَن عصانِي فقد عصى اللهَ،ومَن أطاع أَمِيرِي فقد أطاعني،ومَن عصى أميري فقد عصاني].
*ورَوَى مِثْلَه النسائي في صحيحه(ج7)مِن كتاب البيعة0في الحَضّ على طاعة الإمام0
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الشيباني... عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [مَن أطاعَِني فقد أطاع اللهَ ومَن عصانِي فقد عصى اللهَ،ومَن أطاع عليًّا فقد أطاعني،ومَن عصى عليًّا فقد عصاني].
*المستدرك(ج3)كتاب فضائل الصحابة0ذِكْر جابر بن سمرة السوائي:حدثني محمد بن صالح بن هانئ...حدثنا جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعتُه يقول: [لا يَزَالُ أَمْرُ هذه الأُمَّةِ ظاهِرًا حتى يَقُومَ اثْنَاعشر خليفةً]،وقال كلِمَةً خَفِيَت عَلَيَّ، وكان أبي أَدْنَى إليه مَجْلِسًا مِنِّي فقلتُ:مَا قال؟فقال:[كلُّهم مِن قريش].
وقد رَوَى جابرُ ابن سمرة عن أبيه حَدَّثنا آخَر0
*البخاري(ج8)كتاب الأحكام0باب الأمراء من قريش: قال ابنُ عمر: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [لا يَزَال هذا الأَمْرُ في قريش مَا بَقِيَ منهم اثْنَان].
وروَى مثلَه مسلمٌ في صحيحه والحاكمُ في مستدركه وغيرُهما0
أقول:البخاري عَقَد هذا البابَ للحديث عن أحكام الإمَارَة والأمراء في الإسلام، وأتَى بالحديث الماضي هنا،فالمقصودُ مِن كلمة(الأمر)هو الخلافة والإمارة بعد النبي صلى الله عليه وآله،والحديثُ صَرِيحٌ في أنَّ الإمارة والخلافةَ لَنْ تَخْرُج مِن قريش، ونحن نَرَى أنَّ الخلافةَ والحكومةَ الظاهريَّةَ قد خَرَجَت مِن القرشيين قَطْعًا، فهل يُخطِئ أو يَشْتَبِه النبيُّ في إخبَارِه وهو الذي{ما يَنْطِق عن الهوَى*إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى}؟! إذن الرسول صلى الله عليه وآله ليس بِصَدَدِ الإخبَار عمَّن سَيَحْكُم ظاهِرًا بين الناس حتى لو كان بالقوَّة والقَهْر والغَلَبَة أو بالشورَى،وإنما هو بِصَدَدِ تَعْرِيف الأمَّة وإخْبَارها بأنَّ الحُكَّامَ والأمَرَاءَ الشَّرْعِيِّين هم مِن قريش، وحَدَّدَ عَدَدَهم وأنهم اثنا عشر فقط،لا ينقصون ولا يزيدون، وهذا لا يَتَأَتَّى أبدًا إلا على مَذهبنا نحن الإمامية ولله الحمد رب العالمين..
*صحيح مسلم(ج6)كتاب الإمارة. باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش: ...حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد(قال)حدثنا جرير عن حصين عن جابر بن سمرة قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله) وسلم يقول(نفس الحديث الآتي) وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي-واللَّفظُ له-(قال) حدثنا خالد - يعني ابن عبد الله الطحان- عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي علَى النبي صلى الله عليـه (وآله)وسلم فسمعتُه يقول: [إنَّ هذا الأَمْرَ لا يَنْقَضِي حتى يَمْضِي فيهم اثْنَاعشر خَلِيفَةً]، قال(الراوي): ثم تَكَلَّمَ (النبيُّ صلى الله عليه وآله) بِكَلامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قال(الراوي): فقلتُ لأَبِي: مَا قال؟ قال (أبُوه إنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال): [كُلُّهم مِن قريش].
وروَى مسلمٌ بعده مباشرةً:حدثنا ابن أبي عمر(قال)حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:سمعتُ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول: [لا يزال أَمْرُ الناس مَاضِيًا مَا وَلِيَهم اثناعشر رَجُلاً]،ثم تَكَلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم بِكَلِمَةٍ خَفِيَت عَلَيَّ فسَأَلْتُ أَبِي:مَاذا قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال: [كلُّهم مِن قريش].
وقال مسلمٌ بعده:حدثنا هداب بن خالد الأزدي(قال)حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال:سمعتُ جابرَ بن سمرة يقول:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: [لا يزال الإسلامُ عَزِيزًا إِلَى اثنَيْ عشر خليفة]،ثم قال كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا،فقلتُ لأبي: مَا قال؟ فقال:(قال النبيُّ صلى الله عليه وآله): [كلهم مِن قريش].
وقال بعده:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة(قال)حدثنا أبو معاوية عن داود عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:قال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم:[لا يزال هذا الأَمْرُ عَزِيزًا إِلَى اثنَيْ عشر خليفة] قال(الراوي):ثم تَكَلَّم بِشَيْءٍ لم أَفْهَمْه،فقلتُ لأبي: مَا قال؟فقال:[كلُّهم مِن قريش].
وقال بعده:حدثنا نصر بن علي الجهضمي...حدثنا ابن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال: انْطَلَقْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم،ومَعِي أَبِي فسمعتُه يقول (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لا يزال هذا الدِّيـنُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثنَيْ عشر خليفة]فقال كَلِمَةً صَمَّنِيهَا الناسُ،فقلتُ لأبي:مَا قال؟قال:[كلُّهم مِن قريش]0
وقال بعده:حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة...عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:كَتَبْتُ إلى جابر بن سمرة مَعَ غلامي نافِعٍ: أنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سمعتَه مِن رسول الله صلى الله عليـه(وآله) وسلم، قال: فَكَتَبَ إِلَيَّ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يوْمَ جمعةٍ عَشِيَّةَ رَجْمِ الأَسْلمي يقول: [لا يزال الدِّينُ قائِمًا حتى تَقُـومَ الساعةُ أو يَكُون عليكم اثناعشر خليفة كلُّهم مِن قريش]، وسمعته يقول:[عصيبة مِن المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى أو آل كسرى]، وسمعتُه يقـول:[إنَّ بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم]،وسمعته يقول:[إذا أعطى اللهُ أحدَكم خيرًا فليبدأ بنفسه وأهل بيته]، وسمعتُه يقول:[أنا الفَرْطُ على الحوض].
*الترمذي(ج3)(ح2323):عن جابر بن سمرة قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [يَكُون مِنْ بَعْدِي اثنـاعشر أَمِيرًا]،قال(الراوي):ثم تكلم بِشَيْءٍ لم أَفهَمه، فسألتُ الذي يَلِينِي،فقال:قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[كلُّهم مِن قريش].
وذكَرَ الترمذيُّ أكثرَ مِن طَرِيقٍ لهذا الحديث الشريف.
*صحيح أبي داود(ج2)تحت عنوان:(آخر كتاب الفتن)كتاب المهدي: (ح4279): عن إسماعيل-يعني ابن أبي خالد-عن أبيه عن جابر بن سمرة قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم يقول:[لا يزال هذا الدِّيـنُ قائِمًا حتى يَكُون عليكم اثناعشر خليفة كلُّهم تَجْتَمِع عليه الأُمَّة]،فسمعتُ كلامًا مِن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلملم أَفهَمْه، قلتُ لأَبي:مَا يقول؟ قال:[كلهم مِن قريش].
أقول:سيأتي إن شاء الله بأنَّ مَعنى(اجْتِمَاعَ الأمَّة عليهم)هو اجتماعها في زَمَن الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام،ولَعَلَّ مِن الدّلائل على ذلك أنَّ أبا داود (الحافظ) روَى هذه الروايات فيما يَخُصّ الإمام المهدي عليه السلام،تحت عنوان(كتاب المهدي).
وبعده:(ح4280):حدثنا موسى بن إسماعيل...حدثنا داود عن عامر عن جابـر ابن سمرة قال:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[لا يزال هذا الدِّينُ عَزِيزًا إلى اثني عشر خليفة]قال(الراوي):فكَبَّرَ الناسُ،وضَجُّوا،ثم قال كَلِمَةً خَفِيَّة،قلتُ لأبي:يا أبتِ..مَا قال؟قال:[كلهم مِن قريش].
وبعده:(ح4281):حدثنا ابنُ نفيل...حدثنا الأسودُ بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة، بهذا الحديث،زَادَ(في رواية هذا الحديث):فلمَّا رَجَعَ إلى مَنْزِلِه أَتَتْهُ قريشٌ فقالوا:ثم يكون مَاذا؟ فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[ثم يَكُون الهَرجُ].
أقول:مِن الدّلائل على أنَّ الخلفاء الاثني عشر هم الأئمة الذين نَعتقد بإمامتهم،أنَّه يكون بعد الإمام الثاني عشر (الإمام المهدي) الهرج والمرج، ثم قيام القيامة.
*المستدرك(ج4ص501)كتاب الفتن والملاحم0ذِكْر ثلاثِ خلالٍ لابد منها لأمراء قريش: حدثني محمد بن صالح بن هانئ...عن مسروق قال:كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً عند عبدِالله يُقْرِئُنا القرآنَ،فسَأَلَه رَجُلٌ فقال:يا أباعبدالرحمن..هل سأَلْتم رسولَ الله صلى الله عليه وآله كَمْ يَمْلِك هذه الأمَّةَ مِن خليفة؟فقال عبدُالله:مَا سَأَلَنِي عن هذا أَحَدٌ مُنذ قَدِمْتُ العراق قبلك،قال(عبدالله):سَأَلْنَاه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[اثناعشر،عِدَّةُ نُقَبَاءِ بَنِي إسْرَائِيل].
*المستدرك(ج3)ذِكْر أبي جحيفة السوائي:حدثنا علي بن عيسى...عن عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال:كنتُ مع عَمِّي عند النبي صلى الله عليه وآله فقال: [لا يزال أَمْــرُ أُمَّتِي صالِحًا حتى يَمْضِي اثنـاعشر خليفة]،ثم قال كَلِمَةً وخَفضَ بها صَوْتَه،فقلتُ لِعَمِّي-وكان أَمَامِي-:مَا قال يا عَمّ؟قال:قال يا بُنَيَّ:[كلُّهم مِن قريش].
*أختم حديثي عن هذه العقيدة بذِكْرِ ما قاله الشيخُ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه(ينابيع المودة لذوي القربى) (ج3) الباب السابع والسبعون: في تحقيقِ حديثِ(بعدي اثناعشر خليفة): عن عبدالملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: كنتُ مع أبي عند النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم فسمعتُه يقول:[بَعْدِي اثناعشر خليفة]،ثم أََخْفَى صَوْتَه،فقلتُ لأبي:ما الذي أخفى صوته؟قال:قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[كلُّهم مِن بني هاشم].
وروى القندوزي الحَنَفِي بعد عدَّة صفحات:(ح12)عن عليٍّ كرم الله وجهه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[الأئمَّةُ مِن وُلْدِي،فَمَن أطاعَهم فقد أطاعَ اللهَ ومَن عَصَاهم فقد عَصَى اللهَ،هم العرْوَةُ الوثقى والوسيلةُ إلى الله جل وعلا].و قال بعده:{قال بعضُ المُحَقِّقِين: الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (ص)اثني عشر قد اشتهرت مِن طرق كثيرة، فبِشَرْحِ الزَّمَان و تَعْريفِ الكَوْنِ والمَكانِ عُلِمَ أنَّ مُرَادَ رسول الله(ص)مِن حديثه هذا الأئمةُ الاثنا عشر مِن أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يُحْمَل هذا الحديث على الخلفاء بعده مِن أصحابه، لِقِلَّتِهم عن اثني عشر،ولا يمكن أن يُحْمَلَه على الملوك الأمَوِيَّة لِزِيَادَتِهم على اثني عشر، ولِظُلْمِهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز،ولِكَوْنِهم غيْرَ بَنِي هاشم، لأنَّ النبي (ص) قال"كلهم مِن بني هاشم"في رواية عبد الملك عن جابر، وإخفاءُ صَوْتِه (ص) في هذا القوْل يُرَجِّح هذه الرواية،لأنهم(قريش)لا يُحْسِنُون خلافةَ بني هاشم. ولا يمكن أن يُحْمَلَه على الملوك العَبَّاسِيَّة لِزِيَادَتِهم على العدد المذكور، ولِقِلَّةِ رِعَايَتِهم الآيةَ(قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى)وحديثَ الكساء، فلا بد من أن يُحْمَل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر مِن أهل بيته وعترته(ص) لأنهم كانوا أعْلَمَ أهل زمانهم وأجلَّهم وأوْرَعهم وأتقاهم،وأعلاهم نسبًا، وأفضلهم حسبًا،وأكرمهم عند الله، وكان علمُهم عن آبائهم مُتَّصِلاً بِجَدِّهم (ص) وبالوراثة واللَّدُنِيَّة،كذا عرفهم أهلُ العلم والتحقيق وأهلُ الكشف والتوفيق.ويؤيد هذا المعنى-أي أنَّ مرادَ النبي(ص) الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته-ويشهده ويرجِّحه حديثُ الثَّقَلَيْن،والأحاديثُ المُتَكَثِّرَة المذكورة في هذا الكتاب وغيرُها. وأما قوله(ص): "كلهم تجتمع عليه الأمة"في روايةٍ عن جابر بن سمرة فمُرَادُه (ص) أنَّ الأمَّة تجتمع على الإقرارِ بإمامةِ كلِّهم وَقْتَ ظهورِ قائِمِهم المهدي (رضي الله عنهم).(ينابيع المودة لذوي القربى)للقندوزي(ج3).تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني0 الطبعة الأولى(1416هـ)دار الأسوة للطباعة والنشر.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
فِي
ثَبـْتِ لَفْـتَةِ الحَقِيقَةِ
(مع الحاشِيَة)
ويَلِيهَا
البـَلْسَم الـمَسْطُور في الكَوْثَر الـمَهْدُور
بقلم : سلمان بن مبارك الجميعة
الطبعة الثانية
مُنَقَّحَة ومَزِيدَة
ـــــــــــــــــــــــــ
الإهداء
أهدي هذا العمل إلى رسول الله الأمين وخُلَفائه في العالمين صلوات الله عليهم سيما مَدَار الدَّهر ونامُوس العَصْر إمام الزمان عجل الله فرجه الشريف، وإلى البضعة الطاهرة الصِّدِّيقَة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وإلى جميع مَن شَادَ الدِّينَ الحنيف، وفي طليعتهم أم البنين و السَّادَة الأكابِر..العبَّاس وزينب ابْنَي أمير المؤمنين وعليِّ الأكبر والقاسم ابن الحسن والرَّضِيع بن الحسين وفاطمة المعصومة عليهم السلام..
يا سادتي،تَقَبَّلُوا هذا القَلِيل بِحَقِّ الله عليكم.
خادمكم سلمان
ــــــــــ
مقدمة الطبعة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،الحمد لله الذي لا يَبلغ مدحتَه القائلون ولا يُحصي نعماءَه العادُّون ولا يُؤدي حقَّه المجتهدون، ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، وبعد..
كانت لي ذِكْرَى عزيزة مع أحدِ أساتذتي في إحدى الجامعات، قد مَضَى عليها حَوَالَى بضع عشرة سنة، دَارَت بيننا حِوَارَاتٌ حَول بعضِ عقائدنا نحن الشيعـة الإمَـامِيَّة الاثني عشريَّة، وقد وَفَّقني اللهُ جل وعلا لكِتَابة رِسَالَةٍ إليه بعد هذه الحوارات، وَضَعْتُها فيما بَعْدُ في كُتَيِّبٍ صغير، عَنْوَنتُه بـ:(الرِّسَالَة الوَثِيقَة في ثَبْتِ لَفْتَةِ الحَقِيقَة) وهي عبارة عن رَوَافِد لِصِحَّةِ بعضِ عقائدِنـا مِن أهمِّ مَصادِر إخوانِنا العَامَّة وهو كتاب (صحيح البخاري) لإمَامِ الحديث عندهم محمد بن إسماعيل البخاري، وإني مُتَـوَكِّلٌ على الله القدير وذاكِرٌ مَلاحِقَ -على هَيْئَةِ حَوَاشٍ- لِتَدْعَم تلك الرَّوَافِدَ، وستكون روَاياتٍ كثيرةً مِن كُتُب الصِّحَاحِ السِّتَّة عند العَامَّة، مع ما يُسَهِّل اللهُ تعالى لي بالتعليق عليها، ولَسْتُ أَدَّعِي اسْتِقْصَاءَ مَا يتعلق بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام في هذه الصِّحَاح.
ويُمَثِّل مَا سَأنقُلُه أَدِلَّةً على مَذهَبِ الحَقِّ، وبَعْضُه يَشْتَمِل على إشَارَاتٍ عَقائديَّة أو فِقْهِيَّة لا تَتَوَاءَم مَعَ مَذهَب العَامَّة عَامَّةً أو بعضِهم خَاصَّة، وهي تُمَثِّل مُؤَيِّـدَاتٍ لِلْحقيقة العقائدية.
وسأُضِيف إلى مَصَادري المُسْتَـدْرَكَ على صَحِيحَي البخاري ومسلمٍ لِلحَاكِم النَّيْسَابُوري، لِـمَا اسْتَدْرَكَه وذَكَرَه مِن رواياتٍ كثيرة كانت صحيحةً على شَرْطِ الشَّيخَيْن البخاري ومُسْلِم -في روايتهما للحديث- إلا أنهما لم يَرْوِيَاهَا في صَحِيحَيْهما.
وأُقَدِّم بين يَدَي حَدِيثي مَا كَتَبَه إمَامُ الجَرْح والتَّعْدِيلِ -عند العامَّة- أبو عبدالله شمسُ الدين الذهبي عن الحاكم النيسابوري، وذلك في كتابه [تذكرة الحفاظ ج3ص778] مِن طَبْعِ دار إحياء التراث العربي،قال الذهبي:
(الحَافِظُ الكبيرُ إمَامُ المُحَدِّثِين أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد ابن حمدويـه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المَعروف بابن البيع، صَاحِب التَّصَانِيف).
وكَذا ما قالَه عنه ابنُ القاضي شهبة في كتاب (طبقات الشافعية) ص193 بعدما ذكرَ اسمَه:
(الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع، صاحب المستدرك وغيره مِن الكُتب المشهورة...وقد أَطْنَبَ عبدُالغافر في مَدْحِه وذِكْر فضائله وفوائده ومحاسنه، إلى أن قال: مَضَى إلى رحمة الله تعالى ولم يُخَلِّف بعده مثله).
إذن سَتَكُون مَصَادرنا هنا هي:
الصِّحَاحُ السِّتَّة، ولا حاجَةَ إلى التعرِيف بها أو بِمُصَنِّفِيها لِتَسَالُم أكثَر العامَّة على قبولها، ولو في الأزمنة المتأخرة، ولكني أُعَدِّدها هنا مع أسماء مؤلفيها:
1-صحيح البخاري للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبة البخاري الجعفي (طبعةٌ بالأوفست عَنْ طَبْعَـةِ دَارِ الطباعة العامرة باستانبول دَار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1401 هـ).
2-صحيح مُسْلِم (وهو: الجَامِـع الصحيح للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري). طبعةٌ مصححة ومُقَابَلَةٌ على عِدَّة مخطوطات ونُسَخ مُعْ معتمدَة. دار الفكر للطباعة لبنان.
3-صحيح الترمذي (وهو: الجامع الصحيح للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي). حَقَّقه وصَحَّحه عبدُالوهاب عبداللطيف. طبعة دار الفكر للطباعة والنشر.
4-صحيح النسائي (وهو سُنَنُ النسائي للحافظ أبي عبدالرحمن أحمد بن شعـيب بن علي بن بحر النسائي). طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. الطبعة الأولى 1348 هـ.
5-صحيح أبي داود (وهو سُنَنُ أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني). تحقيق وتعليق: سعيد محمد اللحام. طبعةٌ جديدة مُنَقحة ومُفَهرسة. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
6-صحيح ابن ماجة (وهو سُنَنُ ابن ماجة للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني). حقَّق نصوصَه ورقَّم كتبَه وأبوابَه وأحاديثَه، وعلَّق عليه: محمد فؤاد عبدالباقي. طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
7-بالإضافة إلى المُسْتَدْرَك على الصَّحِيحَيْن، والمُسْتَدْرِكُ هو الحاكمُ النيسابوري وقد نقلنا ثناءَ ومَدْحَ اثْنَيْنِ مِن علماء العامة عليه.
ومَا سأنقله عنه مُذَيَّلٌ بِالتَّلْـخِيص للحافظ الذهبي (طبعة بِفَهرس الأحاديث الشريفة.دار المعرفة.بيروت) وأُقَدِّم هنا مَـا قَالَه الحاكمُ في آخِر خطبَةِ (مقدمةِ) كتابِه المستدرَك:
(...وأنا أَستعين اللهَ على إخْرَاج أحاديثَ رُوَاتُها ثُقَاتٌ،قد احْتَجَّ بِمِثْلِها الشَّيْخان -رضي الله عنهما- أو أَحَدُهما. وهذا شَرْطُ الصَّحِيح عند كَافَّةِ فقهاء أهل الإسلام:
إنَّ الزِّيَادَةَ في الأسَانِيدِ والمُتُونِ مِن الثُّقَاتِ مَقْبُولَةٌ. والله المُعين على ما قصدتُه وهو حسبي ونعم الوكيل).
في هذه العبارة يَشْهَدُ الحَاكِمُ -الحَافِظُ الكبيرُ إمَامُ المُحَدِّثِين كَمَا قال الذَّهَبِي- بأنَّ مَا سيذكره في مُسْتَدْرَكِه مُتَوَفِّرٌ على شَرْطِ الحَدِيث الصَّحِيح عند البخاري ومسلم، أو عند أحدِهما على الأقلّ ألا وهو كَوْنُ رُوَاتِه ثقَاتًا عندهما أو عند أحدهما،وإنْ لم يَرْوِيَاه.
وشَهِدَ بِأنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ هذا إذا تَوَفَّرَ في الحَدِيثِ فهو صَحِيحٌ، وإنْ زَادَت الأسانِيدُ والطُّرُقُ إليه أو زَادَ نَفْسُ مَتْنِ وألْفاظِ و نَصِّ الحديث عمَّا يَرْوِيه البخاري ومسلم أو أحدُهما في صَحِيحِه، فيمكن الاعتمادُ على غير ما في الصَّحِيحَيْنِ أو الصِّحَاحِ السِّتَّةِ أو العَشْرَة، إذا كانت رُوَاتُها ثُقَاتًا عندهما أو عند أحدِهما.
بل إنَّ الحاكمَ النيسابوري أطْلَقَ كَلامَـه في أنه إذا تَوَفَّرَ شَرْطُ الصِّحَّةِ فإنَّ كافَّـة فقهـاء أهل الإسلام يَقْبَلُونه -وإنْ لَم يُوجَد في الصَّحِيحَيْن- سواء كان على نهج تَصْحِيحِ البخاري ومسلم أو على نهجِ غيرهما، فإنَّ العلماءَ والفقهاءَ كثيرون، ومَا يَرَاه البخاري ومسلمٌ ثِقَةً قد لا يكون كذلك عند غيرهما، ومَا لا يَرَيَانِـه ثِقَةً فقد يَرَاه غيرُهما ثِقَةً أو فوق الثِّقَةِ بِدَرَجَات.
أحمد الله رب العالمين، وأشكر مَن شَارَكَ في إخراج هذا العمل، وأرجو أن يكون عملُنا هذا مُعِينًا على رَدِّ بعضِ الشبهات، وأن يكون دَاعِمًا لِلوحدة بين المسلمين، ولا حقوقَ طبْعٍ له، وأسأله تعالى أن يُرِيَنا الحـَقَّ حَقًّا حتى نَتَّبِعَه، ويُرِيَنا الباطلَ باطلاً حتى نَجْتَنِبَه، ولا يَجْعَله علينا مُتَشَابِـهًا فنَتَّبِِعَ أهْوَاءنا بِغَيْر هُدى مِنه، وصلى الله على محمـد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيته في العالمِين إمام الزمان صلوات الله عليه.
سلمان بن مبارك الجميعة
ظَهِيرة يوم السبت 29/4/1430هـ
ـــــــــــ
مقدمة الطبعة الثانية
بِحَمد الله رب العالمين تمَّ إضافةُ بعض الفوائد والروايات لِهذه الطبعة،ومِن هذه الفوائدِ كتابةُ خاتمةِ نُسْخَةِ صحيح البخاري التي نَقَلتُ منها رواياته،فقد كَتَبَ مُصَحِّحُه (ج8ص219)ما يلي:
{قد تم بحمد الله جل ثناؤه طبع هذا الجامع الصحيح مع الشكل الجميل على وجْهٍ صحيح...بدار الطباعة العامرة الغراء الكائنة في الفناء الشرقي من فروق البخراء...مُصَحَّحًا بِالمقابَلَة مع المـَتْنَيْنِ المطبُوعَيْن في مصر القاهرة، المـَشْكُول وغَيْر المشكول بِالطبْعة الزاهرة الفاخرة في عهد(مولانا السلطان الغازي عبدالحميد)...وقد صادف يوم اختتامه السعيد عشرين مِنْ شهرٍ عاشرُهُ عيدٌ مِن شهور سنة 1315 هـ... وأنا مُصَحِّحُه العبد المذنب المفتقر إلى الملك القدوس الغني محمد ذهني غفر له مولاه ولوالديه...}.
وقد وَرَدَت في مقدمة الطبعة هذه العبارة:
{أجْريَ الطبع على ما شَرَحَ عليه العلامةُ أحمدُ بنُ محمد الخطيب العسقلاني إلا ما نَدرَ}.
وكَمَا هو واضح لِلقارئ بِأَنِّي جَعَلْتُ مَا بالرسالة الأَصْل تحْت عنوان: (جاء في رسالة الذِّكْرَى)، ومَا أَضَفْتُه لاحِقًا جَعَلْتُه تحت عنوان:(الحَاشِيَة).
أسأل الله القبول من الجميع بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
سلمان 29/9/1430هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء في رِسَالَةِ الذِّكْرَى:
{بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين كمَا مُقتَضَى قولِه تعالى(إنما يريد اللهُ لِيُذهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطهِّرَكم تطهيراً)، وبعد ..
أستاذي الكريم .. ألتمس منك تعليقًا شافيًا عما سأتناوله فإنْ رَأَيْتَ ذلك فَبِها وإلا فإني أرَانِي قد أُعْذرتُ .. سأشرع – بعونه تعالى وتوفيقه – في نقل نصوص وروايات مِن كتاب (صحيح البخاري) وأسأله سبحانه أن يُؤَيِّدَنِي بالتعليق عليها بما آتاني .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
يقول محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه:
1-في الجزء الثامن من(كتاب الأحكام):حدثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال:سمعتُ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول:(يكون اثنا عشر أميراً)،فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي:إنه قال: (كلهم من قريش).
أقول(أنا سلمان):لم يخرج علماء إخواننا المسلمين بمِصْدَاقٍ مُقنعٍ يمكن أن يَنطَبِق عليه كَيْنُونَةِ الاثني عشر أميرا ً–فقط– بعد النبي صلى الله عليه وآلـه وسلم، فإنَّ كلماتهم بهذا الصَّدَدِ غَايَة في الاضطراب0وعلى أية حال..فإنَّ هذا الحديث الشريف –وبعد أكثر مِن ألف وأربعمئة سنة– لا يمكن أن يَنْطبِق إلا على مذهبنا الجعفري فنحن –الشيعة الإمامية الاثني عشرية– الذين نَعْتَقِد بِوُجُودِ اثني عشر أميرًا-فقط وفقط-قد اسْتَخْلَفَهم رسولُ الله بأمرٍ منه تعالى،منذ انتقاله إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وآله وسلم حتى تقوم الطامة الكبرى .. أجارنا الله تعالى من أهوالها وإياكم}.
الحاشية:
*البخاري(ج8)كتاب الأحكام(في أوَّلِه):عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال:[مَن أطاعَنِي فقد أطـاع اللهَ ومَن عصانِي فقد عصى اللهَ،ومَن أطاع أَمِيرِي فقد أطاعني،ومَن عصى أميري فقد عصاني].
*ورَوَى مِثْلَه النسائي في صحيحه(ج7)مِن كتاب البيعة0في الحَضّ على طاعة الإمام0
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الشيباني... عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [مَن أطاعَِني فقد أطاع اللهَ ومَن عصانِي فقد عصى اللهَ،ومَن أطاع عليًّا فقد أطاعني،ومَن عصى عليًّا فقد عصاني].
*المستدرك(ج3)كتاب فضائل الصحابة0ذِكْر جابر بن سمرة السوائي:حدثني محمد بن صالح بن هانئ...حدثنا جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعتُه يقول: [لا يَزَالُ أَمْرُ هذه الأُمَّةِ ظاهِرًا حتى يَقُومَ اثْنَاعشر خليفةً]،وقال كلِمَةً خَفِيَت عَلَيَّ، وكان أبي أَدْنَى إليه مَجْلِسًا مِنِّي فقلتُ:مَا قال؟فقال:[كلُّهم مِن قريش].
وقد رَوَى جابرُ ابن سمرة عن أبيه حَدَّثنا آخَر0
*البخاري(ج8)كتاب الأحكام0باب الأمراء من قريش: قال ابنُ عمر: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [لا يَزَال هذا الأَمْرُ في قريش مَا بَقِيَ منهم اثْنَان].
وروَى مثلَه مسلمٌ في صحيحه والحاكمُ في مستدركه وغيرُهما0
أقول:البخاري عَقَد هذا البابَ للحديث عن أحكام الإمَارَة والأمراء في الإسلام، وأتَى بالحديث الماضي هنا،فالمقصودُ مِن كلمة(الأمر)هو الخلافة والإمارة بعد النبي صلى الله عليه وآله،والحديثُ صَرِيحٌ في أنَّ الإمارة والخلافةَ لَنْ تَخْرُج مِن قريش، ونحن نَرَى أنَّ الخلافةَ والحكومةَ الظاهريَّةَ قد خَرَجَت مِن القرشيين قَطْعًا، فهل يُخطِئ أو يَشْتَبِه النبيُّ في إخبَارِه وهو الذي{ما يَنْطِق عن الهوَى*إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى}؟! إذن الرسول صلى الله عليه وآله ليس بِصَدَدِ الإخبَار عمَّن سَيَحْكُم ظاهِرًا بين الناس حتى لو كان بالقوَّة والقَهْر والغَلَبَة أو بالشورَى،وإنما هو بِصَدَدِ تَعْرِيف الأمَّة وإخْبَارها بأنَّ الحُكَّامَ والأمَرَاءَ الشَّرْعِيِّين هم مِن قريش، وحَدَّدَ عَدَدَهم وأنهم اثنا عشر فقط،لا ينقصون ولا يزيدون، وهذا لا يَتَأَتَّى أبدًا إلا على مَذهبنا نحن الإمامية ولله الحمد رب العالمين..
*صحيح مسلم(ج6)كتاب الإمارة. باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش: ...حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد(قال)حدثنا جرير عن حصين عن جابر بن سمرة قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله) وسلم يقول(نفس الحديث الآتي) وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي-واللَّفظُ له-(قال) حدثنا خالد - يعني ابن عبد الله الطحان- عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي علَى النبي صلى الله عليـه (وآله)وسلم فسمعتُه يقول: [إنَّ هذا الأَمْرَ لا يَنْقَضِي حتى يَمْضِي فيهم اثْنَاعشر خَلِيفَةً]، قال(الراوي): ثم تَكَلَّمَ (النبيُّ صلى الله عليه وآله) بِكَلامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قال(الراوي): فقلتُ لأَبِي: مَا قال؟ قال (أبُوه إنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال): [كُلُّهم مِن قريش].
وروَى مسلمٌ بعده مباشرةً:حدثنا ابن أبي عمر(قال)حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:سمعتُ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول: [لا يزال أَمْرُ الناس مَاضِيًا مَا وَلِيَهم اثناعشر رَجُلاً]،ثم تَكَلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم بِكَلِمَةٍ خَفِيَت عَلَيَّ فسَأَلْتُ أَبِي:مَاذا قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال: [كلُّهم مِن قريش].
وقال مسلمٌ بعده:حدثنا هداب بن خالد الأزدي(قال)حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال:سمعتُ جابرَ بن سمرة يقول:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: [لا يزال الإسلامُ عَزِيزًا إِلَى اثنَيْ عشر خليفة]،ثم قال كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا،فقلتُ لأبي: مَا قال؟ فقال:(قال النبيُّ صلى الله عليه وآله): [كلهم مِن قريش].
وقال بعده:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة(قال)حدثنا أبو معاوية عن داود عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:قال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم:[لا يزال هذا الأَمْرُ عَزِيزًا إِلَى اثنَيْ عشر خليفة] قال(الراوي):ثم تَكَلَّم بِشَيْءٍ لم أَفْهَمْه،فقلتُ لأبي: مَا قال؟فقال:[كلُّهم مِن قريش].
وقال بعده:حدثنا نصر بن علي الجهضمي...حدثنا ابن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال: انْطَلَقْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم،ومَعِي أَبِي فسمعتُه يقول (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لا يزال هذا الدِّيـنُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثنَيْ عشر خليفة]فقال كَلِمَةً صَمَّنِيهَا الناسُ،فقلتُ لأبي:مَا قال؟قال:[كلُّهم مِن قريش]0
وقال بعده:حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة...عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:كَتَبْتُ إلى جابر بن سمرة مَعَ غلامي نافِعٍ: أنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سمعتَه مِن رسول الله صلى الله عليـه(وآله) وسلم، قال: فَكَتَبَ إِلَيَّ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يوْمَ جمعةٍ عَشِيَّةَ رَجْمِ الأَسْلمي يقول: [لا يزال الدِّينُ قائِمًا حتى تَقُـومَ الساعةُ أو يَكُون عليكم اثناعشر خليفة كلُّهم مِن قريش]، وسمعته يقول:[عصيبة مِن المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى أو آل كسرى]، وسمعتُه يقـول:[إنَّ بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم]،وسمعته يقول:[إذا أعطى اللهُ أحدَكم خيرًا فليبدأ بنفسه وأهل بيته]، وسمعتُه يقول:[أنا الفَرْطُ على الحوض].
*الترمذي(ج3)(ح2323):عن جابر بن سمرة قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [يَكُون مِنْ بَعْدِي اثنـاعشر أَمِيرًا]،قال(الراوي):ثم تكلم بِشَيْءٍ لم أَفهَمه، فسألتُ الذي يَلِينِي،فقال:قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[كلُّهم مِن قريش].
وذكَرَ الترمذيُّ أكثرَ مِن طَرِيقٍ لهذا الحديث الشريف.
*صحيح أبي داود(ج2)تحت عنوان:(آخر كتاب الفتن)كتاب المهدي: (ح4279): عن إسماعيل-يعني ابن أبي خالد-عن أبيه عن جابر بن سمرة قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم يقول:[لا يزال هذا الدِّيـنُ قائِمًا حتى يَكُون عليكم اثناعشر خليفة كلُّهم تَجْتَمِع عليه الأُمَّة]،فسمعتُ كلامًا مِن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلملم أَفهَمْه، قلتُ لأَبي:مَا يقول؟ قال:[كلهم مِن قريش].
أقول:سيأتي إن شاء الله بأنَّ مَعنى(اجْتِمَاعَ الأمَّة عليهم)هو اجتماعها في زَمَن الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام،ولَعَلَّ مِن الدّلائل على ذلك أنَّ أبا داود (الحافظ) روَى هذه الروايات فيما يَخُصّ الإمام المهدي عليه السلام،تحت عنوان(كتاب المهدي).
وبعده:(ح4280):حدثنا موسى بن إسماعيل...حدثنا داود عن عامر عن جابـر ابن سمرة قال:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[لا يزال هذا الدِّينُ عَزِيزًا إلى اثني عشر خليفة]قال(الراوي):فكَبَّرَ الناسُ،وضَجُّوا،ثم قال كَلِمَةً خَفِيَّة،قلتُ لأبي:يا أبتِ..مَا قال؟قال:[كلهم مِن قريش].
وبعده:(ح4281):حدثنا ابنُ نفيل...حدثنا الأسودُ بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة، بهذا الحديث،زَادَ(في رواية هذا الحديث):فلمَّا رَجَعَ إلى مَنْزِلِه أَتَتْهُ قريشٌ فقالوا:ثم يكون مَاذا؟ فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[ثم يَكُون الهَرجُ].
أقول:مِن الدّلائل على أنَّ الخلفاء الاثني عشر هم الأئمة الذين نَعتقد بإمامتهم،أنَّه يكون بعد الإمام الثاني عشر (الإمام المهدي) الهرج والمرج، ثم قيام القيامة.
*المستدرك(ج4ص501)كتاب الفتن والملاحم0ذِكْر ثلاثِ خلالٍ لابد منها لأمراء قريش: حدثني محمد بن صالح بن هانئ...عن مسروق قال:كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً عند عبدِالله يُقْرِئُنا القرآنَ،فسَأَلَه رَجُلٌ فقال:يا أباعبدالرحمن..هل سأَلْتم رسولَ الله صلى الله عليه وآله كَمْ يَمْلِك هذه الأمَّةَ مِن خليفة؟فقال عبدُالله:مَا سَأَلَنِي عن هذا أَحَدٌ مُنذ قَدِمْتُ العراق قبلك،قال(عبدالله):سَأَلْنَاه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[اثناعشر،عِدَّةُ نُقَبَاءِ بَنِي إسْرَائِيل].
*المستدرك(ج3)ذِكْر أبي جحيفة السوائي:حدثنا علي بن عيسى...عن عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال:كنتُ مع عَمِّي عند النبي صلى الله عليه وآله فقال: [لا يزال أَمْــرُ أُمَّتِي صالِحًا حتى يَمْضِي اثنـاعشر خليفة]،ثم قال كَلِمَةً وخَفضَ بها صَوْتَه،فقلتُ لِعَمِّي-وكان أَمَامِي-:مَا قال يا عَمّ؟قال:قال يا بُنَيَّ:[كلُّهم مِن قريش].
*أختم حديثي عن هذه العقيدة بذِكْرِ ما قاله الشيخُ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه(ينابيع المودة لذوي القربى) (ج3) الباب السابع والسبعون: في تحقيقِ حديثِ(بعدي اثناعشر خليفة): عن عبدالملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: كنتُ مع أبي عند النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم فسمعتُه يقول:[بَعْدِي اثناعشر خليفة]،ثم أََخْفَى صَوْتَه،فقلتُ لأبي:ما الذي أخفى صوته؟قال:قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[كلُّهم مِن بني هاشم].
وروى القندوزي الحَنَفِي بعد عدَّة صفحات:(ح12)عن عليٍّ كرم الله وجهه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[الأئمَّةُ مِن وُلْدِي،فَمَن أطاعَهم فقد أطاعَ اللهَ ومَن عَصَاهم فقد عَصَى اللهَ،هم العرْوَةُ الوثقى والوسيلةُ إلى الله جل وعلا].و قال بعده:{قال بعضُ المُحَقِّقِين: الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (ص)اثني عشر قد اشتهرت مِن طرق كثيرة، فبِشَرْحِ الزَّمَان و تَعْريفِ الكَوْنِ والمَكانِ عُلِمَ أنَّ مُرَادَ رسول الله(ص)مِن حديثه هذا الأئمةُ الاثنا عشر مِن أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يُحْمَل هذا الحديث على الخلفاء بعده مِن أصحابه، لِقِلَّتِهم عن اثني عشر،ولا يمكن أن يُحْمَلَه على الملوك الأمَوِيَّة لِزِيَادَتِهم على اثني عشر، ولِظُلْمِهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز،ولِكَوْنِهم غيْرَ بَنِي هاشم، لأنَّ النبي (ص) قال"كلهم مِن بني هاشم"في رواية عبد الملك عن جابر، وإخفاءُ صَوْتِه (ص) في هذا القوْل يُرَجِّح هذه الرواية،لأنهم(قريش)لا يُحْسِنُون خلافةَ بني هاشم. ولا يمكن أن يُحْمَلَه على الملوك العَبَّاسِيَّة لِزِيَادَتِهم على العدد المذكور، ولِقِلَّةِ رِعَايَتِهم الآيةَ(قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى)وحديثَ الكساء، فلا بد من أن يُحْمَل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر مِن أهل بيته وعترته(ص) لأنهم كانوا أعْلَمَ أهل زمانهم وأجلَّهم وأوْرَعهم وأتقاهم،وأعلاهم نسبًا، وأفضلهم حسبًا،وأكرمهم عند الله، وكان علمُهم عن آبائهم مُتَّصِلاً بِجَدِّهم (ص) وبالوراثة واللَّدُنِيَّة،كذا عرفهم أهلُ العلم والتحقيق وأهلُ الكشف والتوفيق.ويؤيد هذا المعنى-أي أنَّ مرادَ النبي(ص) الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته-ويشهده ويرجِّحه حديثُ الثَّقَلَيْن،والأحاديثُ المُتَكَثِّرَة المذكورة في هذا الكتاب وغيرُها. وأما قوله(ص): "كلهم تجتمع عليه الأمة"في روايةٍ عن جابر بن سمرة فمُرَادُه (ص) أنَّ الأمَّة تجتمع على الإقرارِ بإمامةِ كلِّهم وَقْتَ ظهورِ قائِمِهم المهدي (رضي الله عنهم).(ينابيع المودة لذوي القربى)للقندوزي(ج3).تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني0 الطبعة الأولى(1416هـ)دار الأسوة للطباعة والنشر.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
جاء في الرسَالة:
{2-في الجزء الرابع من(كتاب بدء الخلق. باب مناقب علي بن أبي طالب): قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم لعلي: [أنت مني وأنا منك].
أقول:ذكر البخاري بعد هذا الحديث الشريف مباشرة ما يلي:وقال عمر:توفي رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وهو عنه رَاضٍ.
فتَأَمَّلْ - يا أستاذي العزيز - مَعْنَى أنَّ كلاً منهما(الرسول الأعظم وعليًّا صلوات الله عليهما وآلهما)مِن الآخر،بعد قَوْلِ عمر}.
الحاشية:
*البخاري(ج3)كتاب الصلح:وقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله)لِعَلِيٍّ:[أنتَ مِنِّي وأنا مِنْك].
*البخاري.كتاب الصلح(ج3)باب(كيف يكتب: هذا ما صالح فلان ابن فلان، ولم ينسبه إلى قبيلة،أو نسبه):...وقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله)لِعَلِيٍّ: [أَنْتَ مِنِّي وأَنا مِنْك].
*ورَوَى الحاكمُ في المستدرك(ج3)تحت عنوان: (فضائل أبي عبدالله بن علي الشهيد رضي الله عنهما): عن يعلى العامري أنه خَرَجَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وآله...(إلى أنْ قال): فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [حسينٌ مِنِّي وأنَا مِنْ حسينٍ،أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حسينًا،حسينٌ سِبْطٌ مِن الأسْبَاط].
*فائدة في معنى(السبط):
ذَكَرَ العالمُ المحدِّث والفقيه المفسر فخرُ الدين الطريحي في كتابه(مجمع البحرين ومطلع النيرين)في(ج2ص326)في باب حرف السين عندما تعرَّضَ لكلمة(سبط)، قال: (...والأسباطُ أولادُ الولد،جَمعُ سِبْطٍ،مثل حمل وأحمال. والأسباط في بني يعقوب(النبي)كالقبائل في ولد إسماعيل،وهم اثنا عشر ولدًا ليعقوب،وإنما سُمُّوا هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل لِيُفصَل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق0وقد بُعث منهم عدة رُسُل كيوسف وداود وسليمان وموسى وعيسى.
وعن ابن الأعرابي:الأسباطُ خاصَّةُ الأولاد.
وفي الحديث:(الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله)، أي:طائفتان وقطعتان.
وفي الخبر:(الحسين سبطٌ من الأسباط)،أي:أُمَّة مِن الأمَم في الخير.
ويُحتمل أن يُرادَ بالسبط القبيلةُ،أي:يَتَشَعَّبُ منهما نَسْلُه يعني يتشعب من الحسنين نسلُ النبي صلى الله عليه وآله.
نعود إلى صُلْب الموضوع:
*المستدرك(ج3كتاب المغازي والسير)بعد ذكره للأنفال والغنائم وفضيلة العتاق ووفاة أبي ذر،قال الحاكمُ: حدثنا أحمد بن كامل القاضي...جميع بن عمير الليثي قال: أتَيْتُ عبدَالله بن عمر رضي الله عنهما فسألتُه عن عليٍّ رضي الله عنه، فانْتَهَرَنِي، ثم قال: ألا أُحَدِّثك عن عليٍّ: هذا بيْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد وهذا بيْتُ عليٍّ رضي الله عنه.إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله بَعَثَ أبا بكر وعمرَ رضي الله عنهما بِبَرَاءَةَ إلى أهل مكة، فانطلقا فإذا هما برَاكِبٍ، فقالا: مَن هذا؟ قال: أنا عليٌّ يا أبا بكر، هَاتِ الكتابَ الذي معك.قال(أبوبكر): وَمَا لِي؟! قال: والله ما علمت إلا خيرًا، فأَخَذَ عليٌّ الكتابَ فذهَبَ به،وَرَجَعَ أبو بكر وعُمَرُ رضي الله عنهما إلى المدينة فقالا: مَا لنا يا رسول الله؟! قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَـا لكما إلا خير،ولكن قِيلَ لِي:إنَّه لا يُبَلِّغ عنك إلا أنتَ أو رَجُلٌ مِنك].
وروى بعده:حدثنا أبوبكر محمد بن أحمد بن الوليد...عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله بَعَثَ أبا بكر،وأمَرَه أنْ يُنَادِي بهؤلاء الكلمات،فأَتْبَعَه عَلِيًّا، فَبَيْنَا أبوبكر بِبَعض الطريق إِذ سَمِعَ رُغَاءَ ناقَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فَخَرَجَ أبو بكر فَزِعًا فَظَنَّ أنه رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فإذا عَلِيٌّ،فَدَفَعَ إليه كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه وآله... .
*المستدرك(ج3)كتاب معرفة الصحابة0فضائل أمير المؤمنين علي:أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد...عن علِيٍّ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله لِي:[أنتَ منِّي وأنا مِنك].
*الترمذي في سُنَنِه(صحيحه)ج5(نُسْخَةُ مطبعةِ البابي الحلبي وأولاده بمصر) كتاب المناقب:حدثنا سفيان بن وكيع...عن البراء بن عازب أنَّ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعليّ بن أبي طالب:[أنت منِّي وأنا مِنك].
*الترمذي(ج4)أبواب تفسير القرآن.ومِن سورة التوبة:(ح 5085)عن أنس بن مالك قال:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم بِبَرَاءة مع أبي بكر، ثم دَعَاه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أنْ يُبَلِّغ هذا إلا رَجُلٌ مِن أهْلِي]،فَدَعَا عَلِيًّا فأَعْطاها إيَّاه.
وبعده:(ح5086)عن ابن عباس قال:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم أبا بكر،وأمَرَه أنْ يُنَادِي بهؤلاء الكلمات،ثم أَتْبَعَه عَلِيًّا،فَبَيْنَا أبو بكر في بعض الطريق إذ سَمِع رغاءَ ناقةِ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم القَصْوَى، فخرَجَ أبو بكر فَزِعًا، فظنَّ أنه رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم،فإذا عليٌّ،فدَفَعَ إليه كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم... .
*المستدرك(ج2)عن علي بن أبي طالب قال: بعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وآله حِينَ أُنْزِلَت براءة (سورة التوبة)بِأَرْبَع:لا يَطُوف بالبَيْت عريان،ولا يَقْرب المسجدَ الحرامَ مُشركٌ بعد عامهم هذا،ومَن كانت بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عَهْدٌ فهو إلى مُدَّته،ولا يَدخل الجنةَ إلا نفسٌ مسلمة.
أقول:هذه الرِّوَايةُ صريحةٌ فيما نراه نحن الإماميَّة مِن أنَّ الذي نَادَى بسورة براءة هو الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام،بعد أنْ نُحِّيَ عن النِّدَاء بها أبو بكر،ومِمَّا مَضَى يمكن أن نفهم روايةَ البخاري هذي:
البخاري(ج5)ص202عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في المُؤَذِّنِين..بَعَثَهم يوم النحر يؤذنون بِمِنَى: أَلا يَحجّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريان.قال حميد: ثم أَرْدَفَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله) وسلم بِعَلِيٍّ وأمَرَه أنْ يُؤَذِّنَ ببراءة،قال أبو هريرة: فأذَّنَ معنا عليٌّ في أهل منى يوم النحر ببراءة وأن لا يحج بعد العام مشركٌ،ولا يطوف بالبيت عريان.
*المستدرك(ج2)تحت عنوان(تواضعه صلى الله عليه وآله): أخبرني الحسين بن علي التميمي...عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول لِعَلِيٍّ: [يا علي..الناسُ مِن شَجَرٍ شَتَّى وأنا وأنتَ مِن شجرةٍ واحدةٍ]،ثم قرَأَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله: {وجناتٍ مِن أعنابٍ ونخيلٍ صنْوان وغير صنوان تُسْقَى بماءٍ واحد}.
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب:حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشي بِبُخَارَى...عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول: سمعتُ رسولَ الله-صلى الله عليه وآله-وآخِذٌ بِضبْعِ عليّ بن أبي طالب وهو يقول: [هذا أمِير البَرَرَة،قاتِل الفَجَرَة،مَنصُورٌ مَن نصَرَه،مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَه]ومَدَّ بها صَوْتَه.
*المستدرك(ج3)كتاب الهجرة في أوله:أبو بكر أحمد بن إسحاق...عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:شَرَى عليٌّ نفسَه،ولبس ثوبَ النبي صلى الله عليه وآله ثم نام مكانه،وكان المشركون يرمـون رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أَلْبَسَه بردةً وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وآله فجعلوا يرمون عليًّا ويرونه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد لبس بردة... .
وقال الحاكمُ بعده:(وقد حدثنا)بكر بن محمد الصيرفي بمَرْو...عن علي بن الحسين قال: إنَّ أوَّلَ مَن شرى نفسَه ابْتغاءَ رضوان الله عليُّ بن أبي طالب،وقال عليٌّ عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله:
وقيتُ بنفسي خيْرَ مَن وطئ الحصا * ومَن طاف بالبيت العتيـق وبالحجر
رسول إلهٍ خافَ أن يمكروا بــه * فنجاه ذو الطول الإلهُ مِن المكــر
وبات رسولُ الله في الغـار آمـنًا * موقى وفي حفـظ الإله وفي ستــر
وبِـتُّ أراعيهـم ولم يتهموننـي * وقد وطَّنتُ نفسي على القتل والأسر
وقال بعده:...عن علي رضي الله عنه قال:لَمَّا كان الليلة التي أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وآله أنْ أبِيتَ على فراشه وخرجَ من مكة مهاجرًا انطلق بي رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلى الأصنام فقال: [اجلِسْ]فجلستُ إلى جنب الكعبة ثم صَعَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله على منكبي ثم قال[انهَضْ]فنهضتُ به فلمَّا رأى ضعفي تحته قال [اجلس] فجلستُ فأنزلته عني وجلس لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله ثم قال لي:[يا علي..اصعَدْ على منكـبي]،فصعدتُ على منكبيه ثم نهَضَ بي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وخُيِّل إليّ أني لو شئتُ نِلْتُ السماءَ، وصعدتُ إلى الكعبة وتنحَّى رسولُ الله صلى الله عليه وآله فألقيتُ صنمَهم الأكبرَ وكان مِن نحاس مُوَتَّدًا بأوتاد مِن حديد إلى الأرض،فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله[عَالِجْه]فعالجتُ فما زلتُ أعالجه ويقول رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[ايه ايه]فلم أزل أعالجه حتى استمكنتُ منه فقال: [دُقَّهُ]فدَققتُه فكسَرتُه ونزلتُ.
*الحاكم في مستدركه(ج3كتاب معرفة الصحابة0فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مِمَّا لم يُخْرِجَاه): عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله سَرِيَّةً،واستَعمَلَ عليهم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه،فَمَضَى عليٌّ في السَّرِيَّة، فَأَصَابَ جَارِيَةً، فَأَنْكَرُوا ذلك عليه، فَتَعَاقَدَ أَرْبعةٌ مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا لَقِينا النبيَّ صلى الله عليه وآله أَخْبَرناه بمَا صَنَعَ عليٌّ0قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا مِن سفر بدؤوا برسول الله صلى الله عليه وآله فنظروا إليه وسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فَلَمَّا قَدِمَت السريةُ سلموا على رسول الله صلى الله عليه وآله،فقامَ أحدُ الأربعةِ فقال: يا رسول الله..ألَمْ تَرَ أنَّ عليًّا صَنَعَ كذا وكذا؟! فَأَعْرَضَ عنه،ثـم قام الثاني فقال مثل ذلك،فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل ذلك،فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال:يارسول الله..ألم تر أن عليًّا صنع كذا وكذا؟! فَأَقْبَلَ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله والغَضَبُ في وجهه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَا تُرِيدُون مِن عَلِيٍّ،إنَّ عَلِيًّا مِنِّي وأنا منه،وهو وَلِيُّ كلِّ مؤمن].
وروى مثله الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب(ح3796)ولكنه أوْرَد كلامَ النبي صلى الله عليه وآله هكذا: [ما تريدون مِن عليٍّ؟! ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! إنَّ عليًّا منِّي وأنا منه،وهو وَلِيُّ كلِّ مؤمنٍ مِن بعدي].
أقول:نرى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله جَعَلَ الإمَامَ عليًّا مِنْ نَفْسِه وجَعَلَ نفسَه الشريفةَ مِن الإمامِ عليٍّ،وعَقَّبَ هذا المعنى بولايَةِ الإمامِ عليٍّ على كلِّ مؤمنٍ،ممَّا يُشِير إلى أنَّ هذه الولاية التي يَحْمِلها الإمامُ عليٌّ على المؤمنين هي مِنْ سِنْخِ ونَوْعِ الولاية التي يَحْمِلها الرسولُ على كلِّ مؤمنٍ.
وقولُه صلى الله عليه وآله:[مِن بعدي]يُعَيِّن أن يكون معنى الولاية هنا هي الخلافة،لأنَّ غير هذا المعنى مِن النُّصْرَة والحبّ وشبههما لا يَحْتاج–حتى ينطبق على الإمام عليٍّ–إلى أنْ يكون بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.
{2-في الجزء الرابع من(كتاب بدء الخلق. باب مناقب علي بن أبي طالب): قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم لعلي: [أنت مني وأنا منك].
أقول:ذكر البخاري بعد هذا الحديث الشريف مباشرة ما يلي:وقال عمر:توفي رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وهو عنه رَاضٍ.
فتَأَمَّلْ - يا أستاذي العزيز - مَعْنَى أنَّ كلاً منهما(الرسول الأعظم وعليًّا صلوات الله عليهما وآلهما)مِن الآخر،بعد قَوْلِ عمر}.
الحاشية:
*البخاري(ج3)كتاب الصلح:وقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله)لِعَلِيٍّ:[أنتَ مِنِّي وأنا مِنْك].
*البخاري.كتاب الصلح(ج3)باب(كيف يكتب: هذا ما صالح فلان ابن فلان، ولم ينسبه إلى قبيلة،أو نسبه):...وقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله)لِعَلِيٍّ: [أَنْتَ مِنِّي وأَنا مِنْك].
*ورَوَى الحاكمُ في المستدرك(ج3)تحت عنوان: (فضائل أبي عبدالله بن علي الشهيد رضي الله عنهما): عن يعلى العامري أنه خَرَجَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وآله...(إلى أنْ قال): فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [حسينٌ مِنِّي وأنَا مِنْ حسينٍ،أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حسينًا،حسينٌ سِبْطٌ مِن الأسْبَاط].
*فائدة في معنى(السبط):
ذَكَرَ العالمُ المحدِّث والفقيه المفسر فخرُ الدين الطريحي في كتابه(مجمع البحرين ومطلع النيرين)في(ج2ص326)في باب حرف السين عندما تعرَّضَ لكلمة(سبط)، قال: (...والأسباطُ أولادُ الولد،جَمعُ سِبْطٍ،مثل حمل وأحمال. والأسباط في بني يعقوب(النبي)كالقبائل في ولد إسماعيل،وهم اثنا عشر ولدًا ليعقوب،وإنما سُمُّوا هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل لِيُفصَل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق0وقد بُعث منهم عدة رُسُل كيوسف وداود وسليمان وموسى وعيسى.
وعن ابن الأعرابي:الأسباطُ خاصَّةُ الأولاد.
وفي الحديث:(الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله)، أي:طائفتان وقطعتان.
وفي الخبر:(الحسين سبطٌ من الأسباط)،أي:أُمَّة مِن الأمَم في الخير.
ويُحتمل أن يُرادَ بالسبط القبيلةُ،أي:يَتَشَعَّبُ منهما نَسْلُه يعني يتشعب من الحسنين نسلُ النبي صلى الله عليه وآله.
نعود إلى صُلْب الموضوع:
*المستدرك(ج3كتاب المغازي والسير)بعد ذكره للأنفال والغنائم وفضيلة العتاق ووفاة أبي ذر،قال الحاكمُ: حدثنا أحمد بن كامل القاضي...جميع بن عمير الليثي قال: أتَيْتُ عبدَالله بن عمر رضي الله عنهما فسألتُه عن عليٍّ رضي الله عنه، فانْتَهَرَنِي، ثم قال: ألا أُحَدِّثك عن عليٍّ: هذا بيْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد وهذا بيْتُ عليٍّ رضي الله عنه.إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله بَعَثَ أبا بكر وعمرَ رضي الله عنهما بِبَرَاءَةَ إلى أهل مكة، فانطلقا فإذا هما برَاكِبٍ، فقالا: مَن هذا؟ قال: أنا عليٌّ يا أبا بكر، هَاتِ الكتابَ الذي معك.قال(أبوبكر): وَمَا لِي؟! قال: والله ما علمت إلا خيرًا، فأَخَذَ عليٌّ الكتابَ فذهَبَ به،وَرَجَعَ أبو بكر وعُمَرُ رضي الله عنهما إلى المدينة فقالا: مَا لنا يا رسول الله؟! قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَـا لكما إلا خير،ولكن قِيلَ لِي:إنَّه لا يُبَلِّغ عنك إلا أنتَ أو رَجُلٌ مِنك].
وروى بعده:حدثنا أبوبكر محمد بن أحمد بن الوليد...عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله بَعَثَ أبا بكر،وأمَرَه أنْ يُنَادِي بهؤلاء الكلمات،فأَتْبَعَه عَلِيًّا، فَبَيْنَا أبوبكر بِبَعض الطريق إِذ سَمِعَ رُغَاءَ ناقَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فَخَرَجَ أبو بكر فَزِعًا فَظَنَّ أنه رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فإذا عَلِيٌّ،فَدَفَعَ إليه كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه وآله... .
*المستدرك(ج3)كتاب معرفة الصحابة0فضائل أمير المؤمنين علي:أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد...عن علِيٍّ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله لِي:[أنتَ منِّي وأنا مِنك].
*الترمذي في سُنَنِه(صحيحه)ج5(نُسْخَةُ مطبعةِ البابي الحلبي وأولاده بمصر) كتاب المناقب:حدثنا سفيان بن وكيع...عن البراء بن عازب أنَّ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعليّ بن أبي طالب:[أنت منِّي وأنا مِنك].
*الترمذي(ج4)أبواب تفسير القرآن.ومِن سورة التوبة:(ح 5085)عن أنس بن مالك قال:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم بِبَرَاءة مع أبي بكر، ثم دَعَاه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أنْ يُبَلِّغ هذا إلا رَجُلٌ مِن أهْلِي]،فَدَعَا عَلِيًّا فأَعْطاها إيَّاه.
وبعده:(ح5086)عن ابن عباس قال:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم أبا بكر،وأمَرَه أنْ يُنَادِي بهؤلاء الكلمات،ثم أَتْبَعَه عَلِيًّا،فَبَيْنَا أبو بكر في بعض الطريق إذ سَمِع رغاءَ ناقةِ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم القَصْوَى، فخرَجَ أبو بكر فَزِعًا، فظنَّ أنه رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم،فإذا عليٌّ،فدَفَعَ إليه كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم... .
*المستدرك(ج2)عن علي بن أبي طالب قال: بعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وآله حِينَ أُنْزِلَت براءة (سورة التوبة)بِأَرْبَع:لا يَطُوف بالبَيْت عريان،ولا يَقْرب المسجدَ الحرامَ مُشركٌ بعد عامهم هذا،ومَن كانت بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عَهْدٌ فهو إلى مُدَّته،ولا يَدخل الجنةَ إلا نفسٌ مسلمة.
أقول:هذه الرِّوَايةُ صريحةٌ فيما نراه نحن الإماميَّة مِن أنَّ الذي نَادَى بسورة براءة هو الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام،بعد أنْ نُحِّيَ عن النِّدَاء بها أبو بكر،ومِمَّا مَضَى يمكن أن نفهم روايةَ البخاري هذي:
البخاري(ج5)ص202عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في المُؤَذِّنِين..بَعَثَهم يوم النحر يؤذنون بِمِنَى: أَلا يَحجّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريان.قال حميد: ثم أَرْدَفَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله) وسلم بِعَلِيٍّ وأمَرَه أنْ يُؤَذِّنَ ببراءة،قال أبو هريرة: فأذَّنَ معنا عليٌّ في أهل منى يوم النحر ببراءة وأن لا يحج بعد العام مشركٌ،ولا يطوف بالبيت عريان.
*المستدرك(ج2)تحت عنوان(تواضعه صلى الله عليه وآله): أخبرني الحسين بن علي التميمي...عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول لِعَلِيٍّ: [يا علي..الناسُ مِن شَجَرٍ شَتَّى وأنا وأنتَ مِن شجرةٍ واحدةٍ]،ثم قرَأَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله: {وجناتٍ مِن أعنابٍ ونخيلٍ صنْوان وغير صنوان تُسْقَى بماءٍ واحد}.
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب:حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشي بِبُخَارَى...عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول: سمعتُ رسولَ الله-صلى الله عليه وآله-وآخِذٌ بِضبْعِ عليّ بن أبي طالب وهو يقول: [هذا أمِير البَرَرَة،قاتِل الفَجَرَة،مَنصُورٌ مَن نصَرَه،مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَه]ومَدَّ بها صَوْتَه.
*المستدرك(ج3)كتاب الهجرة في أوله:أبو بكر أحمد بن إسحاق...عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:شَرَى عليٌّ نفسَه،ولبس ثوبَ النبي صلى الله عليه وآله ثم نام مكانه،وكان المشركون يرمـون رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أَلْبَسَه بردةً وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وآله فجعلوا يرمون عليًّا ويرونه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد لبس بردة... .
وقال الحاكمُ بعده:(وقد حدثنا)بكر بن محمد الصيرفي بمَرْو...عن علي بن الحسين قال: إنَّ أوَّلَ مَن شرى نفسَه ابْتغاءَ رضوان الله عليُّ بن أبي طالب،وقال عليٌّ عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله:
وقيتُ بنفسي خيْرَ مَن وطئ الحصا * ومَن طاف بالبيت العتيـق وبالحجر
رسول إلهٍ خافَ أن يمكروا بــه * فنجاه ذو الطول الإلهُ مِن المكــر
وبات رسولُ الله في الغـار آمـنًا * موقى وفي حفـظ الإله وفي ستــر
وبِـتُّ أراعيهـم ولم يتهموننـي * وقد وطَّنتُ نفسي على القتل والأسر
وقال بعده:...عن علي رضي الله عنه قال:لَمَّا كان الليلة التي أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وآله أنْ أبِيتَ على فراشه وخرجَ من مكة مهاجرًا انطلق بي رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلى الأصنام فقال: [اجلِسْ]فجلستُ إلى جنب الكعبة ثم صَعَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله على منكبي ثم قال[انهَضْ]فنهضتُ به فلمَّا رأى ضعفي تحته قال [اجلس] فجلستُ فأنزلته عني وجلس لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله ثم قال لي:[يا علي..اصعَدْ على منكـبي]،فصعدتُ على منكبيه ثم نهَضَ بي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وخُيِّل إليّ أني لو شئتُ نِلْتُ السماءَ، وصعدتُ إلى الكعبة وتنحَّى رسولُ الله صلى الله عليه وآله فألقيتُ صنمَهم الأكبرَ وكان مِن نحاس مُوَتَّدًا بأوتاد مِن حديد إلى الأرض،فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله[عَالِجْه]فعالجتُ فما زلتُ أعالجه ويقول رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[ايه ايه]فلم أزل أعالجه حتى استمكنتُ منه فقال: [دُقَّهُ]فدَققتُه فكسَرتُه ونزلتُ.
*الحاكم في مستدركه(ج3كتاب معرفة الصحابة0فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مِمَّا لم يُخْرِجَاه): عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله سَرِيَّةً،واستَعمَلَ عليهم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه،فَمَضَى عليٌّ في السَّرِيَّة، فَأَصَابَ جَارِيَةً، فَأَنْكَرُوا ذلك عليه، فَتَعَاقَدَ أَرْبعةٌ مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا لَقِينا النبيَّ صلى الله عليه وآله أَخْبَرناه بمَا صَنَعَ عليٌّ0قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا مِن سفر بدؤوا برسول الله صلى الله عليه وآله فنظروا إليه وسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فَلَمَّا قَدِمَت السريةُ سلموا على رسول الله صلى الله عليه وآله،فقامَ أحدُ الأربعةِ فقال: يا رسول الله..ألَمْ تَرَ أنَّ عليًّا صَنَعَ كذا وكذا؟! فَأَعْرَضَ عنه،ثـم قام الثاني فقال مثل ذلك،فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل ذلك،فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال:يارسول الله..ألم تر أن عليًّا صنع كذا وكذا؟! فَأَقْبَلَ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله والغَضَبُ في وجهه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَا تُرِيدُون مِن عَلِيٍّ،إنَّ عَلِيًّا مِنِّي وأنا منه،وهو وَلِيُّ كلِّ مؤمن].
وروى مثله الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب(ح3796)ولكنه أوْرَد كلامَ النبي صلى الله عليه وآله هكذا: [ما تريدون مِن عليٍّ؟! ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! إنَّ عليًّا منِّي وأنا منه،وهو وَلِيُّ كلِّ مؤمنٍ مِن بعدي].
أقول:نرى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله جَعَلَ الإمَامَ عليًّا مِنْ نَفْسِه وجَعَلَ نفسَه الشريفةَ مِن الإمامِ عليٍّ،وعَقَّبَ هذا المعنى بولايَةِ الإمامِ عليٍّ على كلِّ مؤمنٍ،ممَّا يُشِير إلى أنَّ هذه الولاية التي يَحْمِلها الإمامُ عليٌّ على المؤمنين هي مِنْ سِنْخِ ونَوْعِ الولاية التي يَحْمِلها الرسولُ على كلِّ مؤمنٍ.
وقولُه صلى الله عليه وآله:[مِن بعدي]يُعَيِّن أن يكون معنى الولاية هنا هي الخلافة،لأنَّ غير هذا المعنى مِن النُّصْرَة والحبّ وشبههما لا يَحْتاج–حتى ينطبق على الإمام عليٍّ–إلى أنْ يكون بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
آية المُبَاهَلَة
وتُسَاعِد على هذا المعنى آيةُ المُبَاهَلَة التي جَعَلَت الإمامَ عليًّا نَفْسَ النبيِّ صلى الله عليهما وآلهما:
قال تعالى:{فَمَـن حَاجَّكَ فيه مِـن بَعْد مَا جَاءَكَ مِن العِـلْم فقل تعالوا نَدْعُ أبناءَنـا وأبناءَكم ونساءَنـا ونساءَكم وأنفسَنا وأنفسَكم ثم نَبْتَهِل فنجعل لعْنةَ الله على الكاذبين}، وسيأتي في حديث معاوية بن أبي سفيان مع سعد بن أبي وقاص مَا يَدُلُّ على ذلك حيث ذَكَرَ سعدٌ بأنَّه بعد نزولِ هذه الآية الشريفة دَعَا النبيُّ صلى الله عليه وآله الحسنَ والحسينَ {أبناءَنا}وفاطمةَ الزهراء{نساءَنا}وعليًّا {أنفسَنا}(لِيُبَاهِلَ بهم نصارى نَجْرَان).
*صحيح مسلم(ج7)باب من فضائل علي: عبيد الله بن معاذ(قال)حدثنا أبي... عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أَمَرَ معاوية بن أبي سفيان سعدًا، فقال(معاوية): مَا مَنعَك أنْ تَسُبَّ أبا التراب؟ فقال(سعدٌ): أمَا مَا ذكرْتُ ثلاثًا قالهن له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم فلَنْ أَسُبَّه، لأنْ تكون لي واحدة منهنّ أَحَبُّ إليَّ مِن حمر النعم:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول له-(وَقَدْ)خَلَّفَه في بعض مغازيه،فقال له عَلِيٌّ يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان- فقال له رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [أمَا ترضى أن تكون منِّي بمنزلة هارون مِن موسى إلا أنه لا نُبُـوَّةَ بعدي]،وسمعتُه يقول يوم خيبر: [لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ رجلاً يحبّ اللهَ ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه]،قال فتَطَاوَلْنا لها، فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله): [ادْعُوا لِي عَليًّا]، فأُتِيَ به أَرْمَدَ فَبَصَقَ في عَيْنِه ودَفعَ الرايةَ إليه ففتَحَ اللهُ عليه، ولَمَّا نَزَلَت هذه الآية {فقل تعالوا نَدْعُ أبناءَنا وأبنـاءَكم...}دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيًّا وفاطمة وحَسَنًا وحسينًا فقال: [اللهم هؤلاء أَهْلِي].
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرني جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد...عن عامر بن سعد عن أبيه قال: لَمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ { نَدْعُ أبناءَنا وأبناءكم ونساءنـا ونساءكم وأنفسَنا وأنفسَكم} دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله عـليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا رضي الله عنهم فقال: [اللهم هؤلاء أهلي].
أقـول:مثل هذين الحديثَين كثيرٌ مِن الأحاديث التي تُحَدِّد وتُبَيِّن المُصْطَلَحَ الدِّينِي الخاصّ هذا، ألا وهو مَفْهُوم(أهْل البيت)ومفهوم(عِتْرَة النبي صلى الله عليه وآله)في الروايات العقائدية والتاريخية،وسيأتي كثيرٌ منها إن شاء الله تعالى.
إذن هناك الكثير مِن رواياتِ بَعْضِيَّتِهما مِن بعضٍ أو بعضيَّتِه مِن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام،على لِسَانِه هو صلى الله عليه وآله.
*وروى الترمذي (ج5) مناقب علي بن أبي طالب (ح3797): عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: [مَنْ كُنْتُ مَوْلاه فَعَلِيٌّ مولاه].
*ابن ماجة(ج1)فضل علي: عن حبشي بن جنادة قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول:[عليٌّ منِّي وأنا منه،ولا يُؤَدِّي عنِّي إلا عليٌّ].
*وروى الترمـذي في(ح3803):عن حبشي بن جنادة قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [عليٌّ منِّي وأنا منه،ولا يُؤَدِّي عنِّي إلا أنا أو عَلِيٌّ].
وروى في(ح3962): عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين:[أنا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُم، وسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُم].
ورواه عنه بنفس الألفاظ(ج5)تحت عنوان(ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها) في الحديث(3962)0وروى هذا الحديثَ الحاكمُ في المستدرك (ج3) مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه(وآله)عن زيد بن أرقم و عن أبي هريرة. ورواه ابنُ ماجة في سُنَنِه(صحيحه)(ج1 فضل علي بن أبي طالب) هكذا: عن زيد بن أرقم قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم لِعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين: [أنـا سِـلْمٌ لمَن سَالمَكم، وحرْبٌ لمن حَارَبكم].
*سنن ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب: (ح116)علي بن محمد...عن البراء بن عازب، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم في حجَّته التي حَجَّ،فَنَزَلَ في بعض الطريق،فأمَرَ الصلاة جامعة،فأخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ،فقال:[ألَسْتُ أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟] قالوا: بلى. قال:[ ألستُ أولى بكلِّ مؤمنٍ مِن نفسه؟] قالوا:بلى.قال:[فهذا وَلِيُّ مَن أنا مولاه،اللهم وَالِ مَن وَالاه،اللهم عَادِ مَن عَادَاه].
وروى ابنُ ماجـة في نفس الباب (ح121) علي بن محمد...عن ابن سابط،وهو عبدالرحمن، عن سعد بن أبي وقاص،قال: قَدِمَ معاويةُ في بعض حجَّاته،فدخل عليه سعدٌ،فذكروا عليًّا، فنَالَ (معاويةُ) مِنه،فغضب سعدٌ، وقال: تقول هذا لِرَجلٍ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول(فيه): [مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه]،وسمعتُه يقول: [أنتَ مني بمنزلة هارون مِن موسى إلا أنه لا نَبِيَّ بعدي]،وسمعتُه يقول:[لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ اليوم رجلاً يحب الله ورسولَه]؟!
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: (فحدثنا) أبو بكر بن أبي دارم الحافظ...عن الأسود بن يزيد النخعي قال:لمَّا بُويِعَ عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه على منبر رسولِ الله صلى الله عليه وآله قال خزيمةُ بنُ ثابت وهو واقِفٌ بين يَدَي المِنْبَر:
إذا نحن بايَعْنـا عـليًّا فحَسْبُنـا * أبـو حَسَـنٍ مِمَّا نَخَافُ مِن الفِتَنْ
وَجَدْناه أَوْلَى الناسِ بالنَّـاس إنه * أَطَـبُّ قريشًا بالكتـاب وبالسُّنَنْ
وإنَّ قـريشًا مَا تَشُـقّ غبَـارَه * إذا مَا جَرَى يومًا على الضّمُر البُدُنْ
وفِيـه الذي فِيهم مِن الخَيْـر كلِّه * ومَـا فِيهم كلّ الذي فِيه مِن حَسَنْ
أقول: الأبياتُ واضحةُ الدّلالةِ على اعتراف هذا الصحابي (الكبير خزيمة بن ثابت المُلَقَّب بِذي الشَّهادتَيْن) بأنَّ الإمامَ عليًّا أَوْلَى الناس مِن أنفسهم،وأعْرَف الناس بالقرآن الكريم والسُّنَّة الشريفة، وهو وَاجِدٌ لِجميعِ مَحَاسِن قريش كلِّها،وهم بِمَجموعهم غيْرُ واجدِين لِكلِّ ما فِيه وَحْدَه مِن الحُسن والكمالات.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: روى عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: غَزَوْتُ مع عليٍّ إلى اليمن فرأيتُ مِنه جَفْوَةً فقَدِمتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرْتُ عليًّا فتَنَقَّصْتُه فرأيتُ وَجْهَ رسول الله صلى الله عليه وآله يَتَغَيَّر فقال: [يا بريدة..أَلَستُ أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟]قلتُ:بلى يا رسول الله0فقال:[مَنْ كنتُ مَولاه فعليٌّ مولاه].
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: أخبرنا أبو بكر...عمرو بن ميمون: إني لَجَالِسٌ عند ابن عباس رضي الله عنهما إذْ أَتَاه تِسعةُ رَهْط فقالوا: يا ابن عباس..إمَّا أنْ تقوم معنا وإما أنْ تخلو بنا مِن بين هؤلاء، قال(الراوي): فقال ابنُ عباس: بل أنا أقوم معكم0 قال(الراوي): وهو يومئذ صحيحٌ قبل أنْ يعمى. قال: فابْتَدَؤوا فتَحَدَّثوا فلا ندري ما قالوا0 قال(الراوي):فجاءَ(ابنُ عباس)يَنفض ثوبَه ويقول: أفٍّ وتفٍّ:وَقعُوا في رَجُلٍ له بضع عشرة فضائل ليست لأحدٍ غيره،وَقَعُوا في رجُلٍ قال له النبيُّ صلى الله عليه وآله:[لأبعثنَّ رجلاً لا يخـزيه اللهُ أبدًا، يحـب الله ورسوله ويحبـه اللهُ ورسوله]،فاسْتشرَف لها مُسْتشرِفٌ،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [أين عـلي؟] فقالوا:إنه في الرحى يطحن0قال:[وما كان أحدُهم لِيَطْحَن؟!] قال:فجاءَ وهو أَرْمَد لا يكاد أنْ يبصر،قال:فنفث في عينيه ثم هَـزَّ الرايـةَ ثلاثًا فأعطاها إياه فجاءَ عليٌّ بصفية بنت حيي،قال ابن عباس: ثم بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله فلانًا بسورة التوبة فبَعَث عليًّا خَلْفَه فأَخَذَها منه وقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لا يذهب بها إلا رَجلٌ هو مِنِّي وأنا مِنْه]فقال ابن عباس: وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله لبني عَمِّه: [أيُّكم يُوَاليني في الدنيا والآخرة؟] قال(ابن عباس):وعليٌّ جالس معهم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله- وأقبَلَ على رَجُلٍ رجلٍ منهم: [أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟] فأَبَوْا (رَفَضُوا)، فقال لِعليٍّ:[أنتَ وَلِيِّـي في الدنيا والآخرة]،قال ابن عباس:وكان عليٌّ أوَّلَ مَن آمَنَ مِن الناس بعد خديجة رضي الله عنها،قال:وأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله ثوبَه فوَضعَه على عليٍّ وفاطمة وحسن وحسين وقال:{إنما يريد اللهُ ليذهب عنكم الرجسَ أهلَ البيـت ويطهركم تطهيرًا}، قال ابن عباس: وشرَى عليٌّ نفسَه فلبسَ ثوبَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم نامَ مكانَه، قال ابن عباس: وكان المشركون يرمون رسولَ الله صلى الله عليه وآله فجاء أبو بكر رضي الله عنه وعليٌّ نائمٌ،قال(ابن عباس):وأبو بكر يحسب أنه رسول الله صلى الله عليه وآله،قال:فقال(أبوبكر)يا نبي الله، فقال له عليٌّ:إن نبي الله صلى الله عليه وآله قد انطَلَقَ نحْو بئر ميمون فأَدْرِكْه.قال:فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار0 قال: وجعل علي رضي الله عنه يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله صلى الله عليه وآله...فقال ابن عباس: وخرج رسولُ الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك وخرج الناس معه،قال:فقال له عليٌّ:أَخرُج معك؟قال(ابن عباس):فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله:[لا]فبَكَى عليٌّ،فقال له(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي؟ إنه لا ينبغي أنْ أذهب إلا وأنتَ خليفتي]، قال ابن عباس:وقال له رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أنتَ وليُّ كلِّ مؤمنٍ بعدي ومؤمنةٍ]،قال ابن عباس:وسَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله أبوابَ المسجد غير باب عليٍّ، فكان يَدْخل المسجدَ جُنُبًا،وهو طَرِيقُه ليس له طريق غيره، قال ابن عباس: وقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[مَن كنتُ مولاه فإنَّ مولاه عليٌّ]... .
وقد حدثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمد الزيدي رضي الله عنه(قال): حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن ميرويه القزويني القطان قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول:كان يعجبهم أنْ يَجِدُوا الفضائل مِن رواية أحمد بن حنبل رضي الله عنه.(لأنَّ هذه الرواية عنه).
دلالَةُ حديث الغدير
(المَوْلَـى)هنا بمعنى الأَوْلَى بالتَّصَرُّف،ومِنْ ضِمْن مَا يَدُلُّ على ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وآله:(أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم)0ولا يمكن أنْ نَعْتَبِر(مَوْلَى كلِّ مؤمن) بمعنى ناصِر كلِّ مؤمنٍ ومُعِينه وغير ذلك مِن أمثال هذه المعاني–كما فَسَّرَه بعضُ مَنْ أَرَادَ صَرْفَ الولاية عن الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه-، فالمعنى المُتَعَيِّن هو ما ذكرنا، والشَّاهِدُ والقَرِينَةُ هو تَعْبِيرُ النبي صلى الله عليه وآله بأنه أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم، أي أَوْلَى منهم في التصرف في أنفسهم،فلَه الولايَةُ المُطْلَقَة عليهم،وكذلك الإمام عليّ عليه الصلاة والسلام،لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله رَتَّبَ إصْدَارَه أوْلَوِيَّةَ الإمام عليٍّ على كلِّ مؤمنٍ بإقْرَارِ أصـحابه بأنه(ص) أولى بهم مِن أنفسهم،فَبِمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله حكيمٌ بَلِيغٌ فَالمُنَاسِب أنْ تكون نتيجة(مَن كان النبيُّ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه،ومعنى المَوْلَوِيَّة للإمام عليٍّ)أنْ تكون على طِبْقِ المُقَدّمات التي قَدَّمَها النبيُّ صلى الله عليه وآله، وهي (أوْلَوِيَّة النبي بالمؤمنين مِن أنفسهم).وتَعَدِّي الأَوْلَوِيَّةِ في كلام الرسول-صلى الله عليه وآله–بالباء (بالمؤمنين)يَدُلَّ على أنَّ معنى(المَوْلى)و(الوَلِي)هو(الأولى)لأنه هو الذي يَتَعَدَّى بالباء،وليس لَفْظ الناصر والمُعِين وغيرهما.إذن مولوية الإمامِ عليِّ بن أبي طالب على المؤمنين مِنْ سِنْخِ ونَوْعِ مولويةِ النبي صلى الله عليه وآله على المؤمنين. هذا مضافًا إلى الكثير مِن الشَّوَاهِد والقَرَائن الحَالِيَّة و المَقَالِيَّة على أنَّ معنى(المَوْلَى)في هذ الأحاديث هو الأولَى بالتصرُّف، وبعبارة أخرى:هو الأولَى بِمَسْكِ زِمَام الرئاسة الدِّينية والدُّنْيَوِيَّة من غيره، بل أكثر مِن ذلك، فَلَه ولايةٌ عليكم مثل ولايتي عليكم،والنبيُّ صلى الله عليه وآله{ما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى*عَلَّمَه شديدُ القوى}.
ومِن هذه القرائن المَقَالِيَّة الدَّالَّة على أنَّ النبي صلى الله عليه وآله يُرِيد مِن كلامه هذا تَنْصِيبَ الإمام علِيّ بن أبي طالب خليفةً وأمِيرًا على المسلمين بعده:
تَحَدُّثُه قبل قَوْلِه[مَنْ كُنْتُ مولاه فعليٌّ مولاه]عن أنه كأنه دُعِيَ فأجَابَ، وإيصَاؤه بأنه مُخَلِّفٌ بعده الثَّقَلَيْـن كتابَ الله وعترتَه عليهم الصلاة والسلام، مِن الكلام الذي يَتَنَاسَب مع مَن يُرِيد أنْ يُوصِي بوصاياه0نعم،فالحديثُ عن الوصية لِمَن بعده بالإمارة مِن أوْلَوِيَّـات العاقِل العَادِي فَضْلاً عن نبيِّ الأمَّة الذي كُلُّه عَقْلٌ وحكمةٌ ودِرَايَةٌ،فكيف يَعْلَم بأنه يمُوت قريبًا ولا يُوصِي ويُخَلِّف بعده،مع عِلْمِه بِشِدَّةِ الخطورة التي يعيشها الإسلامُ في وقتِ وفاتهِ صلى الله عليه وآله،فالكَذَّابُون والمُتَنَبِّئون(مُدَّعُو النُّبُوَّة)قد كَثُرُوا،وكسرى وقيصر يَتَرَبَّصُانِ بالإسلام والمسلمين شَرًّا، واليهودُ الذين استعدُّوا لِمساعدة أيِّ حرَكَةٍ ضِدّ الإسلام، والمنافقون الذين يُخْشَى على الإسلام منهم أكثر مِن غيرهم،وهو عالِمٌ بهم، وأدَلُّ دليلٍ على عِلْمِه بذلك أحاديثُه الكثيرة عن الفِتَن العظيمة،وقد ذكَرَ البخاري وغيرُه رواياتٍ مستفيضة عن ذلك،وسأكتفي بهذه الرواية:
قال البخاري في صحيحه(ج8)مِن كتاب الفِتَن:عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:أَشْرَفَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم على أطم مِن آطام المدينة فقال:[هل تَرَوْن مَا أَرَى؟]،قالوا:لا.
قال:[فإني لأرَى الفتنَ تَقَعُ خِلالَ بيوتكم كَوَقْعِ القَطْر].
بالله عليكم أيها المؤمنون..هل يَتْرُك النبيُّ صلى الله عليه وآله الاسْتِخْلافَ و هو الذي يقول هذه الكلمات؟!
الفتنة تَنْزِل في بيوت المسلمين كَالمَطَر،ويَتْركهم يَتَنَاحَرُون؟!
كلا..كلا..لا يفعلها رسولُ الله صلى الله عليه وآله،بل الأمْرُ إلى الله تبارك وتعالى وهو العالِمُ،وهو مَن عَلَّم رسولَه بذلك فكيف يُهْمِلهم بلا رَاعٍ؟! وهو الذي{كَتَبَ على نفسه الرَّحْمَة}ولا يَأمُر رسولَه بِنَصْبِ أميرٍ لهم حتى لا تَقَع هذه الفِتَنُ؟!
فالصحيحُ أنَّ الله الرحيمَ أمَرَ نبيَّه الكريمَ صلى الله عليه وآله بِنَصْب الإمام علي بن أبي طالب خليفةً بعده،وقد نَصَّبَ النبيُّ عليًّا أمِيرًا بعده،صلى الله عليهما وآلهما، وأمَّا مَا يَحْدُث بعده مِن تَطْبِيقٍ أو عَدَمِه فهذا راجِعٌ إلى المُكَلَّفِين،فالمُهم أنه أَقَامَ الحُجَّةَ عليهم.
ومِن القرائن الحَالِيَّة التي تدل على أنَّ معنى(المولى)هو الخليفة والأولى بالتصرف:
ما يَنْقُلُه الكَثِيرُ مِن الصحابة والتابعين والمؤرِّخين في كيفية خطبة الغدير،فالجُمُوعُ الغفيرة التي تَعَدَّت المائة ألف حاجٍّ،وكان بعضهم قد سَلَكَ طَرِيقَ بَلَدِه مُبْتَعِدًا عن طريق المدينة المنورة،أهل العراق والشام وأهل مصر وأهل هجر،وغيرهم،وقد أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله بأنْ يُنَادَى على هؤلاء فَنُودِيَ عليهم ورجعوا وتجمَّعُوا في مَا يُسَمَّى بـ(غدير خم) بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكان الحَرُّ شديدًا حتى أنَّ بعضهم كان يَضع بَعضَ ردَائه تحته و بعضَه الآخر عـلى رأسه،ونُصِبَ للنبي صلى الله عليه وآله مِنْبَرٌ تحت تلك الشجرات التي أَمَرَ بأن يُقَمَّ ويُكْنَس ما تحتها مِن أوساخ، وخَطَبَ تلك الخطبة العصماء وقال ما قال،ومع كلِّ ذلك يُقَال بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله أرَادَ أنْ يُبَيِّن فَضْلَ الإمام عليٍّ لِخِدْمَتِه و دفاعه عن الإسلام! ألا يكفي النبيَّ صلى الله عليه وآله أنْ يَفْعَل ذلك في غير هذه الظروف الشديدة؟! ثم إنَّ كُلَّ المسلمين يعرفون مَن هو عليٌّ فلا حاجة إلى التعريف زيادةً فليس ذلك مِن الحكمة إلا أن يكون القَصْدُ هو تَنْصِيبه لمقام الخلافة،وقد تَمَّ وللهِ الحمدُ رب العالمين.
وقال الحاكمُ في هذا الباب:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي(قال)حدثنا عبدُالله بن أحمد بن حنبل(قال)حدثني أبي...عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: شَكَىَ عليَّ بنَ أبي طالب الناسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله،فَقَامَ فينا خطيبًا فسمعتُه يقول: [أيها الناس..لا تَشْكُوا عليًّا فواللهِ إنه لأَخْشَنُ في ذاتِ اللهِ،وفـي سبيلِ الله].
أقول:قال الإمامُ عليُّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام:(ما أبْقَى لِي الحَقُّ مِن صديق). إنَّ أغلب الناس يريدون ما يشتهون وليس ما يُحِبّه اللهُ ورسولُه،فلا عَجَبَ إذا لم يَمِيلُوا إلى الإمامِ عليٍّ،لأنه لا يوافِق أطماعَهم.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:حدثنا أبو بكر...عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال:[أيّكم يَتوَلانِي في الدنيا والآخــرة؟] فقال لكلِّ رَجلٍ منهم أيتولاني في الدنيا والآخرة، فقال(كلُّ رجلٍ): لا.حتى مَرَّ على أكثرهم،فقال عليٌّ: أنا أتوَلاك في الدنيا والآخرة،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله لِعليٍّ): [أنتَ وَلِيِّي في الدنيا والآخرة].
أقول:لو كانت الولاية هنا بمعنى الحُبّ والنُّصْرَة أو غير ذلك لَقَبِلَها هؤلاء أو بعضُهم على الأقل، ولكن لَمَّا كانوا يَعْلمون بأنَّ الولايـة أكبر مِن هذا المعنى، وأنها مسؤولية جسيمة وخلافة عظيمة نَرَى أنهم أَبَوْا ولم يقبلوا بها،وقَبِلَها الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام،ونالَها بتوفيق الله تبارك وتعالى.
قال ابنُ حجر العسقلاني صاحِبُ كتاب(فتح الباري شرح صحيح البخاري) ج7ص61: وأمَّا حديث [مَن كنتُ موْلاه فعَـليٌّ موْلاه]فقد أَخْرَجَه الترمذيُّ والنسائيُّ وهو كثيرُ الطُّرُق جدًّا، وقد اسْتَوْعَبَها ابنُ عقدة في كتابٍ مُفْرَدٍ،وكثيرٌ مِن أَسانِيدِها صِحَاحٌ وحِسَانٌ. وقد رَوَيْنا عن الإمام أحمد(بن حنبل)قال:
مَا بَلَغَنا عن أَحَدٍ مِن الصحابةِ مَا بَلَغَنا عن عليِّ بن أبي طالب.
وتُسَاعِد على هذا المعنى آيةُ المُبَاهَلَة التي جَعَلَت الإمامَ عليًّا نَفْسَ النبيِّ صلى الله عليهما وآلهما:
قال تعالى:{فَمَـن حَاجَّكَ فيه مِـن بَعْد مَا جَاءَكَ مِن العِـلْم فقل تعالوا نَدْعُ أبناءَنـا وأبناءَكم ونساءَنـا ونساءَكم وأنفسَنا وأنفسَكم ثم نَبْتَهِل فنجعل لعْنةَ الله على الكاذبين}، وسيأتي في حديث معاوية بن أبي سفيان مع سعد بن أبي وقاص مَا يَدُلُّ على ذلك حيث ذَكَرَ سعدٌ بأنَّه بعد نزولِ هذه الآية الشريفة دَعَا النبيُّ صلى الله عليه وآله الحسنَ والحسينَ {أبناءَنا}وفاطمةَ الزهراء{نساءَنا}وعليًّا {أنفسَنا}(لِيُبَاهِلَ بهم نصارى نَجْرَان).
*صحيح مسلم(ج7)باب من فضائل علي: عبيد الله بن معاذ(قال)حدثنا أبي... عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أَمَرَ معاوية بن أبي سفيان سعدًا، فقال(معاوية): مَا مَنعَك أنْ تَسُبَّ أبا التراب؟ فقال(سعدٌ): أمَا مَا ذكرْتُ ثلاثًا قالهن له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم فلَنْ أَسُبَّه، لأنْ تكون لي واحدة منهنّ أَحَبُّ إليَّ مِن حمر النعم:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول له-(وَقَدْ)خَلَّفَه في بعض مغازيه،فقال له عَلِيٌّ يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان- فقال له رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [أمَا ترضى أن تكون منِّي بمنزلة هارون مِن موسى إلا أنه لا نُبُـوَّةَ بعدي]،وسمعتُه يقول يوم خيبر: [لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ رجلاً يحبّ اللهَ ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه]،قال فتَطَاوَلْنا لها، فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله): [ادْعُوا لِي عَليًّا]، فأُتِيَ به أَرْمَدَ فَبَصَقَ في عَيْنِه ودَفعَ الرايةَ إليه ففتَحَ اللهُ عليه، ولَمَّا نَزَلَت هذه الآية {فقل تعالوا نَدْعُ أبناءَنا وأبنـاءَكم...}دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيًّا وفاطمة وحَسَنًا وحسينًا فقال: [اللهم هؤلاء أَهْلِي].
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرني جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد...عن عامر بن سعد عن أبيه قال: لَمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ { نَدْعُ أبناءَنا وأبناءكم ونساءنـا ونساءكم وأنفسَنا وأنفسَكم} دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله عـليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا رضي الله عنهم فقال: [اللهم هؤلاء أهلي].
أقـول:مثل هذين الحديثَين كثيرٌ مِن الأحاديث التي تُحَدِّد وتُبَيِّن المُصْطَلَحَ الدِّينِي الخاصّ هذا، ألا وهو مَفْهُوم(أهْل البيت)ومفهوم(عِتْرَة النبي صلى الله عليه وآله)في الروايات العقائدية والتاريخية،وسيأتي كثيرٌ منها إن شاء الله تعالى.
إذن هناك الكثير مِن رواياتِ بَعْضِيَّتِهما مِن بعضٍ أو بعضيَّتِه مِن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام،على لِسَانِه هو صلى الله عليه وآله.
*وروى الترمذي (ج5) مناقب علي بن أبي طالب (ح3797): عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: [مَنْ كُنْتُ مَوْلاه فَعَلِيٌّ مولاه].
*ابن ماجة(ج1)فضل علي: عن حبشي بن جنادة قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول:[عليٌّ منِّي وأنا منه،ولا يُؤَدِّي عنِّي إلا عليٌّ].
*وروى الترمـذي في(ح3803):عن حبشي بن جنادة قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [عليٌّ منِّي وأنا منه،ولا يُؤَدِّي عنِّي إلا أنا أو عَلِيٌّ].
وروى في(ح3962): عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين:[أنا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُم، وسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُم].
ورواه عنه بنفس الألفاظ(ج5)تحت عنوان(ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها) في الحديث(3962)0وروى هذا الحديثَ الحاكمُ في المستدرك (ج3) مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه(وآله)عن زيد بن أرقم و عن أبي هريرة. ورواه ابنُ ماجة في سُنَنِه(صحيحه)(ج1 فضل علي بن أبي طالب) هكذا: عن زيد بن أرقم قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم لِعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين: [أنـا سِـلْمٌ لمَن سَالمَكم، وحرْبٌ لمن حَارَبكم].
*سنن ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب: (ح116)علي بن محمد...عن البراء بن عازب، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم في حجَّته التي حَجَّ،فَنَزَلَ في بعض الطريق،فأمَرَ الصلاة جامعة،فأخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ،فقال:[ألَسْتُ أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟] قالوا: بلى. قال:[ ألستُ أولى بكلِّ مؤمنٍ مِن نفسه؟] قالوا:بلى.قال:[فهذا وَلِيُّ مَن أنا مولاه،اللهم وَالِ مَن وَالاه،اللهم عَادِ مَن عَادَاه].
وروى ابنُ ماجـة في نفس الباب (ح121) علي بن محمد...عن ابن سابط،وهو عبدالرحمن، عن سعد بن أبي وقاص،قال: قَدِمَ معاويةُ في بعض حجَّاته،فدخل عليه سعدٌ،فذكروا عليًّا، فنَالَ (معاويةُ) مِنه،فغضب سعدٌ، وقال: تقول هذا لِرَجلٍ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول(فيه): [مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه]،وسمعتُه يقول: [أنتَ مني بمنزلة هارون مِن موسى إلا أنه لا نَبِيَّ بعدي]،وسمعتُه يقول:[لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ اليوم رجلاً يحب الله ورسولَه]؟!
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: (فحدثنا) أبو بكر بن أبي دارم الحافظ...عن الأسود بن يزيد النخعي قال:لمَّا بُويِعَ عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه على منبر رسولِ الله صلى الله عليه وآله قال خزيمةُ بنُ ثابت وهو واقِفٌ بين يَدَي المِنْبَر:
إذا نحن بايَعْنـا عـليًّا فحَسْبُنـا * أبـو حَسَـنٍ مِمَّا نَخَافُ مِن الفِتَنْ
وَجَدْناه أَوْلَى الناسِ بالنَّـاس إنه * أَطَـبُّ قريشًا بالكتـاب وبالسُّنَنْ
وإنَّ قـريشًا مَا تَشُـقّ غبَـارَه * إذا مَا جَرَى يومًا على الضّمُر البُدُنْ
وفِيـه الذي فِيهم مِن الخَيْـر كلِّه * ومَـا فِيهم كلّ الذي فِيه مِن حَسَنْ
أقول: الأبياتُ واضحةُ الدّلالةِ على اعتراف هذا الصحابي (الكبير خزيمة بن ثابت المُلَقَّب بِذي الشَّهادتَيْن) بأنَّ الإمامَ عليًّا أَوْلَى الناس مِن أنفسهم،وأعْرَف الناس بالقرآن الكريم والسُّنَّة الشريفة، وهو وَاجِدٌ لِجميعِ مَحَاسِن قريش كلِّها،وهم بِمَجموعهم غيْرُ واجدِين لِكلِّ ما فِيه وَحْدَه مِن الحُسن والكمالات.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: روى عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: غَزَوْتُ مع عليٍّ إلى اليمن فرأيتُ مِنه جَفْوَةً فقَدِمتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرْتُ عليًّا فتَنَقَّصْتُه فرأيتُ وَجْهَ رسول الله صلى الله عليه وآله يَتَغَيَّر فقال: [يا بريدة..أَلَستُ أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟]قلتُ:بلى يا رسول الله0فقال:[مَنْ كنتُ مَولاه فعليٌّ مولاه].
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: أخبرنا أبو بكر...عمرو بن ميمون: إني لَجَالِسٌ عند ابن عباس رضي الله عنهما إذْ أَتَاه تِسعةُ رَهْط فقالوا: يا ابن عباس..إمَّا أنْ تقوم معنا وإما أنْ تخلو بنا مِن بين هؤلاء، قال(الراوي): فقال ابنُ عباس: بل أنا أقوم معكم0 قال(الراوي): وهو يومئذ صحيحٌ قبل أنْ يعمى. قال: فابْتَدَؤوا فتَحَدَّثوا فلا ندري ما قالوا0 قال(الراوي):فجاءَ(ابنُ عباس)يَنفض ثوبَه ويقول: أفٍّ وتفٍّ:وَقعُوا في رَجُلٍ له بضع عشرة فضائل ليست لأحدٍ غيره،وَقَعُوا في رجُلٍ قال له النبيُّ صلى الله عليه وآله:[لأبعثنَّ رجلاً لا يخـزيه اللهُ أبدًا، يحـب الله ورسوله ويحبـه اللهُ ورسوله]،فاسْتشرَف لها مُسْتشرِفٌ،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [أين عـلي؟] فقالوا:إنه في الرحى يطحن0قال:[وما كان أحدُهم لِيَطْحَن؟!] قال:فجاءَ وهو أَرْمَد لا يكاد أنْ يبصر،قال:فنفث في عينيه ثم هَـزَّ الرايـةَ ثلاثًا فأعطاها إياه فجاءَ عليٌّ بصفية بنت حيي،قال ابن عباس: ثم بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله فلانًا بسورة التوبة فبَعَث عليًّا خَلْفَه فأَخَذَها منه وقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لا يذهب بها إلا رَجلٌ هو مِنِّي وأنا مِنْه]فقال ابن عباس: وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله لبني عَمِّه: [أيُّكم يُوَاليني في الدنيا والآخرة؟] قال(ابن عباس):وعليٌّ جالس معهم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله- وأقبَلَ على رَجُلٍ رجلٍ منهم: [أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟] فأَبَوْا (رَفَضُوا)، فقال لِعليٍّ:[أنتَ وَلِيِّـي في الدنيا والآخرة]،قال ابن عباس:وكان عليٌّ أوَّلَ مَن آمَنَ مِن الناس بعد خديجة رضي الله عنها،قال:وأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله ثوبَه فوَضعَه على عليٍّ وفاطمة وحسن وحسين وقال:{إنما يريد اللهُ ليذهب عنكم الرجسَ أهلَ البيـت ويطهركم تطهيرًا}، قال ابن عباس: وشرَى عليٌّ نفسَه فلبسَ ثوبَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم نامَ مكانَه، قال ابن عباس: وكان المشركون يرمون رسولَ الله صلى الله عليه وآله فجاء أبو بكر رضي الله عنه وعليٌّ نائمٌ،قال(ابن عباس):وأبو بكر يحسب أنه رسول الله صلى الله عليه وآله،قال:فقال(أبوبكر)يا نبي الله، فقال له عليٌّ:إن نبي الله صلى الله عليه وآله قد انطَلَقَ نحْو بئر ميمون فأَدْرِكْه.قال:فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار0 قال: وجعل علي رضي الله عنه يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله صلى الله عليه وآله...فقال ابن عباس: وخرج رسولُ الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك وخرج الناس معه،قال:فقال له عليٌّ:أَخرُج معك؟قال(ابن عباس):فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله:[لا]فبَكَى عليٌّ،فقال له(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي؟ إنه لا ينبغي أنْ أذهب إلا وأنتَ خليفتي]، قال ابن عباس:وقال له رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أنتَ وليُّ كلِّ مؤمنٍ بعدي ومؤمنةٍ]،قال ابن عباس:وسَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله أبوابَ المسجد غير باب عليٍّ، فكان يَدْخل المسجدَ جُنُبًا،وهو طَرِيقُه ليس له طريق غيره، قال ابن عباس: وقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[مَن كنتُ مولاه فإنَّ مولاه عليٌّ]... .
وقد حدثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمد الزيدي رضي الله عنه(قال): حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن ميرويه القزويني القطان قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول:كان يعجبهم أنْ يَجِدُوا الفضائل مِن رواية أحمد بن حنبل رضي الله عنه.(لأنَّ هذه الرواية عنه).
دلالَةُ حديث الغدير
(المَوْلَـى)هنا بمعنى الأَوْلَى بالتَّصَرُّف،ومِنْ ضِمْن مَا يَدُلُّ على ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وآله:(أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم)0ولا يمكن أنْ نَعْتَبِر(مَوْلَى كلِّ مؤمن) بمعنى ناصِر كلِّ مؤمنٍ ومُعِينه وغير ذلك مِن أمثال هذه المعاني–كما فَسَّرَه بعضُ مَنْ أَرَادَ صَرْفَ الولاية عن الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه-، فالمعنى المُتَعَيِّن هو ما ذكرنا، والشَّاهِدُ والقَرِينَةُ هو تَعْبِيرُ النبي صلى الله عليه وآله بأنه أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم، أي أَوْلَى منهم في التصرف في أنفسهم،فلَه الولايَةُ المُطْلَقَة عليهم،وكذلك الإمام عليّ عليه الصلاة والسلام،لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله رَتَّبَ إصْدَارَه أوْلَوِيَّةَ الإمام عليٍّ على كلِّ مؤمنٍ بإقْرَارِ أصـحابه بأنه(ص) أولى بهم مِن أنفسهم،فَبِمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله حكيمٌ بَلِيغٌ فَالمُنَاسِب أنْ تكون نتيجة(مَن كان النبيُّ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه،ومعنى المَوْلَوِيَّة للإمام عليٍّ)أنْ تكون على طِبْقِ المُقَدّمات التي قَدَّمَها النبيُّ صلى الله عليه وآله، وهي (أوْلَوِيَّة النبي بالمؤمنين مِن أنفسهم).وتَعَدِّي الأَوْلَوِيَّةِ في كلام الرسول-صلى الله عليه وآله–بالباء (بالمؤمنين)يَدُلَّ على أنَّ معنى(المَوْلى)و(الوَلِي)هو(الأولى)لأنه هو الذي يَتَعَدَّى بالباء،وليس لَفْظ الناصر والمُعِين وغيرهما.إذن مولوية الإمامِ عليِّ بن أبي طالب على المؤمنين مِنْ سِنْخِ ونَوْعِ مولويةِ النبي صلى الله عليه وآله على المؤمنين. هذا مضافًا إلى الكثير مِن الشَّوَاهِد والقَرَائن الحَالِيَّة و المَقَالِيَّة على أنَّ معنى(المَوْلَى)في هذ الأحاديث هو الأولَى بالتصرُّف، وبعبارة أخرى:هو الأولَى بِمَسْكِ زِمَام الرئاسة الدِّينية والدُّنْيَوِيَّة من غيره، بل أكثر مِن ذلك، فَلَه ولايةٌ عليكم مثل ولايتي عليكم،والنبيُّ صلى الله عليه وآله{ما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى*عَلَّمَه شديدُ القوى}.
ومِن هذه القرائن المَقَالِيَّة الدَّالَّة على أنَّ النبي صلى الله عليه وآله يُرِيد مِن كلامه هذا تَنْصِيبَ الإمام علِيّ بن أبي طالب خليفةً وأمِيرًا على المسلمين بعده:
تَحَدُّثُه قبل قَوْلِه[مَنْ كُنْتُ مولاه فعليٌّ مولاه]عن أنه كأنه دُعِيَ فأجَابَ، وإيصَاؤه بأنه مُخَلِّفٌ بعده الثَّقَلَيْـن كتابَ الله وعترتَه عليهم الصلاة والسلام، مِن الكلام الذي يَتَنَاسَب مع مَن يُرِيد أنْ يُوصِي بوصاياه0نعم،فالحديثُ عن الوصية لِمَن بعده بالإمارة مِن أوْلَوِيَّـات العاقِل العَادِي فَضْلاً عن نبيِّ الأمَّة الذي كُلُّه عَقْلٌ وحكمةٌ ودِرَايَةٌ،فكيف يَعْلَم بأنه يمُوت قريبًا ولا يُوصِي ويُخَلِّف بعده،مع عِلْمِه بِشِدَّةِ الخطورة التي يعيشها الإسلامُ في وقتِ وفاتهِ صلى الله عليه وآله،فالكَذَّابُون والمُتَنَبِّئون(مُدَّعُو النُّبُوَّة)قد كَثُرُوا،وكسرى وقيصر يَتَرَبَّصُانِ بالإسلام والمسلمين شَرًّا، واليهودُ الذين استعدُّوا لِمساعدة أيِّ حرَكَةٍ ضِدّ الإسلام، والمنافقون الذين يُخْشَى على الإسلام منهم أكثر مِن غيرهم،وهو عالِمٌ بهم، وأدَلُّ دليلٍ على عِلْمِه بذلك أحاديثُه الكثيرة عن الفِتَن العظيمة،وقد ذكَرَ البخاري وغيرُه رواياتٍ مستفيضة عن ذلك،وسأكتفي بهذه الرواية:
قال البخاري في صحيحه(ج8)مِن كتاب الفِتَن:عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:أَشْرَفَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم على أطم مِن آطام المدينة فقال:[هل تَرَوْن مَا أَرَى؟]،قالوا:لا.
قال:[فإني لأرَى الفتنَ تَقَعُ خِلالَ بيوتكم كَوَقْعِ القَطْر].
بالله عليكم أيها المؤمنون..هل يَتْرُك النبيُّ صلى الله عليه وآله الاسْتِخْلافَ و هو الذي يقول هذه الكلمات؟!
الفتنة تَنْزِل في بيوت المسلمين كَالمَطَر،ويَتْركهم يَتَنَاحَرُون؟!
كلا..كلا..لا يفعلها رسولُ الله صلى الله عليه وآله،بل الأمْرُ إلى الله تبارك وتعالى وهو العالِمُ،وهو مَن عَلَّم رسولَه بذلك فكيف يُهْمِلهم بلا رَاعٍ؟! وهو الذي{كَتَبَ على نفسه الرَّحْمَة}ولا يَأمُر رسولَه بِنَصْبِ أميرٍ لهم حتى لا تَقَع هذه الفِتَنُ؟!
فالصحيحُ أنَّ الله الرحيمَ أمَرَ نبيَّه الكريمَ صلى الله عليه وآله بِنَصْب الإمام علي بن أبي طالب خليفةً بعده،وقد نَصَّبَ النبيُّ عليًّا أمِيرًا بعده،صلى الله عليهما وآلهما، وأمَّا مَا يَحْدُث بعده مِن تَطْبِيقٍ أو عَدَمِه فهذا راجِعٌ إلى المُكَلَّفِين،فالمُهم أنه أَقَامَ الحُجَّةَ عليهم.
ومِن القرائن الحَالِيَّة التي تدل على أنَّ معنى(المولى)هو الخليفة والأولى بالتصرف:
ما يَنْقُلُه الكَثِيرُ مِن الصحابة والتابعين والمؤرِّخين في كيفية خطبة الغدير،فالجُمُوعُ الغفيرة التي تَعَدَّت المائة ألف حاجٍّ،وكان بعضهم قد سَلَكَ طَرِيقَ بَلَدِه مُبْتَعِدًا عن طريق المدينة المنورة،أهل العراق والشام وأهل مصر وأهل هجر،وغيرهم،وقد أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله بأنْ يُنَادَى على هؤلاء فَنُودِيَ عليهم ورجعوا وتجمَّعُوا في مَا يُسَمَّى بـ(غدير خم) بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكان الحَرُّ شديدًا حتى أنَّ بعضهم كان يَضع بَعضَ ردَائه تحته و بعضَه الآخر عـلى رأسه،ونُصِبَ للنبي صلى الله عليه وآله مِنْبَرٌ تحت تلك الشجرات التي أَمَرَ بأن يُقَمَّ ويُكْنَس ما تحتها مِن أوساخ، وخَطَبَ تلك الخطبة العصماء وقال ما قال،ومع كلِّ ذلك يُقَال بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله أرَادَ أنْ يُبَيِّن فَضْلَ الإمام عليٍّ لِخِدْمَتِه و دفاعه عن الإسلام! ألا يكفي النبيَّ صلى الله عليه وآله أنْ يَفْعَل ذلك في غير هذه الظروف الشديدة؟! ثم إنَّ كُلَّ المسلمين يعرفون مَن هو عليٌّ فلا حاجة إلى التعريف زيادةً فليس ذلك مِن الحكمة إلا أن يكون القَصْدُ هو تَنْصِيبه لمقام الخلافة،وقد تَمَّ وللهِ الحمدُ رب العالمين.
وقال الحاكمُ في هذا الباب:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي(قال)حدثنا عبدُالله بن أحمد بن حنبل(قال)حدثني أبي...عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: شَكَىَ عليَّ بنَ أبي طالب الناسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله،فَقَامَ فينا خطيبًا فسمعتُه يقول: [أيها الناس..لا تَشْكُوا عليًّا فواللهِ إنه لأَخْشَنُ في ذاتِ اللهِ،وفـي سبيلِ الله].
أقول:قال الإمامُ عليُّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام:(ما أبْقَى لِي الحَقُّ مِن صديق). إنَّ أغلب الناس يريدون ما يشتهون وليس ما يُحِبّه اللهُ ورسولُه،فلا عَجَبَ إذا لم يَمِيلُوا إلى الإمامِ عليٍّ،لأنه لا يوافِق أطماعَهم.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:حدثنا أبو بكر...عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال:[أيّكم يَتوَلانِي في الدنيا والآخــرة؟] فقال لكلِّ رَجلٍ منهم أيتولاني في الدنيا والآخرة، فقال(كلُّ رجلٍ): لا.حتى مَرَّ على أكثرهم،فقال عليٌّ: أنا أتوَلاك في الدنيا والآخرة،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله لِعليٍّ): [أنتَ وَلِيِّي في الدنيا والآخرة].
أقول:لو كانت الولاية هنا بمعنى الحُبّ والنُّصْرَة أو غير ذلك لَقَبِلَها هؤلاء أو بعضُهم على الأقل، ولكن لَمَّا كانوا يَعْلمون بأنَّ الولايـة أكبر مِن هذا المعنى، وأنها مسؤولية جسيمة وخلافة عظيمة نَرَى أنهم أَبَوْا ولم يقبلوا بها،وقَبِلَها الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام،ونالَها بتوفيق الله تبارك وتعالى.
قال ابنُ حجر العسقلاني صاحِبُ كتاب(فتح الباري شرح صحيح البخاري) ج7ص61: وأمَّا حديث [مَن كنتُ موْلاه فعَـليٌّ موْلاه]فقد أَخْرَجَه الترمذيُّ والنسائيُّ وهو كثيرُ الطُّرُق جدًّا، وقد اسْتَوْعَبَها ابنُ عقدة في كتابٍ مُفْرَدٍ،وكثيرٌ مِن أَسانِيدِها صِحَاحٌ وحِسَانٌ. وقد رَوَيْنا عن الإمام أحمد(بن حنبل)قال:
مَا بَلَغَنا عن أَحَدٍ مِن الصحابةِ مَا بَلَغَنا عن عليِّ بن أبي طالب.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
أقول:نتحدث عن واقعة الغدير مِن كتاب(الغدير)لِلشيخ الأميني(ج1)-رواها عن أكثر مِن مَصْدَرٍ مِن مصادر العامَّة-:
واقعة الغدير
أَجْمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله الخروجَ إلى الحَجِّ في سنة عشرٍ مِن مُهَاجرِه،وأَذَّنَ في الناس بذلك،فقَدِمَ المدينةَ خَلْقٌ كثيرٌ يَأْتَمُّون بهِ في حجَّتهِ تلك التي يُقال عليها حجَّة الوداع، وحجة الإسلام،وحجة البلاغ،وحجة الكمال،وحجة التمام،ولم يَحجَّ غيرَها مُنذ هَاجَرَ إلى أن توَفّاه اللهُ، فخَرَج صلى الله عليه وآله مِن المدينةِ مُغتسِلاً مُتَدَهِّنًا مُتَرَجِّلاً مُتَجَرِّدًا في ثوْبَيْن صحَارِيَّيْن..إزَارٍ ورِدَاءٍ،وذلك يوْم السبت،لِخَمْسِ ليَالٍ أو سِتٍّ بَقِينَ مِن ذي القعدة، وأخْرَجَ معه نساءَه كلَّهن في الهَوَادِج،وسَارَ معه أهلُ بيْتهِ، وعامَّةُ المهاجرين والأنصار،ومَن شاء اللهُ مِن قبائل العرب وأفناء الناس.
وعند خُرُوجهِ صلى الله عليه وآله أَصَابَ الناسَ بالمدينةِ جُدَرِيٌّ(بِضَمّ الجيم وفتح الدال وبفتحِهما) أو حصْبَةٌ مَنَعَت كثيرًا مِن الناسِ مِن الحج معه صلى الله عليه وآله، ومع ذلك كان معه جُمُوعٌ لا يَعْلمُها إلا الله تعالى، وقد يُقال: خرَجَ معه تسعون ألفًا،ويُقال:مائة ألفٍ وأربعة عشر ألفًا وقِيل: مائة ألفٍ وعشرون ألفًا، وقِيل:مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفًا، ويقال أكثر مِن ذلك، وهذه عِدَّة مَن خَرَجَ معه، وأمَّا الذين حَجُّوا معه فأكْثر مِن ذلك كالمُقِيمِين بمَكَّة والذين أَتَوْا مِن اليَمَن مع عَلِيٍّ(أمير المؤمنين)وأبي موسى.
أَصْبَح صلى الله عليه وآله يوْم الأحد بِـ(يَلَمْلَم)، ثم أراح فتعشى بِـ(شرف السيالة) وصَلَّى هناك المغربَ والعشاءَ،ثم صَلَّى الصبْحَ بِـ(عرق الظبية)، ثم نَزَلَ (الروحاء) ثم سَارَ مِن (الروحاء) فصَلَّى العصرَ بِـ(المنصرف)، وصَلَّى المغربَ والعشاءَ بِـ(المتعشى) وتَعَشّى به، وصلَّى الصبْحَ بِـ(الأثابة)، وأصبَحَ يوم الثلاثاء بِـ(العرج) واحْتَجَمَ بِـ(لحى جمل) -وهو عقبة الجحفة-ونَزَلَ(السقياء) يوم الأربعاء،وأَصْبَحَ بِـ(الأبواء)، وصلَّى هناك ثم رَاحَ مِن (الأبواء)، ونَزَلَ يوْم الجمعة(الجحفة)، ومِنها إلى (قديد) وسَبتَ فيه،وكان يوْم الأحد بِـ(عسفان)، ثم سَارَ فلما كان بِـ(الغميم) اعْتَرَضَ المُشَاةُ فَصَفُّوا صُفوفًا،فشَكَوْا إليه المَشْيَ،فقال: [اسْتَعِينُوا باليسلان] -وهو مَشْيٌ سَريعٌ دُونَ العَدْوِ-ففَعَلُوا فوَجَدُوا لذلك رَاحَةً وكان يوْم الاثنين بِـ(مر الظهران)، فلم يَبْرَح حتى أَمْسَى،وغَرُبَت له الشمسُ بِـ(سرف) فلم يُصَلِّ المغربَ حتى دَخَلَ(مَكّةَ)، ولمَّا انْتَهَى إلى(الثنيتين) بَاتَ بينهما، فدَخلَ (مكة) نهَارَ الثلاثاء0فلمَّا قضَى مَناسِكَه وانْصَرَفَ رَاجِعًا إلى(المدينة) ومعَه مَن كان مِن الجُمُوع المَذكُورَاتِ ووَصَلَ إلى(غَدِيرِ خُمٍّ) مِن الجحفة التي تَتَشَعَّبُ فيها طُرُق المَدَنِيِّين والمِصْريِّين والعِرَاقيّين،وذلك يوْم الخميس الثامِن عشر مِن ذي الحجة،نَزَلَ إِلَيْهِ جبرئيلُ الأمينُ عن الله بقوله: {يا أيها الرسول بَلِّغ مَا أُنْزِل إليك مِن ربِّك...الآية} وأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلِيًّا عَلَمًا لِلناسِ، ويُبَلِّغهم مَا نَزَلَ فِيه مِن الولاية وفَرْضِ الطاعَةِ على كلِّ أَحَدٍ،وكان أَوَائِلُ القوْم قريبًا مِن(الجحفة) فأَمَرَ رسولُ الله أن يُرَدَّ مَن تَقَدَّم منهم ويُحْبَس مَن تَأَخَّرَ عنهم في ذلك المكان،ونَهَى عن سمرات خمْسٍ مُتَقَارِبَاتٍ،دَوْحَاتٍ عِظَامٍ:أَنْ لا يَنْزلَ تحْتهنَّ أَحَدٌ،حتى إذا أَخَذَ القوْمُ مَنازلَهم،فَقُمَّ مَا تحْتهنَّ حتى إذا نُودِي بالصلاةِ صلاةِ الظهرِ عَمَدَ إِلَيْهِنَّ فصَلَّى بالناس تحْتهُنَّ،وكان يوْمًا هَاجِرًا،يَضَعُ الرَّجُلُ بعْضَ رِدَائه على رأْسهِ وبعْضَه تحْت قَدَمَيْهِ مِن شِدَّة الرَّمْضَاء،وظُلِّلَ لِرسول الله بِثَوْبٍ على شَجَرَةٍ سمرة مِن الشمس،فلمَّا انْصَرَف صلى الله عليه وآله مِن صلاته قَامَ خَطِيبًا وَسطَ القوْم،على أَقْتَاب الإبل،وَأَسْمَعَ الجميعَ،رافِعًا عَقِيرَتَه فقال: [الحمد لله ونستعينـه ونؤمن به،ونتوكل عليه،ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنـا ومن سيئات أعمالنا،الذي لاهاديَ لِمَن أَضلَّ،ولا مُضِلَّ لِمَن هـدى،وأشهد أن لا إله إلا الله،وأن محمدًا عبده ورسوله،أما بعد..أيُّهـا الناس..قد نَبَّأَنِي اللطيــفُ الخبيرُ أنه لَمْ يُعَمَّر نبيُّ إلا مِثْل نصْفِ عُمْرِ الذي قبله،وإني أُوشَك أَنْ أُدْعَى فأجبت،وإني مسؤولٌ وأنتم مسؤولون، فمَاذا أنتم قائلون؟] قالوا: نَشْهَد أنك قد بَلَّغتَ ونصَحْتَ وجهدت فجزاك اللهُ خيرًا،قال: [أَلَسْتم تشهدون أن لا إله إلا الله،و أن محمدًا عبده ورسوله،وأن جنتَه حقٌّ ونارَه حقٌّ وأنَّ الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟] قالوا:
بلى نشهد بذلك،قال: [اللهم اشْهَد]،ثم قال: [أيها الناس..أَلا تَسْمَعُون؟] قالوا: نعم.قال:
[فإِنِّي فَرطٌ على الحوض،وأنتم وَارِدُون عَلَيَّ الحوضَ،وإنَّ عَرْضه مـا بين صنعاء وبصرى، فِيه أقْدَاحٌ عَدَدَ النجوم،مِن فضة،فانْظُرُوا كيف تخلفوني في الثقلَيْن]، فنادَى مُنادٍ:ومَا الثقلان يا رسول الله؟قال:
[الثقلُ الأكبر كتابُ الله،طَرَفٌ بِيَدِ الله عز وجل و طَرَفٌ بِأَيْدِيكم، فتَمَسَّكُـوا به لا تضـلوا، والآخَرُ الأصغر عِتْرَتِــي،وإنَّ اللطيف الخبير نَبَّأَنِي أنهما لَنْ يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ ، فسألتُ ذلك لهما رَبِّي، فلا تَقْدَمُوهُمَا فتَهْلَـكُوا، ولا تَقْصُرُوا عنهما فتَهْلَكُوا]،ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فرَفَعَها حتى رُؤِيَ بَياضُ آبَاطِهما، وعَرَفَه القوْمُ أَجْمَعُون،فقال: [أيها الناس..مَنْ أَوْلَى الناس بالمؤمنين مِن أنفسهم؟]
قالوا: اللهُ ورسولُه أَعْلَم،قال:[إنَّ اللهَ مَوْلاي،وأنا مَوْلَى المؤمنين،وأَنَا أَوْلَى بهم مِن أَنفسِهم فمَن كنتُ مَوْلاه فعَلـِيٌّ موْلاه]يَقُولُها ثلاث مرّات،وفي لَفْظِ أحْمد إمام الحنابلة:أرْبع مرات،ثم قال: [اللهم وَالِ مَـن وَالاه،وعَادِ مَن عَادَاه،وأَحِبَّ مَن أَحَبَّه،وأَبْغِض مَن أَبْغَضَه وانْصُرْ مَن نصَرَه،واخْذُلْ مَن خَـذَلَه،وأَدِر الحَقَّ معه حيْث دَارَ،ألا فَلْيُبَلِّغ الشاهِدُ الغايبَ]،ثم لمْ يَتَفَرَّقُوا حتَّى نَزَلَ أمينُ وحْيِ اللهِ بقوله: {اليوْم أكملتُ لكم دِينَكم وأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي...الآية}.فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[اللهُ أكْبَر على إِكمـال الدِّين، وإتمام النعمة،ورِضَى الرَّبِّ بِرِسَالتِي، والولايةِ لِعَـلِيٍّ مِن بعدي]،ثم طَفِقَ القوْمُ يُهَنِّئُون أميرَ المؤمنين صلوات الله عليه، ومِمَّن هَنَّأَهُ في مُقَدَّم الصحابة:الشَّيْخان أبو بكر وعمر، كلٌّ يقول: بَخٍ بَخٍ لك يـا بن أبي طالب: أَصْبَحْتَ وأَمْسَيْتَ مَوْلاي ومَوْلى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ،وقال ابنُ عباس: وَجَبَت واللهِ في أَعْنَاقِ القوْم، فقال حسَّان: ائْذَنْ لِي يا رسول الله أَنْ أَقُولَ في عليٍّ أبياتًا تَسْمَعْهُنَّ،فقال: [قُلْ على بَرَكَةِ الله]،فقامَ حسانُ فقال:يا مَعْشَرَ مَشْيَخَةِ قريش..أُتْبِعُها قوْلي بِشهادةٍ مِن رسول الله في الولايةِ مَاضِيَةٍ ثم قال:يُنَادِ بهم يوْمَ الغديرِ نبيُّهم*بِخُمٍّ،فأَسْمِع بالرسول مُنادِيا... .
العناية بحديث الغدير
كان للمولى سبحانه مَزِيدُ عِنَايَةٍ بِإِشْهَارِ هذا الحديث،لِتَتَدَاوَلَه الأَلْسُنُ وتَلُوكُه أَشْدَاقُ الرُّوَاة، حتى يكون حُجَّة قائِمَةً لِحَامِيَةِ دِينهِ الإمامِ المُقْتَدَى صلوات الله عليه،ولِذلك أَنْجَزَ الأَمْرَ بالتَّبْلِيغ في حِينِ مُزْدَحَمِ الجماهير عند مُنْصَرَفِ نبيِّهِ صلى الله عليه وآله مِن الحج الأكبر،فنَهَضَ بالدعْوَةِ وكَرَادِيسُ الناس وزُرَافاتُهم مِن مُختلَفِ الديَار مُحْتَفَّةٌ بهِ،فرَدَّ المُتقدِّمَ، وجَعْجَـعَ بالمُتأخِّر،وأَسْمَعَ الجميعَ وأَمَرَ بتَبْلِيغِ الشاهِدِ الغايبَ،لِيَكُونُوا كلُّهم رُوَاةَ هذا الحديث،وهم يَرْبُون على مائةِ ألْفٍ ولم يَكْتَفِ سبحانه بذلك كلِّه حتى أَنْزَلَ في أَمْرهِ الآياتِ الكريمةَ تَتَلامَعُ مَرَّ الجَدِيدَيْن بُكْرَةً وعشيًّا، لِيكُون المسلمون على ذِكْرٍ مِن هذه القضِيَّة في كلِّ حِينٍ، ولِيَعْرِفوا رُشْدَهم، والمَرْجِعَ الذي يَجِب عليهم أنْ يَأْخُذُوا عنه مَعَالِمَ دِينِهم.ولم يَزَلْ مِثْلُ هذه العِنَايَةِ لِنبيِّنا الأعظم صلى الله عليه وآله حيْث اسْتَنْفَرَ أُمَمَ الناس لِلْحَج في سَنَتهِ تلْك فالْتَحَقُوا به ثبًّا ثبًّا،وكراديسَ كراديسَ،وهو صلى الله عليه وآله يَعْلَم أنه سوْف يُبَلِّغهم في مُنْتهَى سَفَرِه نَبَأً عظيمًا،يُقامُ به صَرْحُ الدِّين ويُشَادُ عَلالِيه، وتَسُود بهِ أُمَّتُه الأُمَمَ، ويَدُبُّ مُلْكُها بيْن المشرق والمغرب، لو عَقلَت صالِحَها،وأَبْصَرَت طريقَ رُشْدِها، ولِهذه الغايَةِ بِعَيْنِهالم يَبْرَح أَئِمَّةُ الدِّين سلام الله عليهم يَهْتُفُون بهذه الواقعة،ويَحْتَجُّون بها لإِمَامَةِ سَلَفِهم الطَّاهِر كمَا لم يَفْتَأ أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه بِنَفسِه يَحْتَجّ بِهَا طِيلَةَ حياته الكريمة ويَسْتَنْشِد السامِعِين لَها -مِن الصحابة الحضُورِ في حجَّة الوداع-في المُنْتَدَيَاتِ ومُجْتَمَعَاتِ لَفَائِفِ الناس كلُّ ذلك لِتَبْقَى غَضَّةً طَرِيَّة،بِالرّغمِ مِن تَعَاوُر الحِقَبِ والأعْوَامِ، ولِذلك أَمَرُوا شِيعَتَهم بالتَّعَيُّدِ في يوْم الغدير والاجتماعِ وتَبَادُلِ التَّهَانِي والبَشَائِر،إِعَادَةً لِجِدَّةِ هاتِيكَ الواقعة...وأمَّا كُتُبُ الإمامية في الحديث والتفسير والتاريخ وعِلْمِ الكَلامِ فضَعْ يَدَك على أَيٍّ منها تَجِدْه مُفْعَمًا بِإِثْبَاتِ قِصَّةِ الغدير والاحْتِجَاج بِمُؤَدَّاها، فمِن مَسانِيدَ عَنْعَنَتْها الرُّواةُ إلى مُنْبَثَق أَنْوَار النبُوّة، و(مِن)مَرَاسِيلَ أَرْسَلَها المُؤَلِّفُون إِرْسَالَ المُسَلَّم،حَذَفُوا أَسَانِيدَها لِتَسَالُم فِرَقِ المسلمين عليْها(الخ).
وقال العلامةُ الأميني(قده)قبْل ذلك مباشرة:
أهمية الغدير في التاريخ
لا يَسْتَرِيب أَيُّ ذِي مسكة فِي أنَّ شَرَفَ الشَّيْءِ بِشَرَفِ غَايَـتهِ،فعَلَيهِ إِنَّ أَوَّلَ مَا تُكْسِبُه الغاياتُ أهميةً كبرى مَن مواضيع التاريخ هو مَا أُسِّسَ عليه دِينٌ،أو جَرَت به نِحْلَةٌ، واعْتَلَت عليه دَعَايمُ مَذهَبٍ،فدَانَت بهِ أُمَمٌ،وقامَت به دُوَلٌ،وجَرَى بهِ ذِكْرٌ مع الأَبَد، ولِذلك تَجِد أَئِمَّةَ التاريخ يَتَهالَكُون في ضَبْطِ مَبادِئ الأدْيان وتعاليمها وتَقْيِيدِ مَا يَتْبَعُها مِن دِعَايَاتٍ، وحروبٍ وحكوماتٍ، وولاياتٍ التي عليها نَسَلَت الحِقَبُ والأعْوَامُ،و مَضَت القرونُ الخالية {سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْا ولَنْ تَجِد لِسُنـةِ الله تبديـلاً} وإذا أَهْمَلَ المُؤَرِّخُ شيئًا مِن ذلك فقد أَوْجَدَ في صحيفته فراغًا لا تَسُدُّه أَيَّةُ مُهِمَّة، وجَاءَ فيها بأَمْرٍ خَدَاجٍ،بُتِرَ أَوَّلُه، ولا يُعْلَم مَبْدَؤه،وعسى أن يُوجِب ذلك جهلاً للقارئ في مَصِير الأمْر ومُنتهاه.إنَّ واقعة (غدير خم) هي مِن أَهَمِّ تلك القضايـا،لِمَا ابْتَنَى عليها وعلى كثيرٍ مِن الحجَج الدامِغَة، مَذْهَبُ المُقْتَصِّين أَثَرَ آلِ الرسول صلوات الله عليه وعليهم،وهم مَعْدُودون بالمـلايين وفيهم العلم والسؤدد، والحكماء، والعلماء، والأماثل، ونوابغ في علوم الأوايل والأواخر،والملوك،والساسة، والأمراء،والقادة،والأدب الجم، والفضل الكثار،وكتب قيمة في كلِّ فنٍّ،فإنْ يَكُن المُؤَرِّخُ منهم فمِن وَاجِبهِ أنْ يُفِيض على أُمَّتهِ نَبَأَ بدْءِ دعْوَتهِ،وإنْ يكن مِن غيرهم فلا يَعْدُوه أنْ يَذكُرَها بَسِيطةً عندما يَسْرِد تاريخَ أُمَّةٍ كبيرة كهذه،أو يَشْفَعُها بِمَا يَرْتَئِيه حوْل القضيةِ مِن غَمِيزة فِي الدّلالَةِ،إِنْ كان مَزِيجَ نفْسِه النزُولُ على حُكْم العاطفة،ومَا هنالك مِن نَعَرَاتِ طائِفتِه،على حِينِ أَنه لا يَتَسَنَّى له غَمْزٌ في سَنَدِها،فإنَّ مَا نَاءَ بهِ نبيُّ الإسلام يوْم الغدير مِن الدعوة إلى مَفَادِ حَدِيثهِ لم يَخْتَلِف فِيه اثنان، وإن اخْتَلَفُوا في مُؤَدَّاه لأَغْرَاض وشَوَائِب غير خَافِيَة على النَّابهِ البَصِـيرِ،فذَكَرَها مِن أَئِمَّةِ المُؤَرِّخِين البلاذري المتوفى سنة (279) في (أنساب الأشراف)، وابن قتيبة المتوفى (276) في (المعارف)، و(الإمامة والسياسة)، والطبري المتوفى (310) في كتابٍ مُفْرَدٍ،وابن زولاق الليثي المصري المتوفى (287) في تأليفه،والخطيب البغدادي المتوفى (463) في تاريخه،وابن عبد البر المتوفى (463) في (الاستيعاب)، والشهرستاني المتوفى (548) في (الملل والنحل)، وابن عساكر المتوفى (571) في تاريخه،وياقوت الحموي في (معجم الأدباء) ج18ص84مِن الطبعة الأخيرة، وابنُ الأثير المتوفى (630) في (أسد الغابة)، وابنُ أبي الحديد المتوفى (656) في (شرح نهج البلاغة)، وابن خلكان المتوفى (681) في تاريخه، واليافعي المتوفى (768) في (مرآة الجنان)، وابنُ الشيخ البلوي في (ألف باء)، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (البداية والنهاية)، وابنُ خلدون المتوفى (808) في (مقدمة تاريخه)، وشمسُ الدين الذهبي في (تذكرة الحفاظ)، والنويري المتوفى حدود (833) في (نهاية الإرب في فنون الأدب) وابنُ حجر العسقلاني المتوفى (852) في (الإصابة) و (تهذيب التهذيب)، وابنُ الصباغ المالكي المتوفى (855) في (الفصول المهمة)، والمقريزي المتوفى (845) في (الخطط) وجلالُ الدين السيوطي المتوفى (910) في غيرِ واحدٍ مِن كتبـهِ، والقرماني الدمشقي المتوفى (1019) في (أخبار الدول) ونورُ الدين الحلبي المتوفى (1044) في (السيرة الحلبية)، وغيرُهم.
وهذا الشأنُ في علْم التاريخ لا يَقِلّ عنه الشأْنُ في فنِّ الحديث،فإنَّ المُحَدِّثَ إلى أيِّ شَطْرٍ وَلَّى وَجْهَه مِن فضَاءِ فنِّهِ الوَاسِع،يَجِد عنده صِحَاحًا ومسانيدَ تُثْبِت هذه المَأْثَرَةَ لِوَلِيِّ أَمْرِ الدِّينِ عليه السلام، ولم يَزَل الخَلَفُ يَتَلَقَّاه مِن سَلَفِهِ حتى يَنْتَهِي الدَّوْرُ إلى جِيلِ الصحابةِ الوُعَاةِ لِلْخَبَر،ويَجِد لها مع تَعَاقُبِ الطبَقَاتِ بَلَجًا ونُورًا يُذْهِب بالأَبْصار،فإنْ أَغْفَلَ المُحدِّثُ عمَّا هذا شَأْنُه فقد بَخَسَ لِلأُمَّةِ حقًّا، وحَرَمَها عن الكثير الطيِّب مِمَّا أَسْدَى إليها نبيُّها نبيُّ الرحمة مِن بِرِّهِ الواسع،و هِدَايَتهِ لها إلى الطريقةِ المُثْلَى،فذكَرَها مِن أئمـَّة الحديث إمامُ الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة (204) كمَا في (نهاية ابن الأثير)، وإمامُ الحنابلة أحمدُ بن حنبل المتوفى (241) في (مُسْنَدِه) و (مَنَاقِبِهِ)، وابنُ ماجة المتوفـى (273) في (سُنَنهِ)، والترمذيُّ المتوفى (276) في (صحيحه)، والنسائيُّ المتوفى (303) في (الخَصَايص)، وأبو يعلى الموصلي المتوفى (307) في (مسنده)، والبغويُّ المتوفى (317) في (السنن)، والدولابي المتوفى (320) في (الكنى والأسماء) والطحاويُّ المتوفى (321) في (مشكل الآثار)، والحاكمُ المتوفى (405) فـي (المستدرك)، وابنُ المغازلي الشافعي المتوفى (483) في (المناقب)، وابنُ مندة الأصبهاني المتوفى (512) بِعِدَّةِ طُرُقٍ في (تأليفه)، والخطيب الخوارزمي المتوفى (568) في (المناقب) و (مقتل الإمام السبط عليه السلام)، والكنجيُّ المتوفى (658) في (كفاية الطالب)، ومحبُّ الدين الطبري المتوفى (694) في (الرياض النضرة)، و(ذخاير العقبى)، والحمويني المتوفى (722) في (فرايد السمطين) والهيثميُّ المتوفى (807) في (مجمع الزوايد)، والذهبيُّ المتوفى (748) في (التلخيص)، والجزريُّ المتوفى (830) في (أسنى المطالب)، وأبو العباس القسطلاني المتوفى (923) في (المواهب اللدنية)، والمتقي الهندي المتوفى (975) في (كنز العمال)، والهروي القاري المتوفى (1014) في (المرقاة في شرح المشكاة) وتاجُ الدين المناوي المتوفى (1031) في (كنوز الحقايق في حديث خير الخلايق) و (فيض القدير)، والشيخاني القادري في (الصراط السوي في مناقب آل النبي)، وباكثير المكي المتوفى (1047) في (وسيلة الآمال في مناقب الآل)، وأبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى (1122) في (شرح المواهب) وابنُ حمزة الدمشقي الحنفي في (كتاب البيان والتعريف)، وغيرُهم.
كمَا أنَّ المُفَسِّر نُصْبَ عَيْنَيْهِ آيٌ مِن القرآن الكريم نازِلَةٌ في هذه المسألة يَرَى مِن واجبهِ الإِفاضَةَ بِمَا جاءَ في نُزُولِها وتفسِيرها،ولا يَرْضَى لِنَفسِه أنْ يَكُون عمَلُه مَبْتُورًا،وسَعْيُه مُخْدَجًا، فذَكَرَها مِن أئمَّةِ التفسيرِ الطبريُّ المتوفى (310) في (تفسيره)، والثعلبيُّ المتوفى (427/437) في (تفسيره)، والواحديُّ المتوفى (468) في (أسباب النزول)، والقرطبيُّ المتوفى (567) في (تفسيره) وأبو السعود في (تفسيره)، والفخرُ الرازي المتوفى (606) في (تفسيره الكبير)، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (تفسيره)، والنيشابوري المتوفى في القرن الثامن في (تفسيره)، وجلالُ الدين السيوطي في (تفسيره)، والخطيبُ الشربيني في (تفسيره)، والآلوسي البغدادي المتوفى (1270) في (تفسيره)، وغيرُهم.والمُتَكَلِّمُ حين يُقِيم البراهينَ في كلِّ مسألةٍ مِن مسائل علْم الكلام،إذا انْتَهَى بهِ السَّيْرُ إلى مسألة (الإِمَـامَة) فلا مُنْتَدَحَ (مَفَرّ) له مِن التَّعرض لِحديثِ الغدير حُجَّةً على المُدَّعَى أو نَقْلاً لِحُجَّةِ الخَصْمِ،وإنْ أَرْدَفَه بالمناقشةِ في الحِسَابِ عند الدِّلالَـةِ كالقاضي أبي بكر الباقلاني البصري المتوفى سنة (403) في (التمهيد) ،والقاضـي عبدالرحمن الإيجي الشافعي المتوفى (756) في (المواقف)، والسيد الشريـف الجرجاني المتوفى (816) في (شرح المواقف)، والبيضاوي المتوفى (685) في (طوالع الأنوار)، وشمس الدين الأصفهاني في (مطالع الأنظار)، والتفتازاني المتوفى (792) في (شرح المقاصد)، والقوشجي المولى علاء الدين المتوفى (879) في (شرح التجريد)،وهذا لَفْظُهم:
إنَّ النبي صلى الله عليه وآله قد جَمَعَ الناسَ يوْمَ (غدير خم) مَوْضِعٍ بيْن مَكّةَ والمدينة بِالْجُحْفَة وذلك بعْد رُجُوعهِ مِن حجة الوداع،وكان يومًا صائفًا حتى أنَّ الرجلَ لَيَضَع رداءَه تحْت قدَمَيْه مِن شدة الحر،وجَمَع الرجالَ،وصَعَد عليها وقال مخاطبًا: [مَعَاشِرَ المسلمين..أَلَسْتُ أوْلى بكم مِن أنفسكم؟] قالوا:اللهم بلى،قال:[مَـــن كنتُ موْلاه فعـليٌّ موْلاه،اللهم والِ مَن وَالاه،وعَاد مَن عَاداه،وانْصُرْ مَـن نَصَرَه،واخْذُل مَن خَذَله].
ومِن المُتَكَلِّمِين القاضي النجم محمد الشافعي المتوفى (876) في (بديع المعاني) وجلال الدين السيوطي في (أربعينه)، ومفتي الشام حامد بن علي العمادي في (الصلاة الفاخرة بالأحاديث المتواترة)، والآلوسي البغدادي المتوفى (1324) في (نثر اللئالي)، وغيرهم. واللُّغَوِيُّ لا يَجِد مُنْتَدَحًا مِن الإِيعَاز(الإشارة) إلى حديث الغدير عند إِفَاضَةِ القوْلِ في معنى(المولى) أو (الخم)أو (الغدير)أو (الولي)، كابن دريد محمد بن الحسن المتوفى (321) في (جمهرته)ج1ص 71،وابن الأثير في (النهاية)، والحموي في(معجم البلدان) في (خم)،والزبيدي الحنفي في(تاج العروس)، والنبهاني في(المجموعة النبهانية). انتهى كلام العلامة(قده).
*المستدرك(ج2تفسيرسورة النحل): حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بِمَرْو...سفيان بن عيينة عن عبدالله بن طاؤس عن أبيه قال:كان حجرُ بن قيس المدرى مِن المُختَصِّين بخدمةِ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له عليٌّ يومًا:[يا حجر إنك تقام بعدي فتُؤمَر بلَعْنِي فالعنِّي(حتى لا يُقتَل)ولا تَبْرَأ مِنِّي]قال طاؤس:فرأيتُ حجر المدرى وقد أقامَه أحمدُ بن إبراهيم خليفة بني أمية في الجامع ووَكَّلَ به لِيَلْعَنَ عليًّا أو يُقتَل، فقال حجر:أمَا إنَّ الأميرَ أحمدَ بن إبراهيم أمَرَني أنْ أَلْعَن عليًّا فالْعَنُوه لَعَنَه اللهُ0فقال طاؤس:فلقد أعْمَى اللهُ قلوبَهم حتى لم يَقِف أحدٌ منهم على مَا قال.
واقعة الغدير
أَجْمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله الخروجَ إلى الحَجِّ في سنة عشرٍ مِن مُهَاجرِه،وأَذَّنَ في الناس بذلك،فقَدِمَ المدينةَ خَلْقٌ كثيرٌ يَأْتَمُّون بهِ في حجَّتهِ تلك التي يُقال عليها حجَّة الوداع، وحجة الإسلام،وحجة البلاغ،وحجة الكمال،وحجة التمام،ولم يَحجَّ غيرَها مُنذ هَاجَرَ إلى أن توَفّاه اللهُ، فخَرَج صلى الله عليه وآله مِن المدينةِ مُغتسِلاً مُتَدَهِّنًا مُتَرَجِّلاً مُتَجَرِّدًا في ثوْبَيْن صحَارِيَّيْن..إزَارٍ ورِدَاءٍ،وذلك يوْم السبت،لِخَمْسِ ليَالٍ أو سِتٍّ بَقِينَ مِن ذي القعدة، وأخْرَجَ معه نساءَه كلَّهن في الهَوَادِج،وسَارَ معه أهلُ بيْتهِ، وعامَّةُ المهاجرين والأنصار،ومَن شاء اللهُ مِن قبائل العرب وأفناء الناس.
وعند خُرُوجهِ صلى الله عليه وآله أَصَابَ الناسَ بالمدينةِ جُدَرِيٌّ(بِضَمّ الجيم وفتح الدال وبفتحِهما) أو حصْبَةٌ مَنَعَت كثيرًا مِن الناسِ مِن الحج معه صلى الله عليه وآله، ومع ذلك كان معه جُمُوعٌ لا يَعْلمُها إلا الله تعالى، وقد يُقال: خرَجَ معه تسعون ألفًا،ويُقال:مائة ألفٍ وأربعة عشر ألفًا وقِيل: مائة ألفٍ وعشرون ألفًا، وقِيل:مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفًا، ويقال أكثر مِن ذلك، وهذه عِدَّة مَن خَرَجَ معه، وأمَّا الذين حَجُّوا معه فأكْثر مِن ذلك كالمُقِيمِين بمَكَّة والذين أَتَوْا مِن اليَمَن مع عَلِيٍّ(أمير المؤمنين)وأبي موسى.
أَصْبَح صلى الله عليه وآله يوْم الأحد بِـ(يَلَمْلَم)، ثم أراح فتعشى بِـ(شرف السيالة) وصَلَّى هناك المغربَ والعشاءَ،ثم صَلَّى الصبْحَ بِـ(عرق الظبية)، ثم نَزَلَ (الروحاء) ثم سَارَ مِن (الروحاء) فصَلَّى العصرَ بِـ(المنصرف)، وصَلَّى المغربَ والعشاءَ بِـ(المتعشى) وتَعَشّى به، وصلَّى الصبْحَ بِـ(الأثابة)، وأصبَحَ يوم الثلاثاء بِـ(العرج) واحْتَجَمَ بِـ(لحى جمل) -وهو عقبة الجحفة-ونَزَلَ(السقياء) يوم الأربعاء،وأَصْبَحَ بِـ(الأبواء)، وصلَّى هناك ثم رَاحَ مِن (الأبواء)، ونَزَلَ يوْم الجمعة(الجحفة)، ومِنها إلى (قديد) وسَبتَ فيه،وكان يوْم الأحد بِـ(عسفان)، ثم سَارَ فلما كان بِـ(الغميم) اعْتَرَضَ المُشَاةُ فَصَفُّوا صُفوفًا،فشَكَوْا إليه المَشْيَ،فقال: [اسْتَعِينُوا باليسلان] -وهو مَشْيٌ سَريعٌ دُونَ العَدْوِ-ففَعَلُوا فوَجَدُوا لذلك رَاحَةً وكان يوْم الاثنين بِـ(مر الظهران)، فلم يَبْرَح حتى أَمْسَى،وغَرُبَت له الشمسُ بِـ(سرف) فلم يُصَلِّ المغربَ حتى دَخَلَ(مَكّةَ)، ولمَّا انْتَهَى إلى(الثنيتين) بَاتَ بينهما، فدَخلَ (مكة) نهَارَ الثلاثاء0فلمَّا قضَى مَناسِكَه وانْصَرَفَ رَاجِعًا إلى(المدينة) ومعَه مَن كان مِن الجُمُوع المَذكُورَاتِ ووَصَلَ إلى(غَدِيرِ خُمٍّ) مِن الجحفة التي تَتَشَعَّبُ فيها طُرُق المَدَنِيِّين والمِصْريِّين والعِرَاقيّين،وذلك يوْم الخميس الثامِن عشر مِن ذي الحجة،نَزَلَ إِلَيْهِ جبرئيلُ الأمينُ عن الله بقوله: {يا أيها الرسول بَلِّغ مَا أُنْزِل إليك مِن ربِّك...الآية} وأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلِيًّا عَلَمًا لِلناسِ، ويُبَلِّغهم مَا نَزَلَ فِيه مِن الولاية وفَرْضِ الطاعَةِ على كلِّ أَحَدٍ،وكان أَوَائِلُ القوْم قريبًا مِن(الجحفة) فأَمَرَ رسولُ الله أن يُرَدَّ مَن تَقَدَّم منهم ويُحْبَس مَن تَأَخَّرَ عنهم في ذلك المكان،ونَهَى عن سمرات خمْسٍ مُتَقَارِبَاتٍ،دَوْحَاتٍ عِظَامٍ:أَنْ لا يَنْزلَ تحْتهنَّ أَحَدٌ،حتى إذا أَخَذَ القوْمُ مَنازلَهم،فَقُمَّ مَا تحْتهنَّ حتى إذا نُودِي بالصلاةِ صلاةِ الظهرِ عَمَدَ إِلَيْهِنَّ فصَلَّى بالناس تحْتهُنَّ،وكان يوْمًا هَاجِرًا،يَضَعُ الرَّجُلُ بعْضَ رِدَائه على رأْسهِ وبعْضَه تحْت قَدَمَيْهِ مِن شِدَّة الرَّمْضَاء،وظُلِّلَ لِرسول الله بِثَوْبٍ على شَجَرَةٍ سمرة مِن الشمس،فلمَّا انْصَرَف صلى الله عليه وآله مِن صلاته قَامَ خَطِيبًا وَسطَ القوْم،على أَقْتَاب الإبل،وَأَسْمَعَ الجميعَ،رافِعًا عَقِيرَتَه فقال: [الحمد لله ونستعينـه ونؤمن به،ونتوكل عليه،ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنـا ومن سيئات أعمالنا،الذي لاهاديَ لِمَن أَضلَّ،ولا مُضِلَّ لِمَن هـدى،وأشهد أن لا إله إلا الله،وأن محمدًا عبده ورسوله،أما بعد..أيُّهـا الناس..قد نَبَّأَنِي اللطيــفُ الخبيرُ أنه لَمْ يُعَمَّر نبيُّ إلا مِثْل نصْفِ عُمْرِ الذي قبله،وإني أُوشَك أَنْ أُدْعَى فأجبت،وإني مسؤولٌ وأنتم مسؤولون، فمَاذا أنتم قائلون؟] قالوا: نَشْهَد أنك قد بَلَّغتَ ونصَحْتَ وجهدت فجزاك اللهُ خيرًا،قال: [أَلَسْتم تشهدون أن لا إله إلا الله،و أن محمدًا عبده ورسوله،وأن جنتَه حقٌّ ونارَه حقٌّ وأنَّ الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟] قالوا:
بلى نشهد بذلك،قال: [اللهم اشْهَد]،ثم قال: [أيها الناس..أَلا تَسْمَعُون؟] قالوا: نعم.قال:
[فإِنِّي فَرطٌ على الحوض،وأنتم وَارِدُون عَلَيَّ الحوضَ،وإنَّ عَرْضه مـا بين صنعاء وبصرى، فِيه أقْدَاحٌ عَدَدَ النجوم،مِن فضة،فانْظُرُوا كيف تخلفوني في الثقلَيْن]، فنادَى مُنادٍ:ومَا الثقلان يا رسول الله؟قال:
[الثقلُ الأكبر كتابُ الله،طَرَفٌ بِيَدِ الله عز وجل و طَرَفٌ بِأَيْدِيكم، فتَمَسَّكُـوا به لا تضـلوا، والآخَرُ الأصغر عِتْرَتِــي،وإنَّ اللطيف الخبير نَبَّأَنِي أنهما لَنْ يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ ، فسألتُ ذلك لهما رَبِّي، فلا تَقْدَمُوهُمَا فتَهْلَـكُوا، ولا تَقْصُرُوا عنهما فتَهْلَكُوا]،ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فرَفَعَها حتى رُؤِيَ بَياضُ آبَاطِهما، وعَرَفَه القوْمُ أَجْمَعُون،فقال: [أيها الناس..مَنْ أَوْلَى الناس بالمؤمنين مِن أنفسهم؟]
قالوا: اللهُ ورسولُه أَعْلَم،قال:[إنَّ اللهَ مَوْلاي،وأنا مَوْلَى المؤمنين،وأَنَا أَوْلَى بهم مِن أَنفسِهم فمَن كنتُ مَوْلاه فعَلـِيٌّ موْلاه]يَقُولُها ثلاث مرّات،وفي لَفْظِ أحْمد إمام الحنابلة:أرْبع مرات،ثم قال: [اللهم وَالِ مَـن وَالاه،وعَادِ مَن عَادَاه،وأَحِبَّ مَن أَحَبَّه،وأَبْغِض مَن أَبْغَضَه وانْصُرْ مَن نصَرَه،واخْذُلْ مَن خَـذَلَه،وأَدِر الحَقَّ معه حيْث دَارَ،ألا فَلْيُبَلِّغ الشاهِدُ الغايبَ]،ثم لمْ يَتَفَرَّقُوا حتَّى نَزَلَ أمينُ وحْيِ اللهِ بقوله: {اليوْم أكملتُ لكم دِينَكم وأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي...الآية}.فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[اللهُ أكْبَر على إِكمـال الدِّين، وإتمام النعمة،ورِضَى الرَّبِّ بِرِسَالتِي، والولايةِ لِعَـلِيٍّ مِن بعدي]،ثم طَفِقَ القوْمُ يُهَنِّئُون أميرَ المؤمنين صلوات الله عليه، ومِمَّن هَنَّأَهُ في مُقَدَّم الصحابة:الشَّيْخان أبو بكر وعمر، كلٌّ يقول: بَخٍ بَخٍ لك يـا بن أبي طالب: أَصْبَحْتَ وأَمْسَيْتَ مَوْلاي ومَوْلى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ،وقال ابنُ عباس: وَجَبَت واللهِ في أَعْنَاقِ القوْم، فقال حسَّان: ائْذَنْ لِي يا رسول الله أَنْ أَقُولَ في عليٍّ أبياتًا تَسْمَعْهُنَّ،فقال: [قُلْ على بَرَكَةِ الله]،فقامَ حسانُ فقال:يا مَعْشَرَ مَشْيَخَةِ قريش..أُتْبِعُها قوْلي بِشهادةٍ مِن رسول الله في الولايةِ مَاضِيَةٍ ثم قال:يُنَادِ بهم يوْمَ الغديرِ نبيُّهم*بِخُمٍّ،فأَسْمِع بالرسول مُنادِيا... .
العناية بحديث الغدير
كان للمولى سبحانه مَزِيدُ عِنَايَةٍ بِإِشْهَارِ هذا الحديث،لِتَتَدَاوَلَه الأَلْسُنُ وتَلُوكُه أَشْدَاقُ الرُّوَاة، حتى يكون حُجَّة قائِمَةً لِحَامِيَةِ دِينهِ الإمامِ المُقْتَدَى صلوات الله عليه،ولِذلك أَنْجَزَ الأَمْرَ بالتَّبْلِيغ في حِينِ مُزْدَحَمِ الجماهير عند مُنْصَرَفِ نبيِّهِ صلى الله عليه وآله مِن الحج الأكبر،فنَهَضَ بالدعْوَةِ وكَرَادِيسُ الناس وزُرَافاتُهم مِن مُختلَفِ الديَار مُحْتَفَّةٌ بهِ،فرَدَّ المُتقدِّمَ، وجَعْجَـعَ بالمُتأخِّر،وأَسْمَعَ الجميعَ وأَمَرَ بتَبْلِيغِ الشاهِدِ الغايبَ،لِيَكُونُوا كلُّهم رُوَاةَ هذا الحديث،وهم يَرْبُون على مائةِ ألْفٍ ولم يَكْتَفِ سبحانه بذلك كلِّه حتى أَنْزَلَ في أَمْرهِ الآياتِ الكريمةَ تَتَلامَعُ مَرَّ الجَدِيدَيْن بُكْرَةً وعشيًّا، لِيكُون المسلمون على ذِكْرٍ مِن هذه القضِيَّة في كلِّ حِينٍ، ولِيَعْرِفوا رُشْدَهم، والمَرْجِعَ الذي يَجِب عليهم أنْ يَأْخُذُوا عنه مَعَالِمَ دِينِهم.ولم يَزَلْ مِثْلُ هذه العِنَايَةِ لِنبيِّنا الأعظم صلى الله عليه وآله حيْث اسْتَنْفَرَ أُمَمَ الناس لِلْحَج في سَنَتهِ تلْك فالْتَحَقُوا به ثبًّا ثبًّا،وكراديسَ كراديسَ،وهو صلى الله عليه وآله يَعْلَم أنه سوْف يُبَلِّغهم في مُنْتهَى سَفَرِه نَبَأً عظيمًا،يُقامُ به صَرْحُ الدِّين ويُشَادُ عَلالِيه، وتَسُود بهِ أُمَّتُه الأُمَمَ، ويَدُبُّ مُلْكُها بيْن المشرق والمغرب، لو عَقلَت صالِحَها،وأَبْصَرَت طريقَ رُشْدِها، ولِهذه الغايَةِ بِعَيْنِهالم يَبْرَح أَئِمَّةُ الدِّين سلام الله عليهم يَهْتُفُون بهذه الواقعة،ويَحْتَجُّون بها لإِمَامَةِ سَلَفِهم الطَّاهِر كمَا لم يَفْتَأ أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه بِنَفسِه يَحْتَجّ بِهَا طِيلَةَ حياته الكريمة ويَسْتَنْشِد السامِعِين لَها -مِن الصحابة الحضُورِ في حجَّة الوداع-في المُنْتَدَيَاتِ ومُجْتَمَعَاتِ لَفَائِفِ الناس كلُّ ذلك لِتَبْقَى غَضَّةً طَرِيَّة،بِالرّغمِ مِن تَعَاوُر الحِقَبِ والأعْوَامِ، ولِذلك أَمَرُوا شِيعَتَهم بالتَّعَيُّدِ في يوْم الغدير والاجتماعِ وتَبَادُلِ التَّهَانِي والبَشَائِر،إِعَادَةً لِجِدَّةِ هاتِيكَ الواقعة...وأمَّا كُتُبُ الإمامية في الحديث والتفسير والتاريخ وعِلْمِ الكَلامِ فضَعْ يَدَك على أَيٍّ منها تَجِدْه مُفْعَمًا بِإِثْبَاتِ قِصَّةِ الغدير والاحْتِجَاج بِمُؤَدَّاها، فمِن مَسانِيدَ عَنْعَنَتْها الرُّواةُ إلى مُنْبَثَق أَنْوَار النبُوّة، و(مِن)مَرَاسِيلَ أَرْسَلَها المُؤَلِّفُون إِرْسَالَ المُسَلَّم،حَذَفُوا أَسَانِيدَها لِتَسَالُم فِرَقِ المسلمين عليْها(الخ).
وقال العلامةُ الأميني(قده)قبْل ذلك مباشرة:
أهمية الغدير في التاريخ
لا يَسْتَرِيب أَيُّ ذِي مسكة فِي أنَّ شَرَفَ الشَّيْءِ بِشَرَفِ غَايَـتهِ،فعَلَيهِ إِنَّ أَوَّلَ مَا تُكْسِبُه الغاياتُ أهميةً كبرى مَن مواضيع التاريخ هو مَا أُسِّسَ عليه دِينٌ،أو جَرَت به نِحْلَةٌ، واعْتَلَت عليه دَعَايمُ مَذهَبٍ،فدَانَت بهِ أُمَمٌ،وقامَت به دُوَلٌ،وجَرَى بهِ ذِكْرٌ مع الأَبَد، ولِذلك تَجِد أَئِمَّةَ التاريخ يَتَهالَكُون في ضَبْطِ مَبادِئ الأدْيان وتعاليمها وتَقْيِيدِ مَا يَتْبَعُها مِن دِعَايَاتٍ، وحروبٍ وحكوماتٍ، وولاياتٍ التي عليها نَسَلَت الحِقَبُ والأعْوَامُ،و مَضَت القرونُ الخالية {سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْا ولَنْ تَجِد لِسُنـةِ الله تبديـلاً} وإذا أَهْمَلَ المُؤَرِّخُ شيئًا مِن ذلك فقد أَوْجَدَ في صحيفته فراغًا لا تَسُدُّه أَيَّةُ مُهِمَّة، وجَاءَ فيها بأَمْرٍ خَدَاجٍ،بُتِرَ أَوَّلُه، ولا يُعْلَم مَبْدَؤه،وعسى أن يُوجِب ذلك جهلاً للقارئ في مَصِير الأمْر ومُنتهاه.إنَّ واقعة (غدير خم) هي مِن أَهَمِّ تلك القضايـا،لِمَا ابْتَنَى عليها وعلى كثيرٍ مِن الحجَج الدامِغَة، مَذْهَبُ المُقْتَصِّين أَثَرَ آلِ الرسول صلوات الله عليه وعليهم،وهم مَعْدُودون بالمـلايين وفيهم العلم والسؤدد، والحكماء، والعلماء، والأماثل، ونوابغ في علوم الأوايل والأواخر،والملوك،والساسة، والأمراء،والقادة،والأدب الجم، والفضل الكثار،وكتب قيمة في كلِّ فنٍّ،فإنْ يَكُن المُؤَرِّخُ منهم فمِن وَاجِبهِ أنْ يُفِيض على أُمَّتهِ نَبَأَ بدْءِ دعْوَتهِ،وإنْ يكن مِن غيرهم فلا يَعْدُوه أنْ يَذكُرَها بَسِيطةً عندما يَسْرِد تاريخَ أُمَّةٍ كبيرة كهذه،أو يَشْفَعُها بِمَا يَرْتَئِيه حوْل القضيةِ مِن غَمِيزة فِي الدّلالَةِ،إِنْ كان مَزِيجَ نفْسِه النزُولُ على حُكْم العاطفة،ومَا هنالك مِن نَعَرَاتِ طائِفتِه،على حِينِ أَنه لا يَتَسَنَّى له غَمْزٌ في سَنَدِها،فإنَّ مَا نَاءَ بهِ نبيُّ الإسلام يوْم الغدير مِن الدعوة إلى مَفَادِ حَدِيثهِ لم يَخْتَلِف فِيه اثنان، وإن اخْتَلَفُوا في مُؤَدَّاه لأَغْرَاض وشَوَائِب غير خَافِيَة على النَّابهِ البَصِـيرِ،فذَكَرَها مِن أَئِمَّةِ المُؤَرِّخِين البلاذري المتوفى سنة (279) في (أنساب الأشراف)، وابن قتيبة المتوفى (276) في (المعارف)، و(الإمامة والسياسة)، والطبري المتوفى (310) في كتابٍ مُفْرَدٍ،وابن زولاق الليثي المصري المتوفى (287) في تأليفه،والخطيب البغدادي المتوفى (463) في تاريخه،وابن عبد البر المتوفى (463) في (الاستيعاب)، والشهرستاني المتوفى (548) في (الملل والنحل)، وابن عساكر المتوفى (571) في تاريخه،وياقوت الحموي في (معجم الأدباء) ج18ص84مِن الطبعة الأخيرة، وابنُ الأثير المتوفى (630) في (أسد الغابة)، وابنُ أبي الحديد المتوفى (656) في (شرح نهج البلاغة)، وابن خلكان المتوفى (681) في تاريخه، واليافعي المتوفى (768) في (مرآة الجنان)، وابنُ الشيخ البلوي في (ألف باء)، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (البداية والنهاية)، وابنُ خلدون المتوفى (808) في (مقدمة تاريخه)، وشمسُ الدين الذهبي في (تذكرة الحفاظ)، والنويري المتوفى حدود (833) في (نهاية الإرب في فنون الأدب) وابنُ حجر العسقلاني المتوفى (852) في (الإصابة) و (تهذيب التهذيب)، وابنُ الصباغ المالكي المتوفى (855) في (الفصول المهمة)، والمقريزي المتوفى (845) في (الخطط) وجلالُ الدين السيوطي المتوفى (910) في غيرِ واحدٍ مِن كتبـهِ، والقرماني الدمشقي المتوفى (1019) في (أخبار الدول) ونورُ الدين الحلبي المتوفى (1044) في (السيرة الحلبية)، وغيرُهم.
وهذا الشأنُ في علْم التاريخ لا يَقِلّ عنه الشأْنُ في فنِّ الحديث،فإنَّ المُحَدِّثَ إلى أيِّ شَطْرٍ وَلَّى وَجْهَه مِن فضَاءِ فنِّهِ الوَاسِع،يَجِد عنده صِحَاحًا ومسانيدَ تُثْبِت هذه المَأْثَرَةَ لِوَلِيِّ أَمْرِ الدِّينِ عليه السلام، ولم يَزَل الخَلَفُ يَتَلَقَّاه مِن سَلَفِهِ حتى يَنْتَهِي الدَّوْرُ إلى جِيلِ الصحابةِ الوُعَاةِ لِلْخَبَر،ويَجِد لها مع تَعَاقُبِ الطبَقَاتِ بَلَجًا ونُورًا يُذْهِب بالأَبْصار،فإنْ أَغْفَلَ المُحدِّثُ عمَّا هذا شَأْنُه فقد بَخَسَ لِلأُمَّةِ حقًّا، وحَرَمَها عن الكثير الطيِّب مِمَّا أَسْدَى إليها نبيُّها نبيُّ الرحمة مِن بِرِّهِ الواسع،و هِدَايَتهِ لها إلى الطريقةِ المُثْلَى،فذكَرَها مِن أئمـَّة الحديث إمامُ الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة (204) كمَا في (نهاية ابن الأثير)، وإمامُ الحنابلة أحمدُ بن حنبل المتوفى (241) في (مُسْنَدِه) و (مَنَاقِبِهِ)، وابنُ ماجة المتوفـى (273) في (سُنَنهِ)، والترمذيُّ المتوفى (276) في (صحيحه)، والنسائيُّ المتوفى (303) في (الخَصَايص)، وأبو يعلى الموصلي المتوفى (307) في (مسنده)، والبغويُّ المتوفى (317) في (السنن)، والدولابي المتوفى (320) في (الكنى والأسماء) والطحاويُّ المتوفى (321) في (مشكل الآثار)، والحاكمُ المتوفى (405) فـي (المستدرك)، وابنُ المغازلي الشافعي المتوفى (483) في (المناقب)، وابنُ مندة الأصبهاني المتوفى (512) بِعِدَّةِ طُرُقٍ في (تأليفه)، والخطيب الخوارزمي المتوفى (568) في (المناقب) و (مقتل الإمام السبط عليه السلام)، والكنجيُّ المتوفى (658) في (كفاية الطالب)، ومحبُّ الدين الطبري المتوفى (694) في (الرياض النضرة)، و(ذخاير العقبى)، والحمويني المتوفى (722) في (فرايد السمطين) والهيثميُّ المتوفى (807) في (مجمع الزوايد)، والذهبيُّ المتوفى (748) في (التلخيص)، والجزريُّ المتوفى (830) في (أسنى المطالب)، وأبو العباس القسطلاني المتوفى (923) في (المواهب اللدنية)، والمتقي الهندي المتوفى (975) في (كنز العمال)، والهروي القاري المتوفى (1014) في (المرقاة في شرح المشكاة) وتاجُ الدين المناوي المتوفى (1031) في (كنوز الحقايق في حديث خير الخلايق) و (فيض القدير)، والشيخاني القادري في (الصراط السوي في مناقب آل النبي)، وباكثير المكي المتوفى (1047) في (وسيلة الآمال في مناقب الآل)، وأبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى (1122) في (شرح المواهب) وابنُ حمزة الدمشقي الحنفي في (كتاب البيان والتعريف)، وغيرُهم.
كمَا أنَّ المُفَسِّر نُصْبَ عَيْنَيْهِ آيٌ مِن القرآن الكريم نازِلَةٌ في هذه المسألة يَرَى مِن واجبهِ الإِفاضَةَ بِمَا جاءَ في نُزُولِها وتفسِيرها،ولا يَرْضَى لِنَفسِه أنْ يَكُون عمَلُه مَبْتُورًا،وسَعْيُه مُخْدَجًا، فذَكَرَها مِن أئمَّةِ التفسيرِ الطبريُّ المتوفى (310) في (تفسيره)، والثعلبيُّ المتوفى (427/437) في (تفسيره)، والواحديُّ المتوفى (468) في (أسباب النزول)، والقرطبيُّ المتوفى (567) في (تفسيره) وأبو السعود في (تفسيره)، والفخرُ الرازي المتوفى (606) في (تفسيره الكبير)، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (تفسيره)، والنيشابوري المتوفى في القرن الثامن في (تفسيره)، وجلالُ الدين السيوطي في (تفسيره)، والخطيبُ الشربيني في (تفسيره)، والآلوسي البغدادي المتوفى (1270) في (تفسيره)، وغيرُهم.والمُتَكَلِّمُ حين يُقِيم البراهينَ في كلِّ مسألةٍ مِن مسائل علْم الكلام،إذا انْتَهَى بهِ السَّيْرُ إلى مسألة (الإِمَـامَة) فلا مُنْتَدَحَ (مَفَرّ) له مِن التَّعرض لِحديثِ الغدير حُجَّةً على المُدَّعَى أو نَقْلاً لِحُجَّةِ الخَصْمِ،وإنْ أَرْدَفَه بالمناقشةِ في الحِسَابِ عند الدِّلالَـةِ كالقاضي أبي بكر الباقلاني البصري المتوفى سنة (403) في (التمهيد) ،والقاضـي عبدالرحمن الإيجي الشافعي المتوفى (756) في (المواقف)، والسيد الشريـف الجرجاني المتوفى (816) في (شرح المواقف)، والبيضاوي المتوفى (685) في (طوالع الأنوار)، وشمس الدين الأصفهاني في (مطالع الأنظار)، والتفتازاني المتوفى (792) في (شرح المقاصد)، والقوشجي المولى علاء الدين المتوفى (879) في (شرح التجريد)،وهذا لَفْظُهم:
إنَّ النبي صلى الله عليه وآله قد جَمَعَ الناسَ يوْمَ (غدير خم) مَوْضِعٍ بيْن مَكّةَ والمدينة بِالْجُحْفَة وذلك بعْد رُجُوعهِ مِن حجة الوداع،وكان يومًا صائفًا حتى أنَّ الرجلَ لَيَضَع رداءَه تحْت قدَمَيْه مِن شدة الحر،وجَمَع الرجالَ،وصَعَد عليها وقال مخاطبًا: [مَعَاشِرَ المسلمين..أَلَسْتُ أوْلى بكم مِن أنفسكم؟] قالوا:اللهم بلى،قال:[مَـــن كنتُ موْلاه فعـليٌّ موْلاه،اللهم والِ مَن وَالاه،وعَاد مَن عَاداه،وانْصُرْ مَـن نَصَرَه،واخْذُل مَن خَذَله].
ومِن المُتَكَلِّمِين القاضي النجم محمد الشافعي المتوفى (876) في (بديع المعاني) وجلال الدين السيوطي في (أربعينه)، ومفتي الشام حامد بن علي العمادي في (الصلاة الفاخرة بالأحاديث المتواترة)، والآلوسي البغدادي المتوفى (1324) في (نثر اللئالي)، وغيرهم. واللُّغَوِيُّ لا يَجِد مُنْتَدَحًا مِن الإِيعَاز(الإشارة) إلى حديث الغدير عند إِفَاضَةِ القوْلِ في معنى(المولى) أو (الخم)أو (الغدير)أو (الولي)، كابن دريد محمد بن الحسن المتوفى (321) في (جمهرته)ج1ص 71،وابن الأثير في (النهاية)، والحموي في(معجم البلدان) في (خم)،والزبيدي الحنفي في(تاج العروس)، والنبهاني في(المجموعة النبهانية). انتهى كلام العلامة(قده).
*المستدرك(ج2تفسيرسورة النحل): حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بِمَرْو...سفيان بن عيينة عن عبدالله بن طاؤس عن أبيه قال:كان حجرُ بن قيس المدرى مِن المُختَصِّين بخدمةِ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له عليٌّ يومًا:[يا حجر إنك تقام بعدي فتُؤمَر بلَعْنِي فالعنِّي(حتى لا يُقتَل)ولا تَبْرَأ مِنِّي]قال طاؤس:فرأيتُ حجر المدرى وقد أقامَه أحمدُ بن إبراهيم خليفة بني أمية في الجامع ووَكَّلَ به لِيَلْعَنَ عليًّا أو يُقتَل، فقال حجر:أمَا إنَّ الأميرَ أحمدَ بن إبراهيم أمَرَني أنْ أَلْعَن عليًّا فالْعَنُوه لَعَنَه اللهُ0فقال طاؤس:فلقد أعْمَى اللهُ قلوبَهم حتى لم يَقِف أحدٌ منهم على مَا قال.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
آيَةُ النَّجْوَى
*المستدرك(ج2فضيلة أهل العلم0 ص148 وما بعدها): أخبرني عبد الله بن محمد الصيدلاني...عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: إنَّ في كتاب الله لآية مَا عَمِل بها أحدٌ ولا يَعمَل بهـا أحدٌ بعدي: آية النجوى{يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدِّمُوا بين يـدي نجواكم صدقة...}قال:كـان عندي دينار فبِعْتُه بعشرة دراهم فناجَيْتُ النبـيَّ صلى الله عليه وآله،فكنتُ كُلَّما ناجيـتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله قدَّمتُ بين يَدَيْ نجْـواي درهمًا،ثم نُسِخَت(هذه الآية)فلم يَعمَل بها أحدٌ فنزلت{أأشفقتم أنْ تُقدِّمُوا بين يـدي نجواكم صدقات...}الآية.
أقول:هذا عليٌّ،الذي لا يُضِيع لَحْظَةً حتى يستفيد فيها مِن رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا سأله أعطاه الرسولُ صلى الله عليه وآله،وإذا سَكَتَ(عليٌّ) ابْتَدَأَه صلى الله عليه وآله، كما يروي الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب (ح3806)، والحاكمُ في مستدركه(ج3)فضائل أميرالمؤمنين علي.
*صحيح الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:(ح3798):عن علي رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[...رَحِمَ اللهُ عَليًّا،اللهم أَدِر الحَقَّ مَعَه حَيْث دَارَ].
(ح3799):عن ربعي بن حراش قال:أخبرنا عليُّ بن أبي طالب بالرحبة فقال:لَمَّا كان يومُ الحديبية خَرَجَ إلينا ناسٌ مِن المشركين،منهم سهيل بن عمرو وأناسٌ مِن رؤساء المشركين فقالوا:يا رسول الله..خَرَجَ إليك ناسٌ مِن أبنائنا وإخواننا وأرِقَّائنا، وليس لهم فِقْهٌ في الدِّين، وإنما خَرَجوا فِرارًا مِن أموالنا وضِيَاعنا فَارْدُدْهم إلينا،فإنْ لم يَكُن لهم فِقهٌ في الدين سنُفَقِّههم0 فقال النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم: [يا معشر قُريش..لَتَنْتَهُنَّ أو لَيَبْعَثَنَّ اللهُ عليكم مَن يضرب رقابَكم بالسَّيف على الدِّيـن،وقد امتَحَنَ اللهُ قلوبَهم على الإيمان]، قالوا:مَن يا رسول الله؟ فقال له أبو بكر:مَن هو يا رسول الله؟وقال له عُمَر:مَن هو يا رسول الله؟ قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله): [هو خَاصِفُ النعْل]،وكان قد أعْطَى عَلِيًّا نعلَه يخصفها0 قال(الرَّاوي): ثم التفت إلينا عليٌّ فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم قال:[مَن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار].
*المستدرك (ج3) كتاب معرفة الصحابة0 فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبوجعفر...وحدثنا عبيد الله بن موسى...عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فانقطعت نعلُه،فتَخَلَّفَ علِيٌّ يخصفها، فَمَشَى(النبيُّ صلى الله عليه وآله)قليلاً ثم قال: [إنَّ منكم مَنْ يُقاتِل على تَأْوِيـلِ القرآنِ كَمَا قاتَلْتُ على تَنْزِيلِـــه]، فاسْتَشْرَفَ لها القَوْمُ وفيهم أبو بكر وعُمر رضي الله عنهما،قال أبو بكر: أنا هو؟ قال النبي صلى الله عليه وآله: [ لا ] ، قال عمر: أنا هو؟ قال النبيُّ صلى الله عليه وآله: [لا،ولكن خاصِف النعل] يَعْنِي عليًّا، فأتَيْناه فبشَّرناه ، فلم يَرْفَع به رَأْسَه كَأَنه قد سَمِعَه مِن رسول الله صلى الله عليه وآله.
*صحيح ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب: عن عباد بن عبد الله قال: قال عليٌّ: أنا عبدُ الله،وأَخُو رسولِه صلى الله عليه(وآله)وسلم وأنا الصِّدِّيقُ الأكبَرُ، لا يَقولها بعدي إلا كَذَّاب، صليتُ قبل الناس لِسَبْعِ سنين0
*المستدرك(ج3)كتاب معرفة الصحابة0فضائل علي بن أبي طالب: عن عباد بن عبد الله الأسدي عن عليٍّ رضي الله عنه قال: إني عبدُ الله،وأخو رسولِه،وأنا الصِّدِّيقُ الأكبر،لا يقولها بعدي إلا كاذبٌ،صليـتُ قبل الناس بسبع سنين،قبل أن يعبده أحدٌ مِن هذه الأمَّة.
وقال الحاكمُ في هذا القسم: حدثني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي...أنَّ عمرةَ بنت عبدالرحمن قالت: لَمَّا سارَ علِيٌّ إلى البَصْرَة،دَخَلَ على أمِّ سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله يُوَدِّعها،فقالت: سِرْ في حِفْظِ اللهِ،وفي كَنَفِه، فواللهِ إنك لَعَلَى الحَقِّ،والحَقُّ معك،ولَوْلا أني أكْرَه أنْ أعصِي اللهَ ورسولَه صلى الله عليه وآله-فإنه أمَرَنا أنْ نَقَرَّ في بيوتنا-لَسِرْتُ معك، ولكن والله لأرْسِلَنَّ معك مَن هو أفضل عندي وأَعَزُّ عليَّ مِن نفسي،ابْني عُمَر.
وروى تحت هذا العنوان:حدثنا عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقاق...عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال لِعَلِيٍّ:[أنْتَ تُبَيِّن لأمَّتي ما اختلفوا فيه مِن بعدي].
أقول : يقول علماءُ النَّحْو:
إنَّ مِن طُرُقِ التَّوْكِيد والحَصْرِ تَقْدِيمَ المَعْمُول على العامِل،كَمَا في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}،فالتَّرْتِيبُ الطبيعي لهذه الآية:نعْبُدُك ونستعينُك،ولَمَّا كان المقصودُ بَيَانَ انْحِصَارِ العبادة بالله،وحَصْرَ الاستعانة به تعالى،قُدِّمَ الضَّمِيرُ المُتَّصِلُ(الكَاف)وهو المَعْمُول-لِلْفِعْل(نعبد،نستعين)-والذي حَقُّه التَّأْخِيرُ،وجُعِلَ مُنْفَصِلاً، فقال:{إياك نعبد وإياك نستعين}أي:نعبدك أنتَ لا غَيْرك،ونستعين بك أنت لا بغيرك، تَأْكِيدًا على معنى الانْحِصَار هذا0وشاهِدُنا في هذا الحديث الشريف[أنتَ تُبَيِّن لأُمَّتِي...]،فَتَقْدِيمُ الضَّمِير المنفصل(أنت)-وهو المعمول الذي حَقُّه التَّأْخيرُ في الواقع-،تَقْدِيمُه على عامِلِه(تُبيِّن)يَدُلُّ على حَصْرِ التَّبْيِين في هذا المُخَاطَب،وهو الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام،إذن سِيَاق الحديث الشريف يدلُّ على انْحِصَارِ التَّبْيِينِ(سَبَبِ الهِدَايَةِ لِلأُمَّةِ)بعد النبي صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
وقال فيه: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...عن علي رضي الله عنه قال: قال لِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [يَا علي..إنَّ لك كنزًا في الجنة،وإنك ذو قَرْنَيْها،فلا تُتْبِعَـنَّ النَّظرةَ نظرةً فإنَّ لك الأولى وليست لك الأخرى].
أقول: قوله صلى الله عليه وآله[إنك ذو قرنيها]: أي ياعلي..إنك ذو القرنين في هذه الأمَّة كما كان ذو القرنين في تلك الأمَم السابقة.وقصةُ ذي القرنين واضحة الدلالة في عظمةِ مَقامِه عند الله تبارك وتعالى في آخر سورة الكهف{ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرًا*إنا مكَّنَّا له في الأرض وآتيناه مِن كلِّ شيءٍ سَبَباً}فَرَاجِع.
وقوله صلى الله عليه وآله[فإن لك الأولى وليست لك الأخرى]:أي تُعْفَى مِن النظرة الأولى فلا تُحَاسَب عليها، وأما النظرة الثانية(الأخرى) فليست جائزة.
وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن يعقوب...عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله: [يا علي..مَن فارَقَنِي فقد فارَقَ اللهَ،ومَن فارَقَك يا عليُّ فقد فارَقَنِي].
أقول: إذن،مَنْ فارَقَك يا عليُّ فقد فارَقَ اللهَ جل وعلا.
*وقال في هذا القسم:حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ...عن أبي هريرة رضي الله عنه قال...فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [يا فاطمة..أَمَا تَرْضَيْن أنَّ اللهَ عز وجل اطَّلَعَ إلى أهْلِ الأرضِ فاخْتَارَ رَجُلَيْنِ:أَحَدُهُمَا أَبُوكِ والآخَرُ بَعْلُكِ].
أقول:وفي هذا دلالة واضحة على أفضَلِيَّة أمير المؤمنين-بعد النبي صلى الله عليه وآله- على جميع الخَلْق.
وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي...عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال: [أنا سيِّدُ ولد آدم وعَلِيٌّ سيدُ العَرَب].
وقال بعده: (وله شاهِدٌ) مِن حديث عروة عن عائشة(أخبرناه)أبو بكر محمد بن جعفر القاري ببغداد...هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[ادْعُوا لِي سيدَ العرب] فقلتُ: يا رسول الله..ألَسْتَ سيدَ العرب؟! فقال:[أنا سيدُ ولد آدم وعليٌّ سيدُ العرب].
وقال بعده: (وله شاهدٌ آخر)مِن حديث جابر رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [ادْعُوا لِي سيدَ العرب]فقالت عائشةُ رضي الله عنها:أَلَسْتَ سيدَ العرب يا رسول الله؟! فقال: [أنا سيدُ ولد آدم وعليٌّ سيد العرب].
وقال بعده: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد...عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: كنتُ مع عليٍّ رضي الله عنه يوم الجمل،فلمَّا رأيتُ عائشةَ واقفةً دَخَلَنِي بعضُ مَا يَدْخُل الناسَ، فَكَشَفَ اللهُ عنِّي ذلك عند صلاة الظهر فقاتَلْتُ مع أميرِ المؤمنين،فلمَّا فَرِغَ ذَهَبْتُ إلى المدينة، فأَتَيْتُ أمَّ سلمة، فقلتُ:إني والله ما جئتُ أَسْأل طعامًا ولا شرابًا،ولكني مَوْلًى لأبي ذر، فقالت: مرحبًا فَقَصَصْتُ عليها قِصَّتِي، فقالت(أمُّ سلمة):أين كنتَ حِين طارَت القلوبُ مطائرَها؟! قلتُ:إلى حيث كَشَفَ اللهُ ذلك عنِّي عند زوال الشمس0 قالت: أحسنتَ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [عليٌّ مع القرآن والقرآنُ مع عليٍّ،لَنْ يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ].
وقال بعده: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي...أبو حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [رَحِمَ اللهُ عليًّا،اللهم أَدِرِ الحَقَّ معه حَيْث دَارَ].
وقال فيه: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه:[مَن أطاعَنِي فقد أَطاعَ اللهَ ومَن عَصَانِي فقد عَصَى اللهَ،ومَن أَطاعَك فقد أَطاعَنِي ومَن عَصَاك فقد عَصَانِي].
وقال بعده: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو...عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[مَـن يُـرِيد أنْ يَحْيَى حَيَاتِي ويَمُوت مَوْتِي ويَسْكُن جَنَّةَ الخُلْدِ التي وَعَدَنِي رَبِّي فَلْيَتَوَلَّ عليَّ بن أبي طالب،فإنه لَنْ يُخْرِجَكم مِن هُدى ولَنْ يُدْخِلَكم في ضلالة].
وقال بعده: أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك...عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن عليٍّ: {إنما أنتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال عليٌّ(في تفسير هذه الآية الشريفة):رسولُ الله صلى الله عليه وآله المنذرُ،وأنَا الهَادِي.
وقال فيه:أخبرني عبدالرحمن بن الحسن القاضي...عن عبدالله قال:
كنَّا نَتَحَدَّث أنَّ أَقْضَى أهل المدينة عليُّ بن أبي طالب.
أقول:كلُّنا يعلم بأنَّ كبار الصحابة كانوا يسكنون في المدينة المنورة،وبِمَا أنَّ الأقْوَائيَّة في القضاء تَرْجِع إلى العِلْم بكلِّ ما له دَخْـلٌ فيـه،مِن العلم بجميع الأحكام والحدود والتعزيرات ومَوَارِد الارتداد والكفر(أي:تفاصيل العقيدة)لِتَطْبِيق حُكْم الله فيها،فتكون النتيجةُ أنَّ الإمامَ عليًّا هو الأعلمُ مِن بين كلِّ صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،لأنَّ الأعلميَّة فيما مَضَى(العقيدة والأحكام) تعني الأعلمية في كلِّ ما يتعلق بالدِّين الإسلامي، فليس الدِّينُ إلا العقيدة والأحكام.
وقـال فيه: حدثني علي بن حمشاذ...عن أبي البختري قال:قال عليٌّ رضي الله عنه: بَعَثَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن.قال(الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام):فقلتُ:يا رسول الله..إنِّي رجلٌ شابٌّ وإنه يَرِدُ عَلَيَّ مِن القضاء مَا لا عِلْمَ لِي به؟ قال:فَوَضَعَ يَدَهُ علَى صدري، وقال:[اللهم ثَبِّت لِسَانَه،واهْدِ قلبَه]. فمَا شَكَكْتُ في القضاءِ أو في قضاءٍ بَعْدُ.
وقال بعده:أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العدل...عن زيد بن أرقم قال:بَيْنَا أنَا عند رسولِ الله صلى الله عليه وآله إِذْ جاءَه رجلٌ مِن أهل اليمن،فَجَعَلَ يُحَدِّث النبيَّ صلى الله عليه وآله ويُخبِره فقال:يا رسول الله..أَتَى عليًّا رضي الله عنه ثلاثةُ نَفَرٍ يَخْتَصِمُون في وَلَدٍ،وَقَعُوا على امرأةٍ في طُهْرٍ واحدٍ،فقال(عليٌّ) لاثْنَيْنِ(منهم): طِيبَا نَفْسًا بهذا الولد0ثم قال: أنتم شُرَكَاء مُتَشَاكِسُون، إنِّي مُقْرِعٌ بينكم، فمَن قُرِعَ له فلَهُ الولدُ، وعليه ثُلُثَا الدِّيَةِ لِصَاحِبَيْه.فَأَقْرَعَ بينهم فَقرعَ لأَحَدهم، فَدَفَعَ إليه الولدَ. قال(الراوي):فَضَحِك النبيُّ صلى الله عليه وآله حتى بَدَت نَوَاجِذُه أو قال أَضْرَاسُه.
وقال بعده:(حدثناه)عليُّ بن حمشاذ ... حدثنا الأجلح بهذا،وزَادَ فيه:فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:[مَا أَعْلَمُ فيها إلا مَا قال عليٌّ ].
قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد زاد الحديث تأكيدًا برواية ابن عيينة وقد تابع أبو إسحاق السبيعي الأجلح في روايته.
وقال في هذا القسم:حدثنا أبو بكر بن إسحاق ... قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [ أُوحِيَ إلَيَّ في عليٍّ ثلاث:إنه سيد المسلمين،وإمِامُ المتقين،وقائدُ الغُرِّ المُحَجَّلِين].
وقال بعده:أخبرني علي بن عبد الرحمن بن عيسى السبيعي بالكوفة ... عن علي بن أبي طلحة قال: حَجَجْنا فَمَرَرْنا على الحسنِ بنِ عليٍّ بالمدينة، ومعنا معاوية بن حديج،فقِيلَ للحسنِ:إنَّ هذا معاوية بن حديج السَّابُّ لِعَلِيٍّ0 فقال(الإمامُ الحسنُ عليه الصلاة والسلام):عَلَيَّ به0فَأُتِيَ به فقال: أَنتَ السَّابُّ لِعَلِيٍّ؟!فقال:مَا فَعَلْتُ0فقال(الإمامُ الحسنُ):[واللهِ إِنْ لَقِيتَــه–ومَا أَحْسَبُك تَلْقَاه-يوْمَ القيامةِ لَتَجِده قائمًا على حَوْضِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،يَذُودُ عنه رَايَاتِ المنافقين،بِيَدِه عَصا مِن عوسج،حَدَّثَنِيـهِ الصادقُ المَصْدُوقُ صلى الله عليه وآله،وقد خابَ مَن افتَرَى].
وقال بعده:أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ... (وحدثني) محمد بن صالح بن هاني (قال) حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى والسري بن خزيمة ومحمد بن عمرو بن النضر(قالوا) ... عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عليٍّ رضي الله عنه قال:قال لِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: [يا عليُّ00ألا أُعَلِّمُك كلماتٍ،إِنْ قُلْتَهُنَّ غَفَرَ اللهُ لك،عَلَى أنه مَغْفُورٌ لك:لا إله إلا الله العـلي العظيـم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين].
وقال بعده: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي...عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: والذي أَحْلفُ به إِنْ كَانَ عَلِيٌّ لأَقْرَب الناسِ عَهْدًا برسولِ الله صلى الله عليه وآله، عُدْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وآله غَدَاةً وهو يقول: [جَاءَ عَلِيٌّ ؟ جاءَ عليٌّ؟] مِرَارًا،فقالت فاطمةُ رضي الله عنها:كَأَنَّك بَعَثْتَه في حَاجَةٍ، قالت:فجاءَ بَعْدُ، قالت أمُّ سلمة:فَظَنَنْتُ أنَّ له إليه حَاجَة، فخَرَجْنا مِن البيت، فقَعَدْنـا عند الباب وكنتُ مِن أَدْناهم إلى الباب، فَأَكَبَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجَعَلَ يُسَارّه ويُنَاجِيه، ثم قُبِضَ (مَاتَ) رسولُ الله صلى الله عليه وآله مِن يَوْمِه ذلك، فكَان عليٌّ أَقْرَبَ الناسِ عَهْدًا (بالنبي صلى الله عليه وآله).قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
أقول: ولم يَزِد على هذا التعليق،فلو كان غيْرُ عليٍّ هو الأقرب عهدًا برسول الله حِين وفاته لَنَبَّه على ذلك الحاكمُ، ولا أَقَلَّ مِن أنْ يَذكُر بأنَّ هناك ما يُناقِض هذا المعنى.
وقال بعده: حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي...عن عقاب بن ثعلبة (قال) حَدَّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:أَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عليَّ بن أبي طالب بِقِتَالِ الناكِثِينَ والقاسِطِين والمَارِقِين.
أقول:لا شَكَّ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله لا يَأْمُر بِقِتَالِ أهْلِ الحَقِّ.
وقال الحاكمُ بعده: (حـدثناه)أبو بكر بن بالويه...عن الإصبع بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول لِعليِّ بنِ أبي طالب: [تُقَاتِلُ الناكثين والقاسطين والمارقين بالطُّرُقات والنَّهْرَوَانات وبالشعفات]، قال أبو أيوب:قلتُ:يا رسول الله..مع مَن تُقَاتَل هؤلاء الأقْوَام؟قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[مع علي بن أبي طالب].
أقول: (الناكِثُون):أصحاب معركة الجَمَل0(القاسِطُون):أصحاب معركة صفين. (المارِقُون):الخَوَارِجُ، وهم أصحابُ معركة النَّهْرَوَان.
وقال بعده:حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الجمحي بمكة...عن أبي إدريس الأودي عن عليٍّ رضي الله عنه قال:إنَّ مِمَّا عَهِدَ لِي النبيُّ صلى الله عليه وآله أنَّ الأُمَّةَ سَتَغْدرُ بِي بَعْدَه.
قال الحاكمُ :هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه(ولم يَزِد على هذا القول).
وقال بعده: أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى...عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال النبيُّ صلى الله عليه وآله لِعَلِيٍّ:[أَمَا إنك سَتَلْقَى بَعْدِي جَهْدًا] قال (الإمامُ عليٌّ):فِي سَلامَةٍ مِن دِينِي؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[في سلامةٍ مِن دِينِك].
وقال بعده:حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه...عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي عن أبيه عن عليٍّ رضي الله عنه قال:أَتَانِي عبدُالله بنُ سلام وقد وَضَعْتُ رِجْلِي في الغرز وأنا أُرِيدُ العِرَاقَ فقال: لا تَأْتِ العراقَ،فإنك إِنْ أَتَيْتَه أَصَابَك به ذبَابُ السَّيْفِ!قال عليٌّ:وَأَيْم الله لقد قالَها لِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله قبلك(أي حدوث القتال)قال أبو الأسود:فقلتُ في نَفْسِي:يا للهِ!مَا رَأَيْتُ كاليوم رجلاً مُحَارِبًا يُحَدِّث الناسَ بِمِثْلِ هذا (يقصد شجاعتَه وإيمانَه بِقَضِيَّتِه).
وقال بعده:حدثنا أبو بكر بن إسحاق...عن جرى بن كليب العامري قال:لَمَّا سَارَ عليٌّ إلى صِفِّينَ كَرِهْتُ القتالَ،فَأَتَيْتُ المدينةَ، فَدَخَلْتُ على ميمونة بنت الحارث، فقالت:مِمَّن أنتَ؟ قلتُ: مِن أهلِ الكوفة0قالت:مِن أَيِّهم؟قلتُ:مِن بني عامر. قالت:رحْبًا على رحْبٍ وقُرْبًا على قُرْبٍ تَجِيئُ، مَا جَاءَ بك؟ قال(الراوي): قلتُ:سَارَ عليٌّ إلى صفين، وكرهتُ القتالَ فجِئْنا إلى هاهنا.قالت: أَكُنْتَ بَايَعْتَه؟ قال(الراوي):قلتُ:نعم.قالت:فَارْجِع إليه فَكُنْ مَعَه،فواللهِ مَا ضَلَّ ولا ضُلَّ بِهِ.
وقال بعده:حدثني محمد بن صالح بن هانئ...عن حذيفة رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[...وإِنْ وَلَّيْتُمُوها عليًّا فَهَادٍ مُهْتَدٍ،يُقِيمُكم على صِرَاطٍ مُسْتَقِيم].
وقال بعده:عن حيان الأسدي(قال):سمعتُ عليًّا يقول:قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [إِنَّ الأُمَّةَ سَتَغْــدُرُ بِكَ بَعْدِي وأَنتَ تَعِيش على مِلَّتِي وتُقْتَل على سُنَّتِي، مَن أَحَبَّك أَحَبَّنِي ومَن أَبْغَضَك أَبْغَضَنِي، وإنَّ هذه سَتُخْضَبُ مِن هذا]يعني لحيته مِن رأسه.
وقال الحاكمُ في المستدرك (ج3) ذِكْر مقتل أمير المؤمنين علي: وأخبرني أبو سعيد النخعي...عن أبي ذر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله لِعليٍّ: [مَن فارَقَنِي فقد فارَقَ اللهَ ، ومَن فارَقَك فقد فارَقَنِي].
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:أخبرنا أبو النضر محمد بن يوسف الفقيه...(وحدثنا)علي بن حكيم الأودي وعمرو بن عون الواسطي (قالا) حـدثنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق قال:سألتُ قثمَ بنَ العباس:كيف وَرِثَ عـليٌّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله دُونَكم؟ قال(قثم):لأنه كان أَوَّلَنا به لُحُوقًا وأَشَدَّنا به لُزُوقًا.قال الحاكمُ: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال بعده:سمعتُ قاضي القضاة أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يقول: سمعتُ أبـا عمر القاضي يقول:سمعتُ إسماعيلَ ابن إسحاق القاضي يقول: وَذَكَرَ له قَوْلَ قثم هذا، فقال:إنما يَرِث الوارِثُ بالنسب أو بالولاء، ولا خِلافَ بين أهْلِ العِلْم أنَّ ابنَ العمِّ(الإمامَ عليًّا هنا)لا يَرِثُ مع العَمِّ (العبَّاس عمِّ النبي صلى الله عليه وآله)، فقد ظَهَرَ بهذا الإجماع أنَّ عليًّا وَرِثَ العِلْمَ مِن النبي صلى الله عليه وآله دُونَهم (ولم يَرِث مَالاً)0وقال بعده: وبصحة ما ذكَرَه القاضي حدثنا محمد بن صالح بن هانئ...عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:كان عليٌّ يقول في حياةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله: إنَّ اللهَ يقول{أفإِنْ ماتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُم على أَعْقابكم}، واللهِ لا نَنْقَلِب على أعْقابنـا بعد إذ هدانا اللهُ،والله لئن مات أو قتل لأُقاتِلَنَّ على ما قاتَلَ عليه،حتى أَمُوت،والله إني لأَخُوه،ووَلِيُّه، وابْنُ عمِّه ووَارِثُ عِلْمِه، فمَنْ أَحَقُّ بهِ مِنِّي.قال الحاكمُ:حدَّثَنَاهُ أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي...عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في خطبةٍ خَطَبَها في حجَّةِ الوداع: [لأَقْتُلَنَّ العَمَالِقَةَ في كَتِيبَةٍ]فقال له جبريلُ عليه الصلاة والسلام:[أَوْ عَلِيّ]،قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[أَوْ عليّ بن أبي طالب].
*المستدرك(ج2فضيلة أهل العلم0 ص148 وما بعدها): أخبرني عبد الله بن محمد الصيدلاني...عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: إنَّ في كتاب الله لآية مَا عَمِل بها أحدٌ ولا يَعمَل بهـا أحدٌ بعدي: آية النجوى{يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدِّمُوا بين يـدي نجواكم صدقة...}قال:كـان عندي دينار فبِعْتُه بعشرة دراهم فناجَيْتُ النبـيَّ صلى الله عليه وآله،فكنتُ كُلَّما ناجيـتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله قدَّمتُ بين يَدَيْ نجْـواي درهمًا،ثم نُسِخَت(هذه الآية)فلم يَعمَل بها أحدٌ فنزلت{أأشفقتم أنْ تُقدِّمُوا بين يـدي نجواكم صدقات...}الآية.
أقول:هذا عليٌّ،الذي لا يُضِيع لَحْظَةً حتى يستفيد فيها مِن رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا سأله أعطاه الرسولُ صلى الله عليه وآله،وإذا سَكَتَ(عليٌّ) ابْتَدَأَه صلى الله عليه وآله، كما يروي الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب (ح3806)، والحاكمُ في مستدركه(ج3)فضائل أميرالمؤمنين علي.
*صحيح الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:(ح3798):عن علي رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[...رَحِمَ اللهُ عَليًّا،اللهم أَدِر الحَقَّ مَعَه حَيْث دَارَ].
(ح3799):عن ربعي بن حراش قال:أخبرنا عليُّ بن أبي طالب بالرحبة فقال:لَمَّا كان يومُ الحديبية خَرَجَ إلينا ناسٌ مِن المشركين،منهم سهيل بن عمرو وأناسٌ مِن رؤساء المشركين فقالوا:يا رسول الله..خَرَجَ إليك ناسٌ مِن أبنائنا وإخواننا وأرِقَّائنا، وليس لهم فِقْهٌ في الدِّين، وإنما خَرَجوا فِرارًا مِن أموالنا وضِيَاعنا فَارْدُدْهم إلينا،فإنْ لم يَكُن لهم فِقهٌ في الدين سنُفَقِّههم0 فقال النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم: [يا معشر قُريش..لَتَنْتَهُنَّ أو لَيَبْعَثَنَّ اللهُ عليكم مَن يضرب رقابَكم بالسَّيف على الدِّيـن،وقد امتَحَنَ اللهُ قلوبَهم على الإيمان]، قالوا:مَن يا رسول الله؟ فقال له أبو بكر:مَن هو يا رسول الله؟وقال له عُمَر:مَن هو يا رسول الله؟ قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله): [هو خَاصِفُ النعْل]،وكان قد أعْطَى عَلِيًّا نعلَه يخصفها0 قال(الرَّاوي): ثم التفت إلينا عليٌّ فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم قال:[مَن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار].
*المستدرك (ج3) كتاب معرفة الصحابة0 فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبوجعفر...وحدثنا عبيد الله بن موسى...عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فانقطعت نعلُه،فتَخَلَّفَ علِيٌّ يخصفها، فَمَشَى(النبيُّ صلى الله عليه وآله)قليلاً ثم قال: [إنَّ منكم مَنْ يُقاتِل على تَأْوِيـلِ القرآنِ كَمَا قاتَلْتُ على تَنْزِيلِـــه]، فاسْتَشْرَفَ لها القَوْمُ وفيهم أبو بكر وعُمر رضي الله عنهما،قال أبو بكر: أنا هو؟ قال النبي صلى الله عليه وآله: [ لا ] ، قال عمر: أنا هو؟ قال النبيُّ صلى الله عليه وآله: [لا،ولكن خاصِف النعل] يَعْنِي عليًّا، فأتَيْناه فبشَّرناه ، فلم يَرْفَع به رَأْسَه كَأَنه قد سَمِعَه مِن رسول الله صلى الله عليه وآله.
*صحيح ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب: عن عباد بن عبد الله قال: قال عليٌّ: أنا عبدُ الله،وأَخُو رسولِه صلى الله عليه(وآله)وسلم وأنا الصِّدِّيقُ الأكبَرُ، لا يَقولها بعدي إلا كَذَّاب، صليتُ قبل الناس لِسَبْعِ سنين0
*المستدرك(ج3)كتاب معرفة الصحابة0فضائل علي بن أبي طالب: عن عباد بن عبد الله الأسدي عن عليٍّ رضي الله عنه قال: إني عبدُ الله،وأخو رسولِه،وأنا الصِّدِّيقُ الأكبر،لا يقولها بعدي إلا كاذبٌ،صليـتُ قبل الناس بسبع سنين،قبل أن يعبده أحدٌ مِن هذه الأمَّة.
وقال الحاكمُ في هذا القسم: حدثني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي...أنَّ عمرةَ بنت عبدالرحمن قالت: لَمَّا سارَ علِيٌّ إلى البَصْرَة،دَخَلَ على أمِّ سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله يُوَدِّعها،فقالت: سِرْ في حِفْظِ اللهِ،وفي كَنَفِه، فواللهِ إنك لَعَلَى الحَقِّ،والحَقُّ معك،ولَوْلا أني أكْرَه أنْ أعصِي اللهَ ورسولَه صلى الله عليه وآله-فإنه أمَرَنا أنْ نَقَرَّ في بيوتنا-لَسِرْتُ معك، ولكن والله لأرْسِلَنَّ معك مَن هو أفضل عندي وأَعَزُّ عليَّ مِن نفسي،ابْني عُمَر.
وروى تحت هذا العنوان:حدثنا عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقاق...عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال لِعَلِيٍّ:[أنْتَ تُبَيِّن لأمَّتي ما اختلفوا فيه مِن بعدي].
أقول : يقول علماءُ النَّحْو:
إنَّ مِن طُرُقِ التَّوْكِيد والحَصْرِ تَقْدِيمَ المَعْمُول على العامِل،كَمَا في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}،فالتَّرْتِيبُ الطبيعي لهذه الآية:نعْبُدُك ونستعينُك،ولَمَّا كان المقصودُ بَيَانَ انْحِصَارِ العبادة بالله،وحَصْرَ الاستعانة به تعالى،قُدِّمَ الضَّمِيرُ المُتَّصِلُ(الكَاف)وهو المَعْمُول-لِلْفِعْل(نعبد،نستعين)-والذي حَقُّه التَّأْخِيرُ،وجُعِلَ مُنْفَصِلاً، فقال:{إياك نعبد وإياك نستعين}أي:نعبدك أنتَ لا غَيْرك،ونستعين بك أنت لا بغيرك، تَأْكِيدًا على معنى الانْحِصَار هذا0وشاهِدُنا في هذا الحديث الشريف[أنتَ تُبَيِّن لأُمَّتِي...]،فَتَقْدِيمُ الضَّمِير المنفصل(أنت)-وهو المعمول الذي حَقُّه التَّأْخيرُ في الواقع-،تَقْدِيمُه على عامِلِه(تُبيِّن)يَدُلُّ على حَصْرِ التَّبْيِين في هذا المُخَاطَب،وهو الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام،إذن سِيَاق الحديث الشريف يدلُّ على انْحِصَارِ التَّبْيِينِ(سَبَبِ الهِدَايَةِ لِلأُمَّةِ)بعد النبي صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
وقال فيه: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...عن علي رضي الله عنه قال: قال لِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [يَا علي..إنَّ لك كنزًا في الجنة،وإنك ذو قَرْنَيْها،فلا تُتْبِعَـنَّ النَّظرةَ نظرةً فإنَّ لك الأولى وليست لك الأخرى].
أقول: قوله صلى الله عليه وآله[إنك ذو قرنيها]: أي ياعلي..إنك ذو القرنين في هذه الأمَّة كما كان ذو القرنين في تلك الأمَم السابقة.وقصةُ ذي القرنين واضحة الدلالة في عظمةِ مَقامِه عند الله تبارك وتعالى في آخر سورة الكهف{ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرًا*إنا مكَّنَّا له في الأرض وآتيناه مِن كلِّ شيءٍ سَبَباً}فَرَاجِع.
وقوله صلى الله عليه وآله[فإن لك الأولى وليست لك الأخرى]:أي تُعْفَى مِن النظرة الأولى فلا تُحَاسَب عليها، وأما النظرة الثانية(الأخرى) فليست جائزة.
وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن يعقوب...عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله: [يا علي..مَن فارَقَنِي فقد فارَقَ اللهَ،ومَن فارَقَك يا عليُّ فقد فارَقَنِي].
أقول: إذن،مَنْ فارَقَك يا عليُّ فقد فارَقَ اللهَ جل وعلا.
*وقال في هذا القسم:حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ...عن أبي هريرة رضي الله عنه قال...فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [يا فاطمة..أَمَا تَرْضَيْن أنَّ اللهَ عز وجل اطَّلَعَ إلى أهْلِ الأرضِ فاخْتَارَ رَجُلَيْنِ:أَحَدُهُمَا أَبُوكِ والآخَرُ بَعْلُكِ].
أقول:وفي هذا دلالة واضحة على أفضَلِيَّة أمير المؤمنين-بعد النبي صلى الله عليه وآله- على جميع الخَلْق.
وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي...عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال: [أنا سيِّدُ ولد آدم وعَلِيٌّ سيدُ العَرَب].
وقال بعده: (وله شاهِدٌ) مِن حديث عروة عن عائشة(أخبرناه)أبو بكر محمد بن جعفر القاري ببغداد...هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[ادْعُوا لِي سيدَ العرب] فقلتُ: يا رسول الله..ألَسْتَ سيدَ العرب؟! فقال:[أنا سيدُ ولد آدم وعليٌّ سيدُ العرب].
وقال بعده: (وله شاهدٌ آخر)مِن حديث جابر رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [ادْعُوا لِي سيدَ العرب]فقالت عائشةُ رضي الله عنها:أَلَسْتَ سيدَ العرب يا رسول الله؟! فقال: [أنا سيدُ ولد آدم وعليٌّ سيد العرب].
وقال بعده: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد...عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: كنتُ مع عليٍّ رضي الله عنه يوم الجمل،فلمَّا رأيتُ عائشةَ واقفةً دَخَلَنِي بعضُ مَا يَدْخُل الناسَ، فَكَشَفَ اللهُ عنِّي ذلك عند صلاة الظهر فقاتَلْتُ مع أميرِ المؤمنين،فلمَّا فَرِغَ ذَهَبْتُ إلى المدينة، فأَتَيْتُ أمَّ سلمة، فقلتُ:إني والله ما جئتُ أَسْأل طعامًا ولا شرابًا،ولكني مَوْلًى لأبي ذر، فقالت: مرحبًا فَقَصَصْتُ عليها قِصَّتِي، فقالت(أمُّ سلمة):أين كنتَ حِين طارَت القلوبُ مطائرَها؟! قلتُ:إلى حيث كَشَفَ اللهُ ذلك عنِّي عند زوال الشمس0 قالت: أحسنتَ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [عليٌّ مع القرآن والقرآنُ مع عليٍّ،لَنْ يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ].
وقال بعده: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي...أبو حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [رَحِمَ اللهُ عليًّا،اللهم أَدِرِ الحَقَّ معه حَيْث دَارَ].
وقال فيه: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه:[مَن أطاعَنِي فقد أَطاعَ اللهَ ومَن عَصَانِي فقد عَصَى اللهَ،ومَن أَطاعَك فقد أَطاعَنِي ومَن عَصَاك فقد عَصَانِي].
وقال بعده: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو...عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[مَـن يُـرِيد أنْ يَحْيَى حَيَاتِي ويَمُوت مَوْتِي ويَسْكُن جَنَّةَ الخُلْدِ التي وَعَدَنِي رَبِّي فَلْيَتَوَلَّ عليَّ بن أبي طالب،فإنه لَنْ يُخْرِجَكم مِن هُدى ولَنْ يُدْخِلَكم في ضلالة].
وقال بعده: أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك...عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن عليٍّ: {إنما أنتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال عليٌّ(في تفسير هذه الآية الشريفة):رسولُ الله صلى الله عليه وآله المنذرُ،وأنَا الهَادِي.
وقال فيه:أخبرني عبدالرحمن بن الحسن القاضي...عن عبدالله قال:
كنَّا نَتَحَدَّث أنَّ أَقْضَى أهل المدينة عليُّ بن أبي طالب.
أقول:كلُّنا يعلم بأنَّ كبار الصحابة كانوا يسكنون في المدينة المنورة،وبِمَا أنَّ الأقْوَائيَّة في القضاء تَرْجِع إلى العِلْم بكلِّ ما له دَخْـلٌ فيـه،مِن العلم بجميع الأحكام والحدود والتعزيرات ومَوَارِد الارتداد والكفر(أي:تفاصيل العقيدة)لِتَطْبِيق حُكْم الله فيها،فتكون النتيجةُ أنَّ الإمامَ عليًّا هو الأعلمُ مِن بين كلِّ صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،لأنَّ الأعلميَّة فيما مَضَى(العقيدة والأحكام) تعني الأعلمية في كلِّ ما يتعلق بالدِّين الإسلامي، فليس الدِّينُ إلا العقيدة والأحكام.
وقـال فيه: حدثني علي بن حمشاذ...عن أبي البختري قال:قال عليٌّ رضي الله عنه: بَعَثَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن.قال(الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام):فقلتُ:يا رسول الله..إنِّي رجلٌ شابٌّ وإنه يَرِدُ عَلَيَّ مِن القضاء مَا لا عِلْمَ لِي به؟ قال:فَوَضَعَ يَدَهُ علَى صدري، وقال:[اللهم ثَبِّت لِسَانَه،واهْدِ قلبَه]. فمَا شَكَكْتُ في القضاءِ أو في قضاءٍ بَعْدُ.
وقال بعده:أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العدل...عن زيد بن أرقم قال:بَيْنَا أنَا عند رسولِ الله صلى الله عليه وآله إِذْ جاءَه رجلٌ مِن أهل اليمن،فَجَعَلَ يُحَدِّث النبيَّ صلى الله عليه وآله ويُخبِره فقال:يا رسول الله..أَتَى عليًّا رضي الله عنه ثلاثةُ نَفَرٍ يَخْتَصِمُون في وَلَدٍ،وَقَعُوا على امرأةٍ في طُهْرٍ واحدٍ،فقال(عليٌّ) لاثْنَيْنِ(منهم): طِيبَا نَفْسًا بهذا الولد0ثم قال: أنتم شُرَكَاء مُتَشَاكِسُون، إنِّي مُقْرِعٌ بينكم، فمَن قُرِعَ له فلَهُ الولدُ، وعليه ثُلُثَا الدِّيَةِ لِصَاحِبَيْه.فَأَقْرَعَ بينهم فَقرعَ لأَحَدهم، فَدَفَعَ إليه الولدَ. قال(الراوي):فَضَحِك النبيُّ صلى الله عليه وآله حتى بَدَت نَوَاجِذُه أو قال أَضْرَاسُه.
وقال بعده:(حدثناه)عليُّ بن حمشاذ ... حدثنا الأجلح بهذا،وزَادَ فيه:فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:[مَا أَعْلَمُ فيها إلا مَا قال عليٌّ ].
قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد زاد الحديث تأكيدًا برواية ابن عيينة وقد تابع أبو إسحاق السبيعي الأجلح في روايته.
وقال في هذا القسم:حدثنا أبو بكر بن إسحاق ... قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [ أُوحِيَ إلَيَّ في عليٍّ ثلاث:إنه سيد المسلمين،وإمِامُ المتقين،وقائدُ الغُرِّ المُحَجَّلِين].
وقال بعده:أخبرني علي بن عبد الرحمن بن عيسى السبيعي بالكوفة ... عن علي بن أبي طلحة قال: حَجَجْنا فَمَرَرْنا على الحسنِ بنِ عليٍّ بالمدينة، ومعنا معاوية بن حديج،فقِيلَ للحسنِ:إنَّ هذا معاوية بن حديج السَّابُّ لِعَلِيٍّ0 فقال(الإمامُ الحسنُ عليه الصلاة والسلام):عَلَيَّ به0فَأُتِيَ به فقال: أَنتَ السَّابُّ لِعَلِيٍّ؟!فقال:مَا فَعَلْتُ0فقال(الإمامُ الحسنُ):[واللهِ إِنْ لَقِيتَــه–ومَا أَحْسَبُك تَلْقَاه-يوْمَ القيامةِ لَتَجِده قائمًا على حَوْضِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،يَذُودُ عنه رَايَاتِ المنافقين،بِيَدِه عَصا مِن عوسج،حَدَّثَنِيـهِ الصادقُ المَصْدُوقُ صلى الله عليه وآله،وقد خابَ مَن افتَرَى].
وقال بعده:أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ... (وحدثني) محمد بن صالح بن هاني (قال) حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى والسري بن خزيمة ومحمد بن عمرو بن النضر(قالوا) ... عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عليٍّ رضي الله عنه قال:قال لِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: [يا عليُّ00ألا أُعَلِّمُك كلماتٍ،إِنْ قُلْتَهُنَّ غَفَرَ اللهُ لك،عَلَى أنه مَغْفُورٌ لك:لا إله إلا الله العـلي العظيـم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين].
وقال بعده: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي...عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: والذي أَحْلفُ به إِنْ كَانَ عَلِيٌّ لأَقْرَب الناسِ عَهْدًا برسولِ الله صلى الله عليه وآله، عُدْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وآله غَدَاةً وهو يقول: [جَاءَ عَلِيٌّ ؟ جاءَ عليٌّ؟] مِرَارًا،فقالت فاطمةُ رضي الله عنها:كَأَنَّك بَعَثْتَه في حَاجَةٍ، قالت:فجاءَ بَعْدُ، قالت أمُّ سلمة:فَظَنَنْتُ أنَّ له إليه حَاجَة، فخَرَجْنا مِن البيت، فقَعَدْنـا عند الباب وكنتُ مِن أَدْناهم إلى الباب، فَأَكَبَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجَعَلَ يُسَارّه ويُنَاجِيه، ثم قُبِضَ (مَاتَ) رسولُ الله صلى الله عليه وآله مِن يَوْمِه ذلك، فكَان عليٌّ أَقْرَبَ الناسِ عَهْدًا (بالنبي صلى الله عليه وآله).قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
أقول: ولم يَزِد على هذا التعليق،فلو كان غيْرُ عليٍّ هو الأقرب عهدًا برسول الله حِين وفاته لَنَبَّه على ذلك الحاكمُ، ولا أَقَلَّ مِن أنْ يَذكُر بأنَّ هناك ما يُناقِض هذا المعنى.
وقال بعده: حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي...عن عقاب بن ثعلبة (قال) حَدَّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:أَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عليَّ بن أبي طالب بِقِتَالِ الناكِثِينَ والقاسِطِين والمَارِقِين.
أقول:لا شَكَّ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله لا يَأْمُر بِقِتَالِ أهْلِ الحَقِّ.
وقال الحاكمُ بعده: (حـدثناه)أبو بكر بن بالويه...عن الإصبع بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول لِعليِّ بنِ أبي طالب: [تُقَاتِلُ الناكثين والقاسطين والمارقين بالطُّرُقات والنَّهْرَوَانات وبالشعفات]، قال أبو أيوب:قلتُ:يا رسول الله..مع مَن تُقَاتَل هؤلاء الأقْوَام؟قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[مع علي بن أبي طالب].
أقول: (الناكِثُون):أصحاب معركة الجَمَل0(القاسِطُون):أصحاب معركة صفين. (المارِقُون):الخَوَارِجُ، وهم أصحابُ معركة النَّهْرَوَان.
وقال بعده:حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الجمحي بمكة...عن أبي إدريس الأودي عن عليٍّ رضي الله عنه قال:إنَّ مِمَّا عَهِدَ لِي النبيُّ صلى الله عليه وآله أنَّ الأُمَّةَ سَتَغْدرُ بِي بَعْدَه.
قال الحاكمُ :هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه(ولم يَزِد على هذا القول).
وقال بعده: أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى...عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال النبيُّ صلى الله عليه وآله لِعَلِيٍّ:[أَمَا إنك سَتَلْقَى بَعْدِي جَهْدًا] قال (الإمامُ عليٌّ):فِي سَلامَةٍ مِن دِينِي؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[في سلامةٍ مِن دِينِك].
وقال بعده:حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه...عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي عن أبيه عن عليٍّ رضي الله عنه قال:أَتَانِي عبدُالله بنُ سلام وقد وَضَعْتُ رِجْلِي في الغرز وأنا أُرِيدُ العِرَاقَ فقال: لا تَأْتِ العراقَ،فإنك إِنْ أَتَيْتَه أَصَابَك به ذبَابُ السَّيْفِ!قال عليٌّ:وَأَيْم الله لقد قالَها لِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله قبلك(أي حدوث القتال)قال أبو الأسود:فقلتُ في نَفْسِي:يا للهِ!مَا رَأَيْتُ كاليوم رجلاً مُحَارِبًا يُحَدِّث الناسَ بِمِثْلِ هذا (يقصد شجاعتَه وإيمانَه بِقَضِيَّتِه).
وقال بعده:حدثنا أبو بكر بن إسحاق...عن جرى بن كليب العامري قال:لَمَّا سَارَ عليٌّ إلى صِفِّينَ كَرِهْتُ القتالَ،فَأَتَيْتُ المدينةَ، فَدَخَلْتُ على ميمونة بنت الحارث، فقالت:مِمَّن أنتَ؟ قلتُ: مِن أهلِ الكوفة0قالت:مِن أَيِّهم؟قلتُ:مِن بني عامر. قالت:رحْبًا على رحْبٍ وقُرْبًا على قُرْبٍ تَجِيئُ، مَا جَاءَ بك؟ قال(الراوي): قلتُ:سَارَ عليٌّ إلى صفين، وكرهتُ القتالَ فجِئْنا إلى هاهنا.قالت: أَكُنْتَ بَايَعْتَه؟ قال(الراوي):قلتُ:نعم.قالت:فَارْجِع إليه فَكُنْ مَعَه،فواللهِ مَا ضَلَّ ولا ضُلَّ بِهِ.
وقال بعده:حدثني محمد بن صالح بن هانئ...عن حذيفة رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[...وإِنْ وَلَّيْتُمُوها عليًّا فَهَادٍ مُهْتَدٍ،يُقِيمُكم على صِرَاطٍ مُسْتَقِيم].
وقال بعده:عن حيان الأسدي(قال):سمعتُ عليًّا يقول:قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [إِنَّ الأُمَّةَ سَتَغْــدُرُ بِكَ بَعْدِي وأَنتَ تَعِيش على مِلَّتِي وتُقْتَل على سُنَّتِي، مَن أَحَبَّك أَحَبَّنِي ومَن أَبْغَضَك أَبْغَضَنِي، وإنَّ هذه سَتُخْضَبُ مِن هذا]يعني لحيته مِن رأسه.
وقال الحاكمُ في المستدرك (ج3) ذِكْر مقتل أمير المؤمنين علي: وأخبرني أبو سعيد النخعي...عن أبي ذر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله لِعليٍّ: [مَن فارَقَنِي فقد فارَقَ اللهَ ، ومَن فارَقَك فقد فارَقَنِي].
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:أخبرنا أبو النضر محمد بن يوسف الفقيه...(وحدثنا)علي بن حكيم الأودي وعمرو بن عون الواسطي (قالا) حـدثنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق قال:سألتُ قثمَ بنَ العباس:كيف وَرِثَ عـليٌّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله دُونَكم؟ قال(قثم):لأنه كان أَوَّلَنا به لُحُوقًا وأَشَدَّنا به لُزُوقًا.قال الحاكمُ: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال بعده:سمعتُ قاضي القضاة أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يقول: سمعتُ أبـا عمر القاضي يقول:سمعتُ إسماعيلَ ابن إسحاق القاضي يقول: وَذَكَرَ له قَوْلَ قثم هذا، فقال:إنما يَرِث الوارِثُ بالنسب أو بالولاء، ولا خِلافَ بين أهْلِ العِلْم أنَّ ابنَ العمِّ(الإمامَ عليًّا هنا)لا يَرِثُ مع العَمِّ (العبَّاس عمِّ النبي صلى الله عليه وآله)، فقد ظَهَرَ بهذا الإجماع أنَّ عليًّا وَرِثَ العِلْمَ مِن النبي صلى الله عليه وآله دُونَهم (ولم يَرِث مَالاً)0وقال بعده: وبصحة ما ذكَرَه القاضي حدثنا محمد بن صالح بن هانئ...عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:كان عليٌّ يقول في حياةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله: إنَّ اللهَ يقول{أفإِنْ ماتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُم على أَعْقابكم}، واللهِ لا نَنْقَلِب على أعْقابنـا بعد إذ هدانا اللهُ،والله لئن مات أو قتل لأُقاتِلَنَّ على ما قاتَلَ عليه،حتى أَمُوت،والله إني لأَخُوه،ووَلِيُّه، وابْنُ عمِّه ووَارِثُ عِلْمِه، فمَنْ أَحَقُّ بهِ مِنِّي.قال الحاكمُ:حدَّثَنَاهُ أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي...عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في خطبةٍ خَطَبَها في حجَّةِ الوداع: [لأَقْتُلَنَّ العَمَالِقَةَ في كَتِيبَةٍ]فقال له جبريلُ عليه الصلاة والسلام:[أَوْ عَلِيّ]،قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[أَوْ عليّ بن أبي طالب].
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
حديث مدينة العلم والحكمة
*المستدرك(ج3)مناقب أميرالمؤمنين علي:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب... عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[أنَا مَدِينَةُ العِلْـم وعَـلِيٌّ بَابُها،فَمَنْ أَرَادَ المدينةَ فَلْيَأْتِ البَابَ].
قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه*وأبو الصّلتِ(راوي هذا الحديث) ثِقَةٌ مَأْمُونٌ فإنِّي سمعتُ أبا العباس محمدَ بنَ يعقوب في التاريخ يقول: سمعتُ العباسَ ابنَ محمد الدوري يقول: سألتُ يحيى بنَ معين عن أبي الصلت الهروي، فقال:ثِقَةٌ،فقلتُ:أَلَيْسَ قد حَدَّثَ عن أبي معاوية عن الأعمش: [أنا مدينة العلم]فقال:قد حَدَّثَ به محمدُ بنُ جعفر الفيدي، وهو ثقةٌ مأمونٌ، سمعتُ أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني إِمَام عَصْرِه ببخارى يقول:سمعتُ صالحَ بنَ محمد بن حبيب الحافظ يقول:وسئل عن أبي الصلت الهروي فقال:دَخَلَ يحيى بنُ معين-ونحن معه-على أبي الصلت فَسَلَّمَ عليه،فلمَّا خَرَجَ تَبِعْتُه فقلتُ له:ما تقول–رحمك الله-في أبي الصلت؟ فقال:هو صَدُوقٌ0فقلتُ له:إنه يَرْوِي حديثَ الأعمشِ عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:[أنا مدينة العلم وعليٌّ بابُها،فمَنْ أَرَادَ العِلْمَ فلْيَأْتِها مِنْ بابِها]،فقال:قدْ رَوَى هذا(الحديث)ذاكَ الفيدي عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصلت. وقال بعده: حَدَّثَنَا بِصِحَّةِ مَا ذَكَرَه الإمامُ أبو زكريا(قال)حدثنا يحيى بن معين...حدثنا محمد بن جعفر الفيدي (قال) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [أنَا مدينةُ العِلْمِ وعليٌّ بابُها، فمَنْ أَرَادَ المدينةَ فَلْيَأْتِ البَابَ].
قال الحسين بن فهم:حَدَّثَنَاهُ أبو الصلت الهروي عن أبي معاوية*قال الحاكمُ:لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ لِهَذا العِلْمِ أنَّ الحسينَ بنَ فهم بن عبد الرحمن ثقةٌ مَأْمُونٌ حَافِظٌ ولهذا الحديثِ شاهِدٌ مِن حديثِ سفيـان الثوري بإسْنادٍ صحيح: حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشي القفال ببخارى، وأنَا سألتُه(قال)حدثني النعمانُ بنُ الهارون البلدي ببلد مِنْ أَصْلِ كِتَابِه(قال)حدثنا أحمدُ بن عبد الله بن يزيد الحراني (قال) حدثنا عبد الرزاق(قال)حدثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال:سمعتُ جابرَ بنَ عبد الله يقول:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:[أَنَا مدينةُ العِلْم وعليٌّ بابُها،فمَنْ أَرَادَ العلمَ فَلْيَأْتِ البابَ].
*الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:(ح 3807)عن الصناجي عن عليٍّ قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[أَنَا دارُ الحِكْمَةِ وعليٌّ بابُها].
حديث الطائر المشوي
*الترمذي(ج5)(ح3805)عن أنس بن مالك قال:كان عند النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم طائرٌ قد طُبِخَ له فقال:[اللهم ائْتِنِي بِأَحَـبِّ خَلْقِك إليك يَأْكُل مَعِي هذا الطَّيْرَ ]، فجَاءَ عليٌّ فَأَكَلَ مَعَه.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:حدثني أبو علي الحافظ أَنْبَأَ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أيوب الصفار وحميدُ بنُ يونس بن يعقوب الزيات(قالا)...عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:كُنْتُ أَخْدُمُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم ،فَقُدِّمَ لِرسولِ الله صلى الله عليه وآله فَرْخٌ مَشْوِيٌّ فقال: [اللهم ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِك إليك، يَأْكُل مَعِي مِن هذا الطَّيْر]،قال (أنس) فقلتُ: اللهم اجْعَلْه رَجُلاً مِن الأنصار،فجَاءَ عليٌّ رضي الله عنه،فقلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله عَلَى حَاجَةٍ ثم جاءَ(الإمـامُ عليٌّ) فقلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله عَلَى حَاجَةٍ،ثم جاءَ(الإمامُ عليٌّ)،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [افْتَحْ]، فَدَخَلَ(الإمامُ عليٌّ)،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله (للإمام عليٍّ): [مَا حَبَسَك عَلَيَّ؟]فقال:إنَّ هذه آخِر ثلاثِ كَرَّاتٍ يَرُدُّنِي أَنَسٌ يَزْعُمُ أنَّك على حاجة،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله لأَنس):[مَا حَمَلَك على مَا صَنَعْتَ؟] فقلتُ: يا رسول الله..سمعتُ دعاءَك فأَحْبَبْتُ أنْ يكون رجلاً مِن قَوْمِي،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنَّ الرَّجُلَ قد يُحِبُّ قوْمَه].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد رَوَاهُ عن أنس جماعةٌ مِن أصحابِه زيادةً على ثلاثين نَفْسًا، ثم صَحَّت الروايةُ عن عليٍّ وأبي سعيد الخدري وسفينة،وفِي حديثِ ثابت البناني عن أنس زيادةُ أَلْفَاظٍ،كمَا حَدَّثنا بِهِ الثِّقَةُ المَأْمُونُ أبو القاسم الحسن بنُ محمد بن الحسين بن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علية بن خالد السكوني بالكوفة مِنْ أَصْلِ كتابه (قال) حدثنا عبيدُ بنُ كثير العامري (قال) حدثنا عبد الرحمن بن دبيس،{وحدثنا}أبو القاسم (قال) حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي (قال) حدثنا عبد الله بن عمر ابن أبان بن صالح{قالا}حدثنا إبراهيم بن ثابت البصري القصار(قال)حدثنا ثابت البناني أنَّ أنسَ بنَ مالك رضي الله عنه كان شَاكِيًا،فَأَتَاهُ محمدُ بنُ الحجاج يَعُودُه في أصحابٍ له، فَجَرَى الحديثُ حتَّى ذَكَرُوا عليًّا رضي الله عنه،فَتَنَقَّصَه محمدُ بنُ الحجاج، فقال أنسُ:مَنْ هذا؟! أَقْعِدُوني، فَأَقْعَدُوه، فقال: يا ابنَ الحجاج..الا أَرَاك تنقص عليَّ بن أبي طالب! والذي بَعَثَ محمدًا صلى الله عليه وآله بالحَقِّ لقد كُنْتُ خادِمَ رسولِ الله صلى الله عليه وآله بيْن يَدَيْه،وكـان كلّ يوْمٍ يَخْدُم بيْن يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم غلامٌ مِن أبْناءِ الأنصار،فكَانَ ذلك اليومُ يَوْمِي، فجَاءَت أمُّ أيْمَن مَوْلاةُ رسولِ الله صلى الله عليه وآله بِطَيْرٍ،فوَضَعَتْهُ بيْن يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[يا أمَّ أيمن..مَا هذا الطائر؟]قالت:هذا الطائرُ أَصَبْتُه، فصَنَعْتُه لك،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[اللهم جِئْنِي بِأَحَــبِّ خَلْقِــك إليك وإِلَـيَّ ، يَأْكُل مَعِي مِنْ هذا الطائر]، وضُرِبَ البابُ،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[يا أنس..انْظُرْ مَن عَلَى الباب]، قلتُ:اللهم اجْعَلْهُ رجلاً مِن الأنصار، فذهَبْتُ، فإذا عليٌّ بالباب، قلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله على حاجةٍ، فجِئْتُ حتى قُمْتُ مَقَامِي،فلمْ أَلْبث أنْ ضُرِب البابُ،فقال:[يا أنس..انْظُرْ مَن على الباب]،فقلتُ:اللهم اجعله رجلاً مِن الأنصار، فذهبتُ فإذا عليٌّ بالباب، قلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله على حاجةٍ، فجئْتُ حتى قمْتُ مقامي،فلم أَلْبث أنْ ضُرِبَ البابُ،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[يا أنس..اذْهَبْ فَأَدْخِلْه، فَلَسْتَ بِأَوَّلِ رَجُلٍ أَحَبَّ قوْمَه،ليْسَ هو مِن الأنصار] فذهبتُ، فَأَدْخَلْتُه، فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [يا أنس..قَرِّب إليه الطَّيْـرَ ] قال(أنس): فـوَضَعْتُه بيْن يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فَأَكَلا جَمِيعًا. قال محمدُ بن الحجاج: يا أنس..كان هذا بِمَحْضَرٍ مِنْك؟ قال:نعم.قال: أُعْطِي باللهِ عَهْدًا أن لا أَنْتَقِصَ عليًّا بعد مقامي هذا،ولا أَعْلَم أَحَدًا يَنْتَقِصه إِلا أَشَنْتُ له وَجْهَه.
أقول: لاحِظوا قَوْلَ النبي صلى الله عليه وآله لأَنس:[ليس هو مِن الأنصار] فإنَّه مِن هذا نَعْلَم بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله يَعْلَم مَن هذا الرجلُ الأحبّ إلى الله ورسوله، بِقَرِينَةِ نَفْيِهِ كَوْنَه مِن الأنصار، ولكنه أَرَادَ أنْ يُبَيِّن للأمَّةِ-عن طريقِ أنس-أنَّ الإمامَ عليًّا هو أحبُّ الخَلْقِ إلى اللهِ جلّ وعلا وإلى رسولِه صلى الله عليه وآله.
*المستدرك(ج3)مناقب علي بن أبي طالب:أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القارى... عن زيد بن أسلم أن أبا سنان الدؤلي حدَّثَه أنَّه عادَ عليًّا رضي الله عنه في شَكْوى له أَشْكَاها، قال(أبو سنان الدؤلي): فقلتُ له:لقد تَخَوَّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.فقال(الإمامُ علي عليه الصلاة والسلام):لَكِنِّي والله مَا تَخَوَّفتُ على نفسي مِنه، لأني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله الصادقَ المصدوقَ يقول: [إنـك سَتُضْرَب ضرْبَة هاهنا وضرْبة هاهنا-وأشار إلى صِدْغَيْه-فيَسِيل دَمُها حتى تَخْتَضِب لِحْيتُك،ويكون صاحبُها أَشْقَاها كمَا كان عاقِرُ النَّاقةِ أَشْقَى ثمُود].
أقول: (صاحبها)أي:الذي يَضْرب الإمامَ عليًّا عليه الصلاة والسلام،وهو صاحب الضربة عبد الرحمن بن ملجم المرادي.
مَن هذا عليٌّ؟ وما مقامه عند الله عز وجل؟حتى يَصِفَ الرسولُ صلى الله عليه وآله قاتِلَه بأنه أشْقَى هذه الأمَّة كمَا كان عاقرُ ناقةِ النبي صالح أشْقى الأوَّلين. يَتَّضِح الأمْرُ بالتَّأَمُّل في هَوِيَّةِ تلك الناقة وما كانت تُمَثِّله لِقَوْمِ ثمود،فقد كانت آيَةَ الله لهم.
وقال الحاكمُ بعده:أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله البغدادي...عن السرى بن يحيى عن ابن شهاب قال:قَدِمْتُ دمشقَ وأَنَا أُرِيد الغزوَ،فأَتَيْتُ عبدَ الملك لأُسَلِّمَ عليه، فوَجَدْتُه في قبةٍ على فرش، بِقُرْب القائم،وتحته سماطان، فسلَّمتُ،ثم جلستُ، فقال لي:يا ابن شهاب .. أَتَعْلَم مَا كان في بيْتِ المَقْـدِس صَبَاحَ قُتِلَ عليُّ بن أبي طالب؟ فقلتُ:نعم، فقال:هَلُمَّ، فقمْتُ مِن وراء الناس،حتى أَتيْتُ خلْفَ القبة، فحَوَّلَ إِلَيَّ وجْهَه فأَحْنَا عَلَيَّ فقال: ما كان؟ فقلتُ:
لمَ يُرْفَع حَجَرٌ مِن بيْتِ المقدس إلا وُجِدَ تحْته دَمٌ.
*المستدرك(ج3)ذِكْر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:أخبرني أحمد بن بالويه العقصي عن الزهري أنَّ أسماء الأنصارية قالت:
ما رُفِعَ حَجَرٌ بإِيلْيَاء لَيْلَةَ قُتِلَ عليٌّ إلا وَوُجِدَ تحْته دَمٌ عَبِيط.
أقول: الله أكبر!مَن عليٌّ عند الله تعالى حتى أنه يَخلُقَ دَمًا تحت كلِّ حَجَرٍ مِن أحجارِ بيْتِ المقدس بِمُنَاسَبِةِ شَهادَتِه ورَحِيلِه إلى الملأ الأعلى؟ صلَّى الله عليك يا أميرالمؤمنين.
وقال الحاكمُ في هذا الباب:حدثنا علي بن حمشاذ العدل...عن أبي عثمان النهدي أنَّ عليًّا رضي الله عنه قـال:بَيْنمَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله آخِذٌ بِيَدِي ونحْن في سِكَكِ المدينةِ إِذْ مَرَرْنا بِحَديقةٍ،فقلتُ:يا رسول الله..ما أحسَنها مِن حديقة!قال:[لك في الجَنـــَّةِ أَحْسَن مِنها].
وقال بعده: حدثنا دعلج بن أحمد السجزي ببغداد...عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، يَعُودُه وهو مريضٌ،وعنده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما،فَتَحَوَّلا حتى جَلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فقال أحدُهما لصاحبه:مَا أَرَاه إِلا هالِك(يعني عليًّا)،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: [إنه لن يَمُوت إلا مَقتولاً،ولن يَمُوت حتى يُمْلأَ غَيْظًا].
وقال فيه: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار...،وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي...عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:كنت أَنا وعليٌّ رَفِيقيْن في غزوةِ ذي العشيرة،فلمَّا نَزَلها رسولُ الله صلى الله عليه وآله،وأَقامَ بها رَأَيْنا ناسًا مِن بني مدلج يعملون في عيْنٍ لهم في نخلٍ فقال لي عليٌّ: يا أبا اليقظان..هل لك أنْ تَأْتِي هؤلاء فنَنْظرَ كيف يعملون؟ فجِئْناهم، فنظرْنا إلى عملِهم ساعةً ثم غَشِيَنا النَّوْمُ، فانْطلقتُ أنا وعليٌّ، فاضْطَجَعْنا في صور مِن النخل في دقعاء مِن التُّرَاب فنِمْنا،فوالله مَا أَيْقَظَنا إلا رسولُ الله صلى الله عليه وآله...وقد تَتَرَّبْنا مِن تلك الدقعاء،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله (لِعليٍّ): [يا أبا تُرَابٍ]،لِمَا يَرَى عليه مِن التراب،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أَلا أُحَدِّثكما بأَشْقَى الناس رَجُلَيْن] قلنا:بلى يا رسول الله،قال:[أُحَيْمر ثمود،الذي عَقَرَ الناقةَ،والذي يَضْربُك يا عليُّ على هذه-يَعْنِي قَرْنه-حتى تَبْتَلَّ هذه مِن الدَّمِ]يعني لحْيتَه.
*المستدرك(ج3)ذِكْر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:حدثنا الأستاذ أبو الوليد الهيثم بن خلف الدوري(قال)حدثنا سوار بن عبد الله العنبري (قال) حدثنا المعتمر قال:قال أبي:حدثنا الحريثُ بن محشي أنَّ عليًّا قُتِلَ صبيحة إحدى وعشرين مِن رمضان، قال(الراوي):فسمعتُ الحسنَ بنَ عليٍّ يقول وهو يخطب،وذكَرَ مناقبَ عليٍّ فقال:[قُتِلَ لَيْلَةَ أُنْزِلَ القرآنُ،وليْلةَ أُسْرِيَ بِعيسى،وليْلةَ قُبِضَ مُوسى]، قال(الراوي):وصلَّى عليه الحسنُ بنُ عليٍّ عليهما السلام(هذا لَفْظُ الحاكم:عليهما السلام، ولم يَقْتَصِر على قوله: رضي الله عنه).
وبعده: أخبرنا أبو بكر محمد بن عون المقرى ببغداد...عن الشعبي قال: لمَّا ضَرَبَ ابنُ ملجم عليًّا تلك الضَّرْبَة أَوْصَى به عليٌّ فقال:[قد ضَرَبَنِي فأَحْسِنُوا إليه وأَلِينُوا له فِرَاشَه،فإِنْ أَعِشْ فهضم أو قصاص،وإِنْ أَمُت فعَاجِلُوه،فإني مُخَاصِمُه عند ربِّي عز وجل].
أقول:صلى الله عليك يا أمير المؤمنين00تَأْمُر بالرِّفْقِ حتى بِقاتِلِك!
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب:حدثنا دعلج بن أحمد السجزي...عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [النَّظَرُ إلى عليٍّ عِبَادَةٌ].
قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد،وشَوَاهِدُه عـن عبد الله ابن مسعود صحيحة، حدَّثناه عبد الباقي بن قانع الحافظ...عن علقمة عن عبد الله قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[النظرُ إلى وَجْهِ عليٍّ عبادةٌ].
قال الحاكمُ: تابَعَهُ عمروُ بنُ مرة عن إبراهيم النخعي.
وقال بعده:حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى القاري...عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[النظرُ إلى وجْهِ عليٍّ عبادةٌ].
*الترمذي(طبعة البابي الحلبي)ج(5)كتاب المناقب(ح3737):حدثنا محمد بن بشار...أمّ عطية، قالت:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم جَيْشًا فيهم عليٌّ، قالت:فسمعتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم وهو رافِعٌ يَدَيْه يقول:
[اللهم لا تُمِتْنِي حتى تُرِيَنِي عليًّا].
*المستدرك(ج3)كتاب الهجرة.مؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وآله بين الصحابة:عن ابن عمر...فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[ياعلي..أنتَ أخي في الدنيا والآخرة].
وروى بعده عن ابن عمر أيضًا مثلَه بزيادة.
*المستدرك(ج3)كتاب المغازي والسرايا0ذِكْر مُبَارَزَة عليٍّ رضي الله عنه عمْرَ بنَ ودّ: عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جَدّه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [لَمُبَارَزَةُ عـَـليِّ بن أبي طالب لِعَمْرِو بن ودٍّ يوْمَ الخنـْدق أفْضَل مِن أعمال أُمَّتِـي إلى يوم القيامة].
وقال الحاكمُ بعده بِأَسْطُر:سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب(قال)سمعتُ أحمد بن عبد الجبار العطاردي(قال) سمعتُ يحيى بنَ آدم يقول:مَا شَبَّهْتُ قَتْلَ عليٍّ لِعمْرو إلا بِقَوْلِ الله عز وجل:{وقَتَلَ داودُ جالوتَ فَهَزَمُوهم بِإذْنِ الله}.
*البخاري(ج5)كتاب المغازي0باب قصة غزوة بدر:حدثنا علي بن عبد الله قال:كتبتُ عن يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم عن أبيه عن جدِّه في {بدر}يعني حديثَ{ابني عفراء}:حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي (قال)حدثنا معتمر قال:سمعتُ أبي يقول:حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:
[أنَـا أوّلُ مَـن يَجْثُـو بين يَدَي الرحمن لِلْخُصُـومَة يوم القيـامة].
*المستدرك(ج4 ص440)تحت عنوان (لا تقوم الساعة إلا على شرار مِن خلقه): أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة حرسها تعالى...عن ابن سيرين قال: ثارَت الفتنةُ وأصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وآله عشرة آلافٍ، لَمْ يَخْفَ فيها منهم إلا أرْبعون رَجُلاً، وَقَفَ مع عليٍّ مائتان وبضْعَةٌ وأربعون رجلاً مِن أهْلِ بَدْرٍ،فيهم أبو أيوب،وسهل بن حنيف، وعمار بن ياسر.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:عن ابن عباس قال:لِعليٍّ أربع خصال ليست لأحد: هو أوَّلُ عَرَبي و أعجمي صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وآله،وهو الذي كان لِواؤُه معه في كلِّ زَحْفٍ، والذي صَبَرَ معه يوم المهراس،وهو الذي غَسَّلَه وأَدْخَلَه قَبْرَه.
وذكر الحاكمُ بعده:عن حبة بن جوين(أنه قال)عن عليٍّ:عَبَدَ اللهَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله سبع سنين قبل أنْ يَعْبُده أحَدٌ مِن هذه الأمَّة0وذكر الحاكمُ بعده:عن أبي ذر رضي الله عنه قال:...وأُوحِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وصَلَّى عليٌّ يوم الثلاثاء.
قال الحاكمُ في هذا القسم:حدثنا أبو بكر بن إسحاق ... عن سلمان قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[أَوَّلُكم وارِدًا عَلَيَّ الحوضَ أوَّلُكم إسلامًا علي بن أبي طالب].
وقال بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن زيد بن أرقم قال:إنَّ أولَ مَن أسْلَم مع رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب.
وقال الحاكمُ في مناقب أبي موسى من(ج3):حدثنا أبو العباس ... عن ابن عباس قال:قال أبو موسى الأشعري:إنَّ عـليًّا أوّلُ مَن أسْلَـم مع رسـول الله صلى الله عليه وآله.
*الترمذي(ج5)مناقب علي:(ح3817)عن ابن عباس قال:أوَّلُ مَن صَلَّى عليٌّ.
*المستدرك(ج3)مناقب أميرالمؤمنين علي:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب... عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[أنَا مَدِينَةُ العِلْـم وعَـلِيٌّ بَابُها،فَمَنْ أَرَادَ المدينةَ فَلْيَأْتِ البَابَ].
قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه*وأبو الصّلتِ(راوي هذا الحديث) ثِقَةٌ مَأْمُونٌ فإنِّي سمعتُ أبا العباس محمدَ بنَ يعقوب في التاريخ يقول: سمعتُ العباسَ ابنَ محمد الدوري يقول: سألتُ يحيى بنَ معين عن أبي الصلت الهروي، فقال:ثِقَةٌ،فقلتُ:أَلَيْسَ قد حَدَّثَ عن أبي معاوية عن الأعمش: [أنا مدينة العلم]فقال:قد حَدَّثَ به محمدُ بنُ جعفر الفيدي، وهو ثقةٌ مأمونٌ، سمعتُ أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني إِمَام عَصْرِه ببخارى يقول:سمعتُ صالحَ بنَ محمد بن حبيب الحافظ يقول:وسئل عن أبي الصلت الهروي فقال:دَخَلَ يحيى بنُ معين-ونحن معه-على أبي الصلت فَسَلَّمَ عليه،فلمَّا خَرَجَ تَبِعْتُه فقلتُ له:ما تقول–رحمك الله-في أبي الصلت؟ فقال:هو صَدُوقٌ0فقلتُ له:إنه يَرْوِي حديثَ الأعمشِ عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:[أنا مدينة العلم وعليٌّ بابُها،فمَنْ أَرَادَ العِلْمَ فلْيَأْتِها مِنْ بابِها]،فقال:قدْ رَوَى هذا(الحديث)ذاكَ الفيدي عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصلت. وقال بعده: حَدَّثَنَا بِصِحَّةِ مَا ذَكَرَه الإمامُ أبو زكريا(قال)حدثنا يحيى بن معين...حدثنا محمد بن جعفر الفيدي (قال) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [أنَا مدينةُ العِلْمِ وعليٌّ بابُها، فمَنْ أَرَادَ المدينةَ فَلْيَأْتِ البَابَ].
قال الحسين بن فهم:حَدَّثَنَاهُ أبو الصلت الهروي عن أبي معاوية*قال الحاكمُ:لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ لِهَذا العِلْمِ أنَّ الحسينَ بنَ فهم بن عبد الرحمن ثقةٌ مَأْمُونٌ حَافِظٌ ولهذا الحديثِ شاهِدٌ مِن حديثِ سفيـان الثوري بإسْنادٍ صحيح: حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشي القفال ببخارى، وأنَا سألتُه(قال)حدثني النعمانُ بنُ الهارون البلدي ببلد مِنْ أَصْلِ كِتَابِه(قال)حدثنا أحمدُ بن عبد الله بن يزيد الحراني (قال) حدثنا عبد الرزاق(قال)حدثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال:سمعتُ جابرَ بنَ عبد الله يقول:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:[أَنَا مدينةُ العِلْم وعليٌّ بابُها،فمَنْ أَرَادَ العلمَ فَلْيَأْتِ البابَ].
*الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:(ح 3807)عن الصناجي عن عليٍّ قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[أَنَا دارُ الحِكْمَةِ وعليٌّ بابُها].
حديث الطائر المشوي
*الترمذي(ج5)(ح3805)عن أنس بن مالك قال:كان عند النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم طائرٌ قد طُبِخَ له فقال:[اللهم ائْتِنِي بِأَحَـبِّ خَلْقِك إليك يَأْكُل مَعِي هذا الطَّيْرَ ]، فجَاءَ عليٌّ فَأَكَلَ مَعَه.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:حدثني أبو علي الحافظ أَنْبَأَ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أيوب الصفار وحميدُ بنُ يونس بن يعقوب الزيات(قالا)...عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:كُنْتُ أَخْدُمُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم ،فَقُدِّمَ لِرسولِ الله صلى الله عليه وآله فَرْخٌ مَشْوِيٌّ فقال: [اللهم ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِك إليك، يَأْكُل مَعِي مِن هذا الطَّيْر]،قال (أنس) فقلتُ: اللهم اجْعَلْه رَجُلاً مِن الأنصار،فجَاءَ عليٌّ رضي الله عنه،فقلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله عَلَى حَاجَةٍ ثم جاءَ(الإمـامُ عليٌّ) فقلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله عَلَى حَاجَةٍ،ثم جاءَ(الإمامُ عليٌّ)،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [افْتَحْ]، فَدَخَلَ(الإمامُ عليٌّ)،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله (للإمام عليٍّ): [مَا حَبَسَك عَلَيَّ؟]فقال:إنَّ هذه آخِر ثلاثِ كَرَّاتٍ يَرُدُّنِي أَنَسٌ يَزْعُمُ أنَّك على حاجة،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله لأَنس):[مَا حَمَلَك على مَا صَنَعْتَ؟] فقلتُ: يا رسول الله..سمعتُ دعاءَك فأَحْبَبْتُ أنْ يكون رجلاً مِن قَوْمِي،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنَّ الرَّجُلَ قد يُحِبُّ قوْمَه].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد رَوَاهُ عن أنس جماعةٌ مِن أصحابِه زيادةً على ثلاثين نَفْسًا، ثم صَحَّت الروايةُ عن عليٍّ وأبي سعيد الخدري وسفينة،وفِي حديثِ ثابت البناني عن أنس زيادةُ أَلْفَاظٍ،كمَا حَدَّثنا بِهِ الثِّقَةُ المَأْمُونُ أبو القاسم الحسن بنُ محمد بن الحسين بن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علية بن خالد السكوني بالكوفة مِنْ أَصْلِ كتابه (قال) حدثنا عبيدُ بنُ كثير العامري (قال) حدثنا عبد الرحمن بن دبيس،{وحدثنا}أبو القاسم (قال) حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي (قال) حدثنا عبد الله بن عمر ابن أبان بن صالح{قالا}حدثنا إبراهيم بن ثابت البصري القصار(قال)حدثنا ثابت البناني أنَّ أنسَ بنَ مالك رضي الله عنه كان شَاكِيًا،فَأَتَاهُ محمدُ بنُ الحجاج يَعُودُه في أصحابٍ له، فَجَرَى الحديثُ حتَّى ذَكَرُوا عليًّا رضي الله عنه،فَتَنَقَّصَه محمدُ بنُ الحجاج، فقال أنسُ:مَنْ هذا؟! أَقْعِدُوني، فَأَقْعَدُوه، فقال: يا ابنَ الحجاج..الا أَرَاك تنقص عليَّ بن أبي طالب! والذي بَعَثَ محمدًا صلى الله عليه وآله بالحَقِّ لقد كُنْتُ خادِمَ رسولِ الله صلى الله عليه وآله بيْن يَدَيْه،وكـان كلّ يوْمٍ يَخْدُم بيْن يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم غلامٌ مِن أبْناءِ الأنصار،فكَانَ ذلك اليومُ يَوْمِي، فجَاءَت أمُّ أيْمَن مَوْلاةُ رسولِ الله صلى الله عليه وآله بِطَيْرٍ،فوَضَعَتْهُ بيْن يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[يا أمَّ أيمن..مَا هذا الطائر؟]قالت:هذا الطائرُ أَصَبْتُه، فصَنَعْتُه لك،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[اللهم جِئْنِي بِأَحَــبِّ خَلْقِــك إليك وإِلَـيَّ ، يَأْكُل مَعِي مِنْ هذا الطائر]، وضُرِبَ البابُ،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[يا أنس..انْظُرْ مَن عَلَى الباب]، قلتُ:اللهم اجْعَلْهُ رجلاً مِن الأنصار، فذهَبْتُ، فإذا عليٌّ بالباب، قلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله على حاجةٍ، فجِئْتُ حتى قُمْتُ مَقَامِي،فلمْ أَلْبث أنْ ضُرِب البابُ،فقال:[يا أنس..انْظُرْ مَن على الباب]،فقلتُ:اللهم اجعله رجلاً مِن الأنصار، فذهبتُ فإذا عليٌّ بالباب، قلتُ:إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله على حاجةٍ، فجئْتُ حتى قمْتُ مقامي،فلم أَلْبث أنْ ضُرِبَ البابُ،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[يا أنس..اذْهَبْ فَأَدْخِلْه، فَلَسْتَ بِأَوَّلِ رَجُلٍ أَحَبَّ قوْمَه،ليْسَ هو مِن الأنصار] فذهبتُ، فَأَدْخَلْتُه، فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [يا أنس..قَرِّب إليه الطَّيْـرَ ] قال(أنس): فـوَضَعْتُه بيْن يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فَأَكَلا جَمِيعًا. قال محمدُ بن الحجاج: يا أنس..كان هذا بِمَحْضَرٍ مِنْك؟ قال:نعم.قال: أُعْطِي باللهِ عَهْدًا أن لا أَنْتَقِصَ عليًّا بعد مقامي هذا،ولا أَعْلَم أَحَدًا يَنْتَقِصه إِلا أَشَنْتُ له وَجْهَه.
أقول: لاحِظوا قَوْلَ النبي صلى الله عليه وآله لأَنس:[ليس هو مِن الأنصار] فإنَّه مِن هذا نَعْلَم بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله يَعْلَم مَن هذا الرجلُ الأحبّ إلى الله ورسوله، بِقَرِينَةِ نَفْيِهِ كَوْنَه مِن الأنصار، ولكنه أَرَادَ أنْ يُبَيِّن للأمَّةِ-عن طريقِ أنس-أنَّ الإمامَ عليًّا هو أحبُّ الخَلْقِ إلى اللهِ جلّ وعلا وإلى رسولِه صلى الله عليه وآله.
*المستدرك(ج3)مناقب علي بن أبي طالب:أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القارى... عن زيد بن أسلم أن أبا سنان الدؤلي حدَّثَه أنَّه عادَ عليًّا رضي الله عنه في شَكْوى له أَشْكَاها، قال(أبو سنان الدؤلي): فقلتُ له:لقد تَخَوَّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.فقال(الإمامُ علي عليه الصلاة والسلام):لَكِنِّي والله مَا تَخَوَّفتُ على نفسي مِنه، لأني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله الصادقَ المصدوقَ يقول: [إنـك سَتُضْرَب ضرْبَة هاهنا وضرْبة هاهنا-وأشار إلى صِدْغَيْه-فيَسِيل دَمُها حتى تَخْتَضِب لِحْيتُك،ويكون صاحبُها أَشْقَاها كمَا كان عاقِرُ النَّاقةِ أَشْقَى ثمُود].
أقول: (صاحبها)أي:الذي يَضْرب الإمامَ عليًّا عليه الصلاة والسلام،وهو صاحب الضربة عبد الرحمن بن ملجم المرادي.
مَن هذا عليٌّ؟ وما مقامه عند الله عز وجل؟حتى يَصِفَ الرسولُ صلى الله عليه وآله قاتِلَه بأنه أشْقَى هذه الأمَّة كمَا كان عاقرُ ناقةِ النبي صالح أشْقى الأوَّلين. يَتَّضِح الأمْرُ بالتَّأَمُّل في هَوِيَّةِ تلك الناقة وما كانت تُمَثِّله لِقَوْمِ ثمود،فقد كانت آيَةَ الله لهم.
وقال الحاكمُ بعده:أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله البغدادي...عن السرى بن يحيى عن ابن شهاب قال:قَدِمْتُ دمشقَ وأَنَا أُرِيد الغزوَ،فأَتَيْتُ عبدَ الملك لأُسَلِّمَ عليه، فوَجَدْتُه في قبةٍ على فرش، بِقُرْب القائم،وتحته سماطان، فسلَّمتُ،ثم جلستُ، فقال لي:يا ابن شهاب .. أَتَعْلَم مَا كان في بيْتِ المَقْـدِس صَبَاحَ قُتِلَ عليُّ بن أبي طالب؟ فقلتُ:نعم، فقال:هَلُمَّ، فقمْتُ مِن وراء الناس،حتى أَتيْتُ خلْفَ القبة، فحَوَّلَ إِلَيَّ وجْهَه فأَحْنَا عَلَيَّ فقال: ما كان؟ فقلتُ:
لمَ يُرْفَع حَجَرٌ مِن بيْتِ المقدس إلا وُجِدَ تحْته دَمٌ.
*المستدرك(ج3)ذِكْر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:أخبرني أحمد بن بالويه العقصي عن الزهري أنَّ أسماء الأنصارية قالت:
ما رُفِعَ حَجَرٌ بإِيلْيَاء لَيْلَةَ قُتِلَ عليٌّ إلا وَوُجِدَ تحْته دَمٌ عَبِيط.
أقول: الله أكبر!مَن عليٌّ عند الله تعالى حتى أنه يَخلُقَ دَمًا تحت كلِّ حَجَرٍ مِن أحجارِ بيْتِ المقدس بِمُنَاسَبِةِ شَهادَتِه ورَحِيلِه إلى الملأ الأعلى؟ صلَّى الله عليك يا أميرالمؤمنين.
وقال الحاكمُ في هذا الباب:حدثنا علي بن حمشاذ العدل...عن أبي عثمان النهدي أنَّ عليًّا رضي الله عنه قـال:بَيْنمَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله آخِذٌ بِيَدِي ونحْن في سِكَكِ المدينةِ إِذْ مَرَرْنا بِحَديقةٍ،فقلتُ:يا رسول الله..ما أحسَنها مِن حديقة!قال:[لك في الجَنـــَّةِ أَحْسَن مِنها].
وقال بعده: حدثنا دعلج بن أحمد السجزي ببغداد...عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، يَعُودُه وهو مريضٌ،وعنده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما،فَتَحَوَّلا حتى جَلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فقال أحدُهما لصاحبه:مَا أَرَاه إِلا هالِك(يعني عليًّا)،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: [إنه لن يَمُوت إلا مَقتولاً،ولن يَمُوت حتى يُمْلأَ غَيْظًا].
وقال فيه: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار...،وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي...عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:كنت أَنا وعليٌّ رَفِيقيْن في غزوةِ ذي العشيرة،فلمَّا نَزَلها رسولُ الله صلى الله عليه وآله،وأَقامَ بها رَأَيْنا ناسًا مِن بني مدلج يعملون في عيْنٍ لهم في نخلٍ فقال لي عليٌّ: يا أبا اليقظان..هل لك أنْ تَأْتِي هؤلاء فنَنْظرَ كيف يعملون؟ فجِئْناهم، فنظرْنا إلى عملِهم ساعةً ثم غَشِيَنا النَّوْمُ، فانْطلقتُ أنا وعليٌّ، فاضْطَجَعْنا في صور مِن النخل في دقعاء مِن التُّرَاب فنِمْنا،فوالله مَا أَيْقَظَنا إلا رسولُ الله صلى الله عليه وآله...وقد تَتَرَّبْنا مِن تلك الدقعاء،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله (لِعليٍّ): [يا أبا تُرَابٍ]،لِمَا يَرَى عليه مِن التراب،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أَلا أُحَدِّثكما بأَشْقَى الناس رَجُلَيْن] قلنا:بلى يا رسول الله،قال:[أُحَيْمر ثمود،الذي عَقَرَ الناقةَ،والذي يَضْربُك يا عليُّ على هذه-يَعْنِي قَرْنه-حتى تَبْتَلَّ هذه مِن الدَّمِ]يعني لحْيتَه.
*المستدرك(ج3)ذِكْر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:حدثنا الأستاذ أبو الوليد الهيثم بن خلف الدوري(قال)حدثنا سوار بن عبد الله العنبري (قال) حدثنا المعتمر قال:قال أبي:حدثنا الحريثُ بن محشي أنَّ عليًّا قُتِلَ صبيحة إحدى وعشرين مِن رمضان، قال(الراوي):فسمعتُ الحسنَ بنَ عليٍّ يقول وهو يخطب،وذكَرَ مناقبَ عليٍّ فقال:[قُتِلَ لَيْلَةَ أُنْزِلَ القرآنُ،وليْلةَ أُسْرِيَ بِعيسى،وليْلةَ قُبِضَ مُوسى]، قال(الراوي):وصلَّى عليه الحسنُ بنُ عليٍّ عليهما السلام(هذا لَفْظُ الحاكم:عليهما السلام، ولم يَقْتَصِر على قوله: رضي الله عنه).
وبعده: أخبرنا أبو بكر محمد بن عون المقرى ببغداد...عن الشعبي قال: لمَّا ضَرَبَ ابنُ ملجم عليًّا تلك الضَّرْبَة أَوْصَى به عليٌّ فقال:[قد ضَرَبَنِي فأَحْسِنُوا إليه وأَلِينُوا له فِرَاشَه،فإِنْ أَعِشْ فهضم أو قصاص،وإِنْ أَمُت فعَاجِلُوه،فإني مُخَاصِمُه عند ربِّي عز وجل].
أقول:صلى الله عليك يا أمير المؤمنين00تَأْمُر بالرِّفْقِ حتى بِقاتِلِك!
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب:حدثنا دعلج بن أحمد السجزي...عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [النَّظَرُ إلى عليٍّ عِبَادَةٌ].
قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد،وشَوَاهِدُه عـن عبد الله ابن مسعود صحيحة، حدَّثناه عبد الباقي بن قانع الحافظ...عن علقمة عن عبد الله قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:[النظرُ إلى وَجْهِ عليٍّ عبادةٌ].
قال الحاكمُ: تابَعَهُ عمروُ بنُ مرة عن إبراهيم النخعي.
وقال بعده:حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى القاري...عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[النظرُ إلى وجْهِ عليٍّ عبادةٌ].
*الترمذي(طبعة البابي الحلبي)ج(5)كتاب المناقب(ح3737):حدثنا محمد بن بشار...أمّ عطية، قالت:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم جَيْشًا فيهم عليٌّ، قالت:فسمعتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم وهو رافِعٌ يَدَيْه يقول:
[اللهم لا تُمِتْنِي حتى تُرِيَنِي عليًّا].
*المستدرك(ج3)كتاب الهجرة.مؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وآله بين الصحابة:عن ابن عمر...فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[ياعلي..أنتَ أخي في الدنيا والآخرة].
وروى بعده عن ابن عمر أيضًا مثلَه بزيادة.
*المستدرك(ج3)كتاب المغازي والسرايا0ذِكْر مُبَارَزَة عليٍّ رضي الله عنه عمْرَ بنَ ودّ: عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جَدّه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [لَمُبَارَزَةُ عـَـليِّ بن أبي طالب لِعَمْرِو بن ودٍّ يوْمَ الخنـْدق أفْضَل مِن أعمال أُمَّتِـي إلى يوم القيامة].
وقال الحاكمُ بعده بِأَسْطُر:سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب(قال)سمعتُ أحمد بن عبد الجبار العطاردي(قال) سمعتُ يحيى بنَ آدم يقول:مَا شَبَّهْتُ قَتْلَ عليٍّ لِعمْرو إلا بِقَوْلِ الله عز وجل:{وقَتَلَ داودُ جالوتَ فَهَزَمُوهم بِإذْنِ الله}.
*البخاري(ج5)كتاب المغازي0باب قصة غزوة بدر:حدثنا علي بن عبد الله قال:كتبتُ عن يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم عن أبيه عن جدِّه في {بدر}يعني حديثَ{ابني عفراء}:حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي (قال)حدثنا معتمر قال:سمعتُ أبي يقول:حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:
[أنَـا أوّلُ مَـن يَجْثُـو بين يَدَي الرحمن لِلْخُصُـومَة يوم القيـامة].
*المستدرك(ج4 ص440)تحت عنوان (لا تقوم الساعة إلا على شرار مِن خلقه): أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة حرسها تعالى...عن ابن سيرين قال: ثارَت الفتنةُ وأصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وآله عشرة آلافٍ، لَمْ يَخْفَ فيها منهم إلا أرْبعون رَجُلاً، وَقَفَ مع عليٍّ مائتان وبضْعَةٌ وأربعون رجلاً مِن أهْلِ بَدْرٍ،فيهم أبو أيوب،وسهل بن حنيف، وعمار بن ياسر.
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي:عن ابن عباس قال:لِعليٍّ أربع خصال ليست لأحد: هو أوَّلُ عَرَبي و أعجمي صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وآله،وهو الذي كان لِواؤُه معه في كلِّ زَحْفٍ، والذي صَبَرَ معه يوم المهراس،وهو الذي غَسَّلَه وأَدْخَلَه قَبْرَه.
وذكر الحاكمُ بعده:عن حبة بن جوين(أنه قال)عن عليٍّ:عَبَدَ اللهَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله سبع سنين قبل أنْ يَعْبُده أحَدٌ مِن هذه الأمَّة0وذكر الحاكمُ بعده:عن أبي ذر رضي الله عنه قال:...وأُوحِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وصَلَّى عليٌّ يوم الثلاثاء.
قال الحاكمُ في هذا القسم:حدثنا أبو بكر بن إسحاق ... عن سلمان قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[أَوَّلُكم وارِدًا عَلَيَّ الحوضَ أوَّلُكم إسلامًا علي بن أبي طالب].
وقال بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن زيد بن أرقم قال:إنَّ أولَ مَن أسْلَم مع رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب.
وقال الحاكمُ في مناقب أبي موسى من(ج3):حدثنا أبو العباس ... عن ابن عباس قال:قال أبو موسى الأشعري:إنَّ عـليًّا أوّلُ مَن أسْلَـم مع رسـول الله صلى الله عليه وآله.
*الترمذي(ج5)مناقب علي:(ح3817)عن ابن عباس قال:أوَّلُ مَن صَلَّى عليٌّ.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
حُبُّ الإمام عليٍّ عليه السلام فَيْصَلٌ بيْن الإيمَان والنِّفَاق
*مسلم(ج1ص61): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة...قال عليٌّ: إنه لَعَهْدُ النبي الأمي صلى الله عليه(وآله)وسلم إلَيَّ أنْ لا يحبـّني إلا مـؤمنٌ ولا يبـغضني إلا منافقٌ.
*صحيح الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:(ح3800):عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:إنْ كنَّا لَنَعْرف المنافقين-نحن معاشر الأنصار-بِبُغْضِهم علي بن أبي طالب.
(ح3801):عن المساور الحميري عن أمه قالت:دخلتُ على أمِّ سلمة، فسمعتُها تقول:كان رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[لا يُحِبُّ عليًّا منافقٌ ولا يَبْغضه مؤمنٌ].
(ح3802):عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: [إنَّ الله أمرني بِحُبِّ أربعة،وأخبرني أنه يحبهم]،قيل:يا رسول الله..سَمِّهم لنا. قال: [عـليٌّ منهم-يقول ذلك ثـلاث- وأبو ذر والمقداد وسلمان،وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم].
وروى بعده(ح3819):عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن عليٍّ قال:لقد عَهِدَ إليَّ النبيُّ الأمي صلى الله عليه(وآله)وسلم أنه لا يُـحِبُّك إلا مؤمنٌ ولا يَبْغَضُك إلا مُنافِقٌ.
قال عدي بن ثابت:أنا مِن القرن الذين دعا لهم النبيُّ صلى الله عليه(وآله) وسلم.
*النسائي(ج8)كتاب الإيمان0علامة الإيمان:عن عدي عن زر قال:قال عليٌّ إنه لَعَهْدُ النبي الأمي صلى الله عليه(وآله)وسلم إليَّ أنـه لا يحبك إلا مؤمنٌ ولا يبغضك إلا منافق.
*النسائي(ج8)كتاب الإيمان0علامة المنافق:عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن عليٍّ قال: عَهِدَ إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم أنه لا يحبـّني إلا مــــؤمنٌ ولا يبــغضني إلا منافقٌ.
*ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب:عن زر بن حبيش عن عليٍّ قال: عَهِدَ إليَّ النبيُّ الأمي صلى الله عليه (وآله) وسلـم أنه لا يحبني إلا مؤمنٌ ولا يبغضني إلا منافقٌ.
*ابن ماجة(ج1)فضل سلمان وأبي ذر والمقداد:عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:(ح3802):عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[إنَّ الله أمرني بِحُبِّ أربعة،وأخبرني أنه يحبهم]، قيل:يا رسول الله..مَن هم؟ قال:[عليٌّ منهم- يقول ذلك ثلاثًا-وأبو ذر وسلمان والمقداد].
*البخاري(ج5):بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع:حدثني محمد بن بشار...عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم عليًّا إلى خالدٍ لِيَقبَض الخُمْسَ،وكنتُ أَبْغضُ عليًّا، وقد اغْتَسَلَ،فقلتُ لِخالدٍ: أَلا تَرَى إلى هذا؟! فلمَّا قَدِمْنا على النبيِّ صلى الله عليه (وآله) وسلم ذَكَرْتُ ذلك له، فقال:[يا بريدة..أَتَبْغض عليًّا؟] قلتُ: نعم.قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لا تَبْغَضْهُ،فإِنَّ له في الخُمْسِ أَكْثَرَ مِنْ ذلك].
أقول:يَدَّعِي بريدةُ بأنَّ الإمامَ عليًّا أخَذَ جارِيَةً مِن الخمْس الذي قَبَضَه مِن خالدٍ، وضَاجَعَها (واغْتَسَل)،ونَجِد النبيَّ صلى الله عليه وآله يَنهَـاه عن بُغْضِ الإمام عليه الصلاة والسلام، ويُخْبِره بأنَّ حقَّه في الخمس أكثر مِن هذه الجارية التي يزْعُم –بريدة– بأنَّ الإمامَ تَمَلَّكَها وتَسَرَّى بِها(ضاجَعها).
*المستدرك(ج3)مناقب أمير المؤمنين علي:حدثنـا أبو بكر بن إسحاق... (وأخبرنا) أحمد بن جعفر القطيعي...(قالا)...عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنَّ اللهَ أمَرَنِي بِحُبِّ أربعةٍ مِن أصحابي،وأخبَرَنِي أنه يُحِبُّهم]قال(الراوي):قلنا:مَن هم يا رسول الله؟ وكلنا نحب أن نكون منهم. فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [ألا إنَّ عليًّا منهم] ثم سَكَتَ ثم قال:[أمَا إنَّ عليًّا منهم] ثم سَكَتَ.
*وقال الحاكم في هذا القسم:أخبرنـا أحمد بن كامل القاضي...عن أبي عبد الله الجدلي قال:دخلتُ على أمِّ سلمة رضي الله عنها فقالت لي:أَيُسَبُّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكم؟!فقلتُ:مَعاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها، فقالت:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[مَن سَبَّ عليًّا فقد سَبَّنِي].
وقال بعده:حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان...أبا عبد الله الجدلي يقول: حَجَجْتُ وأنا غلامٌ فمَرَرْتُ بالمدينـة،وإذا الناسُ عنق واحد فاتَّبَعْتُهم فدخلوا على أمِّ سلمة زوجِ النبي صلى الله عليه وآله،فسمعتُها تقول:يا شبيب بن ربعي، فأَجَابَها رَجُلٌ جلف جاف:لَبَّيْكِ يا أُمَّتَاه0قالت:يُسَبُّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله في ناديكم؟!قال:وأَنَّى ذلك؟! قالت:فَعَلِيُّ بن أبي طالب؟!قال: إنَّا لَنَقُول أشياءَ نريدُ عَرَضَ الدنيا. قالت:فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[مَن سَبَّ عليًّا فقد سَبَّنِي ومَن سبَّني فقد سبَّ اللهَ تعالى].
أقول: لاحظوا..يُريدون مَتَاعَ الدنيا بِسَبِّهم للإمام عليٍّ عليه السلام! متَى كان سَبُّ الصِّدِّيق الأكبَر جالِبًا لِحظوظ الدنيا ؟!
وقال الحاكمُ في نفس الباب:أخبرني محمد بن أحمد بن تميم القنطري...قال:جاء رجلٌ مِن أهل الشَّامِ،فَسَبَّ عليًّا عند ابن عباس، فَحَصَبَه (رَمَى عليه حَـصى)ابنُ عباس فقال:يا عَدُوّ َ الله00لقد آذَيْتَ رسولَ الله صلى الله عليه وآله ... .
وقال الحاكمُ في نفس الباب:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... (وأَخْبَرَناه)أحمدُ بنُ جعفر البزار ... عن عمرو بن شاس الأسلمي،وكان مِن أصحاب الحديبية، قال(عمرو):خَرَجْنا مع عليٍّ رضي الله عنه إلى اليمن،فجَفَانِي في سفره ذلك،حتى وَجَدْتُ في نفسي،فلمَّا قَدِمْتُ أَظْهَرْتُ شكَايَـتَه في المسجد، حتى بَلَغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وآله، قال (الراوي): فدخلتُ المسجدَ ذاتَ غداةٍ ورسولُ الله صلى الله عليه وآله في ناسٍ مِن أصحابه،فلمَّا رَآنِي أبدني عَيْنَيْه، قال:-يقول(إنَّ معنى:أبدني عينيه هو)حَدَّدَ إليَّ النَّظَرَ-حتى إذا جَلَسْتُ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[يا عمرو..أَمَا والله لقد آذيتنِي]،فقلتُ:أعوذ بالله أنْ أُوذِيك يا رسول الله! قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[بَلَى،مَن آذَى عليًّا فقد آذانِي].
وقال الحاكمُ في هذا القسم أيضًا:حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم ... (وحدثني) أبو الحسن أحمد بن الخضر الشـافعي ... (وحدثنا) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أمـية القرشي ... (قالوا) ... أبي الأزهر قال:حدثنا عبد الرزاق ... عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:نَظَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله إلى عليٍّ فقال:[يا عَـلِيّ00أنت سَيِّدٌ في الدنيا سيِّدٌ في الآخرة، حبيبُـك حـبيبي وحبيبي حبيبُ الله، وعَدُوُّك عَدُوِّي وعدوي عدوّ الله، والوَيْلُ لِمَن أبْغضَك بَعْدِي]، قال الحاكمُ:صحيح على شرط الشيخين*وأبو الأزهر بإجماعهم ثقـة، وإذا تَفَـرَّدَ الثقةُ بحديثٍ فهو على أَصْلِهم صحيحٌ*(سمعت)أبا عبد الله القرشي يقول:سمعتُ أحمد بن يحيى الحلواني يقول:لَمَّا وَرَدَ أبو الأزهر مِن صنعاء،وذَاكَرَ أهلَ بغداد بهذا الحديث أَنْكَرَه يحيى بنُ معين،فلمَّا كان يومُ مَجْلِسِه قال(يحيى بن معين) في آخر المجلس:أين هذا الكذاب النيسابوري الذي يذكر عن عبد الرزاق هذا الحديث؟فقام أبو الأزهر فقال:هُوَ ذَا أَنَا0فضحك يحيى بن معين مِن قوْلِه وقيامِه في المجلس فَقَرَّبَه وأَدْناه ثم قال له:كيف حَدَّثَك عبدُ الرزاق بهذا ولم يُحَدث به غيرَك؟! فقال(أبو الأزهر): اعْلَم يا أبا زكريا..إنِّي قدِمْتُ صنعاءَ وعبدُ الرزاق غائبٌ في قريةٍ له بعيدة، فخرجـتُ إليه وأنـا عَلِيلٌ، فلمَّا وَصَلتُ إليه سَألنِي عن أمْرِ خراسان،فحَدَّثتُه بها،وكتبتُ عنه، وانصرَفتُ معه إلى صنعاء، فلمَّا وَدَّعْتُه قال لي:قد وَجَبَ عَلَيَّ حَقُّـك، فأنا أُحَدِّثك بحديثٍ لم يَسْمعه منِّي غيرُك، فحَدَّثني والله بهذا الحديث لَفْظًا،فَصَدَّقه يحيى بُن معين،واعْتَذَرَ إليه.
وقال الحاكمُ في هذا القسم:حدثنا أبوجعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان ...عن أبي ذر قال:مَا كُنَّا نَعْرِف المنافقين إلا بتكذيبهم اللهَ ورسولَـه، والتَّخَلُّف عن الصلوات، والبُغض لِعليِّ بن أبي طالب.
وذكَرَ فيه:أخبرني أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد ... قال:قال رجلٌ لِسلمان: مَا أشَدَّ حُبَّك لِعليٍّ! فقال سلمانُ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [مَن أَحَبَّ عليًّا فقد أحبَّني،ومَن أبْغَضَ عليًّا فقد أبغَضَنِي].
وذكَرَ فيه:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... سمعتُ عمارَ بن ياسر يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول لِعليٍّ: [ياعلي..طُوبَى لِمَن أحَبَّك وصَدَّقَ فيك،وَوَيْلٌ لِمَن أبْغَضَك وكَذَّبَ فيك].
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرَجهم وفرَجنا بهم يا كريم
*مسلم(ج1ص61): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة...قال عليٌّ: إنه لَعَهْدُ النبي الأمي صلى الله عليه(وآله)وسلم إلَيَّ أنْ لا يحبـّني إلا مـؤمنٌ ولا يبـغضني إلا منافقٌ.
*صحيح الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:(ح3800):عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:إنْ كنَّا لَنَعْرف المنافقين-نحن معاشر الأنصار-بِبُغْضِهم علي بن أبي طالب.
(ح3801):عن المساور الحميري عن أمه قالت:دخلتُ على أمِّ سلمة، فسمعتُها تقول:كان رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[لا يُحِبُّ عليًّا منافقٌ ولا يَبْغضه مؤمنٌ].
(ح3802):عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: [إنَّ الله أمرني بِحُبِّ أربعة،وأخبرني أنه يحبهم]،قيل:يا رسول الله..سَمِّهم لنا. قال: [عـليٌّ منهم-يقول ذلك ثـلاث- وأبو ذر والمقداد وسلمان،وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم].
وروى بعده(ح3819):عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن عليٍّ قال:لقد عَهِدَ إليَّ النبيُّ الأمي صلى الله عليه(وآله)وسلم أنه لا يُـحِبُّك إلا مؤمنٌ ولا يَبْغَضُك إلا مُنافِقٌ.
قال عدي بن ثابت:أنا مِن القرن الذين دعا لهم النبيُّ صلى الله عليه(وآله) وسلم.
*النسائي(ج8)كتاب الإيمان0علامة الإيمان:عن عدي عن زر قال:قال عليٌّ إنه لَعَهْدُ النبي الأمي صلى الله عليه(وآله)وسلم إليَّ أنـه لا يحبك إلا مؤمنٌ ولا يبغضك إلا منافق.
*النسائي(ج8)كتاب الإيمان0علامة المنافق:عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن عليٍّ قال: عَهِدَ إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم أنه لا يحبـّني إلا مــــؤمنٌ ولا يبــغضني إلا منافقٌ.
*ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب:عن زر بن حبيش عن عليٍّ قال: عَهِدَ إليَّ النبيُّ الأمي صلى الله عليه (وآله) وسلـم أنه لا يحبني إلا مؤمنٌ ولا يبغضني إلا منافقٌ.
*ابن ماجة(ج1)فضل سلمان وأبي ذر والمقداد:عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:(ح3802):عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[إنَّ الله أمرني بِحُبِّ أربعة،وأخبرني أنه يحبهم]، قيل:يا رسول الله..مَن هم؟ قال:[عليٌّ منهم- يقول ذلك ثلاثًا-وأبو ذر وسلمان والمقداد].
*البخاري(ج5):بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع:حدثني محمد بن بشار...عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال:بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم عليًّا إلى خالدٍ لِيَقبَض الخُمْسَ،وكنتُ أَبْغضُ عليًّا، وقد اغْتَسَلَ،فقلتُ لِخالدٍ: أَلا تَرَى إلى هذا؟! فلمَّا قَدِمْنا على النبيِّ صلى الله عليه (وآله) وسلم ذَكَرْتُ ذلك له، فقال:[يا بريدة..أَتَبْغض عليًّا؟] قلتُ: نعم.قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لا تَبْغَضْهُ،فإِنَّ له في الخُمْسِ أَكْثَرَ مِنْ ذلك].
أقول:يَدَّعِي بريدةُ بأنَّ الإمامَ عليًّا أخَذَ جارِيَةً مِن الخمْس الذي قَبَضَه مِن خالدٍ، وضَاجَعَها (واغْتَسَل)،ونَجِد النبيَّ صلى الله عليه وآله يَنهَـاه عن بُغْضِ الإمام عليه الصلاة والسلام، ويُخْبِره بأنَّ حقَّه في الخمس أكثر مِن هذه الجارية التي يزْعُم –بريدة– بأنَّ الإمامَ تَمَلَّكَها وتَسَرَّى بِها(ضاجَعها).
*المستدرك(ج3)مناقب أمير المؤمنين علي:حدثنـا أبو بكر بن إسحاق... (وأخبرنا) أحمد بن جعفر القطيعي...(قالا)...عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنَّ اللهَ أمَرَنِي بِحُبِّ أربعةٍ مِن أصحابي،وأخبَرَنِي أنه يُحِبُّهم]قال(الراوي):قلنا:مَن هم يا رسول الله؟ وكلنا نحب أن نكون منهم. فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [ألا إنَّ عليًّا منهم] ثم سَكَتَ ثم قال:[أمَا إنَّ عليًّا منهم] ثم سَكَتَ.
*وقال الحاكم في هذا القسم:أخبرنـا أحمد بن كامل القاضي...عن أبي عبد الله الجدلي قال:دخلتُ على أمِّ سلمة رضي الله عنها فقالت لي:أَيُسَبُّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكم؟!فقلتُ:مَعاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها، فقالت:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[مَن سَبَّ عليًّا فقد سَبَّنِي].
وقال بعده:حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان...أبا عبد الله الجدلي يقول: حَجَجْتُ وأنا غلامٌ فمَرَرْتُ بالمدينـة،وإذا الناسُ عنق واحد فاتَّبَعْتُهم فدخلوا على أمِّ سلمة زوجِ النبي صلى الله عليه وآله،فسمعتُها تقول:يا شبيب بن ربعي، فأَجَابَها رَجُلٌ جلف جاف:لَبَّيْكِ يا أُمَّتَاه0قالت:يُسَبُّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله في ناديكم؟!قال:وأَنَّى ذلك؟! قالت:فَعَلِيُّ بن أبي طالب؟!قال: إنَّا لَنَقُول أشياءَ نريدُ عَرَضَ الدنيا. قالت:فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[مَن سَبَّ عليًّا فقد سَبَّنِي ومَن سبَّني فقد سبَّ اللهَ تعالى].
أقول: لاحظوا..يُريدون مَتَاعَ الدنيا بِسَبِّهم للإمام عليٍّ عليه السلام! متَى كان سَبُّ الصِّدِّيق الأكبَر جالِبًا لِحظوظ الدنيا ؟!
وقال الحاكمُ في نفس الباب:أخبرني محمد بن أحمد بن تميم القنطري...قال:جاء رجلٌ مِن أهل الشَّامِ،فَسَبَّ عليًّا عند ابن عباس، فَحَصَبَه (رَمَى عليه حَـصى)ابنُ عباس فقال:يا عَدُوّ َ الله00لقد آذَيْتَ رسولَ الله صلى الله عليه وآله ... .
وقال الحاكمُ في نفس الباب:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... (وأَخْبَرَناه)أحمدُ بنُ جعفر البزار ... عن عمرو بن شاس الأسلمي،وكان مِن أصحاب الحديبية، قال(عمرو):خَرَجْنا مع عليٍّ رضي الله عنه إلى اليمن،فجَفَانِي في سفره ذلك،حتى وَجَدْتُ في نفسي،فلمَّا قَدِمْتُ أَظْهَرْتُ شكَايَـتَه في المسجد، حتى بَلَغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وآله، قال (الراوي): فدخلتُ المسجدَ ذاتَ غداةٍ ورسولُ الله صلى الله عليه وآله في ناسٍ مِن أصحابه،فلمَّا رَآنِي أبدني عَيْنَيْه، قال:-يقول(إنَّ معنى:أبدني عينيه هو)حَدَّدَ إليَّ النَّظَرَ-حتى إذا جَلَسْتُ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[يا عمرو..أَمَا والله لقد آذيتنِي]،فقلتُ:أعوذ بالله أنْ أُوذِيك يا رسول الله! قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[بَلَى،مَن آذَى عليًّا فقد آذانِي].
وقال الحاكمُ في هذا القسم أيضًا:حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم ... (وحدثني) أبو الحسن أحمد بن الخضر الشـافعي ... (وحدثنا) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أمـية القرشي ... (قالوا) ... أبي الأزهر قال:حدثنا عبد الرزاق ... عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:نَظَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله إلى عليٍّ فقال:[يا عَـلِيّ00أنت سَيِّدٌ في الدنيا سيِّدٌ في الآخرة، حبيبُـك حـبيبي وحبيبي حبيبُ الله، وعَدُوُّك عَدُوِّي وعدوي عدوّ الله، والوَيْلُ لِمَن أبْغضَك بَعْدِي]، قال الحاكمُ:صحيح على شرط الشيخين*وأبو الأزهر بإجماعهم ثقـة، وإذا تَفَـرَّدَ الثقةُ بحديثٍ فهو على أَصْلِهم صحيحٌ*(سمعت)أبا عبد الله القرشي يقول:سمعتُ أحمد بن يحيى الحلواني يقول:لَمَّا وَرَدَ أبو الأزهر مِن صنعاء،وذَاكَرَ أهلَ بغداد بهذا الحديث أَنْكَرَه يحيى بنُ معين،فلمَّا كان يومُ مَجْلِسِه قال(يحيى بن معين) في آخر المجلس:أين هذا الكذاب النيسابوري الذي يذكر عن عبد الرزاق هذا الحديث؟فقام أبو الأزهر فقال:هُوَ ذَا أَنَا0فضحك يحيى بن معين مِن قوْلِه وقيامِه في المجلس فَقَرَّبَه وأَدْناه ثم قال له:كيف حَدَّثَك عبدُ الرزاق بهذا ولم يُحَدث به غيرَك؟! فقال(أبو الأزهر): اعْلَم يا أبا زكريا..إنِّي قدِمْتُ صنعاءَ وعبدُ الرزاق غائبٌ في قريةٍ له بعيدة، فخرجـتُ إليه وأنـا عَلِيلٌ، فلمَّا وَصَلتُ إليه سَألنِي عن أمْرِ خراسان،فحَدَّثتُه بها،وكتبتُ عنه، وانصرَفتُ معه إلى صنعاء، فلمَّا وَدَّعْتُه قال لي:قد وَجَبَ عَلَيَّ حَقُّـك، فأنا أُحَدِّثك بحديثٍ لم يَسْمعه منِّي غيرُك، فحَدَّثني والله بهذا الحديث لَفْظًا،فَصَدَّقه يحيى بُن معين،واعْتَذَرَ إليه.
وقال الحاكمُ في هذا القسم:حدثنا أبوجعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان ...عن أبي ذر قال:مَا كُنَّا نَعْرِف المنافقين إلا بتكذيبهم اللهَ ورسولَـه، والتَّخَلُّف عن الصلوات، والبُغض لِعليِّ بن أبي طالب.
وذكَرَ فيه:أخبرني أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد ... قال:قال رجلٌ لِسلمان: مَا أشَدَّ حُبَّك لِعليٍّ! فقال سلمانُ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [مَن أَحَبَّ عليًّا فقد أحبَّني،ومَن أبْغَضَ عليًّا فقد أبغَضَنِي].
وذكَرَ فيه:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... سمعتُ عمارَ بن ياسر يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول لِعليٍّ: [ياعلي..طُوبَى لِمَن أحَبَّك وصَدَّقَ فيك،وَوَيْلٌ لِمَن أبْغَضَك وكَذَّبَ فيك].
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرَجهم وفرَجنا بهم يا كريم
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
جاء في الرّسَالة:
{3-يقول محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في ج4مِن(كتاب بدء الخلق0باب مناقب علي بن أبي طالب): حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن سعيد قال: سمعتُ إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم لِعليٍّ:[أمَا تَرْضَى أنْ تَكُون منِّي بمنزلة هارون مِن موسى].
أقول:أَسْأَلُك بالله تعالى:ماذا كان يُمَثِّل هَارُونُ لِموسى عليهما السلام؟
ألَم يكن وصيًّا لَه؟ فإنْ قلتَ: لقد كان هارونُ عليه السلام نبيًّا أيضاً !
قلتُ: صحيح،ولذلك نَبَّه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك فاستثنى النُّبُوةَ عن أمير المؤمنين علي عليه السلام،حيث قال في ذيل هذا الحديث: [إلا أنه لا نَبِيَّ بعدي]..
راجع سيرةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم للشيخ محمد بن عبد الوهاب}.
الحاشية:
*البخاري0كِتَاب المغازي0باب غزوة تبوك(ج5ص129): عن مصعب بن سعد عن أَبِيه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم خَرَجَ إلى تبوك واسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فقال(عَلِيٌّ): أَتُخَلِّفُنِي في الصِّبيان والنساء؟ قال(النبي صلى الله عليه وآله): [أَلا تَـــرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّـي بِمَنْزِلَةِ هارُون مِن مُوسَى إلا أَنَّه لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي].
أقول:كانت غزوةُ تبوك في نهاية حياة النبي صلى الله عليه وآله،ولم يَكُن الإمامُ علي بن أبي طالب عليهما السلام مُعْتَادًا على عدمِ الخروج في حروب الإسلام بل كان أوَّلَ الخارجين، فعندما أَمَّرَه واسْتَخْلَفَه(جَعَلَه نَائبَه وخَلِيفَتَه)الرسولُ صلى الله عليه وآله على المدينة المنورة أّحَبَّ أميرُ المؤمنين عَلِيٌّ أن يَتَعَرَّفَ على سَبَبِ عَدَمِ الإذنِ له بالخروج للحرب في هذه المَرَّة،فأجَابَه النبيُّ صلى الله عليه وآله بهذا الحديث الشريف.
دَعُونا نَتَأَمَّل ألْفَاظَ هذه الرواية ومَجْمُوعَ تَرْكِيبِها:
مَاذا كان هارونُ مِن مُوسَى عليهما السلام؟ أَي: مَا هُوَ مَقَامُ هارون بالنِّسْبَةِ إلى النبي موسى عليهما السلام؟
لقد كان هارونُ وَزِيرَ موسى،وَوَصِيَّه،وقد كان نَبِيًّا أيضًا،وهذا مُتَّفَقٌ عليه..
والآن نَنظُر في جواب النبيِّ للإمام عليٍّ عليهما وآلهما الصلاة والسلام:
يا علي .. أنا لم أُخَلِّفك في الصبيان والنساء كُرْهًا فِيك أو رَغْبَةً عَنْك فأنت أكبَرُ مِن ذلك، فَمَقَامُك بالنِّسْبَة إليَّ هو نَفْسُ المَنْزِلَةِ والمَقَامِ الذي لِهارون بالنسبة إلى موسى عليهما السلام، نَفسُه نَفْسُه، ولكن كان هارونُ نَبِيًّا أيضًا –كَمُوسى- وأمَّا أنتَ فلَسْتَ نَبِيًّا يا علِيُّ، ولَن تَكُون نَبِيًّا بعدي،لأنِّي خَاتمُ الأنبياء،ولَيْسَ بعدي نَبِيٌّ،فَلَكَ مَا لِهَارُون إلا النُّبُوَّة، وكُلُّنَا يَعْلَم –أيها المؤمنون– بأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله حَكِيمٌ بَلِيغٌ بل{ومَا يَنْطِق عن الهَوَى*إنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى*عَلَّمَه شَدِيدُ القوَى}فَلَنْ يَقُولَ شَيْئًا كَاذِبًا –ولو مُزَاحًا أو تَرْضِيَةً– ولن يَقول ذلك فَضْلَةً وبلا فائدةٍ، فتَأمَّلُوا مَعِي لِتَجِدُوا كيف صَاغَ البَلِيغُ كلَّ هذه المَعاني في بِضْعِ الكلمات هذه.
ويكون هذا الحديث الشريف المُسَمَّى بِـ (حديث المَنْـزِلَة) مِن أحاديث إثباتِ الولاية والوصاية والوزارة والخلافة.
*صحيح مُسْلِم(ج7ص120)باب من فضائل علي: محمد بن المنكدر عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم لِعَلِيٍّ: [أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي]،قال سعيد:فأحْبَبْتُ أنْ أُشَافِهَ بها سعدًا،فحَدَّثتُه بما حدّثني به عامرٌ،فقال: أنا سَمِعْتُه.فقلتُ: أأنتَ سمعتَه؟ فَوَضَعَ إصبعيه في أذنيه وقال: نعم،وإلا فاسْتُكَّتَا.
وذكَرَ مسلمٌ بعد هذه الرواية مايلي:عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:خَلَّفَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك،فقال(عليٌّ): يا رسول الله .. تُخَلِّفني في النساء والصبيان؟ فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [أمَا تـرضى أن تكُـون مِني بِمَنـْزلة هارون من موسى غَيْرَ أنه لا نَبِيَّ بعدي].ثم ذكَر مسلمٌ بعدها حادثة سَعْدٍ مع معاوية: عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمَرَ معاويةُ بن أبي سفيان سعدًا فقال:مَا مَنَعَك أنْ تَسُبَّ أبا التُّرَاب (علي بن أبي طالب)؟ فقال(سعد):أما ما ذكرتُ ثلاثًا قالَهُنَّ له رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فَلَنْ أَسُبَّه، لأنْ تكون لي واحدةٌ منهن أحَبّ إلي مِن حمر النعم: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول له-وقد خَلَّفَه في بعض مغازيه،فقال له علِيٌّ: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟-فقال له رسولُ الله صلى الله عليه (وآله)وسلم:[أمَا تَـرْضَى أن تكون مني بمنزلة هارون من مُـوسى إلا أنه لا نُـبُوَّةَ بعدي]،وسمعتُه يقول يومَ خيبر: [لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رجُلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه]،قال: فَتَطَاوَلْنَا لها فقال(النبي صلى الله عليه وآله): [ادْعوا لي عَلِيًّا]،فأتِيَ به أَرْمَد،فَبَصَقَ في عينِه ودَفَعَ الرايةَ إليه ففُتِحَ عليه،ولَمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ: {فقُلْ تعالوا نَدْعُ أبناءنا وأبنـاءكم ونساءنا ونسـاءكم وأنفسَنا وأنفسكم ثم نَبْتَهِل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا،فقال: [اللهم هؤلاء أهلي].
أقول: لاحِظُوا كيف أنَّ هذه الأحاديث الشريفة -عَدَا واحد أو أكثر- تَتَّفق على اسْتِثناءِ النبوَّةِ مِن منزلةِ الإمامِ عليٍّ مِن النبي صلى الله عليهما وآلهما،بينما تُثْبِت باقي مَرَاتِب المنزلة التي كانت لِهارون مِن موسى -على نبينا وآله وعليهما السلام- مِن الولاية والوزارة والوصايَة والخلافة،بل بعض الأحاديث الماضية عَبَّرَت بِلَفْظِ(إلا أنه لا نُبُوَّةَ بعدي) فالمَجِيءُ بالوَصْف واستثناؤه أوضَح في أنَّ المنزلة مُرَكَّبَة مِن مَرَاتِب،وكلُّها للإمام عليٍّ ما عدا النبوة.
ورَوَى التِّرمذي في صحيحه تحت عنوان (مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ج5 ح(الحديث رقم3808)مثلَ هذا الحديث بالضَّبط،مع استثناء النبوة بالوَصْف.
وروَى الترمذي أيضًا تحت نفس العنوان(ج5ح3813): عن سعد بن أبي وقاص أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال لِعَلِي: [أنتَ مني بمنزلة هارون مِن موسى]. وروى في الحديث الذي بعده،رقم(3814): عن جابر بن عبد الله أنَّ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعلي: [أنتَ مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي].
*ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب: سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أنه قال لعليٍّ: [ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون مِن موسى].
أقول: ونلاحظ في هذه الأحاديث الأخيرة بأنهالم تُرْوَ في غزوة تبوك، واثنان منها لم يُصَدَّرَا بعبارة(أما ترضى أن تكون)،مِمَّا يُشِير إلى أنَّ حديثَ المنزلة قد صَدَرَ مِن النبي صلى الله عليه وآله أكثر مِن مرَّة وفي مناسبات عديدة،حتى يُؤَكِّد للأمَّةِ الإسلامية أنَّ الخليفةَ الشَّرْعِيَّ بعده هو أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب وليس غيره.
{3-يقول محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في ج4مِن(كتاب بدء الخلق0باب مناقب علي بن أبي طالب): حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن سعيد قال: سمعتُ إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم لِعليٍّ:[أمَا تَرْضَى أنْ تَكُون منِّي بمنزلة هارون مِن موسى].
أقول:أَسْأَلُك بالله تعالى:ماذا كان يُمَثِّل هَارُونُ لِموسى عليهما السلام؟
ألَم يكن وصيًّا لَه؟ فإنْ قلتَ: لقد كان هارونُ عليه السلام نبيًّا أيضاً !
قلتُ: صحيح،ولذلك نَبَّه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك فاستثنى النُّبُوةَ عن أمير المؤمنين علي عليه السلام،حيث قال في ذيل هذا الحديث: [إلا أنه لا نَبِيَّ بعدي]..
راجع سيرةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم للشيخ محمد بن عبد الوهاب}.
الحاشية:
*البخاري0كِتَاب المغازي0باب غزوة تبوك(ج5ص129): عن مصعب بن سعد عن أَبِيه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم خَرَجَ إلى تبوك واسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فقال(عَلِيٌّ): أَتُخَلِّفُنِي في الصِّبيان والنساء؟ قال(النبي صلى الله عليه وآله): [أَلا تَـــرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّـي بِمَنْزِلَةِ هارُون مِن مُوسَى إلا أَنَّه لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي].
أقول:كانت غزوةُ تبوك في نهاية حياة النبي صلى الله عليه وآله،ولم يَكُن الإمامُ علي بن أبي طالب عليهما السلام مُعْتَادًا على عدمِ الخروج في حروب الإسلام بل كان أوَّلَ الخارجين، فعندما أَمَّرَه واسْتَخْلَفَه(جَعَلَه نَائبَه وخَلِيفَتَه)الرسولُ صلى الله عليه وآله على المدينة المنورة أّحَبَّ أميرُ المؤمنين عَلِيٌّ أن يَتَعَرَّفَ على سَبَبِ عَدَمِ الإذنِ له بالخروج للحرب في هذه المَرَّة،فأجَابَه النبيُّ صلى الله عليه وآله بهذا الحديث الشريف.
دَعُونا نَتَأَمَّل ألْفَاظَ هذه الرواية ومَجْمُوعَ تَرْكِيبِها:
مَاذا كان هارونُ مِن مُوسَى عليهما السلام؟ أَي: مَا هُوَ مَقَامُ هارون بالنِّسْبَةِ إلى النبي موسى عليهما السلام؟
لقد كان هارونُ وَزِيرَ موسى،وَوَصِيَّه،وقد كان نَبِيًّا أيضًا،وهذا مُتَّفَقٌ عليه..
والآن نَنظُر في جواب النبيِّ للإمام عليٍّ عليهما وآلهما الصلاة والسلام:
يا علي .. أنا لم أُخَلِّفك في الصبيان والنساء كُرْهًا فِيك أو رَغْبَةً عَنْك فأنت أكبَرُ مِن ذلك، فَمَقَامُك بالنِّسْبَة إليَّ هو نَفْسُ المَنْزِلَةِ والمَقَامِ الذي لِهارون بالنسبة إلى موسى عليهما السلام، نَفسُه نَفْسُه، ولكن كان هارونُ نَبِيًّا أيضًا –كَمُوسى- وأمَّا أنتَ فلَسْتَ نَبِيًّا يا علِيُّ، ولَن تَكُون نَبِيًّا بعدي،لأنِّي خَاتمُ الأنبياء،ولَيْسَ بعدي نَبِيٌّ،فَلَكَ مَا لِهَارُون إلا النُّبُوَّة، وكُلُّنَا يَعْلَم –أيها المؤمنون– بأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله حَكِيمٌ بَلِيغٌ بل{ومَا يَنْطِق عن الهَوَى*إنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى*عَلَّمَه شَدِيدُ القوَى}فَلَنْ يَقُولَ شَيْئًا كَاذِبًا –ولو مُزَاحًا أو تَرْضِيَةً– ولن يَقول ذلك فَضْلَةً وبلا فائدةٍ، فتَأمَّلُوا مَعِي لِتَجِدُوا كيف صَاغَ البَلِيغُ كلَّ هذه المَعاني في بِضْعِ الكلمات هذه.
ويكون هذا الحديث الشريف المُسَمَّى بِـ (حديث المَنْـزِلَة) مِن أحاديث إثباتِ الولاية والوصاية والوزارة والخلافة.
*صحيح مُسْلِم(ج7ص120)باب من فضائل علي: محمد بن المنكدر عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم لِعَلِيٍّ: [أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي]،قال سعيد:فأحْبَبْتُ أنْ أُشَافِهَ بها سعدًا،فحَدَّثتُه بما حدّثني به عامرٌ،فقال: أنا سَمِعْتُه.فقلتُ: أأنتَ سمعتَه؟ فَوَضَعَ إصبعيه في أذنيه وقال: نعم،وإلا فاسْتُكَّتَا.
وذكَرَ مسلمٌ بعد هذه الرواية مايلي:عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:خَلَّفَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك،فقال(عليٌّ): يا رسول الله .. تُخَلِّفني في النساء والصبيان؟ فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [أمَا تـرضى أن تكُـون مِني بِمَنـْزلة هارون من موسى غَيْرَ أنه لا نَبِيَّ بعدي].ثم ذكَر مسلمٌ بعدها حادثة سَعْدٍ مع معاوية: عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمَرَ معاويةُ بن أبي سفيان سعدًا فقال:مَا مَنَعَك أنْ تَسُبَّ أبا التُّرَاب (علي بن أبي طالب)؟ فقال(سعد):أما ما ذكرتُ ثلاثًا قالَهُنَّ له رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فَلَنْ أَسُبَّه، لأنْ تكون لي واحدةٌ منهن أحَبّ إلي مِن حمر النعم: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول له-وقد خَلَّفَه في بعض مغازيه،فقال له علِيٌّ: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟-فقال له رسولُ الله صلى الله عليه (وآله)وسلم:[أمَا تَـرْضَى أن تكون مني بمنزلة هارون من مُـوسى إلا أنه لا نُـبُوَّةَ بعدي]،وسمعتُه يقول يومَ خيبر: [لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رجُلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه]،قال: فَتَطَاوَلْنَا لها فقال(النبي صلى الله عليه وآله): [ادْعوا لي عَلِيًّا]،فأتِيَ به أَرْمَد،فَبَصَقَ في عينِه ودَفَعَ الرايةَ إليه ففُتِحَ عليه،ولَمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ: {فقُلْ تعالوا نَدْعُ أبناءنا وأبنـاءكم ونساءنا ونسـاءكم وأنفسَنا وأنفسكم ثم نَبْتَهِل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا،فقال: [اللهم هؤلاء أهلي].
أقول: لاحِظُوا كيف أنَّ هذه الأحاديث الشريفة -عَدَا واحد أو أكثر- تَتَّفق على اسْتِثناءِ النبوَّةِ مِن منزلةِ الإمامِ عليٍّ مِن النبي صلى الله عليهما وآلهما،بينما تُثْبِت باقي مَرَاتِب المنزلة التي كانت لِهارون مِن موسى -على نبينا وآله وعليهما السلام- مِن الولاية والوزارة والوصايَة والخلافة،بل بعض الأحاديث الماضية عَبَّرَت بِلَفْظِ(إلا أنه لا نُبُوَّةَ بعدي) فالمَجِيءُ بالوَصْف واستثناؤه أوضَح في أنَّ المنزلة مُرَكَّبَة مِن مَرَاتِب،وكلُّها للإمام عليٍّ ما عدا النبوة.
ورَوَى التِّرمذي في صحيحه تحت عنوان (مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ج5 ح(الحديث رقم3808)مثلَ هذا الحديث بالضَّبط،مع استثناء النبوة بالوَصْف.
وروَى الترمذي أيضًا تحت نفس العنوان(ج5ح3813): عن سعد بن أبي وقاص أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال لِعَلِي: [أنتَ مني بمنزلة هارون مِن موسى]. وروى في الحديث الذي بعده،رقم(3814): عن جابر بن عبد الله أنَّ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعلي: [أنتَ مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي].
*ابن ماجة(ج1)فضل علي بن أبي طالب: سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أنه قال لعليٍّ: [ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون مِن موسى].
أقول: ونلاحظ في هذه الأحاديث الأخيرة بأنهالم تُرْوَ في غزوة تبوك، واثنان منها لم يُصَدَّرَا بعبارة(أما ترضى أن تكون)،مِمَّا يُشِير إلى أنَّ حديثَ المنزلة قد صَدَرَ مِن النبي صلى الله عليه وآله أكثر مِن مرَّة وفي مناسبات عديدة،حتى يُؤَكِّد للأمَّةِ الإسلامية أنَّ الخليفةَ الشَّرْعِيَّ بعده هو أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب وليس غيره.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
*المستدرك(ج3ص116)عن أبي نجيح وربيعة الجرشي أنه ذُكِرَ علِيٌّ عند رَجُلٍ وعنده سعدُ بن أبي وقاص،فقال له سعدٌ: أَتَذْكُرُ عليًّا؟! إنَّ له مناقب أربعة، لأنْ يكون لي واحدة منهن أحَبُّ إلي مِن كذا وكذا،وذَكَرَ حمر النعم: قولُه صلى الله عليه(وآله)وسلم:[لأُعْطِينَّ الرَّايَة]، وقولُه صلى الله عليه(وآله) وسلم: [أنتَ مني بمنزلة هارون مِن موسى]،وقولُه صلى الله عليه (وآله) وسلم: [مَنْ كنتُ مَوْلاه فَعَلِيٌّ مَوْلاه]،ونسِيَ الراوي الرابعةَ.
أقول: أشارَت هذه الروايةُ إلى ثلاثة أحاديث شريفة:1-حديث الرَّايَة في غزوة خيبر 2-حديث المنـزلة 3-حديث الولاية والمُسَمَّى ِبحديث الغَدِير(غَدِير خُمّ).
وتدل على حديث الغدير رواياتٌ كثيرة بَلَغَت حَدَّ التواتر والصُّدُور القَطْعِي مِن النبي صلى الله عليه وآله، كما يقول علماءُ الحديث، وقد ذكرنا الكثير منها بحمد الله رب العالمين.
نعم، عليٌّ ما علي وما أدراك ما علي ثم ما أدراك ما علي،رجلٌ باعَ نفسَه لله واشترى رضوانه، فأحبَّه اللهُ تبارك وتعالى..*صحيح البخاري(ج5) كتاب المغازي.باب غزوة خيبر: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال: أخبرني سهلُ بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قال يوم خيبر: [لأُعْطينَّ هذه الـرَّاية غَدًا رجلاً يَفتَح اللهُ على يَدَيْه، يُحِب الله ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه]، قال(الراوي):فبَاتَ الناسُ يدوكون ليلتهم أيّهم يُعْطاها،فلمَّا أصبَحَ الناسُ غَدَوْا على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، كلّهم يَرْجُو أنْ يُعْطاها،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [أين علي بن أبي طالب؟] فقِيل: هو يا رسول الله يَشتَكِي عيْنيْه،قال: [فأَرْسِلوا إليه]، فأُتِيَ به،فبَصَقَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فـي عيْنيْه،ودَعَا له،فبَرَأَ حتَّى كأَنْ لم يَكُن به وَجَعٌ، فأَعْطاه الرَّايةَ،فقال عليٌّ:يا رسول الله .. أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال عليه (وآله) الصلاة والسلام: [اِنْفِذْ عَلى رسْلِك حتى تَنْزل بسَاحتهم ثم ادْعُهُم إلى الإسْـلام وأَخْبِرْهم بمَا يَجب عليهم مِن حَقِّ اللهِ فيه،فوالله لأنْ يَهْدي اللهُ بِــك رجلاً واحدًا خيـرٌ مِن أنْ يكون لك حُمْر النَّعَم].
ورواه أيضًا بعده ببضعة أحاديث،وروى قبله مثلَه،ورواه في بداية باب دعاء النبي صلى الله عليه (وآله)وسلم إلى الإسلام والنبوة...(ج4)عن سهل بن سعد،ورواه في باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم مِن باب مناقب علي. والروايةُ السابقة وشبهها رواها مسلمٌ في صحيحه في الجزء السابع في كتاب فضائل الصحابة في باب(من فضائل علي).
وقال البخاري بعد الحديث السابق وقبل باب عمرة القضاء مباشرة: حدثنا يحيى بن بكير...عن عروة عن عائشة أنَّ فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أرْسَلَت إلى أبي بكر تَسْأَلُه ميرَاثَها مِن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عليه بالمدينة وفَدَك ومَا بَقِيَ مِن خُمس خيبر،فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آلُ محمد في هذا المال وإني والله لا أغير شيئًا مِن صدقة رسول الله صلى الله عليه (وآله)وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فأَبَى أبو بكر أنْ يَدْفَعَ إلى فاطمة مِنها شيئًا،فَوَجَدَت(غضبت وتأذَّت) فاطمةُ على أبي بكر في ذلك،فهَجَرَته فلم تُكَلِّمه حتى تُوُفِّيَت0وعاشت بعد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ستة أشهر،فلمَّا تُوُفِّيَت دَفَنَها زوجُها عَلِيٌّ ليْلاً، ولم يُؤْذِن بها أبا بكر، وصلى عليها،وكان لِعَلِيٍّ مِن الناس وَجْهٌ حَيَاةَ فاطمة فلمَّا تُوُفيَت استنكر على وجوه الناس فَالْتَمَسَ مُصَالَحَة أبي بكر ومبايعته،ولم يكن يُبَايع تلك الأشهر،فأَرْسَل إلى أبي بكر: أن ائْتِنا ولا يَأْتِنا أَحَدٌ معك كراهيةً لِمَحْضَر عُمَر، فقال عمرُ: لا واللهِ،لا تَدْخُل عليهم وَحْدَك، فقال أبو بكر:وما عَسيتَهم أنْ يَفْعَلوا بِي؟ والله لآتِيَنَّهم،فَدَخَلَ علَيْه أبو بكر،فَتَشَهَّدَ عليٌّ فقال:إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك، ولكنك اسْتَبْدَدْتَ علينا بالأمْر،وكنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنا مِن رسول الله نَصِيبًا... .
آيات القُرْبَى
لاحظوا قوْلَ عائشة عن الإمام عليٍّ عليه السلام: (فالتمَسَ مُصَالَحَة أبي بكر)،وما كان ذاك إلا بعد شهادة الصديقة الزهراء عليها السلام،حِفْظًا لِبَيْضَةِ الإسلامِ مِن الانثلام،وبعد أنْ يَئِس مِن أنْ يَرُدَّ القومُ إليه حَقَّه الإلهي وهو مَنْصِب الخلافة الظاهرية،وإلا فإمَامَتُه الشرعية لا تتوَقَّف على قبولها مِن الناس لأنها نَصٌّ وتنصيبٌ مِن رَبِّ العالمين جل وعلا،ومَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلا مُبَلِّغٌ لذلك{إنْ لم تَفْعَل فمَا بلَّغْتَ رسَالتَه واللهُ يَعْصِمك مِن الناس}وقد أَدَّى وبَلَّغَ صلى الله عليه وآله.ولاحظوا تعليلَ الإمامِ عليٍّ عليه السلام لأحَقِّيَّتِه بالأمر(الخلافة) بِلَفظِ القَرَابَةِ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وآله،وهو لا يقصد أنَّ لِعنوانِ القرابة الجسدية مَدْخَلِيَّةٌ في الإمَامة،لأنَّ الإمامةَ لا تُورَث كَالمَال،وإنما يُشِير بذلك إلى قوله تعالى: {قُل لا أسْألـُـكم عليه أجْرً إلا الَمَوَدَّةَ في القربى} وقولِه سبحانه: {مَا سَأَلْتُكم مِن أجرٍ فَهُوَ لَكُم}وقولهِ عز وجل:{مَا أسأَلُـكم عليه مِن أَجْرٍ إلا مَنْ شَاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّه سَبِيلاً}فجَعَلَ اللهُ تبارك وتعالى أَجْرَ النبيِّ على تَأْدِيَتِه الرسالةَ لِلأمَّة مَوَدَّةَ قُرْبَاه صلى الله عليه وآله،هؤلاء القربى الذين هم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وقد ذكرنا -وسنذكر- ما يكفي لإثبات ذلك إن شاء الله تعالى.
ولا يكفي حُبُّهم، لأنَّ الحُبَّ ليس طريقًا –بِمُفْرَدِه– إلى الله تعالى،بينما يقول اللهُ: إنَّ هذا الأجْرَ .. هذه المودَّة لِمَن أرَادَ السبيلَ إليه، وذلك لا يتم إلا بسُلُوكِ طريقٍ معيَّنة، ومَا هي إلا طريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
*ورَوَى مسلمٌ نفسَ الرواية السابقة(ج5)كتاب الجهاد والسير.باب قول النبي(لا نورث...).
*البخاري(ج4)في أَوَّلِه ص42:باب فَرْض الخُمْس:...أخبرني عروةُ بن الزبير أنَّ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أَخْبَرَتْه أنَّ فاطمة عليها السلام ابنة رسولِ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم سَأَلَت أبابكر الصديق بعْد وفاةِ رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم أَنْ يُقسم لها مِيرَاثَها مَا تَرَكَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْه،فقال لها أبوبكر:إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم قال:لا نورث ما تركنا صدقة،فَغَضِبَت فاطمةُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فَهَجَرَت أبابكر فَلَم تَزَل مُهَاجِرَته حتى تُوُفِّيَت.
ورَوَى البخاري مثلَه(ج8)كتاب الفرائض.باب قول النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم لا نورث... .
أهلُ البيت عليهم الصلاة والسلام
*البخاري(ج4)كتاب بدء الخلق0باب المناقب:عبد الملك عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما:{إلا المَوَدَّةَ في القُرْبَى}قال:فقال سعيدُ بن جبير (في هذه الآية): قُرْبَى محمدٍ صلى الله عليه(وآله)وسلم... .
*صحيح مسلم(ج7)باب فضائل علي: ... عن سعيد بن مرزوق عن يزيد ابن حيان قال:انْطَلَقْتُ أنَا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلمَّا جَلَسْنا إليه قال له حصين:لقد لَقِيتَ يا زيدُ خيرًا كثيرًا، رَأَيْتَ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، وسمعتَ حديثَه،وغَزَوْتَ معه، وصلَّيْتَ خلْفَه،لقد لَقِيتَ يا زَيدُ خيرًا كثيرًا،حَدِّثنا يا زيدُ مَا سمعتَ مِن رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، قال(زيدٌ): يَا ابْنَ أَخِي..واللهِ لقد كَبِرَت سِنِّي، وقَدِمَ عَهْدِي،ونَسِيتُ بعضَ الذي كنتُ أَعِي مِن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، فمَا حَدَّثْتُكم فاقْبَلُوا ومَا لا فلا تُكَلِّفُونِيه، ثم قال(زيدٌ):قامَ رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يَوْمًا فِينَا خطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بيْن مكّة والمدينة،فَحَمِدَ اللهَ وأَثْنَى عليه، وَوَعَظَ وذَكَّرَ ثم قال: [أَمَّـا بَعْد..أَلا أَيُّها الناس ..فإِنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشَك أنْ يَأْتِـي رسولُ ربِّي فأُجِيبُ وأنَا تارِكٌ فِيكُم ثَقَلَيْنِ:أَوَّلُهما كِتَاب اللهِ،فِيهِ الهُدَى والنُّورُ فَخُذُوا بكتابِ اللهِ واسْتَمْسِكُوا به]، فَحَثَّ على كتابِ اللهِ، ورَغَّبَ فيه، ثم قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):(الثاني)وأَهْل بَيْتِي،أُذَكِّرُكُم اللهَ في أهل بيتي أذكركم الله في أهـــــل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي] ... (و)حدثنا محمدُ بن بكار بن الريان(قال)حدثنا حسان(يعني ابن إبراهيم)عن سعيد(وهو ابن مسروق)عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:دَخَلْنا عليه فقلنا له:لقد رَأَيْتَ خيرًا، لقد صاحبتَ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، وصليتَ خلفه،وساقَ الحديثَ بِنَحْوِ حديثِ أبي حيان غير أنه قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[ألا وإنِّي تارِكٌ فيكم ثَقَلَيْنِ: أحدُهما كتاب الله عز وجل هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومَن تَرَكَه كان على ضَلالَة]،فحثَّ على كتاب الله ... ثم قال:(وأهل بيتي ...)، وفيه(في هذا الحديث):فقلنا:مَن أهْلُ بَيْتِه؟نِسَاؤُه؟ قال(زيدٌ):لا، وَأَيْم اللهِ إنَّ المَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ العَصْرَ مِن الدَّهْرِ ثم يُطَلِّقُها فَتَرْجِع إلى أَبِيها وقَوْمِها، أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُه وعصبته الذين حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَه.
أقول:1-الثَّقَلان مُثَنَّى كلمةِ(ثَقَل)،وهو كلُّ شَيْءٍ خَطِيرٍ نَفِيس(الغدير لِلشيخ الأميني).
2-وقد ثَبَت لدينا الإمامية أنَّ أوَّلَ الذين حُرِمُوا الصدقةَ أهلُ الكِسَاء الخمسة صلوات الله عليهم أجمعين،وقد روى البخاري ذلك:(ج2)باب الزكاة.باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبي فيمس تمر الصدقة:...عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه (وآله)وسلم يُؤْتَى بالتمر عند صرام النخل،فَيَجِيء هذا بِتَمره وهذا مِن تمره، حتى تصير عنده كومًا مِن تمر،فَجَعَلَ الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بذلك التمر،فَأَخَذَ أحدُهما تمرةً فَجَعَلَه في فِيه،فَنَظَرَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْرَجَها مِن فِيه،فقال:[أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ محمدٍ لا يَأْكُلون الصَّدَقة].
فَبِغَضِّ النَّظَر عن مِصْدَاقِيَّة اللَّعب بالتمر في هذه الرواية إلا أنها أَثْبَتَت أنَّ الإمامَيْن الحسن والحسين مِمَّن حُرِمُوا الصدقةَ،فَيَكُونَان-كَمَا في رواية مسلمٍ السابقة على لِسَانِ زيد بن أرقم-مِن أهل البيت الذين لا تَضِلُّ الأُمَّةُ بِالتَّمَسُّك بهم مع القرآن الكريم،دُونَ نِسَاءِ النبي صلى الله عليه وآله.وبِضَمِيمَة ما ذَكَرَه الحاكمُ في مستدركه(ج3 مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله) يتَّضِح أنَّ آلَ النبيِّ هم أهل بيته المُطَهرون في آية التطهير فقط،دُون باقي قرابته،فقد قال الحاكمُ بِالنَّص:
...وإنما خَرَّجْتُه(رَوَيْتُه) لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ أنَّ أهلَ البيت والآلَ جميعًا هُم.(أي الخمسة الأطهار عليهم السلام،وسَيَأْتِي إن شاء الله تعالى).
*الترمذي(ج5)(ح3259)عن أنسأنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم كان يَمُرُّ بِبَابِ فاطمة سِتَّةَ أشهرٍ إذا خَرَجَ لِصلاة الفجر، يقول: الصَّلاةَ يا أهْلَ البيت{إنما يُرِيد اللهُ لِيُذهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويطهركم تطهيرًا}.
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: عن أنسأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يَمُرُّ بِبَابِ فاطـمة(عليها السلام) سِتَّةَ أشهرٍ إذا خَرَجَ لِصلاة الفجر،يقول:الصلاةَ يا أهل البيت {إنما يُرِيد اللهُ لِيُذهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويطهِّـركم تطهيرًا}.
*المستدرك(ج3)كتاب المغازي والسرايا.تعزية الملائكة عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي...حدثنا أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عَزَّتْهُم الملائكةُ،يَسْمَعُون الحِسَّ،ولا يَرَوْنَ الشَّخْصَ، فقالت(الملائكة):[السلام عليـكم أهلَ البيت ورحمة الله وبركاته، إنَّ في اللهِ عَزَاءً مِن كلِّ مُـصِيبَةٍ وخَلَفًا مِن كلِّ فائتٍ،فبِاللهِ فثِقُوا، وإيَّـاهُ فَارْجُوا،فإنَّمَا المَحْرُومُ مَن حُرِمَ الثـواب،والسـلام عليكم ورحمة الله وبركاته].
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه وأبو العباس محمد بن يعقوب {قالا}...عطاء بن يسار عن أمِّ سلمة قالت:فِي بَيْتِي نَزَلَت{إنما يريد الله ليذهِــب عنكم الرجس أهل البيت}،قالت:فَأَرْسَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلى عليٍّ وفاطمة والحسنِ والحسينِ فقال:[هؤلاء أهلُ بيتي].
وقال الحاكمُ بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...حدثنا الربيعُ بن سليمان المرادي وبحرُ بن نصر الخولاني{قالا}...حدثني واثلة بن الأسقع قال: أَتَيْتُ عليًّا فلم أَجِدْهُ، فقالت لي فاطمةُ:انْطَلَقَ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَدْعُوه، فجاءَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله فَدَخَلا، ودخلتُ معهما،فدَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله الحسنَ والحسينَ فأَقْعَدَ كلَّ واحدٍ منهما على فخذَيْه، وأَدْنَى فاطمةَ مِن حِجْرِهِ وزوْجَها، ثم لَفَّ عليهم ثوْبًا،وقال:{إنما يُـريد الله ليذهب عنكم الرجْس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}،ثم قال:[هؤلاء أهلُ بيتي، اللهم أهلُ بيتي أَحَقُّ].
وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب(قال)حدثنا الربيعُ بن سليمان المرادي وبحرُ بن نصر الخولاني{قالا}...حدثنا مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: حَدَّثَتْنِي أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها قالت: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وآله غَداةً،وعليه مرْطٌ مرجل مِن شَعْرٍ أَسْوَد،فجاءَ الحسنُ والحسينُ فأدْخَلَهما معه،ثم جاءت فاطمةُ فأَدْخَلها معهما، ثم جاءَ عليٌّ فأَدْخَله معهم،ثم قال:
{إنما يريد الله ليذهب عَنْـكم الرجس أهل البيت ويُـطهركم تطهيرًا}.
وقال بعده: كَتَبَ إِلَيَّ أبو إسماعيل محمد ابن النحوي، يَذْكُرُ أنَّ الحسنَ بنَ عرفة حدَّثهم، قال: حدثني علي بن ثابت الجزري (قال) حدثنا بكير بن مسمار مولى عامر بن سعد (قال): سمعتُ عامرَ بنَ سعد يقول: قال سعدٌ: نَزَلَ على رسول الله صلى الله عليه وآله الوَحْيُ،فأَدْخَلَ عليًّا وفاطمةَ وابنَيْهما تحْت ثَوْبهِ،ثم قال: [اللهم هؤلاء أهْلِي وأهلُ بيتي].وقال بعده:حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ... عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال: لمَّا نَظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرَّحْمَةِ هَابِطَةً قال: [ادْعُوا لِي،ادْعُوا لِي]، فقالت صفِيَّة: مَن يا رسول الله؟ قال: [أهْل بيتي:عَليًّا وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ]، فجِيءَ بهم،فأَلْقَى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كِسَاءَه، ثم رَفَعَ يَدَيْه،ثم قال: [اللهم هؤلاء آلِـي،فصَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ]،وأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ{إنَّمَـا يُــريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}.
*المستدرك(ج3)فضائل الحسن بن علي:حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني (قال) حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين(قال) حدثني عَمِّي عليُّ بن جعفر بن محمد (قال)حدثني الحسين بن زيد عن عمر بن علي عن أبيه علي بن الحسين قال: خَطَبَ الحسنُ بنُ عليٍّ الناسَ حِين قُتِلَ عليٌّ،فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: [لقد قُبِـضَ في هذه الليلة رَجُـلٌ لا يَسْبِقُه الأَوَّلُون بِعَمَلٍ،ولا يُدْرِكُه الآخِرُون،وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله يُعْطِيهِ رايَتَـه فيُقَاتِـل وجبريـلُ عن يَمِينهِ وميكائيـلُ عن يَسَارهِ فمَا يَرْجِع حتى يَفتَحَ اللهُ عليه،ومَا تَرَكَ على أهلِ الأرضِ صفراءَ ولا بيضاءَ إلا سبعَ مائةِ درْهمٍ،فَضُلَت مِن عطايَـاه،أَرَادَ أنْ يَبْتَاع بها خادمًا لأهلهِ]،ثم قال:
[أيها الناس..مَن عَرَفنِي فقد عَرَفنِي ومَن لم يَعْرِفنِي فأَنَا الحسَــنُ بنُ عليٍّ،وأَنَـا ابنُ النبيِّ،وأنا ابنُ الوَصِيِّ،وأَنا ابنُ البَشِير،وأَنَا ابنُ النَّذِيرِ،وأَنـا ابنُ الدَّاعِي إلى اللهِ بِإِذْنهِ،وأَنا ابنُ السِّرَاجِ المُنِيرِ،وأَنـا مِنْ أَهْلِ البَيْتِ الذي كان جبريـلُ يَنْزِل إليْنا ويَصْعَدُ مِن عندنـا،وأَنـا مِن أهْل البيت الذي أَذْهَبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطَهَّرَهم تطهــيرًا، وأَنــا مِن أهل البيت الذي افْتَرَضَ اللهُ مَوَدَّتَهم على كلِّ مُسْلِمٍ فقال تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وآله:
{قُل لا أسأَلكم عليه أَجْرًا إلا المَوَدَّة في القرْبَى ومَنْ يَقْتَرِف حَسَنَةً نَزِدْ لَه فيها حُسْنًا}فاقْتِرَافُ الحسَنةِ مَوَدَّتُنا أهل البيت].
أقول: وتفصيلُ الكلام في دلالة هذه الآية مَرَّ عند ذِكْرِ آيات القربى،وقد أَكَّدَ الحاكِمُ في مستدركه -على لِسَانِ الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه– ما ذَكَرْنَاه هناك.
*الترمذي.كتاب المناقب(ح3787)(مِن الطبعة الأولى–1385هـ-لِشَركةِ مصطفى البابي الحلبي): عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم قال:نَزَلَت هذه الآيةُ{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في بيْت أمِّ سلمة، فدَعَا النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم فاطمةَ وحسنًا وحسينًا فَجَلَّلَهُم بِكِسَاءٍ وعليٌّ خَلْفَ ظَهْرِه فَجَلَّلَه بالكساء، ثم قال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي فأَذْهِب عنهم الرجسَ وطَهِّرْهم تطهيرًا]، قالت أمُّ سلمة: وأنا معهم يا نبيَّ الله؟ قال: [أنتِ على مكانِكِ، وأنتِ إلى خَيْرٍ].قال المحقق لهذه الطَّبْعَة:وفي البابِ عن أمِّ سلمة ومعقل بن يسار وأبي الحمراء وأنس.
ورواه الترمذي(ج5)سورة الأحزاب(ح3258).
أقول: لاحِظُوا هذه الطهَارَةَ النَّفْسِيَّةَ الرُّوحِيَّةَ الخاصَّة التي أَرَادَها اللهُ تعالى لأَهلِ البيت(علي وفاطمة والحسن والحسين،وأبناء الحسين)،كيفَ أنَّ أمَّ المؤمنين أمَّ سلمة على عظمتها ليست ضِمْنَ دائرَة هذه الطهارة، وليس ذاك إلا لأنَّها طهارةٌ مِن نوْعٍ خاصٍّ،هو ما نُسَمِّيه نحن الإمامية بالعِصْمَة، ولذلك نَجِد أحاديثَ كثيرة تَصُبّ في هذا المعنى..
أقول: أشارَت هذه الروايةُ إلى ثلاثة أحاديث شريفة:1-حديث الرَّايَة في غزوة خيبر 2-حديث المنـزلة 3-حديث الولاية والمُسَمَّى ِبحديث الغَدِير(غَدِير خُمّ).
وتدل على حديث الغدير رواياتٌ كثيرة بَلَغَت حَدَّ التواتر والصُّدُور القَطْعِي مِن النبي صلى الله عليه وآله، كما يقول علماءُ الحديث، وقد ذكرنا الكثير منها بحمد الله رب العالمين.
نعم، عليٌّ ما علي وما أدراك ما علي ثم ما أدراك ما علي،رجلٌ باعَ نفسَه لله واشترى رضوانه، فأحبَّه اللهُ تبارك وتعالى..*صحيح البخاري(ج5) كتاب المغازي.باب غزوة خيبر: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال: أخبرني سهلُ بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قال يوم خيبر: [لأُعْطينَّ هذه الـرَّاية غَدًا رجلاً يَفتَح اللهُ على يَدَيْه، يُحِب الله ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه]، قال(الراوي):فبَاتَ الناسُ يدوكون ليلتهم أيّهم يُعْطاها،فلمَّا أصبَحَ الناسُ غَدَوْا على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، كلّهم يَرْجُو أنْ يُعْطاها،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [أين علي بن أبي طالب؟] فقِيل: هو يا رسول الله يَشتَكِي عيْنيْه،قال: [فأَرْسِلوا إليه]، فأُتِيَ به،فبَصَقَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فـي عيْنيْه،ودَعَا له،فبَرَأَ حتَّى كأَنْ لم يَكُن به وَجَعٌ، فأَعْطاه الرَّايةَ،فقال عليٌّ:يا رسول الله .. أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال عليه (وآله) الصلاة والسلام: [اِنْفِذْ عَلى رسْلِك حتى تَنْزل بسَاحتهم ثم ادْعُهُم إلى الإسْـلام وأَخْبِرْهم بمَا يَجب عليهم مِن حَقِّ اللهِ فيه،فوالله لأنْ يَهْدي اللهُ بِــك رجلاً واحدًا خيـرٌ مِن أنْ يكون لك حُمْر النَّعَم].
ورواه أيضًا بعده ببضعة أحاديث،وروى قبله مثلَه،ورواه في بداية باب دعاء النبي صلى الله عليه (وآله)وسلم إلى الإسلام والنبوة...(ج4)عن سهل بن سعد،ورواه في باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم مِن باب مناقب علي. والروايةُ السابقة وشبهها رواها مسلمٌ في صحيحه في الجزء السابع في كتاب فضائل الصحابة في باب(من فضائل علي).
وقال البخاري بعد الحديث السابق وقبل باب عمرة القضاء مباشرة: حدثنا يحيى بن بكير...عن عروة عن عائشة أنَّ فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أرْسَلَت إلى أبي بكر تَسْأَلُه ميرَاثَها مِن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عليه بالمدينة وفَدَك ومَا بَقِيَ مِن خُمس خيبر،فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آلُ محمد في هذا المال وإني والله لا أغير شيئًا مِن صدقة رسول الله صلى الله عليه (وآله)وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فأَبَى أبو بكر أنْ يَدْفَعَ إلى فاطمة مِنها شيئًا،فَوَجَدَت(غضبت وتأذَّت) فاطمةُ على أبي بكر في ذلك،فهَجَرَته فلم تُكَلِّمه حتى تُوُفِّيَت0وعاشت بعد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ستة أشهر،فلمَّا تُوُفِّيَت دَفَنَها زوجُها عَلِيٌّ ليْلاً، ولم يُؤْذِن بها أبا بكر، وصلى عليها،وكان لِعَلِيٍّ مِن الناس وَجْهٌ حَيَاةَ فاطمة فلمَّا تُوُفيَت استنكر على وجوه الناس فَالْتَمَسَ مُصَالَحَة أبي بكر ومبايعته،ولم يكن يُبَايع تلك الأشهر،فأَرْسَل إلى أبي بكر: أن ائْتِنا ولا يَأْتِنا أَحَدٌ معك كراهيةً لِمَحْضَر عُمَر، فقال عمرُ: لا واللهِ،لا تَدْخُل عليهم وَحْدَك، فقال أبو بكر:وما عَسيتَهم أنْ يَفْعَلوا بِي؟ والله لآتِيَنَّهم،فَدَخَلَ علَيْه أبو بكر،فَتَشَهَّدَ عليٌّ فقال:إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك، ولكنك اسْتَبْدَدْتَ علينا بالأمْر،وكنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنا مِن رسول الله نَصِيبًا... .
آيات القُرْبَى
لاحظوا قوْلَ عائشة عن الإمام عليٍّ عليه السلام: (فالتمَسَ مُصَالَحَة أبي بكر)،وما كان ذاك إلا بعد شهادة الصديقة الزهراء عليها السلام،حِفْظًا لِبَيْضَةِ الإسلامِ مِن الانثلام،وبعد أنْ يَئِس مِن أنْ يَرُدَّ القومُ إليه حَقَّه الإلهي وهو مَنْصِب الخلافة الظاهرية،وإلا فإمَامَتُه الشرعية لا تتوَقَّف على قبولها مِن الناس لأنها نَصٌّ وتنصيبٌ مِن رَبِّ العالمين جل وعلا،ومَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلا مُبَلِّغٌ لذلك{إنْ لم تَفْعَل فمَا بلَّغْتَ رسَالتَه واللهُ يَعْصِمك مِن الناس}وقد أَدَّى وبَلَّغَ صلى الله عليه وآله.ولاحظوا تعليلَ الإمامِ عليٍّ عليه السلام لأحَقِّيَّتِه بالأمر(الخلافة) بِلَفظِ القَرَابَةِ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وآله،وهو لا يقصد أنَّ لِعنوانِ القرابة الجسدية مَدْخَلِيَّةٌ في الإمَامة،لأنَّ الإمامةَ لا تُورَث كَالمَال،وإنما يُشِير بذلك إلى قوله تعالى: {قُل لا أسْألـُـكم عليه أجْرً إلا الَمَوَدَّةَ في القربى} وقولِه سبحانه: {مَا سَأَلْتُكم مِن أجرٍ فَهُوَ لَكُم}وقولهِ عز وجل:{مَا أسأَلُـكم عليه مِن أَجْرٍ إلا مَنْ شَاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّه سَبِيلاً}فجَعَلَ اللهُ تبارك وتعالى أَجْرَ النبيِّ على تَأْدِيَتِه الرسالةَ لِلأمَّة مَوَدَّةَ قُرْبَاه صلى الله عليه وآله،هؤلاء القربى الذين هم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وقد ذكرنا -وسنذكر- ما يكفي لإثبات ذلك إن شاء الله تعالى.
ولا يكفي حُبُّهم، لأنَّ الحُبَّ ليس طريقًا –بِمُفْرَدِه– إلى الله تعالى،بينما يقول اللهُ: إنَّ هذا الأجْرَ .. هذه المودَّة لِمَن أرَادَ السبيلَ إليه، وذلك لا يتم إلا بسُلُوكِ طريقٍ معيَّنة، ومَا هي إلا طريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
*ورَوَى مسلمٌ نفسَ الرواية السابقة(ج5)كتاب الجهاد والسير.باب قول النبي(لا نورث...).
*البخاري(ج4)في أَوَّلِه ص42:باب فَرْض الخُمْس:...أخبرني عروةُ بن الزبير أنَّ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أَخْبَرَتْه أنَّ فاطمة عليها السلام ابنة رسولِ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم سَأَلَت أبابكر الصديق بعْد وفاةِ رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم أَنْ يُقسم لها مِيرَاثَها مَا تَرَكَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْه،فقال لها أبوبكر:إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم قال:لا نورث ما تركنا صدقة،فَغَضِبَت فاطمةُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فَهَجَرَت أبابكر فَلَم تَزَل مُهَاجِرَته حتى تُوُفِّيَت.
ورَوَى البخاري مثلَه(ج8)كتاب الفرائض.باب قول النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم لا نورث... .
أهلُ البيت عليهم الصلاة والسلام
*البخاري(ج4)كتاب بدء الخلق0باب المناقب:عبد الملك عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما:{إلا المَوَدَّةَ في القُرْبَى}قال:فقال سعيدُ بن جبير (في هذه الآية): قُرْبَى محمدٍ صلى الله عليه(وآله)وسلم... .
*صحيح مسلم(ج7)باب فضائل علي: ... عن سعيد بن مرزوق عن يزيد ابن حيان قال:انْطَلَقْتُ أنَا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلمَّا جَلَسْنا إليه قال له حصين:لقد لَقِيتَ يا زيدُ خيرًا كثيرًا، رَأَيْتَ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، وسمعتَ حديثَه،وغَزَوْتَ معه، وصلَّيْتَ خلْفَه،لقد لَقِيتَ يا زَيدُ خيرًا كثيرًا،حَدِّثنا يا زيدُ مَا سمعتَ مِن رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، قال(زيدٌ): يَا ابْنَ أَخِي..واللهِ لقد كَبِرَت سِنِّي، وقَدِمَ عَهْدِي،ونَسِيتُ بعضَ الذي كنتُ أَعِي مِن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، فمَا حَدَّثْتُكم فاقْبَلُوا ومَا لا فلا تُكَلِّفُونِيه، ثم قال(زيدٌ):قامَ رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يَوْمًا فِينَا خطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بيْن مكّة والمدينة،فَحَمِدَ اللهَ وأَثْنَى عليه، وَوَعَظَ وذَكَّرَ ثم قال: [أَمَّـا بَعْد..أَلا أَيُّها الناس ..فإِنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشَك أنْ يَأْتِـي رسولُ ربِّي فأُجِيبُ وأنَا تارِكٌ فِيكُم ثَقَلَيْنِ:أَوَّلُهما كِتَاب اللهِ،فِيهِ الهُدَى والنُّورُ فَخُذُوا بكتابِ اللهِ واسْتَمْسِكُوا به]، فَحَثَّ على كتابِ اللهِ، ورَغَّبَ فيه، ثم قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):(الثاني)وأَهْل بَيْتِي،أُذَكِّرُكُم اللهَ في أهل بيتي أذكركم الله في أهـــــل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي] ... (و)حدثنا محمدُ بن بكار بن الريان(قال)حدثنا حسان(يعني ابن إبراهيم)عن سعيد(وهو ابن مسروق)عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:دَخَلْنا عليه فقلنا له:لقد رَأَيْتَ خيرًا، لقد صاحبتَ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، وصليتَ خلفه،وساقَ الحديثَ بِنَحْوِ حديثِ أبي حيان غير أنه قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[ألا وإنِّي تارِكٌ فيكم ثَقَلَيْنِ: أحدُهما كتاب الله عز وجل هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومَن تَرَكَه كان على ضَلالَة]،فحثَّ على كتاب الله ... ثم قال:(وأهل بيتي ...)، وفيه(في هذا الحديث):فقلنا:مَن أهْلُ بَيْتِه؟نِسَاؤُه؟ قال(زيدٌ):لا، وَأَيْم اللهِ إنَّ المَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ العَصْرَ مِن الدَّهْرِ ثم يُطَلِّقُها فَتَرْجِع إلى أَبِيها وقَوْمِها، أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُه وعصبته الذين حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَه.
أقول:1-الثَّقَلان مُثَنَّى كلمةِ(ثَقَل)،وهو كلُّ شَيْءٍ خَطِيرٍ نَفِيس(الغدير لِلشيخ الأميني).
2-وقد ثَبَت لدينا الإمامية أنَّ أوَّلَ الذين حُرِمُوا الصدقةَ أهلُ الكِسَاء الخمسة صلوات الله عليهم أجمعين،وقد روى البخاري ذلك:(ج2)باب الزكاة.باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبي فيمس تمر الصدقة:...عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه (وآله)وسلم يُؤْتَى بالتمر عند صرام النخل،فَيَجِيء هذا بِتَمره وهذا مِن تمره، حتى تصير عنده كومًا مِن تمر،فَجَعَلَ الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بذلك التمر،فَأَخَذَ أحدُهما تمرةً فَجَعَلَه في فِيه،فَنَظَرَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْرَجَها مِن فِيه،فقال:[أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ محمدٍ لا يَأْكُلون الصَّدَقة].
فَبِغَضِّ النَّظَر عن مِصْدَاقِيَّة اللَّعب بالتمر في هذه الرواية إلا أنها أَثْبَتَت أنَّ الإمامَيْن الحسن والحسين مِمَّن حُرِمُوا الصدقةَ،فَيَكُونَان-كَمَا في رواية مسلمٍ السابقة على لِسَانِ زيد بن أرقم-مِن أهل البيت الذين لا تَضِلُّ الأُمَّةُ بِالتَّمَسُّك بهم مع القرآن الكريم،دُونَ نِسَاءِ النبي صلى الله عليه وآله.وبِضَمِيمَة ما ذَكَرَه الحاكمُ في مستدركه(ج3 مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله) يتَّضِح أنَّ آلَ النبيِّ هم أهل بيته المُطَهرون في آية التطهير فقط،دُون باقي قرابته،فقد قال الحاكمُ بِالنَّص:
...وإنما خَرَّجْتُه(رَوَيْتُه) لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ أنَّ أهلَ البيت والآلَ جميعًا هُم.(أي الخمسة الأطهار عليهم السلام،وسَيَأْتِي إن شاء الله تعالى).
*الترمذي(ج5)(ح3259)عن أنسأنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم كان يَمُرُّ بِبَابِ فاطمة سِتَّةَ أشهرٍ إذا خَرَجَ لِصلاة الفجر، يقول: الصَّلاةَ يا أهْلَ البيت{إنما يُرِيد اللهُ لِيُذهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويطهركم تطهيرًا}.
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: عن أنسأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يَمُرُّ بِبَابِ فاطـمة(عليها السلام) سِتَّةَ أشهرٍ إذا خَرَجَ لِصلاة الفجر،يقول:الصلاةَ يا أهل البيت {إنما يُرِيد اللهُ لِيُذهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويطهِّـركم تطهيرًا}.
*المستدرك(ج3)كتاب المغازي والسرايا.تعزية الملائكة عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي...حدثنا أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عَزَّتْهُم الملائكةُ،يَسْمَعُون الحِسَّ،ولا يَرَوْنَ الشَّخْصَ، فقالت(الملائكة):[السلام عليـكم أهلَ البيت ورحمة الله وبركاته، إنَّ في اللهِ عَزَاءً مِن كلِّ مُـصِيبَةٍ وخَلَفًا مِن كلِّ فائتٍ،فبِاللهِ فثِقُوا، وإيَّـاهُ فَارْجُوا،فإنَّمَا المَحْرُومُ مَن حُرِمَ الثـواب،والسـلام عليكم ورحمة الله وبركاته].
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه وأبو العباس محمد بن يعقوب {قالا}...عطاء بن يسار عن أمِّ سلمة قالت:فِي بَيْتِي نَزَلَت{إنما يريد الله ليذهِــب عنكم الرجس أهل البيت}،قالت:فَأَرْسَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله إلى عليٍّ وفاطمة والحسنِ والحسينِ فقال:[هؤلاء أهلُ بيتي].
وقال الحاكمُ بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...حدثنا الربيعُ بن سليمان المرادي وبحرُ بن نصر الخولاني{قالا}...حدثني واثلة بن الأسقع قال: أَتَيْتُ عليًّا فلم أَجِدْهُ، فقالت لي فاطمةُ:انْطَلَقَ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَدْعُوه، فجاءَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله فَدَخَلا، ودخلتُ معهما،فدَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله الحسنَ والحسينَ فأَقْعَدَ كلَّ واحدٍ منهما على فخذَيْه، وأَدْنَى فاطمةَ مِن حِجْرِهِ وزوْجَها، ثم لَفَّ عليهم ثوْبًا،وقال:{إنما يُـريد الله ليذهب عنكم الرجْس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}،ثم قال:[هؤلاء أهلُ بيتي، اللهم أهلُ بيتي أَحَقُّ].
وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب(قال)حدثنا الربيعُ بن سليمان المرادي وبحرُ بن نصر الخولاني{قالا}...حدثنا مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: حَدَّثَتْنِي أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها قالت: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وآله غَداةً،وعليه مرْطٌ مرجل مِن شَعْرٍ أَسْوَد،فجاءَ الحسنُ والحسينُ فأدْخَلَهما معه،ثم جاءت فاطمةُ فأَدْخَلها معهما، ثم جاءَ عليٌّ فأَدْخَله معهم،ثم قال:
{إنما يريد الله ليذهب عَنْـكم الرجس أهل البيت ويُـطهركم تطهيرًا}.
وقال بعده: كَتَبَ إِلَيَّ أبو إسماعيل محمد ابن النحوي، يَذْكُرُ أنَّ الحسنَ بنَ عرفة حدَّثهم، قال: حدثني علي بن ثابت الجزري (قال) حدثنا بكير بن مسمار مولى عامر بن سعد (قال): سمعتُ عامرَ بنَ سعد يقول: قال سعدٌ: نَزَلَ على رسول الله صلى الله عليه وآله الوَحْيُ،فأَدْخَلَ عليًّا وفاطمةَ وابنَيْهما تحْت ثَوْبهِ،ثم قال: [اللهم هؤلاء أهْلِي وأهلُ بيتي].وقال بعده:حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ... عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال: لمَّا نَظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرَّحْمَةِ هَابِطَةً قال: [ادْعُوا لِي،ادْعُوا لِي]، فقالت صفِيَّة: مَن يا رسول الله؟ قال: [أهْل بيتي:عَليًّا وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ]، فجِيءَ بهم،فأَلْقَى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كِسَاءَه، ثم رَفَعَ يَدَيْه،ثم قال: [اللهم هؤلاء آلِـي،فصَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ]،وأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ{إنَّمَـا يُــريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}.
*المستدرك(ج3)فضائل الحسن بن علي:حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني (قال) حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين(قال) حدثني عَمِّي عليُّ بن جعفر بن محمد (قال)حدثني الحسين بن زيد عن عمر بن علي عن أبيه علي بن الحسين قال: خَطَبَ الحسنُ بنُ عليٍّ الناسَ حِين قُتِلَ عليٌّ،فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: [لقد قُبِـضَ في هذه الليلة رَجُـلٌ لا يَسْبِقُه الأَوَّلُون بِعَمَلٍ،ولا يُدْرِكُه الآخِرُون،وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله يُعْطِيهِ رايَتَـه فيُقَاتِـل وجبريـلُ عن يَمِينهِ وميكائيـلُ عن يَسَارهِ فمَا يَرْجِع حتى يَفتَحَ اللهُ عليه،ومَا تَرَكَ على أهلِ الأرضِ صفراءَ ولا بيضاءَ إلا سبعَ مائةِ درْهمٍ،فَضُلَت مِن عطايَـاه،أَرَادَ أنْ يَبْتَاع بها خادمًا لأهلهِ]،ثم قال:
[أيها الناس..مَن عَرَفنِي فقد عَرَفنِي ومَن لم يَعْرِفنِي فأَنَا الحسَــنُ بنُ عليٍّ،وأَنَـا ابنُ النبيِّ،وأنا ابنُ الوَصِيِّ،وأَنا ابنُ البَشِير،وأَنَا ابنُ النَّذِيرِ،وأَنـا ابنُ الدَّاعِي إلى اللهِ بِإِذْنهِ،وأَنا ابنُ السِّرَاجِ المُنِيرِ،وأَنـا مِنْ أَهْلِ البَيْتِ الذي كان جبريـلُ يَنْزِل إليْنا ويَصْعَدُ مِن عندنـا،وأَنـا مِن أهْل البيت الذي أَذْهَبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطَهَّرَهم تطهــيرًا، وأَنــا مِن أهل البيت الذي افْتَرَضَ اللهُ مَوَدَّتَهم على كلِّ مُسْلِمٍ فقال تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وآله:
{قُل لا أسأَلكم عليه أَجْرًا إلا المَوَدَّة في القرْبَى ومَنْ يَقْتَرِف حَسَنَةً نَزِدْ لَه فيها حُسْنًا}فاقْتِرَافُ الحسَنةِ مَوَدَّتُنا أهل البيت].
أقول: وتفصيلُ الكلام في دلالة هذه الآية مَرَّ عند ذِكْرِ آيات القربى،وقد أَكَّدَ الحاكِمُ في مستدركه -على لِسَانِ الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه– ما ذَكَرْنَاه هناك.
*الترمذي.كتاب المناقب(ح3787)(مِن الطبعة الأولى–1385هـ-لِشَركةِ مصطفى البابي الحلبي): عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم قال:نَزَلَت هذه الآيةُ{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في بيْت أمِّ سلمة، فدَعَا النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم فاطمةَ وحسنًا وحسينًا فَجَلَّلَهُم بِكِسَاءٍ وعليٌّ خَلْفَ ظَهْرِه فَجَلَّلَه بالكساء، ثم قال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي فأَذْهِب عنهم الرجسَ وطَهِّرْهم تطهيرًا]، قالت أمُّ سلمة: وأنا معهم يا نبيَّ الله؟ قال: [أنتِ على مكانِكِ، وأنتِ إلى خَيْرٍ].قال المحقق لهذه الطَّبْعَة:وفي البابِ عن أمِّ سلمة ومعقل بن يسار وأبي الحمراء وأنس.
ورواه الترمذي(ج5)سورة الأحزاب(ح3258).
أقول: لاحِظُوا هذه الطهَارَةَ النَّفْسِيَّةَ الرُّوحِيَّةَ الخاصَّة التي أَرَادَها اللهُ تعالى لأَهلِ البيت(علي وفاطمة والحسن والحسين،وأبناء الحسين)،كيفَ أنَّ أمَّ المؤمنين أمَّ سلمة على عظمتها ليست ضِمْنَ دائرَة هذه الطهارة، وليس ذاك إلا لأنَّها طهارةٌ مِن نوْعٍ خاصٍّ،هو ما نُسَمِّيه نحن الإمامية بالعِصْمَة، ولذلك نَجِد أحاديثَ كثيرة تَصُبّ في هذا المعنى..
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
*الترمذي(ج5)مناقب علي(ح3811): عن أبي سعيد قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لِعَلِيٍّ: [ياعَلِيّ..لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أنْ يُجْنِبَ في هذا المسجد غَيْرِي وغَيْرك].
وبعده: (ح3815): عن ابن عباس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم أَمَرَ بِـسَدِّ الأبْوَاب(أبواب المسجد النبوي)إلا باب عَلِيٍّ.
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز ببغداد... عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كانت لِنَفَرٍ مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أبوابٌ مُشْرَعَةٌ في المسجد،فقال يومًا: [سُدُّوا هذه الأبوابَ إلا بـــَاب عليٍّ]، قال(الراوي): فتَكَلَّمَ في ذلك ناسٌ، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله،فحمدَ اللهَ وأثنى عليه،ثم قال: [أمَّا بَعْدُ فإنِّي أَمَرْتُ بِسَـدِّ هذه الأبواب غيْرَ بابِ عليٍّ،فقال فيه قائلُكم، واللهِ مَا سَدَدْتُ شيْئًا ولا فَتَحْتُه،ولكن أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فاتَّبَعْتُه].
أقول: يقْصد صلى الله عليه وآله أنه أَمْرٌ مِن الله جل وعلا.
وقال الحاكمُ بعده: أخبرني الحسن بن محمد بن إسحاق الأسفرايني...عن أبي هريرة قال: قال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: لقد أُعْطِيَ عليُّ بن أبي طالب ثلاثَ خصالٍ، لأَنْ تكُون لي خصلةٌ مِنها أَحَبّ إِلَيَّ مِن أَنْ أُعْطَى حمر النعم. قِيل: ومَا هُنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تَزَوُّجُه فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وسُــكْنَاه المسجدَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله، يَـحِلُّ لَه (لِعليٍّ) فِيه مَا يَحِلُّ له (للنبي صلى الله عليه وآله)،والرَّايةُ يوْمَ خيبر.
*المُسْتَدرك(ج3)في(الدَّفْعِ عن سعد بن أبي وقاص)مِن باب(فضائل أمير المؤمنين): عن خيثمة بن عبدالرحمن قال: سَمِعتُ سعدَ بن مالك(سعد بن أبي وقاص): وقال له(لِسَعدِ) رَجُلٌ أنَّ علِيًّا يَقَعُ فِيك أنك تَخَلَّفتَ عنه، فقال سعدٌ(بن أبي وقاص): والله إنه لَرَأْيٌ رَأَيْتُه، وأَخْطَأَ رَأْيِي،إنَّ عليَّ بن أبي طالب أُعْطِيَ ثلاثًا،لأنْ أَكون أُعْطِيتُ إحْدَاهن أَحَبُّ إلي مِن الدنيا وما فيها: لقد قال له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ بَعْدَ حَمْدِ الله والثناء عليه: [هل تَعْلَمُون أني أولى بالمؤمنين؟]قلنا: نعم.قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [اللهم مَنْ كنتُ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه،وَالِ مَنْ وَالاه وعَادِ مَنْ عَادَاه]، وجِيءَ به يَوْمَ خيبر وهو أَرْمَد مَا يُبْصِر، فقال(علِي): يارسول الله إني أَرْمَد،فَتَفَلَ في عَيْنَيه ودَعَا له،فَلَم يرمد حتى قُتِل، وأَخْرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَمَّه العبَّاسَ وغيرَه مِن المَسْجِد،فقال له العباسُ: تُخْرِجنا ونحن عُصْبَتُك وعمومتُك وتُسْكِن عَلِيًّا؟! فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَا أنا أخرَجْتُكم وأَسْكَنْتُـه،ولكنَّ اللهَ أخْـرجكم وأَسْكَنَه].
دلالَة حديثِ سَدِّ الأبواب
هذه الرواية صَرَّحَت بثلاثةِ أمور:1-حديث الولاية في يومِ الغدِير 2-مَا حَازَ عليه الأميرُ مِن كَرَامَةٍ في غزوة خيبر 3-إخْرَاج جَمِيعِ الصَّحَابَة الذين كان لهم نَحْوٌ مِن السَّكَنِيَّة في المسجد النبوي الشريف، سَوَاء كان لهم بَابٌ مِن بيوتهم يَدخلون عَبْرَه إلى المسجد مباشرة،فيكون هذا الحديث هو حديث (سَدّ الأبواب إلا باب علِيّ) أو غير ذلك، وكذلك مَنْعهم مِن دخول المسجد بجنابتهم،لأنَّ هذا الحديث يَتَّحِد أو يَتَّفِق مع الأحاديث التي تَمْنَع الصحابة مِن الدخولِ أو المُرُور بالمسجد بجنابتهم، ولكن عَلِيّ بن أبي طالب سُمِحَ له بذلك كَالرَّسول صلى الله عليهما وآلهما، ولَعَمْرِي إنَّ هذا دَلِيلُ قِمَّةِ الطَّهَارَةِ التي لم يَحْصَل على عُلُوِّها باقي الصحابة رضي الله عن خيَارهم، وهو مِن الدلائل الواضحة على المَقَامِ الإلهي الخاصِّ بالإمام عليٍّ، وأنتم تَرَوْن كيف أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله يُصَرِّح بأنَّ هذا الأمر مِن الله تبارك وتعالى وليس تَشَهِّيًا منه لابن عّمِّه صلى الله عليهما وآلهما.
وقال في هذا الباب:أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالري ... أبو سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله دَخَلَ على فاطمة رضي الله عنها فقال: [إنِّي وإِيَّاكِ وهذا النَّائِـم -يَعْنِي عليًّا- و هُمَا–يَعْنِي الحسنَ والحسينَ- لَفِي مَكَانٍ واحِدٍ يوْم القيامة].
وقال بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... حدثنا مالك بن دينار قال: سألتُ سعيدَ بنَ جبير فقلتُ: يا أبا عبد الله..مَنْ كان حامِل رَايَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله؟ قال(الراوي): فنظرَ إليَّ وقال كأنك رَخِيَّ البَال ... كان حامِلُها عليًّا رضي الله عنه،هكذا سمعتُه مِن عبدِ الله بن عباس.
وقال بعده:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،ولِهذا الحديث شاهِدٌ مِن حديثِ زنفل العرفي وفيه طُولٌ فلمْ أُخْرِجْه.
وقال بعده: حدثنا أبو بكر بن إسحاق...عن أنس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[اشتاقت الجَنَّةُ إلى ثلاثة: عليّ وعمّار وسَلْمَان].
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ... حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال: لمَّا نظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرحمةِ هابطةً قال: [ادْعُوا لِي ادْعُوا لي]، فقالت صفية: مَن يا رسول الله؟ قال: [أهــل بيْتي..عليًّا وفاطمة والحسنَ والحسينَ]،فجِيءَ بهم،فأَلْقَى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كسَاءَه،ثم رَفعَ يدَيْه، ثم قال: [اللهم هؤلاء آلِي، فصَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد]، وأَنْزَلَ اللهُ عز وجل{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجسَ أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}.
وقال بعده:حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن إبراهيم الحافظ الأسدي بهمدان ... عن عطاء بن أبي رباح وغيرِه مِن أصحاب ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
[... سألتُ اللهَ أنْ يَجْعَلَكم جُوَدَاء نُجَدَاء رُحَمَـاء،فَــلَوْ أَنَّ رَجُــلاً صَفَنَ بيْن الرُّكْنِ والمَقَام،فصلَّى وصَامَ ثم لَقِيَ اللهَ وهو مُبـــْغِضٌ لأهْـلِ بيْتِ محمدٍ دَخَلَ النارَ].
وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[والذي نفسي بِيَدِهِ..لا يَبْغَضُنا أَهْلَ البيْتِ أَحَدٌ إلا أَدْخَلَه اللهُ النارَ].
حديث الثَّقَلَيْن
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:رَوَى عن زيدِ بن أرقم رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنِّي تاركٌ فِيكم الثّقلًيْن:كِتَابَ الله،وأهْلَ بَيْتِي، وإنهما لَنْ يَفْتَرِقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ].
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد...، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار {قالا}حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل(قال)حدثني أبي(قال) حدثنا يحيى بن حماد، وحدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى(قال)حدثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ... عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:لَمَّا رَجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله مِنْ حجَّةِ الوَدَاع، ونَـزَلَ(غَدِيرَ خُمٍّ) أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ فَقُمِمْنَ، فقال:[كَأَنِّي قد دُعِيتُ فَأَجَبْتُ،إنِّي قد تَرَكْتُ فِيكم الثّقلَيْن،أحدهما أكْبَر مِن الآخر:كتابَ الله تعالى وعِتْرَتِي، فانْظُرُوا كَيْفَ تخلفُوني فيهما، فإنَّهما لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ]،ثم قال:[إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ مَوْلايَ وأنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ]،ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[مَنْ كنتُ مَوْلاهُ فَهَذَا وَلِيُّه، اللهم وَالِ مَنْ وَالاهُ، وعَـادِ مَنْ عَـادَاه]، قال الحاكمُ: شاهِدُه حديثُ سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضًا صحيح على شرطهما،حَدَّثَناهُ أبو بكر بن إسحاق ودعلج بن أحمد السجزي {قالا} أَنْبَأَ محمد بن أيوب (قال) حدثنا الأزرق بن علي(قال)حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني(قال)حدثنا محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنه سَمِعَ زيدَ بنَ أرقم رضي الله عنه يقول: نَزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله بيْن مَكّة والمدينة عند شَجَرَاتٍ خمْسٍ، دَوْحَات عِظَام، فَكَنَسَ الناسُ مَا تحْت الشجرات، ثم رَاحَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عَشِيَّةً فصَلَّى،ثم قامَ خطِيبًا، فحَمِدَ اللهَ، وأثنَى عليه،وذَكَّرَ ووَعَظَ،فقال ما شاءَ اللهُ أنْ يقول،ثم قال: [أيها الناس .. إنِّي تاركٌ فيكم أَمْرَيْنِ،لَنْ تَضِلُّوا إِنِ اتَّبَعْتُمُوهما،وهما:كتاب الله، وأهل بيتي عترتي ]،ثم قال:[أَتَعْلَمُون أنِّي أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟] ثلاث مرات، قالوا: نعم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [مَنْ كُنْتُ مَوْلاه فعَلِيٌّ مَوْلاهُ].
دلالة حديث الثقلين
هذه الأحاديث الصحيحة والتي رواها علماء العامة ووصلت الثقة بصدورها مِن النبي صلى الله عليه وآله إلى حَدِّ العِلْمِ واليقين حيث رُوِيَت عن أكثر من عشرين صحابيًّا..مَاذا يمكن أن نستفيد مْن مَضَامِينِها؟ خاصَّةً مع ملاحظة ذِكْرِ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لها في أماكن مختلفة وأزمان مُتَغَايِرَة..فقد ذَكَرَها تارَةً بعد انصرافه مِن الطائف وأخرى على منبره في المدينة المنورة وتارَةً في حُجْرَتِه وهو في مَرَضِه والحُجْرَة غَاصَّة بأصحابه0 هناك عَقِيدَةٌ أساس في صَرْح الإيمان تُسْتَفاد مِن هذه الأحاديث الشريفة ألا وهي لُزُومُ اتِّبَاعِ أهْلِ البيت-عليهم الصلاة والسلام-وطاعتِهم وعَدَمِ الاكْتِفَاءِ بِحُبِّهم فقط وإذا خَالَفَهم أيُّ أَحَدٍ-أَيًّا كَانَ-تُرِكَ قَوْلُه وأُخِذَ بِقَوْلِهم، لأَنَّ هذا هو المُناسِب لِمَا في أكْثَرِ هذه الأحاديث مِنْ تَقْدِيمِ النَّبِيِّ تَوَقُّعَ رَحِيلِه إلى الرفيق الأعلى قبْلَ ذِكْرِها، خاصَّةً مع ملاحظة روايةِ:[إنِّـي تَارِكٌ فيكم خَلِيفَتَيْن]فهي واضِحَة في إرَادَةِ مَا يَخْلُفُه ويَقُومُ مَقَامَه ويُؤَدِّي وَظَائِفَه ويَجِب طاعتُه مثله.
وكذلك تَدُلُّ هذه الأحاديثُ على لُزُومِ الطَّاعَةِ بِقَرْنِهِ صلى الله عليه وآله وسلم أهلَ البيت -عليهم الصلاة والسلام- بالقرآن الكريم .. فمِنَ المَعْلُومِ أنه لا يُكْتَفَى بِحُبِّ القرآنِ الكريم واحترامِه بل لا بُدَّ مِن اتِّبَاعِه وتَنْفِيذ جميعِ أحْكَامِه،خاصًّةً مع ذِكْرِه أَنَّ التَّمَسُّكَ بالقرآنِ والعِتْرَةِ مَعًا لَنْ يَحْصَل الضَّلالُ لِلأمَّة وذلك لا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الحُبِّ والاحترام.
وتدل هذه الرواياتُ على اسْتِمْرار وُجُودِ الأئمة،مِن بعد النبي صلى الله عليه وآله،بقرينة قوله:[لن يَفتَرِقَـا حتى يرِدَا علَيَّ الحوضَ] فمادامَ القرآنُ الكريم موجودًا فهؤلاء موجودون، وتَتَّضِح النتيجة بِإضَافَةِ أحاديث الاثني عشر خليفة -وقد مَرَّ بعضُها ولله الحمد رب العالمين- فبهؤلاء يَبْقَى أمْرُ الدِّينِ عزيزًا ومَنِيعًا إلى يوم القيامة.
والأوْضَحُ مِن ذلك هو ذِكْرُ التَّعَابِير التالية: التَّمَسُّك والأَخْذ والاتِّبَاع .. وهذه الأُمُورُ لا تَكُونُ إلا بِالطاعَةِ ومُوَافَقَةِ الأَمْرِ والنَّهْيِ اللَّذَيْنِ يَتَضَمَّنُهُما القرآنُ المجيد ويَصْدُرَان مِن العترة الطاهرة صلوات الله عليهم، وإذا وَجَبَت طاعَةُ أهلِ البيت (عليهم الصلاة والسلام) فلا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الإِمَامَةِ فِيهم لا فِي غَيْرهم، إذْ لا مَعْنَى لإِمَامَةِ الإِمَامِ غيْرَ كَوْنه قُدْوَةً لِلْمَأْمُومِين ولا يَكُون ذلك إلا بالاتِّبَاع، فلا يُعْقَل أنْ تَجِب على الأُمَّةِ طاعَتُهم وتكون الإِمَامَةُ في غيرهم! فكيف يَكون المُطَاعُ -الذي يُسَاوِغُ مَعْنَى الحَاكِم– مَحْكُومًا؟!
وهذه الأحاديثُ تَدُلُّ على عِصْمَةِ أهل البيتِ (عليهم الصلاة والسلام) أيضًا، حيث أنهم لَنْ يُضِلُّوا الأمَّةَ أبَدًا، مع الالْتِفَات إلى عَدَمِ افْتِرَاقِهم عَن القرآنِ الكريم {الذي لا يَأْتِيه البَاطِلُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِه}0
وتَتَّضِح لنا مِمَّا مَضَى ويَأْتِي حُدُودُ هذا المُصْطَلَح(أهل البيت): قالت السيدة عائشة-كما في(صحيح مسلم مِن باب فضائل أهل بيت النبي)-: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم غَدَاةً وعَلَيْه مرط مرحل مِنْ شَعْرٍ أَسْوَد،فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَه،ثم جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَه، ثم جاءَت فاطِمَةُ فَأَدْخلَها، ثم جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَه، ثم قال:{إنما يُرِيد اللهُ لِيُذْهِب عنـكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكم تَطْهِيرًا}.
*ورَوَى الترمذي (ج5) ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها (ح3963): عن شهر بن حوشب عن أمِّ سلمة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه(وآله) وسلم جَلَّلَ على الحسن والحسين وعليٍّ وفاطمة كِسَاءً ثم قال: [اللهم هؤلاء أهل بيــْتي وحامتي، أَذْهِب عنهم الرِّجسَ وطهِّرهم تطهيرًا]،فقالت أمُّ سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [إنك على خَيْرٍ].قال إبراهيم عطوة عوض محققُ طَبْعَةِ مطَبْعَةِ البابي الحلبي تحت هذا الحديث: هذا حديثٌ حِسَنٌ، وهو أحْسَن شَيْءٍ رُوِيَ في هذا الباب.
أقول: لو كانت نِسَاءُ النبيِّ(صلى الله عليه وآله)مِن أهلِ بَيْتِه الذين عَصَمَهم الله بآيةِ التطهير لأجَابَ النبيُّ(صلى الله عليه وآله)أمَّ سلمة بِـ(نَعَم).
وليس هؤلاء الخمسة الأطهار هم أهلُ البيت فقط، بل هُمْ وأبْنَاءُ الحُسَين التِّسْعَة الذين أَوْضَحَهم وَنَصَّ عليهم هؤلاءِ الخمسةُ -الأبْرَزُ فيمَن لا تَضِلّ الأمّةُ بالتَّمَسُّكِ بِهِم- بأنهم مِنْ أهلِ البيتِ المَشْمُولِين لِهَذِه الآيةِ الكريمةِ،كما عن الإمامِ الباقِر عن آبائه عليهم الصلاة والسلام حينما سُئِل عن ذلك قال: [هُم الأَئِمَّة عليهم السلام].
حديث الأمان
وهُمْ أَمَانٌ لهذه الأمَّة مِن الاختلاف كما في المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث قال: حدثنا مكرم بن أحمد القاضي...عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم: [النُّجُومُ أَمَـانٌ لأَهْلِ الأرض مِن الغَرَق،وأهلُ بيتي أمَـانٌ لأُمَّتِي مِن الاختلاف،فإذا خالَفَتْها قَبِيلَةٌ مِن العَرَب اخْتَلَفُوا فصَارُوا حِزْبَ إبليس]، فكانُوا سَفينَة النَّجَـاةِ لِهذه الأمَّةِ، كمَا كانت سفينةُ النبي نُوح الطَّرِيقَ الذي لا نَجَاةَ لأمَّتِه بدون الرُّكُوب فيها..
حديث السفينة
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ببغداد ... عن حنش الكناني قال:سمعتُ أبَا ذر رضي الله عنه يقول-وهو آخِذٌ بِبَابِ الكعبة-: مَنْ عَرفَنِي فأنَا مَن عَرفَنِي،ومَن أَنْكَرَنِي فأَنَا أبو ذر،سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول:
[ألا إنَّ مَثَلَ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُم مَثَلَ سَفِينَة نُوح مِن قَوْمِه،مَنْ رَكِبَهـا نَجَـا ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْها غَرِقَ].
وقال في(ج3)تفسير سورة هود:عن حنش الكناني قال:سمعتُ أبا ذر رضي الله عنه يقول-وهو آخِذٌ بِبَاب الكعبة-: مَن عرفني فأنا مَن عرفتم، ومَن أَنْكَرَنِي فأنا أبو ذر، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [مَثَلُ أهلِ بيتي مَثَلُ سفينة نوح،مَن رَكِبَها نَجَا،ومَن تَخَلَّفَ عنها غَرِقَ].
بل لا يَبْقَى أَحَدٌ بَعْدَهم أَبَدًا .. وإلا ظَلَّ ذلك البَاقِي بِلا حُجَّةٍ، وفي الرواية عن المعصوم عليه الصلاة والسلام أنه لَوْ لَمْ يَبْقَ على الأرض إلا اثنانِ لَكَان أَحَدُهما الحُجَّةُ على الآخر.
أقول:قال الحاكمُ في نهايةِ ذِكْرِه مناقبَ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وآله: (هذا آخرُ ما أَدَّى إليه الاجتهادُ مِن ذِكْر مناقبِ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وآله بِالأسانِيد الصحيحة مِمَّا لم يُخْرجْه الشيخان الإمامان).
ولم يَذكُر الحاكمُ في مُسْتَدْركِه أزواجَ النبي صلى الله عليه وآله تحت عنوان (أهل البيت) حتى خديجة أمّهم، بل أَفْرَدَهنَّ لوحدهنّ.
وكذا مسلمٌ في صحيحه فإنه لم يُورِد تحت عنوان(باب فضائل أهل بيت النبي) إلا رواية عائشة التي تُثْبِت أنَّ أهل البيت هم المعصومون عليٌّ وفاطمة والحسنان عليهم الصلاة والسلام: (باب فضائل أهل بيت النبي): خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم غَدَاةً وعَلَيْه مرط مرحل مِنْ شَعْرٍ أَسْوَد، فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَه،ثم جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَه،ثم جاءَت فاطِمَةُ فَأَدْخلَها،ثم جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَه، ثم قال: {إنما يُرِيد اللهُ لِيُذْهِب عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكـم تَطْهِيرًا}بَيْنَمَا أفْرَدَ لِزوجات النبي صلى الله عليه وآله أبوابًا أخرى. وصَنَعَ الترمذي في صحيحه كمَا صنع مسلمٌ إلا أنه روى أكثر مِن حديث، فهذا يُشِير أو يَدُلّ على أن هؤلاء لا يَرَوْنَ أن زوجات النبي صلى الله عليه وآله داخلات في المَفْهوم الشَّرْعِي الرِّوَائي لِـ(أهل البيت) ولِـ(العِتْرَة) فَبَعِيدًا عن المعنى اللُّغَوِي لِـ(الأهل) ولِـ(أهل البيت) فإنَّ هذه الكلمات في آية التطهير{إنما يريـد الله ليُـذْهِب عَـــنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}وفي أحاديث النبي وأهل بيته صلى الله عليهم أجمعين أصْبَحَت مُصْطَلَحَات خاصَّة تُطْلَق على الخمسة الأطهار، وثَبَتَ بالدليل القَطْعِي عندنا نحن الإمامية بأنَّ هذه الكلمات تَشْمَل –أيضًا- بقيَّة المعصومين مِن الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم.ومِن روايات العامَّة في ذلك:
قال الشيخ الحافظ سليمان القندوزي في كتابه(ينابيع المودة لذوي القربى)ج3 الباب السادس والسبعون: في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم: {وفي فرائد السمطين (للحافظ الحمويني)بسنده عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ يهوديٌّ يُقال له نعثل، فقال: يا محمد .. أسألك عن أشياء ... قال: صَدَقْتَ، فأخبِرني عن وَصِيِّك مَن هو؟ فما مِن نبيٍّ إلا وله وصي وإنَّ نبينا موسى بن عمران أوصى يوشعَ بن نون (بعد وفاة أخيه ووصيه هارون) فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [إنَّ وَصِيِّـــي عليُّ بن أبي طالب،وبعده سبطاي الحسن والحسين،تَتْلُوه تسعة أئمةٍ مِن صُلْب الحسين].
قال(اليهودي):يا محمد..فَسَمِّهم لي؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [إذا مَضَى الحسينُ فابْنُه عَلِيٌّ،فإذا مضى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه جعفـر،فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه علي،فإذا مضَـى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه علي،فإذا مضى علي فابنُـه الحسَــن،فإذا مضى الحسن فابنُــه الحجة محمد المـهدي،فهؤلاء اثنا عشر]}.
وقد روى القندوزي روايات كثيرة في هذا المعنى عن جابر بن عبدالله الأنصاري وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة وغيرهما0راجِع(ينابيع المودة لذوي القربى) للقندوزي(ج3). تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني.الطبعة الأولى (1416هـ) دار الأسوة للطباعة والنشر.
ونحن نعيش الآن في زمنِ خَاتمِهم صَاحِب العَصْرِ وإِمَام الزمان(عَجَّلَ اللهُ فرَجَه الشريف وجَعَلنا مِن أنصاره والمستشهدين بين يديه)،وسيأتي بعض الحديث عنه إن شاء الله تعالى.
ومِن المُهِم بَيَانُ القِيمَة السَّنَدِيَّة لِهَذا الحديث الشريف مُقَارَنةً بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى هذا الحديثَ بِاسْتِبْدَالِ لَفْظِ(وعترتي)بِلَفْظِ(وسُنَّتِي)، فأقول - مُستفيدًا مِن العلامة السبحاني - وعلى اللهِ التكلان:
أولاً: إنَّ حديث (... وعترتي) مُسْنَدٌ .. رَوَاه أكثرُ مِن عشرين صحَابيًّا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، منهم: جابر بن عبد الله الأنصاري وزيد بن أرقم، وَوَصَلَ إلينا حديثًا مُسْنَدًا لا تُوجَد أيّ واسطةٍ فيه مفقودة،والحديثُ المُسْنَدُ حُجَّةٌ في مَوْضُوعِه إذا كان كلُّ رُوَاتِه ثقَاتًا(على تفصيل في موارد حجيته المقررة في علم أصول الفقه).
ثانيًا:حديث (... وعترتي) حديث مُتَوَاتِر(والحديث المتواتر هو الذي تَرْوِيه جَمَاعَةٌ كثيرة مِن الناس يَمْتَنِع تَوَاطُؤُهم واتِّفَاقُهم على الكذب- عَقْلاً -.. يَرْوُونَه عن مِثْلِهم في الكَثرَةِ وامْتِنَاعِ الاتِّفاق على الكذب وهكذا إلى أنْ يَصِلَ السَّنَدُ إلى الصحابة الكثيرين أيضًا كما مَرَّ والذين يَرْوُونه عن النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم)،والحديثُ المَوْصُوف بالتَّوَاتِر مُتَّفَقٌ عند الشيعة والسنة على لُزُوم العَمَل به،لِلقَطْعِ والعِلْمِ بِصُدُورِه مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم،وأيُّ روايةٍ أخرى غير متواترة مثل رواية(... وسنتي)والتي تُوصَف بأنها خَبَر آحَاد)،لا تَقِف أَمَامَ قُوَّتِه ولا تُسْقِط حُجِّيَّتَه،بل يكون مُقَدَّمًا عليها لأنها ستكون مَظْنُونًا بِصُدُورها مِن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بينما الحديث المتواتر مَعْلُوم الصُّدُور، ولا يَشُكُّ أَحَدٌ في أنَّ المَعْلوم مُقَدَّمٌ على المَظنُون بل لا يَبْقَى للمَظنون مَكَانٌ مِن التَّشْرِيع لأنه إنما شُرِّعَ العَمَلُ به عند الشَّكِّ،ومع وُجودِ العِلْم -بسبب التواتر هنا- لا يَبْقَى لِلشَّكِّ مَوْضِعٌ أَبَدًا.
ثالثًا:لو سَلَّمْنا بِصِحَّةِ روايةِ (... وسنتي)فإنها لا تُعَارِض حديثَ العترة لأنَّ أهلَ البيت- عليهم الصلاة والسلام- هم الذين يُمَثِّلُون سُنَّةَ الرسول صلى الله عليه وآله، لأنَّ أهلَ البيتِ أَدْرَى بالذي فيه،ولو أَبَى أَحَدٌ إلا القَوْلَ بالتَّعَارُض بينهما فحديثُ العترةِ مُقَدَّمٌ (لِمَا ثَبَتَ في بحوث تعارض الأدلة في علم أصول الفقه)مِن أنَّ الدليلَ القَطْعِيَّ مُقَدَّمٌ على الدليل الظَّنِّي بل لا يَبقى للمَظنون مع العلم موضعٌ كما أسلفنا.
وبعده: (ح3815): عن ابن عباس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم أَمَرَ بِـسَدِّ الأبْوَاب(أبواب المسجد النبوي)إلا باب عَلِيٍّ.
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز ببغداد... عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كانت لِنَفَرٍ مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أبوابٌ مُشْرَعَةٌ في المسجد،فقال يومًا: [سُدُّوا هذه الأبوابَ إلا بـــَاب عليٍّ]، قال(الراوي): فتَكَلَّمَ في ذلك ناسٌ، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله،فحمدَ اللهَ وأثنى عليه،ثم قال: [أمَّا بَعْدُ فإنِّي أَمَرْتُ بِسَـدِّ هذه الأبواب غيْرَ بابِ عليٍّ،فقال فيه قائلُكم، واللهِ مَا سَدَدْتُ شيْئًا ولا فَتَحْتُه،ولكن أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فاتَّبَعْتُه].
أقول: يقْصد صلى الله عليه وآله أنه أَمْرٌ مِن الله جل وعلا.
وقال الحاكمُ بعده: أخبرني الحسن بن محمد بن إسحاق الأسفرايني...عن أبي هريرة قال: قال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: لقد أُعْطِيَ عليُّ بن أبي طالب ثلاثَ خصالٍ، لأَنْ تكُون لي خصلةٌ مِنها أَحَبّ إِلَيَّ مِن أَنْ أُعْطَى حمر النعم. قِيل: ومَا هُنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تَزَوُّجُه فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وسُــكْنَاه المسجدَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله، يَـحِلُّ لَه (لِعليٍّ) فِيه مَا يَحِلُّ له (للنبي صلى الله عليه وآله)،والرَّايةُ يوْمَ خيبر.
*المُسْتَدرك(ج3)في(الدَّفْعِ عن سعد بن أبي وقاص)مِن باب(فضائل أمير المؤمنين): عن خيثمة بن عبدالرحمن قال: سَمِعتُ سعدَ بن مالك(سعد بن أبي وقاص): وقال له(لِسَعدِ) رَجُلٌ أنَّ علِيًّا يَقَعُ فِيك أنك تَخَلَّفتَ عنه، فقال سعدٌ(بن أبي وقاص): والله إنه لَرَأْيٌ رَأَيْتُه، وأَخْطَأَ رَأْيِي،إنَّ عليَّ بن أبي طالب أُعْطِيَ ثلاثًا،لأنْ أَكون أُعْطِيتُ إحْدَاهن أَحَبُّ إلي مِن الدنيا وما فيها: لقد قال له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ بَعْدَ حَمْدِ الله والثناء عليه: [هل تَعْلَمُون أني أولى بالمؤمنين؟]قلنا: نعم.قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [اللهم مَنْ كنتُ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه،وَالِ مَنْ وَالاه وعَادِ مَنْ عَادَاه]، وجِيءَ به يَوْمَ خيبر وهو أَرْمَد مَا يُبْصِر، فقال(علِي): يارسول الله إني أَرْمَد،فَتَفَلَ في عَيْنَيه ودَعَا له،فَلَم يرمد حتى قُتِل، وأَخْرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَمَّه العبَّاسَ وغيرَه مِن المَسْجِد،فقال له العباسُ: تُخْرِجنا ونحن عُصْبَتُك وعمومتُك وتُسْكِن عَلِيًّا؟! فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَا أنا أخرَجْتُكم وأَسْكَنْتُـه،ولكنَّ اللهَ أخْـرجكم وأَسْكَنَه].
دلالَة حديثِ سَدِّ الأبواب
هذه الرواية صَرَّحَت بثلاثةِ أمور:1-حديث الولاية في يومِ الغدِير 2-مَا حَازَ عليه الأميرُ مِن كَرَامَةٍ في غزوة خيبر 3-إخْرَاج جَمِيعِ الصَّحَابَة الذين كان لهم نَحْوٌ مِن السَّكَنِيَّة في المسجد النبوي الشريف، سَوَاء كان لهم بَابٌ مِن بيوتهم يَدخلون عَبْرَه إلى المسجد مباشرة،فيكون هذا الحديث هو حديث (سَدّ الأبواب إلا باب علِيّ) أو غير ذلك، وكذلك مَنْعهم مِن دخول المسجد بجنابتهم،لأنَّ هذا الحديث يَتَّحِد أو يَتَّفِق مع الأحاديث التي تَمْنَع الصحابة مِن الدخولِ أو المُرُور بالمسجد بجنابتهم، ولكن عَلِيّ بن أبي طالب سُمِحَ له بذلك كَالرَّسول صلى الله عليهما وآلهما، ولَعَمْرِي إنَّ هذا دَلِيلُ قِمَّةِ الطَّهَارَةِ التي لم يَحْصَل على عُلُوِّها باقي الصحابة رضي الله عن خيَارهم، وهو مِن الدلائل الواضحة على المَقَامِ الإلهي الخاصِّ بالإمام عليٍّ، وأنتم تَرَوْن كيف أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله يُصَرِّح بأنَّ هذا الأمر مِن الله تبارك وتعالى وليس تَشَهِّيًا منه لابن عّمِّه صلى الله عليهما وآلهما.
وقال في هذا الباب:أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالري ... أبو سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله دَخَلَ على فاطمة رضي الله عنها فقال: [إنِّي وإِيَّاكِ وهذا النَّائِـم -يَعْنِي عليًّا- و هُمَا–يَعْنِي الحسنَ والحسينَ- لَفِي مَكَانٍ واحِدٍ يوْم القيامة].
وقال بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... حدثنا مالك بن دينار قال: سألتُ سعيدَ بنَ جبير فقلتُ: يا أبا عبد الله..مَنْ كان حامِل رَايَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله؟ قال(الراوي): فنظرَ إليَّ وقال كأنك رَخِيَّ البَال ... كان حامِلُها عليًّا رضي الله عنه،هكذا سمعتُه مِن عبدِ الله بن عباس.
وقال بعده:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،ولِهذا الحديث شاهِدٌ مِن حديثِ زنفل العرفي وفيه طُولٌ فلمْ أُخْرِجْه.
وقال بعده: حدثنا أبو بكر بن إسحاق...عن أنس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[اشتاقت الجَنَّةُ إلى ثلاثة: عليّ وعمّار وسَلْمَان].
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ... حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال: لمَّا نظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرحمةِ هابطةً قال: [ادْعُوا لِي ادْعُوا لي]، فقالت صفية: مَن يا رسول الله؟ قال: [أهــل بيْتي..عليًّا وفاطمة والحسنَ والحسينَ]،فجِيءَ بهم،فأَلْقَى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كسَاءَه،ثم رَفعَ يدَيْه، ثم قال: [اللهم هؤلاء آلِي، فصَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد]، وأَنْزَلَ اللهُ عز وجل{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجسَ أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}.
وقال بعده:حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن إبراهيم الحافظ الأسدي بهمدان ... عن عطاء بن أبي رباح وغيرِه مِن أصحاب ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
[... سألتُ اللهَ أنْ يَجْعَلَكم جُوَدَاء نُجَدَاء رُحَمَـاء،فَــلَوْ أَنَّ رَجُــلاً صَفَنَ بيْن الرُّكْنِ والمَقَام،فصلَّى وصَامَ ثم لَقِيَ اللهَ وهو مُبـــْغِضٌ لأهْـلِ بيْتِ محمدٍ دَخَلَ النارَ].
وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[والذي نفسي بِيَدِهِ..لا يَبْغَضُنا أَهْلَ البيْتِ أَحَدٌ إلا أَدْخَلَه اللهُ النارَ].
حديث الثَّقَلَيْن
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:رَوَى عن زيدِ بن أرقم رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنِّي تاركٌ فِيكم الثّقلًيْن:كِتَابَ الله،وأهْلَ بَيْتِي، وإنهما لَنْ يَفْتَرِقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ].
*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد...، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار {قالا}حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل(قال)حدثني أبي(قال) حدثنا يحيى بن حماد، وحدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى(قال)حدثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ... عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:لَمَّا رَجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله مِنْ حجَّةِ الوَدَاع، ونَـزَلَ(غَدِيرَ خُمٍّ) أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ فَقُمِمْنَ، فقال:[كَأَنِّي قد دُعِيتُ فَأَجَبْتُ،إنِّي قد تَرَكْتُ فِيكم الثّقلَيْن،أحدهما أكْبَر مِن الآخر:كتابَ الله تعالى وعِتْرَتِي، فانْظُرُوا كَيْفَ تخلفُوني فيهما، فإنَّهما لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ]،ثم قال:[إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ مَوْلايَ وأنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ]،ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[مَنْ كنتُ مَوْلاهُ فَهَذَا وَلِيُّه، اللهم وَالِ مَنْ وَالاهُ، وعَـادِ مَنْ عَـادَاه]، قال الحاكمُ: شاهِدُه حديثُ سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضًا صحيح على شرطهما،حَدَّثَناهُ أبو بكر بن إسحاق ودعلج بن أحمد السجزي {قالا} أَنْبَأَ محمد بن أيوب (قال) حدثنا الأزرق بن علي(قال)حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني(قال)حدثنا محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنه سَمِعَ زيدَ بنَ أرقم رضي الله عنه يقول: نَزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله بيْن مَكّة والمدينة عند شَجَرَاتٍ خمْسٍ، دَوْحَات عِظَام، فَكَنَسَ الناسُ مَا تحْت الشجرات، ثم رَاحَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عَشِيَّةً فصَلَّى،ثم قامَ خطِيبًا، فحَمِدَ اللهَ، وأثنَى عليه،وذَكَّرَ ووَعَظَ،فقال ما شاءَ اللهُ أنْ يقول،ثم قال: [أيها الناس .. إنِّي تاركٌ فيكم أَمْرَيْنِ،لَنْ تَضِلُّوا إِنِ اتَّبَعْتُمُوهما،وهما:كتاب الله، وأهل بيتي عترتي ]،ثم قال:[أَتَعْلَمُون أنِّي أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟] ثلاث مرات، قالوا: نعم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [مَنْ كُنْتُ مَوْلاه فعَلِيٌّ مَوْلاهُ].
دلالة حديث الثقلين
هذه الأحاديث الصحيحة والتي رواها علماء العامة ووصلت الثقة بصدورها مِن النبي صلى الله عليه وآله إلى حَدِّ العِلْمِ واليقين حيث رُوِيَت عن أكثر من عشرين صحابيًّا..مَاذا يمكن أن نستفيد مْن مَضَامِينِها؟ خاصَّةً مع ملاحظة ذِكْرِ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لها في أماكن مختلفة وأزمان مُتَغَايِرَة..فقد ذَكَرَها تارَةً بعد انصرافه مِن الطائف وأخرى على منبره في المدينة المنورة وتارَةً في حُجْرَتِه وهو في مَرَضِه والحُجْرَة غَاصَّة بأصحابه0 هناك عَقِيدَةٌ أساس في صَرْح الإيمان تُسْتَفاد مِن هذه الأحاديث الشريفة ألا وهي لُزُومُ اتِّبَاعِ أهْلِ البيت-عليهم الصلاة والسلام-وطاعتِهم وعَدَمِ الاكْتِفَاءِ بِحُبِّهم فقط وإذا خَالَفَهم أيُّ أَحَدٍ-أَيًّا كَانَ-تُرِكَ قَوْلُه وأُخِذَ بِقَوْلِهم، لأَنَّ هذا هو المُناسِب لِمَا في أكْثَرِ هذه الأحاديث مِنْ تَقْدِيمِ النَّبِيِّ تَوَقُّعَ رَحِيلِه إلى الرفيق الأعلى قبْلَ ذِكْرِها، خاصَّةً مع ملاحظة روايةِ:[إنِّـي تَارِكٌ فيكم خَلِيفَتَيْن]فهي واضِحَة في إرَادَةِ مَا يَخْلُفُه ويَقُومُ مَقَامَه ويُؤَدِّي وَظَائِفَه ويَجِب طاعتُه مثله.
وكذلك تَدُلُّ هذه الأحاديثُ على لُزُومِ الطَّاعَةِ بِقَرْنِهِ صلى الله عليه وآله وسلم أهلَ البيت -عليهم الصلاة والسلام- بالقرآن الكريم .. فمِنَ المَعْلُومِ أنه لا يُكْتَفَى بِحُبِّ القرآنِ الكريم واحترامِه بل لا بُدَّ مِن اتِّبَاعِه وتَنْفِيذ جميعِ أحْكَامِه،خاصًّةً مع ذِكْرِه أَنَّ التَّمَسُّكَ بالقرآنِ والعِتْرَةِ مَعًا لَنْ يَحْصَل الضَّلالُ لِلأمَّة وذلك لا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الحُبِّ والاحترام.
وتدل هذه الرواياتُ على اسْتِمْرار وُجُودِ الأئمة،مِن بعد النبي صلى الله عليه وآله،بقرينة قوله:[لن يَفتَرِقَـا حتى يرِدَا علَيَّ الحوضَ] فمادامَ القرآنُ الكريم موجودًا فهؤلاء موجودون، وتَتَّضِح النتيجة بِإضَافَةِ أحاديث الاثني عشر خليفة -وقد مَرَّ بعضُها ولله الحمد رب العالمين- فبهؤلاء يَبْقَى أمْرُ الدِّينِ عزيزًا ومَنِيعًا إلى يوم القيامة.
والأوْضَحُ مِن ذلك هو ذِكْرُ التَّعَابِير التالية: التَّمَسُّك والأَخْذ والاتِّبَاع .. وهذه الأُمُورُ لا تَكُونُ إلا بِالطاعَةِ ومُوَافَقَةِ الأَمْرِ والنَّهْيِ اللَّذَيْنِ يَتَضَمَّنُهُما القرآنُ المجيد ويَصْدُرَان مِن العترة الطاهرة صلوات الله عليهم، وإذا وَجَبَت طاعَةُ أهلِ البيت (عليهم الصلاة والسلام) فلا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الإِمَامَةِ فِيهم لا فِي غَيْرهم، إذْ لا مَعْنَى لإِمَامَةِ الإِمَامِ غيْرَ كَوْنه قُدْوَةً لِلْمَأْمُومِين ولا يَكُون ذلك إلا بالاتِّبَاع، فلا يُعْقَل أنْ تَجِب على الأُمَّةِ طاعَتُهم وتكون الإِمَامَةُ في غيرهم! فكيف يَكون المُطَاعُ -الذي يُسَاوِغُ مَعْنَى الحَاكِم– مَحْكُومًا؟!
وهذه الأحاديثُ تَدُلُّ على عِصْمَةِ أهل البيتِ (عليهم الصلاة والسلام) أيضًا، حيث أنهم لَنْ يُضِلُّوا الأمَّةَ أبَدًا، مع الالْتِفَات إلى عَدَمِ افْتِرَاقِهم عَن القرآنِ الكريم {الذي لا يَأْتِيه البَاطِلُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِه}0
وتَتَّضِح لنا مِمَّا مَضَى ويَأْتِي حُدُودُ هذا المُصْطَلَح(أهل البيت): قالت السيدة عائشة-كما في(صحيح مسلم مِن باب فضائل أهل بيت النبي)-: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم غَدَاةً وعَلَيْه مرط مرحل مِنْ شَعْرٍ أَسْوَد،فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَه،ثم جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَه، ثم جاءَت فاطِمَةُ فَأَدْخلَها، ثم جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَه، ثم قال:{إنما يُرِيد اللهُ لِيُذْهِب عنـكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكم تَطْهِيرًا}.
*ورَوَى الترمذي (ج5) ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها (ح3963): عن شهر بن حوشب عن أمِّ سلمة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه(وآله) وسلم جَلَّلَ على الحسن والحسين وعليٍّ وفاطمة كِسَاءً ثم قال: [اللهم هؤلاء أهل بيــْتي وحامتي، أَذْهِب عنهم الرِّجسَ وطهِّرهم تطهيرًا]،فقالت أمُّ سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [إنك على خَيْرٍ].قال إبراهيم عطوة عوض محققُ طَبْعَةِ مطَبْعَةِ البابي الحلبي تحت هذا الحديث: هذا حديثٌ حِسَنٌ، وهو أحْسَن شَيْءٍ رُوِيَ في هذا الباب.
أقول: لو كانت نِسَاءُ النبيِّ(صلى الله عليه وآله)مِن أهلِ بَيْتِه الذين عَصَمَهم الله بآيةِ التطهير لأجَابَ النبيُّ(صلى الله عليه وآله)أمَّ سلمة بِـ(نَعَم).
وليس هؤلاء الخمسة الأطهار هم أهلُ البيت فقط، بل هُمْ وأبْنَاءُ الحُسَين التِّسْعَة الذين أَوْضَحَهم وَنَصَّ عليهم هؤلاءِ الخمسةُ -الأبْرَزُ فيمَن لا تَضِلّ الأمّةُ بالتَّمَسُّكِ بِهِم- بأنهم مِنْ أهلِ البيتِ المَشْمُولِين لِهَذِه الآيةِ الكريمةِ،كما عن الإمامِ الباقِر عن آبائه عليهم الصلاة والسلام حينما سُئِل عن ذلك قال: [هُم الأَئِمَّة عليهم السلام].
حديث الأمان
وهُمْ أَمَانٌ لهذه الأمَّة مِن الاختلاف كما في المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث قال: حدثنا مكرم بن أحمد القاضي...عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم: [النُّجُومُ أَمَـانٌ لأَهْلِ الأرض مِن الغَرَق،وأهلُ بيتي أمَـانٌ لأُمَّتِي مِن الاختلاف،فإذا خالَفَتْها قَبِيلَةٌ مِن العَرَب اخْتَلَفُوا فصَارُوا حِزْبَ إبليس]، فكانُوا سَفينَة النَّجَـاةِ لِهذه الأمَّةِ، كمَا كانت سفينةُ النبي نُوح الطَّرِيقَ الذي لا نَجَاةَ لأمَّتِه بدون الرُّكُوب فيها..
حديث السفينة
*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ببغداد ... عن حنش الكناني قال:سمعتُ أبَا ذر رضي الله عنه يقول-وهو آخِذٌ بِبَابِ الكعبة-: مَنْ عَرفَنِي فأنَا مَن عَرفَنِي،ومَن أَنْكَرَنِي فأَنَا أبو ذر،سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول:
[ألا إنَّ مَثَلَ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُم مَثَلَ سَفِينَة نُوح مِن قَوْمِه،مَنْ رَكِبَهـا نَجَـا ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْها غَرِقَ].
وقال في(ج3)تفسير سورة هود:عن حنش الكناني قال:سمعتُ أبا ذر رضي الله عنه يقول-وهو آخِذٌ بِبَاب الكعبة-: مَن عرفني فأنا مَن عرفتم، ومَن أَنْكَرَنِي فأنا أبو ذر، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [مَثَلُ أهلِ بيتي مَثَلُ سفينة نوح،مَن رَكِبَها نَجَا،ومَن تَخَلَّفَ عنها غَرِقَ].
بل لا يَبْقَى أَحَدٌ بَعْدَهم أَبَدًا .. وإلا ظَلَّ ذلك البَاقِي بِلا حُجَّةٍ، وفي الرواية عن المعصوم عليه الصلاة والسلام أنه لَوْ لَمْ يَبْقَ على الأرض إلا اثنانِ لَكَان أَحَدُهما الحُجَّةُ على الآخر.
أقول:قال الحاكمُ في نهايةِ ذِكْرِه مناقبَ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وآله: (هذا آخرُ ما أَدَّى إليه الاجتهادُ مِن ذِكْر مناقبِ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وآله بِالأسانِيد الصحيحة مِمَّا لم يُخْرجْه الشيخان الإمامان).
ولم يَذكُر الحاكمُ في مُسْتَدْركِه أزواجَ النبي صلى الله عليه وآله تحت عنوان (أهل البيت) حتى خديجة أمّهم، بل أَفْرَدَهنَّ لوحدهنّ.
وكذا مسلمٌ في صحيحه فإنه لم يُورِد تحت عنوان(باب فضائل أهل بيت النبي) إلا رواية عائشة التي تُثْبِت أنَّ أهل البيت هم المعصومون عليٌّ وفاطمة والحسنان عليهم الصلاة والسلام: (باب فضائل أهل بيت النبي): خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم غَدَاةً وعَلَيْه مرط مرحل مِنْ شَعْرٍ أَسْوَد، فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَه،ثم جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَه،ثم جاءَت فاطِمَةُ فَأَدْخلَها،ثم جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَه، ثم قال: {إنما يُرِيد اللهُ لِيُذْهِب عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكـم تَطْهِيرًا}بَيْنَمَا أفْرَدَ لِزوجات النبي صلى الله عليه وآله أبوابًا أخرى. وصَنَعَ الترمذي في صحيحه كمَا صنع مسلمٌ إلا أنه روى أكثر مِن حديث، فهذا يُشِير أو يَدُلّ على أن هؤلاء لا يَرَوْنَ أن زوجات النبي صلى الله عليه وآله داخلات في المَفْهوم الشَّرْعِي الرِّوَائي لِـ(أهل البيت) ولِـ(العِتْرَة) فَبَعِيدًا عن المعنى اللُّغَوِي لِـ(الأهل) ولِـ(أهل البيت) فإنَّ هذه الكلمات في آية التطهير{إنما يريـد الله ليُـذْهِب عَـــنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}وفي أحاديث النبي وأهل بيته صلى الله عليهم أجمعين أصْبَحَت مُصْطَلَحَات خاصَّة تُطْلَق على الخمسة الأطهار، وثَبَتَ بالدليل القَطْعِي عندنا نحن الإمامية بأنَّ هذه الكلمات تَشْمَل –أيضًا- بقيَّة المعصومين مِن الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم.ومِن روايات العامَّة في ذلك:
قال الشيخ الحافظ سليمان القندوزي في كتابه(ينابيع المودة لذوي القربى)ج3 الباب السادس والسبعون: في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم: {وفي فرائد السمطين (للحافظ الحمويني)بسنده عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ يهوديٌّ يُقال له نعثل، فقال: يا محمد .. أسألك عن أشياء ... قال: صَدَقْتَ، فأخبِرني عن وَصِيِّك مَن هو؟ فما مِن نبيٍّ إلا وله وصي وإنَّ نبينا موسى بن عمران أوصى يوشعَ بن نون (بعد وفاة أخيه ووصيه هارون) فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [إنَّ وَصِيِّـــي عليُّ بن أبي طالب،وبعده سبطاي الحسن والحسين،تَتْلُوه تسعة أئمةٍ مِن صُلْب الحسين].
قال(اليهودي):يا محمد..فَسَمِّهم لي؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [إذا مَضَى الحسينُ فابْنُه عَلِيٌّ،فإذا مضى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه جعفـر،فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه علي،فإذا مضَـى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه علي،فإذا مضى علي فابنُـه الحسَــن،فإذا مضى الحسن فابنُــه الحجة محمد المـهدي،فهؤلاء اثنا عشر]}.
وقد روى القندوزي روايات كثيرة في هذا المعنى عن جابر بن عبدالله الأنصاري وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة وغيرهما0راجِع(ينابيع المودة لذوي القربى) للقندوزي(ج3). تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني.الطبعة الأولى (1416هـ) دار الأسوة للطباعة والنشر.
ونحن نعيش الآن في زمنِ خَاتمِهم صَاحِب العَصْرِ وإِمَام الزمان(عَجَّلَ اللهُ فرَجَه الشريف وجَعَلنا مِن أنصاره والمستشهدين بين يديه)،وسيأتي بعض الحديث عنه إن شاء الله تعالى.
ومِن المُهِم بَيَانُ القِيمَة السَّنَدِيَّة لِهَذا الحديث الشريف مُقَارَنةً بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى هذا الحديثَ بِاسْتِبْدَالِ لَفْظِ(وعترتي)بِلَفْظِ(وسُنَّتِي)، فأقول - مُستفيدًا مِن العلامة السبحاني - وعلى اللهِ التكلان:
أولاً: إنَّ حديث (... وعترتي) مُسْنَدٌ .. رَوَاه أكثرُ مِن عشرين صحَابيًّا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، منهم: جابر بن عبد الله الأنصاري وزيد بن أرقم، وَوَصَلَ إلينا حديثًا مُسْنَدًا لا تُوجَد أيّ واسطةٍ فيه مفقودة،والحديثُ المُسْنَدُ حُجَّةٌ في مَوْضُوعِه إذا كان كلُّ رُوَاتِه ثقَاتًا(على تفصيل في موارد حجيته المقررة في علم أصول الفقه).
ثانيًا:حديث (... وعترتي) حديث مُتَوَاتِر(والحديث المتواتر هو الذي تَرْوِيه جَمَاعَةٌ كثيرة مِن الناس يَمْتَنِع تَوَاطُؤُهم واتِّفَاقُهم على الكذب- عَقْلاً -.. يَرْوُونَه عن مِثْلِهم في الكَثرَةِ وامْتِنَاعِ الاتِّفاق على الكذب وهكذا إلى أنْ يَصِلَ السَّنَدُ إلى الصحابة الكثيرين أيضًا كما مَرَّ والذين يَرْوُونه عن النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم)،والحديثُ المَوْصُوف بالتَّوَاتِر مُتَّفَقٌ عند الشيعة والسنة على لُزُوم العَمَل به،لِلقَطْعِ والعِلْمِ بِصُدُورِه مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم،وأيُّ روايةٍ أخرى غير متواترة مثل رواية(... وسنتي)والتي تُوصَف بأنها خَبَر آحَاد)،لا تَقِف أَمَامَ قُوَّتِه ولا تُسْقِط حُجِّيَّتَه،بل يكون مُقَدَّمًا عليها لأنها ستكون مَظْنُونًا بِصُدُورها مِن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بينما الحديث المتواتر مَعْلُوم الصُّدُور، ولا يَشُكُّ أَحَدٌ في أنَّ المَعْلوم مُقَدَّمٌ على المَظنُون بل لا يَبْقَى للمَظنون مَكَانٌ مِن التَّشْرِيع لأنه إنما شُرِّعَ العَمَلُ به عند الشَّكِّ،ومع وُجودِ العِلْم -بسبب التواتر هنا- لا يَبْقَى لِلشَّكِّ مَوْضِعٌ أَبَدًا.
ثالثًا:لو سَلَّمْنا بِصِحَّةِ روايةِ (... وسنتي)فإنها لا تُعَارِض حديثَ العترة لأنَّ أهلَ البيت- عليهم الصلاة والسلام- هم الذين يُمَثِّلُون سُنَّةَ الرسول صلى الله عليه وآله، لأنَّ أهلَ البيتِ أَدْرَى بالذي فيه،ولو أَبَى أَحَدٌ إلا القَوْلَ بالتَّعَارُض بينهما فحديثُ العترةِ مُقَدَّمٌ (لِمَا ثَبَتَ في بحوث تعارض الأدلة في علم أصول الفقه)مِن أنَّ الدليلَ القَطْعِيَّ مُقَدَّمٌ على الدليل الظَّنِّي بل لا يَبقى للمَظنون مع العلم موضعٌ كما أسلفنا.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
كيفية الصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله)
*البخاري(ج4)ص118:عبدالله بن عيسى سَمِعَ عبدَالرحمن بن أبي ليلى قال: لَقِيَنِي كعبُ بن عجرة فقال: ألا أُهْدِي لك هديةً سمعتُها مِن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال: بلى،فاهْدِها إلَيَّ.فقال(كعبٌ): سَأَلْنا رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقلنا: يا رسول الله .. كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فإنَّ الله علَّمنا كيف نُسَلِّم،قال صلى الله عليه (وآله) وسلم: [قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعـــلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
*البخاري(ج6)ص27: عن كعب بن عجرة(قال): قِيلَ: يا رسول الله .. أمَّا السلامُ عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال صلى الله عليه(وآله) وسلم: [قُولُوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كمَا صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك عَـــلى محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
أقول: رَوَى الحاكمُ مِثْلَه(المستدرك0ج3مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله) وقال بعد ذلك: وقد رَوَى هذا الحديثَ بِإِسْناده وأَلْفاظِه،حَرْفًا بعد حرْفٍ الإمامُ محمد بن إسماعيل البخاري عن موسى بن إسماعيل في الجامع الصحيح،وإنما خَرَّجْتُه (رَوَيْتُه) لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ أنَّ أهلَ البيت والآلَ جميعًا هُم.
ولو راجَعْتَ صحيحَ البخاري(ج6)في تفسير آخر سورة الأحزاب لَرَأَيْتَ أكثرَ مِن روايةٍ في كيفية الصلاةِ على النبيِّ،وكان النبيُّ يَقْرن الآلَ معه في الصلاة دائمًا، مع أنَّ السائلَ عن الكيفية قد طَلَبَ كيفيةَ الصلاةِ على النبيِّ وَحْدَه، فرَاجِع ما في باب قوله تعالى:{إنَّ الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}.
*وذَكَرَ النسائيُّ-وغيرُه-في صحيحه(ج3)باب كيفية الصلاة على النبي رواياتٍ كثيرةً، كان النبيُّ صلى الله عليه وآله يُعَلِّم أصحابَه كيفية الصلاة عليه،فيَذْكُر الآلَ معه، قال النسائيُّ(ج3)ص49: عن زيد بن خارجة قال: أَنا سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[صَـلُّوا عَلَيَّ، واجْتَهِدُوا في الدعاء،وقُولُوا:
اللهم صلِّ على محمــدٍ وآلِ محمد].
الإمام المهدي صلوات الله عليه
*البخاري(ج2)كتاب الحج0باب هدم الكعبة: قالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: [يَغْزُو جيْشٌ الكعبةَ فيُخْسَف بهم].
أقول: خَسْفُ هذا الجيش هو أحدُ العلاماتِ لِقُرْبِ ظُهُورِ الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام.
*البخاري(ج4)كتاب بدء الخلق.باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام: ذكَرَه قبْل حديث الغار بثلاث صفحات تقريبًا،عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [كيف أنتم إذا نَزَلَ ابنُ مريم فيكم وإمَامُكم مِنكم].
وروى هذا الحديثَ مسلمٌ في صحيحه(ج1 ص94).
*البخاري(ج8)كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب قولِ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم لا تزال طائفة مِن أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون وهم أهل العلم: عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال: [لا يَزَال طائفةٌ مِن أمَّتي ظاهِرِين حتى يَأْتِيهم أَمْرُ الله وهم ظاهرون].
*المستدرك(ج3)كتاب فضائل الصحابة0ذِكْر جابر بن سمرة السوائي: حدثني محمد بن صالح بن هانئ(قال)حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى،وحدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ يوسف ابن يعقوب، قالا: حدثنا أبو الربيع الزهراني(قال)حدثنا جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعتُه يقول: [لا يَزَالُ أَمْرُ هذه الأُمَّـةِ ظاهِرًا حتى يَقُومَ اثْنَا عشر خليفةً]،وقال كلِمَةً خَفِيَت عَلَيَّ، وكان أبي أَدْنَى إليه مَجْلِسًا مِنِّي فقلتُ: مَا قال؟ فقال: [كلُّهم مِن قريش].وقد رَوَى جابرُ ابن سمرة عن أبيه حَدَّثنا آخَر.
*مسلم(ج1 ص95): حدثنا الوليد بن شجاع وهارون بن عبد الله وحجاج بن الشاعر قالوا: حدثنا حجاج وهو ابن محمد عن ابن جريج قال:أخبرني أبو الزبير أنه سَمِعَ جابرَ بنَ عبد الله يقول: سمعتُ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول: [لا تَزَالُ طائفةٌ مِن أمَّتي يُقاتِلون على الحـقِّ، ظاهِرين إلى يوم القيامـة] قال(الراوي: فقال النبي صلى الله عليه وآله:)[فيَنزِل عيسى بنُ مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أَمِيرُهم:تَعَالَ صَلِّ لَنَا،فيقول:لا إنَّ بعضَــكم على بعضٍ أُمَرَاء،تكْرِمَة اللهِ هذه الأمَّة].
*ابن ماجة(ج2)كتاب الفتن0باب فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج: (ح4077):حديث طويل:...ببَيْت المقدس، وإمامُهم رجلٌ صالِحٌ،فبيْنمَا إمَـامُهم قد تَقَدَّمَ يُصَلِّي بهم الصبْحَ،إذ نَزَلَ عليهم عيـــسى بنُ مريم الصبْحَ،فرَجَعَ ذلك الإمَامُ يَنْكُص،يَمْشِي القَهْقَرَى، لِيَتَقَدَّمَ عيسى يُصَلِّي بالناس،فيَضَعُ عيسى يَدَه بيْن كَتْفَيْهِ، ثم يقول له:تقدَّمْ فَصَلِّ،فإنها لك أُقِيمَت،فيُصَلِّي بهم إمامُهم...].
*الترمذي(ج3)(ح2330):حدثنا قتيبة ... عن ثوبان قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[إنما أخاف على أمّتي الأئمة المُضِلِّين]قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [لا تزال طائفةٌ مِن أمّتي على الحقِّ ظاهِرين،لا يَضُرُّهم مَن خَذَلَهم حتى يأتي أمْرُ الله].
وقال الترمذي(ج3)باب ما جاء في المهدي:(ح2331):عن عبدالله قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم : [لا تَذْهَـب الدنيا حتى يَمْـلك الـ(...) رَجُلٌ مِن أهل بيتي، يُوَاطِئ اسمُه اسمِي].
وبعده:(ح2332)عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[يَلِي رجلٌ مِن أهْلِ بيْتي،يُواطِئ اسمُه اسمِي]،قال عاصم:أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة، قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لو لم يَبْقَ مِن الدنيا إلا يوْم لَطَوَّلَ اللهُ ذلك اليوم حتى يَلِي(رجلٌ مِن أهل بيتي،يواطئ اسمه اسمي)]،قال:هذا حديث حسن صحيح.
*صحيح أبي داود(ج2):(ح4283):عن أبي الطفيل عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال: [لَوْ لَمْ يَبْقَ مِن الدَّهْــر إلا يوْمٌ لَبَعَـثَ اللهُ رجلاً مِن أهــلِ بيْتي، يَمْلأُها عدلاً كمَا مُلِئَت جَوْرًا].
وبعده:(ح4284)عن سعيد بن المسيب،عن أمِّ سلمة قالت:سمعتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[المهديُّ مِن عترتي،مِن ولْدِ فاطمة].
وبعده:(ح4285) عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [المهـديُّ منِّــي،أَجْلَى الجبْهة،أَقْنَى الأَنف،يَمْــلأُ الأرضَ قِسْطًا وعَدْلاً كمَا مُلِئَت جَوْرًا وظُلْمًا،يَمْلك سبْعَ سنين].
*الترمذي(ج3)(ح2333):عن أبي سعيد الخدري قال:خَشِينَا أنْ يَكُون بعد نبيِّنا حَدَثٌ فسَأَلنا نبيَّ اللهِ صلى الله عليه(وآله)وسلم فقال:[إنَّ في أُمَّتي المهـديُّ، يَخْرُج، يَعِيش خمْسًا أو سَبْعًا أو تسْعًا]-زيد(الراوي)الشَّاكُّ-قال(أبو سعيد الخدري): قلنا: ومَا ذاك؟ قال:[سنين]، قال: [فيَجِيءُ إليْه الرجلُ فيقول:يا مهـــدي..أعْطِنِي أعطِني]،قال:[فيُحْثَي له في ثوْبه مَا اسْتَطاع أنْ يَحْمِله].
*ابن ماجة(ج2)كتاب الفتنة0باب خروج المهدي:(ح4083):عن أبي سعيد الخدري، أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[يَكُون في أُمَّتِي المَهْـدِيُّ،إنْ قَصُرَ فسَبْعٌ وإلا فتِسْعٌ،فتَنْعُـم فِيه أُمَّتِي نِعْمَةً لم ينعموا مثلها قط،تُؤْتِي أُكُلَها،ولا تَدَّخِر منهم شيئًا،والمَـالُ يومئـذٍ كدوس،فيقوم الرجلُ فيقول:يا مهدي.. أعْطِنِي، فيقول: خُذ].
وبعده:(ح4085):عن عليٍّ قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: [المهديُّ مِنَّا أهل البيت،يُصْلِحُه اللهُ في لَيْلةٍ].
وبعده: (ح4086):عن سعيد بن المسيب،قال:كنَّا عند أمِّ سلمة،فتَذاكَرْنا المهديَّ، فقالت:سمعتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:
[المهـديُّ مِن ولدِ فـاطمة].
وبعده:(ح4087):عن أنس بن مالك قال:سمعتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم يقول:[نحن وِلْدُ عبد المطلب سادَةُ أهلِ الجنة،أنا وحمزة وعَـــليٌّ وجعفر والحسن والحسين والمهدي].
*المستدرك(ج4)كتاب الفتن والملاحم،تحت عنوان(ينزل بأمتي في آخر زمانٍ بلاء شديد ... ):أخبرني الحسينُ بن علي بن محمد بن يحيى التميمي ... عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال نبيُّ الله صلى الله عليه وآله: [يَنْزل بأُمَّتي في آخِر الزَّمَانِ بلاءٌ شديدٌ ...فيَبْعَث اللهُ عز وجل رجلاً مِن عِـتْرتي،فيَمْلأُ الأرضَ قسطًا وعَـدلاً كمَا مُـلئَت ظلمًا وجورًا، يَرْضَى عنه ساكِنُ السماءِ وساكِنُ الأرضِ،لا تَــدَّخِر الأرضُ مِن بذْرِها شيئًا إلا أَخْرَجَتْه ولا السماءُ مِن قَطْرِها شيئًا إلا صَبَّـه اللهُ عليهم مِدْرارًا،يَعِيش فيهم سبْعَ سنين أو ثمَانٍ أو تسْعَ، تَتَمَنَّى الأَحْيَاءُ الأَمْوَات مِمَّا صَنَعَ اللهُ عز وجل بِأَهْلِ الأرضِ مِن خَيْرِه].
وقال الحاكمُ بعده(تحت عنوان:حلية المهدي عليه السلام):حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذ العدل...،وحدثني الحسينُ بن علي الدارمي...عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [لا تَقُومُ السَّاعَـةُ حتى تُمْلأ الأرضُ ظلمًا وجورًا وعدوانًا،ثم يَخْرُج مِن أهل بَـيـْتي مَـنْ يَملأُها قسْـطًا وعَــدلاً كمَا مُلئَت ظلمًا وعدوانًا].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والحديثُ المُفَسر بذلك الطريق وطرُق حديثِ عاصم عن زرّ عن عبد الله كلُّها صحيحةٌ، على ما أَصَّلْتُه في هذا الكتاب بالاحْتِجَاج بأَخْبَارِ عاصم بن أبي النجود،إذ هو إمَامٌ مِن أئمَّة المسلمين.وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [المهديُّ مِنَّا أهل البيت،أَشَمُّ الأنف،أَقْنَى، أَجْلَى،يَمْلأ الأرضَ قسْـطًا وعدلاً كمَا مُلئَت جورًا وظلمًا،يَعِيش هكذا]،وبَسَطَ يَسَارَه وإِصْبِعَيْن مِن يَمِينهِ..المُسَبِّحَةِ والإبْهام، وعَقَدَ ثلاثةً. وقال بعده:أخبرني أبو النضر الفقيه... سمعتُ سعيدَ بنَ المسيب يقول:سمعتُ أمَّ سلمة تقول:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يَذْكُرُ المهديَّ فقال:[نَعَمْ،هو حَقٌّ،وهو مِنْ بَنِي فاطـمة]،وحدَّثناه أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو... عن سعيد بن المسيب عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله المهديَّ فقال:[هو مِنْ وُلْدِ فاطمة].
وقال بعده:أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: [يَخْرُج في آخِر أُمَّتي المهديُّ،يَسْقِيه اللهُ الغَيْثَ،وتُخْرِج الأرضُ نبَاتَها،ويُعْطى المال صِــحَاحًا،وتَكْثُر المَاشِيَة،وتَعْظُم الأُمَّةُ، يَعِيش سبعًا أو ثمانيًا]يَعْنِي حِجَجًا.
وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:[تُمْلأ الأرضُ جورًا وظلمًا فيَخْرُج رَجُلٌ مِن عترتي...(الحديث)].
وقال بعده:حدثنا عبد الله بن سعد الحافظ ثنا إبراهيم بن أبي طالب وإبراهيم بن إسحاق وجعفر بن محمد بن أحمد الحافظ،قالوا: ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال:[يَكُون في أمَّــتي المهـديُّ،إنْ قَصُرَ فسَبْع وإلا فتسع،تَنْعُم أُمَّتِي فيه نعمةً لم ينعموا مِثْلَها قطّ،تُؤْتِــي الأرضُ أُكُلَها،لا تَدَّخِر عنهم شيئًا،والمَالُ يومئذٍ كدوس ، يَقُوم الرجلُ فيقول:يا مَهدي .. أعْطِني،فيقول: خُذ]. (آخِرُ كتابِ الفتن)قال الحاكم رحمه الله تعالى:قد رَوَيْتُ مَا انْتَهَى إليه عِلْمِي مِن فِتَنِ آخرِ الزمانِ على لِسَانِ المصطفى صلى الله عليه وآله،بالأسانيدِ اللائِقَةِ بهذا الكتاب.
أقول: أختم حديثي عن إمام الزمان صلوات الله عليه بِعبارةِ تفسير (الأمثل في تفسير كتاب الله المنـزل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي(ج6 ص18–21):
الرَّوايات الإسلامية في المهدي(عجل الله فرجه الشريف)
بالرغم مِن كثرةِ الكتب المؤلَّفة مِن قِبَل علماء أهلِ السنة وعلماءِ الشيعة،في شأْنِ الأحاديث الواردة في المهدي(عليه السلام)ونهضته الإصلاحية،إلا أننا نعتقد أنَّ كلَّ ذلك ليس بأَبْلَغ ولا أَوْجَز في الوقت ذاته مِمَّا كَتَبَه علماءُ الحجاز مِن رَسَائل رَدًّا على السائِلِين في هذا المجَال،لذلك نَرَى مِن المناسب أنْ نَنْقل مَضَامِين تلك الإجابات ومُؤَدَّاها للقراء الكرام ... وعلى كلِّ حالٍ يلزمنا قبل كلِّ شيء أنْ نَضَعَ بين يدي القرّاء الكرام نصَّ السؤال والجواب الذي نَشَرَتْه رابطةُ العالم الإسلامي ... فقبْلَ بضْعَةِ أَعْوامٍ وَجَّهَ شخصٌ مِن كينيا-يُدْعَى أبا محمد-سؤالاً إلى رابطة العالم الإسلامي في شأنِ المهدي المنتظر(عَجَّل الله فرجه الشريف)، فأجابه مديرُ الرابطة محمد صالح القزاز بِرَدٍّ يَتَضَمَّن تصريحًا بأنَّ ابن تيمية يُؤْمِن بالأحاديث الواردة في شأن المهدي أيضًا،وقد كَتَبَ هذه الرسالةَ خمسةُ علماء معروفين مِن أهل الحجاز،جوابًا على سؤالِ أبي محمد الكيني،وقد وَرَدَ في هذه الرسالة -بعد ذِكْر اسم المهدي(عليه السلام)ومَحَلِّ ظهورِه(مكة)-مَا يلي: عند ظهوره يكون العالَمُ مَلِيئًا بالفسَاد والكُفر والجَوْر،فيَمْلأ اللهُ به(المهدي)العالمَ عدلاً كمَا مُلِئَ ظلمًا وجورًا،وهو آخِر الخلفاء الراشدين الاثني عشر الذين أخبَرَ عنهم النبيُّ(صلى الله عليه وآله وسلم)في كُتُب الصحاح. والأحاديث المتعلِّقة بالمهدي نقَلَها عدَّةٌ مِن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم:عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب،طلحة بن عبيد الله،عبد الرحمن بن عوف، قرة بن أساس المزني،عبد الله بن الحارث،أبو هريرة،حذيفة بن اليمان، جابر بن عبد الله، أبو أمامة،جابر بن ماجد،عبد الله بن عمر، أنس بن مالك، عمران بن الحصين،وأم سلمة...فهؤلاء عشرون راويًا صحابيًّا رَوَوُا عن النبيِّ في المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وغيرُهم كثيرٌ أيضًا،وهناك أحاديث كثيرة عن الصحابة أنفسهم ورَدَ فيها الكلامُ عن ظهور المهـدي(عجل الله فرجه الشريف) ويُمْكِن أنْ تُضَاف هذه الرواياتِ إلى الرواياتِ الوارِدَةِ عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)،لأنَّ ذلك(أي الكلام في المهـدي)لم يَكُن مَسْأَلةً اجْتِهَادِيَّةً لِيُمْكِن الاجتهادُ فيها،فبِنَاءً على ذلك فإنَّ الصحابةَ قد سَمِعُوا هذا الموضوعَ مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).ثم تضيف الرسالة:
إنَّ الأحاديث آنِفَة الذِّكْر المَرْوِيَّة عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مذكورةٌ في كتب الحديث والكتب الإسلامية الأخرى،سواءً منها السُّنَن أو المَعَاجِم أو المَسَانِيد، وكذلك شَهَادَات الصَّحَابَة وأقْوَالهم التي هي بِمَثَابَة الحديث أيضًا،ومِن الكتب التي وَرَدت فيها الأحاديثُ في المهدي أو أقوالُ الصحابة هي:سنن أبي داود،وسنن الترمذي،وابن ماجة، وابن عمرو الداني، ومسند أحمد،وأبو يعلى، والبزاز، وصحيح الحاكم،ومعجمَا الطبراني (الكبير والمتوسط) والرواياني، والدارقطني،وأبو نعيم في أخبار المهدي، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد،وابن عساكر في تأريخ دمشق، وغيرها.
وتضيف الرسالة:إنَّ بعضَ العلماء المسلمين كَتَبُوا في هذا الشأن كُتُبًا خاصَّة، منهم: أبو نعيم في أخبار المهدي، وابن حجر الهيثمي في(القول المختصر في علامات المهدي المنتظر)، والشوكاني، في (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح)وإدريس العراقي المغربي في (كتاب المهدي)، وأبو العباس بن عبد المؤمن المغربي في كتاب(الوهم المكنون في الرد على ابن خلدون)0وآخِرُ مَن كَتَبَ في هذا الشأن بحثًا مُطَوَّلاً،وهو مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة(في حلقات متعددة في مجلة الجامعة المذكورة).ثم تضيف الرسالة أيضًا:إنَّ جَمَاعَةً مِن علماء الإسلام قديمًا وحديثًا صَرَّحوا في كُتُبِهم أنَّ الأحاديث الواردة في المهدي تَقْرُب مِن التواتر ولا يُمْكِن إنْكَارُها بأيِّ وَجْهٍ،ومنهم:السخاوي في(فتح المغيث)، ومحمد بن الحسن السفاويني في(شرح العقيدة)،وأبو الحسن الأبري في(مناقب الشافعي) وابن تيمية في(فتاواه)، والسيوطي في(الحاوي)وإدريس العراقي في كتابه(المهدي)والشوكاني في كتاب(التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر)،ومحمد جعفر الكناني في(نظم التناثر)،وأبو العباس بن عبد المؤمن في (الوهم المكنون...). وتَخْتُم الرسالةُ بالقوْل بأنَّ ابنَ خلدون وَحْدَهُ أَنْكَرَ الأحاديثَ في المهـدي، وعَدَّها وَاهِيَةً لا أساس لها،وأنها عارِيَة مِن الصحة،إذ قال:(لا مهدي إلا عيسى)، إلا أنَّ علماء الإسلام ورجالَه رَدَّوا على مَقَالَتِه،وخاصة أبو العباس بن عبد المؤمن في كتابه(الوهم المكنون في الرد على ابن خلدون) الذي خَصَّصَ في كتابه بَحْثًا مًسْهَبًا في هذا الشأن،وقد نُشِرَ الكتـاب منذ أكثر مِن ثلاثين سنة، ويقول حُفَّاظُ الأحاديث والعلماءُ الكبارُ بصراحةٍ:إنَّ الأحاديث في المهـدي تَشْتَمِل على الصحيـح والحسَـن،ومَجْمُوعها مُتَوَاتِرٌ،فبِنَاءً على ذلك فالاعتقادُ بظهورِ المهدي واجبٌ على كلِّ مسلم،ويُعَدُّ هذا مِن عقائد أهل السنة والجماعة ولا يُنْكِرُها إلا الجَهَلَةُ أو المُبْتَدِعُون . . . الخ . مدير إدارة مجمـع الفقه الإسلامي محمد المنتصر الكنائي0
اللهم صل على محمـد وآل محمد اللهم كُنْ لِوليِّـك الحجَّةِ ابْنِ الحسَنِ،صلواتُك عليه وعلى آبائه،في هذه الساعَةِ وفي كُلِّ سَـاعَةٍ وَلِـيًّا وحَـافِظًا وقَـائِدًا ونـاصِرًا ودَلِيـلاً وعَـيْنًا حَتَّى تُسْكِنَه أَرْضَكَ طَوْعًا وتُمَتِّعَه فيها طَوِيلاً بِرَحْمَتك يا أرحم الراحمين، واجْعَلنا مِن أنصاره وشُهَدَائه وخـاصَّته،اللهم صَلِّ على محمد وآل محمد.
*البخاري(ج4)ص118:عبدالله بن عيسى سَمِعَ عبدَالرحمن بن أبي ليلى قال: لَقِيَنِي كعبُ بن عجرة فقال: ألا أُهْدِي لك هديةً سمعتُها مِن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال: بلى،فاهْدِها إلَيَّ.فقال(كعبٌ): سَأَلْنا رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقلنا: يا رسول الله .. كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فإنَّ الله علَّمنا كيف نُسَلِّم،قال صلى الله عليه (وآله) وسلم: [قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعـــلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
*البخاري(ج6)ص27: عن كعب بن عجرة(قال): قِيلَ: يا رسول الله .. أمَّا السلامُ عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال صلى الله عليه(وآله) وسلم: [قُولُوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كمَا صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك عَـــلى محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
أقول: رَوَى الحاكمُ مِثْلَه(المستدرك0ج3مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله) وقال بعد ذلك: وقد رَوَى هذا الحديثَ بِإِسْناده وأَلْفاظِه،حَرْفًا بعد حرْفٍ الإمامُ محمد بن إسماعيل البخاري عن موسى بن إسماعيل في الجامع الصحيح،وإنما خَرَّجْتُه (رَوَيْتُه) لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ أنَّ أهلَ البيت والآلَ جميعًا هُم.
ولو راجَعْتَ صحيحَ البخاري(ج6)في تفسير آخر سورة الأحزاب لَرَأَيْتَ أكثرَ مِن روايةٍ في كيفية الصلاةِ على النبيِّ،وكان النبيُّ يَقْرن الآلَ معه في الصلاة دائمًا، مع أنَّ السائلَ عن الكيفية قد طَلَبَ كيفيةَ الصلاةِ على النبيِّ وَحْدَه، فرَاجِع ما في باب قوله تعالى:{إنَّ الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}.
*وذَكَرَ النسائيُّ-وغيرُه-في صحيحه(ج3)باب كيفية الصلاة على النبي رواياتٍ كثيرةً، كان النبيُّ صلى الله عليه وآله يُعَلِّم أصحابَه كيفية الصلاة عليه،فيَذْكُر الآلَ معه، قال النسائيُّ(ج3)ص49: عن زيد بن خارجة قال: أَنا سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[صَـلُّوا عَلَيَّ، واجْتَهِدُوا في الدعاء،وقُولُوا:
اللهم صلِّ على محمــدٍ وآلِ محمد].
الإمام المهدي صلوات الله عليه
*البخاري(ج2)كتاب الحج0باب هدم الكعبة: قالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: [يَغْزُو جيْشٌ الكعبةَ فيُخْسَف بهم].
أقول: خَسْفُ هذا الجيش هو أحدُ العلاماتِ لِقُرْبِ ظُهُورِ الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام.
*البخاري(ج4)كتاب بدء الخلق.باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام: ذكَرَه قبْل حديث الغار بثلاث صفحات تقريبًا،عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [كيف أنتم إذا نَزَلَ ابنُ مريم فيكم وإمَامُكم مِنكم].
وروى هذا الحديثَ مسلمٌ في صحيحه(ج1 ص94).
*البخاري(ج8)كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب قولِ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم لا تزال طائفة مِن أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون وهم أهل العلم: عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال: [لا يَزَال طائفةٌ مِن أمَّتي ظاهِرِين حتى يَأْتِيهم أَمْرُ الله وهم ظاهرون].
*المستدرك(ج3)كتاب فضائل الصحابة0ذِكْر جابر بن سمرة السوائي: حدثني محمد بن صالح بن هانئ(قال)حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى،وحدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ يوسف ابن يعقوب، قالا: حدثنا أبو الربيع الزهراني(قال)حدثنا جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعتُه يقول: [لا يَزَالُ أَمْرُ هذه الأُمَّـةِ ظاهِرًا حتى يَقُومَ اثْنَا عشر خليفةً]،وقال كلِمَةً خَفِيَت عَلَيَّ، وكان أبي أَدْنَى إليه مَجْلِسًا مِنِّي فقلتُ: مَا قال؟ فقال: [كلُّهم مِن قريش].وقد رَوَى جابرُ ابن سمرة عن أبيه حَدَّثنا آخَر.
*مسلم(ج1 ص95): حدثنا الوليد بن شجاع وهارون بن عبد الله وحجاج بن الشاعر قالوا: حدثنا حجاج وهو ابن محمد عن ابن جريج قال:أخبرني أبو الزبير أنه سَمِعَ جابرَ بنَ عبد الله يقول: سمعتُ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول: [لا تَزَالُ طائفةٌ مِن أمَّتي يُقاتِلون على الحـقِّ، ظاهِرين إلى يوم القيامـة] قال(الراوي: فقال النبي صلى الله عليه وآله:)[فيَنزِل عيسى بنُ مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أَمِيرُهم:تَعَالَ صَلِّ لَنَا،فيقول:لا إنَّ بعضَــكم على بعضٍ أُمَرَاء،تكْرِمَة اللهِ هذه الأمَّة].
*ابن ماجة(ج2)كتاب الفتن0باب فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج: (ح4077):حديث طويل:...ببَيْت المقدس، وإمامُهم رجلٌ صالِحٌ،فبيْنمَا إمَـامُهم قد تَقَدَّمَ يُصَلِّي بهم الصبْحَ،إذ نَزَلَ عليهم عيـــسى بنُ مريم الصبْحَ،فرَجَعَ ذلك الإمَامُ يَنْكُص،يَمْشِي القَهْقَرَى، لِيَتَقَدَّمَ عيسى يُصَلِّي بالناس،فيَضَعُ عيسى يَدَه بيْن كَتْفَيْهِ، ثم يقول له:تقدَّمْ فَصَلِّ،فإنها لك أُقِيمَت،فيُصَلِّي بهم إمامُهم...].
*الترمذي(ج3)(ح2330):حدثنا قتيبة ... عن ثوبان قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[إنما أخاف على أمّتي الأئمة المُضِلِّين]قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [لا تزال طائفةٌ مِن أمّتي على الحقِّ ظاهِرين،لا يَضُرُّهم مَن خَذَلَهم حتى يأتي أمْرُ الله].
وقال الترمذي(ج3)باب ما جاء في المهدي:(ح2331):عن عبدالله قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم : [لا تَذْهَـب الدنيا حتى يَمْـلك الـ(...) رَجُلٌ مِن أهل بيتي، يُوَاطِئ اسمُه اسمِي].
وبعده:(ح2332)عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[يَلِي رجلٌ مِن أهْلِ بيْتي،يُواطِئ اسمُه اسمِي]،قال عاصم:أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة، قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[لو لم يَبْقَ مِن الدنيا إلا يوْم لَطَوَّلَ اللهُ ذلك اليوم حتى يَلِي(رجلٌ مِن أهل بيتي،يواطئ اسمه اسمي)]،قال:هذا حديث حسن صحيح.
*صحيح أبي داود(ج2):(ح4283):عن أبي الطفيل عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال: [لَوْ لَمْ يَبْقَ مِن الدَّهْــر إلا يوْمٌ لَبَعَـثَ اللهُ رجلاً مِن أهــلِ بيْتي، يَمْلأُها عدلاً كمَا مُلِئَت جَوْرًا].
وبعده:(ح4284)عن سعيد بن المسيب،عن أمِّ سلمة قالت:سمعتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[المهديُّ مِن عترتي،مِن ولْدِ فاطمة].
وبعده:(ح4285) عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [المهـديُّ منِّــي،أَجْلَى الجبْهة،أَقْنَى الأَنف،يَمْــلأُ الأرضَ قِسْطًا وعَدْلاً كمَا مُلِئَت جَوْرًا وظُلْمًا،يَمْلك سبْعَ سنين].
*الترمذي(ج3)(ح2333):عن أبي سعيد الخدري قال:خَشِينَا أنْ يَكُون بعد نبيِّنا حَدَثٌ فسَأَلنا نبيَّ اللهِ صلى الله عليه(وآله)وسلم فقال:[إنَّ في أُمَّتي المهـديُّ، يَخْرُج، يَعِيش خمْسًا أو سَبْعًا أو تسْعًا]-زيد(الراوي)الشَّاكُّ-قال(أبو سعيد الخدري): قلنا: ومَا ذاك؟ قال:[سنين]، قال: [فيَجِيءُ إليْه الرجلُ فيقول:يا مهـــدي..أعْطِنِي أعطِني]،قال:[فيُحْثَي له في ثوْبه مَا اسْتَطاع أنْ يَحْمِله].
*ابن ماجة(ج2)كتاب الفتنة0باب خروج المهدي:(ح4083):عن أبي سعيد الخدري، أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[يَكُون في أُمَّتِي المَهْـدِيُّ،إنْ قَصُرَ فسَبْعٌ وإلا فتِسْعٌ،فتَنْعُـم فِيه أُمَّتِي نِعْمَةً لم ينعموا مثلها قط،تُؤْتِي أُكُلَها،ولا تَدَّخِر منهم شيئًا،والمَـالُ يومئـذٍ كدوس،فيقوم الرجلُ فيقول:يا مهدي.. أعْطِنِي، فيقول: خُذ].
وبعده:(ح4085):عن عليٍّ قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: [المهديُّ مِنَّا أهل البيت،يُصْلِحُه اللهُ في لَيْلةٍ].
وبعده: (ح4086):عن سعيد بن المسيب،قال:كنَّا عند أمِّ سلمة،فتَذاكَرْنا المهديَّ، فقالت:سمعتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:
[المهـديُّ مِن ولدِ فـاطمة].
وبعده:(ح4087):عن أنس بن مالك قال:سمعتُ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم يقول:[نحن وِلْدُ عبد المطلب سادَةُ أهلِ الجنة،أنا وحمزة وعَـــليٌّ وجعفر والحسن والحسين والمهدي].
*المستدرك(ج4)كتاب الفتن والملاحم،تحت عنوان(ينزل بأمتي في آخر زمانٍ بلاء شديد ... ):أخبرني الحسينُ بن علي بن محمد بن يحيى التميمي ... عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال نبيُّ الله صلى الله عليه وآله: [يَنْزل بأُمَّتي في آخِر الزَّمَانِ بلاءٌ شديدٌ ...فيَبْعَث اللهُ عز وجل رجلاً مِن عِـتْرتي،فيَمْلأُ الأرضَ قسطًا وعَـدلاً كمَا مُـلئَت ظلمًا وجورًا، يَرْضَى عنه ساكِنُ السماءِ وساكِنُ الأرضِ،لا تَــدَّخِر الأرضُ مِن بذْرِها شيئًا إلا أَخْرَجَتْه ولا السماءُ مِن قَطْرِها شيئًا إلا صَبَّـه اللهُ عليهم مِدْرارًا،يَعِيش فيهم سبْعَ سنين أو ثمَانٍ أو تسْعَ، تَتَمَنَّى الأَحْيَاءُ الأَمْوَات مِمَّا صَنَعَ اللهُ عز وجل بِأَهْلِ الأرضِ مِن خَيْرِه].
وقال الحاكمُ بعده(تحت عنوان:حلية المهدي عليه السلام):حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذ العدل...،وحدثني الحسينُ بن علي الدارمي...عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [لا تَقُومُ السَّاعَـةُ حتى تُمْلأ الأرضُ ظلمًا وجورًا وعدوانًا،ثم يَخْرُج مِن أهل بَـيـْتي مَـنْ يَملأُها قسْـطًا وعَــدلاً كمَا مُلئَت ظلمًا وعدوانًا].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والحديثُ المُفَسر بذلك الطريق وطرُق حديثِ عاصم عن زرّ عن عبد الله كلُّها صحيحةٌ، على ما أَصَّلْتُه في هذا الكتاب بالاحْتِجَاج بأَخْبَارِ عاصم بن أبي النجود،إذ هو إمَامٌ مِن أئمَّة المسلمين.وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب...عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [المهديُّ مِنَّا أهل البيت،أَشَمُّ الأنف،أَقْنَى، أَجْلَى،يَمْلأ الأرضَ قسْـطًا وعدلاً كمَا مُلئَت جورًا وظلمًا،يَعِيش هكذا]،وبَسَطَ يَسَارَه وإِصْبِعَيْن مِن يَمِينهِ..المُسَبِّحَةِ والإبْهام، وعَقَدَ ثلاثةً. وقال بعده:أخبرني أبو النضر الفقيه... سمعتُ سعيدَ بنَ المسيب يقول:سمعتُ أمَّ سلمة تقول:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يَذْكُرُ المهديَّ فقال:[نَعَمْ،هو حَقٌّ،وهو مِنْ بَنِي فاطـمة]،وحدَّثناه أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو... عن سعيد بن المسيب عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله المهديَّ فقال:[هو مِنْ وُلْدِ فاطمة].
وقال بعده:أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: [يَخْرُج في آخِر أُمَّتي المهديُّ،يَسْقِيه اللهُ الغَيْثَ،وتُخْرِج الأرضُ نبَاتَها،ويُعْطى المال صِــحَاحًا،وتَكْثُر المَاشِيَة،وتَعْظُم الأُمَّةُ، يَعِيش سبعًا أو ثمانيًا]يَعْنِي حِجَجًا.
وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:[تُمْلأ الأرضُ جورًا وظلمًا فيَخْرُج رَجُلٌ مِن عترتي...(الحديث)].
وقال بعده:حدثنا عبد الله بن سعد الحافظ ثنا إبراهيم بن أبي طالب وإبراهيم بن إسحاق وجعفر بن محمد بن أحمد الحافظ،قالوا: ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال:[يَكُون في أمَّــتي المهـديُّ،إنْ قَصُرَ فسَبْع وإلا فتسع،تَنْعُم أُمَّتِي فيه نعمةً لم ينعموا مِثْلَها قطّ،تُؤْتِــي الأرضُ أُكُلَها،لا تَدَّخِر عنهم شيئًا،والمَالُ يومئذٍ كدوس ، يَقُوم الرجلُ فيقول:يا مَهدي .. أعْطِني،فيقول: خُذ]. (آخِرُ كتابِ الفتن)قال الحاكم رحمه الله تعالى:قد رَوَيْتُ مَا انْتَهَى إليه عِلْمِي مِن فِتَنِ آخرِ الزمانِ على لِسَانِ المصطفى صلى الله عليه وآله،بالأسانيدِ اللائِقَةِ بهذا الكتاب.
أقول: أختم حديثي عن إمام الزمان صلوات الله عليه بِعبارةِ تفسير (الأمثل في تفسير كتاب الله المنـزل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي(ج6 ص18–21):
الرَّوايات الإسلامية في المهدي(عجل الله فرجه الشريف)
بالرغم مِن كثرةِ الكتب المؤلَّفة مِن قِبَل علماء أهلِ السنة وعلماءِ الشيعة،في شأْنِ الأحاديث الواردة في المهدي(عليه السلام)ونهضته الإصلاحية،إلا أننا نعتقد أنَّ كلَّ ذلك ليس بأَبْلَغ ولا أَوْجَز في الوقت ذاته مِمَّا كَتَبَه علماءُ الحجاز مِن رَسَائل رَدًّا على السائِلِين في هذا المجَال،لذلك نَرَى مِن المناسب أنْ نَنْقل مَضَامِين تلك الإجابات ومُؤَدَّاها للقراء الكرام ... وعلى كلِّ حالٍ يلزمنا قبل كلِّ شيء أنْ نَضَعَ بين يدي القرّاء الكرام نصَّ السؤال والجواب الذي نَشَرَتْه رابطةُ العالم الإسلامي ... فقبْلَ بضْعَةِ أَعْوامٍ وَجَّهَ شخصٌ مِن كينيا-يُدْعَى أبا محمد-سؤالاً إلى رابطة العالم الإسلامي في شأنِ المهدي المنتظر(عَجَّل الله فرجه الشريف)، فأجابه مديرُ الرابطة محمد صالح القزاز بِرَدٍّ يَتَضَمَّن تصريحًا بأنَّ ابن تيمية يُؤْمِن بالأحاديث الواردة في شأن المهدي أيضًا،وقد كَتَبَ هذه الرسالةَ خمسةُ علماء معروفين مِن أهل الحجاز،جوابًا على سؤالِ أبي محمد الكيني،وقد وَرَدَ في هذه الرسالة -بعد ذِكْر اسم المهدي(عليه السلام)ومَحَلِّ ظهورِه(مكة)-مَا يلي: عند ظهوره يكون العالَمُ مَلِيئًا بالفسَاد والكُفر والجَوْر،فيَمْلأ اللهُ به(المهدي)العالمَ عدلاً كمَا مُلِئَ ظلمًا وجورًا،وهو آخِر الخلفاء الراشدين الاثني عشر الذين أخبَرَ عنهم النبيُّ(صلى الله عليه وآله وسلم)في كُتُب الصحاح. والأحاديث المتعلِّقة بالمهدي نقَلَها عدَّةٌ مِن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم:عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب،طلحة بن عبيد الله،عبد الرحمن بن عوف، قرة بن أساس المزني،عبد الله بن الحارث،أبو هريرة،حذيفة بن اليمان، جابر بن عبد الله، أبو أمامة،جابر بن ماجد،عبد الله بن عمر، أنس بن مالك، عمران بن الحصين،وأم سلمة...فهؤلاء عشرون راويًا صحابيًّا رَوَوُا عن النبيِّ في المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وغيرُهم كثيرٌ أيضًا،وهناك أحاديث كثيرة عن الصحابة أنفسهم ورَدَ فيها الكلامُ عن ظهور المهـدي(عجل الله فرجه الشريف) ويُمْكِن أنْ تُضَاف هذه الرواياتِ إلى الرواياتِ الوارِدَةِ عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)،لأنَّ ذلك(أي الكلام في المهـدي)لم يَكُن مَسْأَلةً اجْتِهَادِيَّةً لِيُمْكِن الاجتهادُ فيها،فبِنَاءً على ذلك فإنَّ الصحابةَ قد سَمِعُوا هذا الموضوعَ مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).ثم تضيف الرسالة:
إنَّ الأحاديث آنِفَة الذِّكْر المَرْوِيَّة عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مذكورةٌ في كتب الحديث والكتب الإسلامية الأخرى،سواءً منها السُّنَن أو المَعَاجِم أو المَسَانِيد، وكذلك شَهَادَات الصَّحَابَة وأقْوَالهم التي هي بِمَثَابَة الحديث أيضًا،ومِن الكتب التي وَرَدت فيها الأحاديثُ في المهدي أو أقوالُ الصحابة هي:سنن أبي داود،وسنن الترمذي،وابن ماجة، وابن عمرو الداني، ومسند أحمد،وأبو يعلى، والبزاز، وصحيح الحاكم،ومعجمَا الطبراني (الكبير والمتوسط) والرواياني، والدارقطني،وأبو نعيم في أخبار المهدي، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد،وابن عساكر في تأريخ دمشق، وغيرها.
وتضيف الرسالة:إنَّ بعضَ العلماء المسلمين كَتَبُوا في هذا الشأن كُتُبًا خاصَّة، منهم: أبو نعيم في أخبار المهدي، وابن حجر الهيثمي في(القول المختصر في علامات المهدي المنتظر)، والشوكاني، في (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح)وإدريس العراقي المغربي في (كتاب المهدي)، وأبو العباس بن عبد المؤمن المغربي في كتاب(الوهم المكنون في الرد على ابن خلدون)0وآخِرُ مَن كَتَبَ في هذا الشأن بحثًا مُطَوَّلاً،وهو مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة(في حلقات متعددة في مجلة الجامعة المذكورة).ثم تضيف الرسالة أيضًا:إنَّ جَمَاعَةً مِن علماء الإسلام قديمًا وحديثًا صَرَّحوا في كُتُبِهم أنَّ الأحاديث الواردة في المهدي تَقْرُب مِن التواتر ولا يُمْكِن إنْكَارُها بأيِّ وَجْهٍ،ومنهم:السخاوي في(فتح المغيث)، ومحمد بن الحسن السفاويني في(شرح العقيدة)،وأبو الحسن الأبري في(مناقب الشافعي) وابن تيمية في(فتاواه)، والسيوطي في(الحاوي)وإدريس العراقي في كتابه(المهدي)والشوكاني في كتاب(التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر)،ومحمد جعفر الكناني في(نظم التناثر)،وأبو العباس بن عبد المؤمن في (الوهم المكنون...). وتَخْتُم الرسالةُ بالقوْل بأنَّ ابنَ خلدون وَحْدَهُ أَنْكَرَ الأحاديثَ في المهـدي، وعَدَّها وَاهِيَةً لا أساس لها،وأنها عارِيَة مِن الصحة،إذ قال:(لا مهدي إلا عيسى)، إلا أنَّ علماء الإسلام ورجالَه رَدَّوا على مَقَالَتِه،وخاصة أبو العباس بن عبد المؤمن في كتابه(الوهم المكنون في الرد على ابن خلدون) الذي خَصَّصَ في كتابه بَحْثًا مًسْهَبًا في هذا الشأن،وقد نُشِرَ الكتـاب منذ أكثر مِن ثلاثين سنة، ويقول حُفَّاظُ الأحاديث والعلماءُ الكبارُ بصراحةٍ:إنَّ الأحاديث في المهـدي تَشْتَمِل على الصحيـح والحسَـن،ومَجْمُوعها مُتَوَاتِرٌ،فبِنَاءً على ذلك فالاعتقادُ بظهورِ المهدي واجبٌ على كلِّ مسلم،ويُعَدُّ هذا مِن عقائد أهل السنة والجماعة ولا يُنْكِرُها إلا الجَهَلَةُ أو المُبْتَدِعُون . . . الخ . مدير إدارة مجمـع الفقه الإسلامي محمد المنتصر الكنائي0
اللهم صل على محمـد وآل محمد اللهم كُنْ لِوليِّـك الحجَّةِ ابْنِ الحسَنِ،صلواتُك عليه وعلى آبائه،في هذه الساعَةِ وفي كُلِّ سَـاعَةٍ وَلِـيًّا وحَـافِظًا وقَـائِدًا ونـاصِرًا ودَلِيـلاً وعَـيْنًا حَتَّى تُسْكِنَه أَرْضَكَ طَوْعًا وتُمَتِّعَه فيها طَوِيلاً بِرَحْمَتك يا أرحم الراحمين، واجْعَلنا مِن أنصاره وشُهَدَائه وخـاصَّته،اللهم صَلِّ على محمد وآل محمد.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
جاء في الرسالة:
{ثم اعلم بأنَّ ثمة مَن يَدَّعِي أنَّ الإمامَ عليًّا عليه السلام كان على وِفَاقٍ تامٍّ مع مَن سَبَقه مِن الخلفاء..وهذا بـاطل،فقد صَرَّحَ عمرُ بنُ الخطاب بخلاف ذلك.. وأنا مضطر هنا لأنقل ما أورده البخاري في صحيحه مِن خطبةٍ خَطَبَها عمرُ،وأوْضَحَ فيها المكنونَ في ذلك وغيرَه:
4-في ج8 في(كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة في باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت):حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف،فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبدالرحمن فقال: لو رأيت رجلاً أتى … (إلى أن قال عن عمر أنه قال في خطبته): … ثم إنه بلغني أنَّ قائلاً منكم يقول:
والله لو مات عمر بايعتُ فلاناً،فلا يَغتَرَّنَّ امرؤٌ أن يقول:إنما كانت بَيْعَةُ أبي بكر فَلْتَةً وتَمَّت،ألا وإنها كانت كذلك ولكنَّ الله وَقَى شَرَّهَا{يقول المُحَشِّي على هذه الطبعة: قوله:
[فلتة]: أي فَجْأَة،أي مِن غير تَدَبُّرٍ}.(إلى أن قال عمر):
مَن بايَعَ رجلاً عن غير مَشُورَةٍ مِن المسلمين فلا يُبَايع هو ولا الذي بايعه تَغِرَّةَ أَنْ يُقْتَلا.
وإنه قد كان من خبرنا حين تَـوفى اللهُ نبيَّـه صلى الله عليه(وآله) وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة،وخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ والزبير ومَن معهما(إلى أن قال عمرُ): فقال قائلٌ مِن الأنصار:أنا جُذَيْلُها المْـُحَكّك وعُذَيْقُها المرجب..منا أميرٌ ومنكم أميرٌ يا معشر قريش،فَكثُر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقتُ(خشيت)من الاختلاف فقلتُ:
اِبْسِط يَدَكَ يا أبابكر..فبَسَطَ يدَه فبايعتُه وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار.
(ثم قال عمرُ):ونَزَوْنَا على سعد بن عبادة،فقال قائل منهم:لقد قتلتم سعد بن عبادة، فقلتُ: قتل الله سعد بن عبادة0(إلى أن قال عمر):
وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر،خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا،فإما بايعناهم على مالا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد ممن بايَـع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يُقتلا.(أي مشورة هذه!!)ومما يدل على عدم كون الإمام علي عليه الصلاة والسلام معهم في بيعتهم -وأنه غير راضٍ عن طريقتهم أصلاً- ما رواه البخاري في صحيحه أيضاً:
5-ج4من(كتاب بدء الخلق0باب مناقب علي بن أبي طالب): حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا شعبة عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي قال: [اقْضُوا كَمَا كنتم تَقْضُـونَ،فإِنِّي أَكْرَهُ الاخْتِلافَ حتى يَكُونَ لِلناسِ جَمَاعَةٌ أو أَمُوتَ كمَا مَاتَ أَصْحَابِي].
أقول: أيها الأستاذ .. هل لك أن تخبرني بزمانِ هذه المقُولَةِ لِلإمَام علي عليه السلام؟ فهل قالها في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
طبعاً لا،لأَنَّ أَمْرَ القضَاء آنذاك بِيَدِه صلى الله عليه وآله وسلم.أم قالها زَمَنَ الخلفاء الذين سَبَقُوه؟
أيضاً لا، لأنَّ الأَمْرَ كان بيدهم وتحت سيطرتهم ..
فلا معنى لأَنْ يَقُول لِلقُضَاةِ ما قال إلا في زَمَن تَصَدِّيهِ للخلافة ظاهراً..إذ أنَّ الأمْرَ والنَّهْيَ كان له حينئذ..والآن أسألك:
لماذا يَأْمُر الإمامُ عليٌّ عليه السلام قُضَـاته بِأَنْ يَقْضُوا بِنَفْسِ الأحكامِ التي كانُوا يَقْضُون بِهَا في زمن الخلفـاء الذين سَبَقُوهُ ظاهِراً ؟ هل كان له رَأْيٌ آخَر في أَحْكامِهم-وَلَوْ في الجُمْلَة-؟!
إنَّ هذا لَمِنَ البيِّنِ الواضِح وُضُوحَ الشمْسِ في رَابِعَةِ النهار،لأنه عَلَّلَ ذلك بكراهته لاخْتِلافِ الناس،وحُصُولِ الهرجِ والمرجِ بينهم،ووقوف مَن سَيَقِف في وُجُوهِ القُضَاةِ بحيث تَـزْدَاد الفتنة.
ثم جعل غايةً للقضاء بنفس قضاء ِالسَّابِقِينَ، وهي اجتماعُ جمَاعةٍ على قَلْبٍ واحِدٍ في خَطٍّ فِكْـرِيٍّ يَرَاهُ الإمَـامُ عليه السلام -بنفسه- هو الخَطَّ الصحيح، ثم..ثم ماذا يَصْنَعُ؟!
أَتْرُك الجوابَ لَك ..
أو يَمُوت كمَا مَاتَ أصحابُه .. يا تُرى .. مَنْ هؤلاء الأصْحَاب الذين عَنَاهُم أميرُ المؤمنين عليٌّ عليه السلام؟
هل هُمْ أصحاب القضاءِ السابق (الخلفاء الذين سبقوه)؟
كلا،لأنه أَثْبَتَ الخِلافَ معهم - تَوًّا - فكيف يَجْعَل اجْتِمَاعَهم أو مَوْتَه غَايَةً ونِهَايَةً لِقضائهم؟!
وإنما يَقْصدُ بِأصحابه مَن لم يُبَايع الخليفةَ أبابكر مِمَّن ذَكَرَ عمرُ في خطبته السابقة، أو بَعْضَهم.
كتاب الإمام علي عليه السلام
ومما يَتَعَلَّق بِالإمَام عليٍّ عليه السلام الجَامِعَةُ التي كانت بِخَطِّ يَدِهِ وبِإِمْلاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم،وكذا صحيفتُه،فقد وَرَدَ في رواياتنا بأنها تَشْتَمِل على جميعِ الأحكام الشَّرْعِيَّةِ،حتَّى أََرْش الخَدْش..وقد أورد البخاري روايتين أو أكثر بهذا الصدد..
6-في الجزء الثامن في(كتاب الديات0باب العاقلة ص45):حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا مطرف قال:سمعت الشعبي قال: سمعت أبا جحيفة قال: سألتُ عليًّا رضي الله عنه:
هل عندكم شيءٌ ما ليس في القرآن؟ وقال مَرَّةً: ما ليس عند الناس؟ فقال(يعني الإمَام):
[والذي فَلَقَ الحبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَةَ مَا عِنْدنا إلا مَا في القُرْآنِ،إلا فَهْمًا يُعطَى رَجُلٌ في كِتَابٍ،ومَا في الصَّحِيفَةِ].قلتُ: ومَا في الصحيفة؟ قال:[العقْل وفكاك الأسير وأن لا يُقتل مسلم بكافر].
ونقل البخاري نصَّ هذا الحديث الشريف بدون أي مخالفة في نفس الجزء الثامن من نفس كتاب الديات.باب لا يُقتل المسلم بالكافر ص47 .
أستاذي..دعنا نتأمل قليلاً في هذه الرواية ملاحظين التالي وما يمكن أن نستفيده من كل ما فيها:
الراوي يَسْأَلُ الإِمَامَ عَلِيًّا عليه السلام بِلَفْظِ الجَمْع..فكانَ يَقْصدُ أَهْلَ البيت عليهم السلام وكان أميرُ المؤمنين هو المـُبَرَّز فيهم آنذاك ..
وبقرينة قول الشعبي عنه(يعني: عن أبي جحيفة): {وقال مرة: ما ليس عند الناس}نفهم أنَّ الراوي أبا جحيفة قد سَأَلَ الإمامَ عليًّا أكْثَرَ مِن مَرَّةٍ عن وُجُودِ شيْءٍ عندهم يَتَعَلَّق بالدِّين الإسلامي غيْرَ القرآن الكريم مِمَّا هو ليس في أيدي الناس..
ونُلاحِظ أنَّ الإمَامَ في كلِّ مَرَّةٍ يُقْسِمُ على عَدَمِ وُجُود مَا يَزِيدُ على هذا القرآن الكريم عندهم، مُسْتَثْنِيًا أمْرَيْنِ:
أولاً: فهْمٌ يُعْطَى رَجُلٌ في كِتَابٍ:
والجَوَابُ يُناسِب السؤالَ..وبِمَا أنَّ السُّؤَالَ عن وُجُودِ شيءٍ دِينِـيٍّ غيرِ القرآن فالجوابُ سيَكُون في نفْسِ دَائِرَةِ الدِّين..فالفهْمُ الذي أُوتُوهُ عليهم السلام يَكُونُ في الدِّين بِلا محَالَة.
ولو تَسَاءَلْنا عن مَصْدَرِ هذا الفَهْمِ الدِّينِي فَلَنْ يَعْدُوَ الجوَابُ عن أَنْ يَكُون أَمْرًا رَبَّانِيًّا مِن الرسول الأعظم مِن الله.
ثانياً:مَا في الصحيفة:
وكلُّ ما فيها يَتعَلَّق بالدِّينِ لا محَالة،مِن أَجْلِ مُنَاسَبَةِ الجوَابِ لِلسُّؤَالِ كَمَا أَشَرْنَا.
وهذه الرِّوَايَةُ تُؤَكِّدُ مَا وَرَدَ مِن طريقِ أتْبَاعِنا بِأَنَّ عِنْدَ أَهْلِ البيت عليهم السلام –مِن ضِمْنِ مَا عِنْدَهُم– كِتَابَيْنِ:صَحِيفَةُ عَلِيٍّ و الجْـَامِعَة.
7-وهناك رواية أخرى في هذا المجَال..أَخْرَجَها البخاري في نفس الجزء الثامن في(كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع):حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثني إبراهيم التيمي حدثني أبي قال:خَطَبَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه على مِنْبَرٍ مِن آجُر،وعليه سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فقال:[والله ما عندنا مِن كِتَـابٍ يُـقرَأ إلا كِتاب الله،ومَا في هذه الصحيفة،فنَشَرَها...]}.
الحاشية:
تَأَمَّلُوا الاستثناءَ في رواية البخاري الماضية(إلا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ في كتابٍ،ومَا في الصحيفة)..الإمامُ عليٌّ عليه السلام–في هذه الرواية-يُجِيب السائلَ هكذا: ليس عندنا إلا القرآن الكريم الذي عند الناس،ولكن عندنا شَيْئَيْنِ غيْر موجودَيْن عند الناس،ألا وهما:
فَهْمٌ فِكْرِيٌّ لِلْقرآنِ الكريم مِن عند رب العالمين،ومَا في الصحيفة،إذن البخاريُّ يُثْبِت في صَحِيحه بِأَنَّ أهل البيت عندهم مَا ليس عند الناس-غير القرآن الكريم-:عِلْمٌ لَدُنِيٌّ وفَهْمٌ رَبَّانِيٌ لِلكتاب المجيد الذي هو تِبْيَانٌ لِكلِّ شيء،ومَا في تلك الصحيفة مِن أحكام الإسلام أيضًا، ونحن لا نريد أكثر مِن هذا،لأن مَن يَمْتَلِك هذا العِلْم مع صفات الكَمَال الأخرى يكون هو المُقَدَّم على غيره و لله الحمد رب العالمين.
*البخاري(ج2)كتاب الحج.باب حرم المدينة:عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال:[مَا عندنا شيءٌ إلا كتاب الله وهذه الصحيفة].
*البخاري(ج8)كتاب الفرائض(في أوله).بابُ إثم من تبرأ من مواليه:حدثنا قتيبة … قال: قال عليٌّ رضي الله عنه: (ما عندنا كتاب نقرؤه -إلا كتاب الله- غير هذه الصحيفة)… .
*البخاري(ج1)كتاب العلم.باب كتابة العلم.روى عن أبي جحيفة قال:قلتُ لِعَلِيٍّ:هل عندكم كتاب؟ قال: [لا،إلا كتاب الله أو فَهْمٌ أُعْطِيه رَجُلٌ مُسْلِـمٌ أو مَـا في هذه الصحيفة].قلتُ: وما في هذه الصحيفة؟ قال: [العَقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر].
*صحيح ابن ماجة(ج2)كتاب الديات.باب لا يقتل مسلم بكافر (ح2658): عن أبي جحيفة قال:قلتُ لِعليِّ بن أبي طالب:هل عندكم شيءٌ مِن العلم ليس عند الناس؟ قال: [لا،والله ما عندنا إلا ما عند الناس،إلا أنْ يَرْزُقَ اللهُ رَجُلاً فَهْمًا في القرآن، أو ما في هذه الصحيفة،فيها الدِّيَاتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم،وأنْ لا يُقتَل مسْلِمٌ بكافر].
*المستدرك(ج2)كتاب الحج.باب حرم المدينة:عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عليٍّ رضي الله عنه قال: [ما عندنا شَيْءٌ إلا كتاب الله وهذه الصحيفة].
أقول:كلُّ الأحكام التي نأْخذها مِن كِبَارِ علمائنا إنما هي اسْتِقَاءٌ مِن كَوْثَرِ أهلِ البيت صلوات الله عليهم عن النبي(صلى الله عليه وآله)عن الله تبارك وتعالى بِالتَّفْصِيل الموجود في كُتُبِ علمائنا.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجِّل فرَجَهم
{ثم اعلم بأنَّ ثمة مَن يَدَّعِي أنَّ الإمامَ عليًّا عليه السلام كان على وِفَاقٍ تامٍّ مع مَن سَبَقه مِن الخلفاء..وهذا بـاطل،فقد صَرَّحَ عمرُ بنُ الخطاب بخلاف ذلك.. وأنا مضطر هنا لأنقل ما أورده البخاري في صحيحه مِن خطبةٍ خَطَبَها عمرُ،وأوْضَحَ فيها المكنونَ في ذلك وغيرَه:
4-في ج8 في(كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة في باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت):حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف،فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبدالرحمن فقال: لو رأيت رجلاً أتى … (إلى أن قال عن عمر أنه قال في خطبته): … ثم إنه بلغني أنَّ قائلاً منكم يقول:
والله لو مات عمر بايعتُ فلاناً،فلا يَغتَرَّنَّ امرؤٌ أن يقول:إنما كانت بَيْعَةُ أبي بكر فَلْتَةً وتَمَّت،ألا وإنها كانت كذلك ولكنَّ الله وَقَى شَرَّهَا{يقول المُحَشِّي على هذه الطبعة: قوله:
[فلتة]: أي فَجْأَة،أي مِن غير تَدَبُّرٍ}.(إلى أن قال عمر):
مَن بايَعَ رجلاً عن غير مَشُورَةٍ مِن المسلمين فلا يُبَايع هو ولا الذي بايعه تَغِرَّةَ أَنْ يُقْتَلا.
وإنه قد كان من خبرنا حين تَـوفى اللهُ نبيَّـه صلى الله عليه(وآله) وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة،وخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ والزبير ومَن معهما(إلى أن قال عمرُ): فقال قائلٌ مِن الأنصار:أنا جُذَيْلُها المْـُحَكّك وعُذَيْقُها المرجب..منا أميرٌ ومنكم أميرٌ يا معشر قريش،فَكثُر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقتُ(خشيت)من الاختلاف فقلتُ:
اِبْسِط يَدَكَ يا أبابكر..فبَسَطَ يدَه فبايعتُه وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار.
(ثم قال عمرُ):ونَزَوْنَا على سعد بن عبادة،فقال قائل منهم:لقد قتلتم سعد بن عبادة، فقلتُ: قتل الله سعد بن عبادة0(إلى أن قال عمر):
وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر،خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا،فإما بايعناهم على مالا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد ممن بايَـع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يُقتلا.(أي مشورة هذه!!)ومما يدل على عدم كون الإمام علي عليه الصلاة والسلام معهم في بيعتهم -وأنه غير راضٍ عن طريقتهم أصلاً- ما رواه البخاري في صحيحه أيضاً:
5-ج4من(كتاب بدء الخلق0باب مناقب علي بن أبي طالب): حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا شعبة عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي قال: [اقْضُوا كَمَا كنتم تَقْضُـونَ،فإِنِّي أَكْرَهُ الاخْتِلافَ حتى يَكُونَ لِلناسِ جَمَاعَةٌ أو أَمُوتَ كمَا مَاتَ أَصْحَابِي].
أقول: أيها الأستاذ .. هل لك أن تخبرني بزمانِ هذه المقُولَةِ لِلإمَام علي عليه السلام؟ فهل قالها في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
طبعاً لا،لأَنَّ أَمْرَ القضَاء آنذاك بِيَدِه صلى الله عليه وآله وسلم.أم قالها زَمَنَ الخلفاء الذين سَبَقُوه؟
أيضاً لا، لأنَّ الأَمْرَ كان بيدهم وتحت سيطرتهم ..
فلا معنى لأَنْ يَقُول لِلقُضَاةِ ما قال إلا في زَمَن تَصَدِّيهِ للخلافة ظاهراً..إذ أنَّ الأمْرَ والنَّهْيَ كان له حينئذ..والآن أسألك:
لماذا يَأْمُر الإمامُ عليٌّ عليه السلام قُضَـاته بِأَنْ يَقْضُوا بِنَفْسِ الأحكامِ التي كانُوا يَقْضُون بِهَا في زمن الخلفـاء الذين سَبَقُوهُ ظاهِراً ؟ هل كان له رَأْيٌ آخَر في أَحْكامِهم-وَلَوْ في الجُمْلَة-؟!
إنَّ هذا لَمِنَ البيِّنِ الواضِح وُضُوحَ الشمْسِ في رَابِعَةِ النهار،لأنه عَلَّلَ ذلك بكراهته لاخْتِلافِ الناس،وحُصُولِ الهرجِ والمرجِ بينهم،ووقوف مَن سَيَقِف في وُجُوهِ القُضَاةِ بحيث تَـزْدَاد الفتنة.
ثم جعل غايةً للقضاء بنفس قضاء ِالسَّابِقِينَ، وهي اجتماعُ جمَاعةٍ على قَلْبٍ واحِدٍ في خَطٍّ فِكْـرِيٍّ يَرَاهُ الإمَـامُ عليه السلام -بنفسه- هو الخَطَّ الصحيح، ثم..ثم ماذا يَصْنَعُ؟!
أَتْرُك الجوابَ لَك ..
أو يَمُوت كمَا مَاتَ أصحابُه .. يا تُرى .. مَنْ هؤلاء الأصْحَاب الذين عَنَاهُم أميرُ المؤمنين عليٌّ عليه السلام؟
هل هُمْ أصحاب القضاءِ السابق (الخلفاء الذين سبقوه)؟
كلا،لأنه أَثْبَتَ الخِلافَ معهم - تَوًّا - فكيف يَجْعَل اجْتِمَاعَهم أو مَوْتَه غَايَةً ونِهَايَةً لِقضائهم؟!
وإنما يَقْصدُ بِأصحابه مَن لم يُبَايع الخليفةَ أبابكر مِمَّن ذَكَرَ عمرُ في خطبته السابقة، أو بَعْضَهم.
كتاب الإمام علي عليه السلام
ومما يَتَعَلَّق بِالإمَام عليٍّ عليه السلام الجَامِعَةُ التي كانت بِخَطِّ يَدِهِ وبِإِمْلاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم،وكذا صحيفتُه،فقد وَرَدَ في رواياتنا بأنها تَشْتَمِل على جميعِ الأحكام الشَّرْعِيَّةِ،حتَّى أََرْش الخَدْش..وقد أورد البخاري روايتين أو أكثر بهذا الصدد..
6-في الجزء الثامن في(كتاب الديات0باب العاقلة ص45):حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا مطرف قال:سمعت الشعبي قال: سمعت أبا جحيفة قال: سألتُ عليًّا رضي الله عنه:
هل عندكم شيءٌ ما ليس في القرآن؟ وقال مَرَّةً: ما ليس عند الناس؟ فقال(يعني الإمَام):
[والذي فَلَقَ الحبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَةَ مَا عِنْدنا إلا مَا في القُرْآنِ،إلا فَهْمًا يُعطَى رَجُلٌ في كِتَابٍ،ومَا في الصَّحِيفَةِ].قلتُ: ومَا في الصحيفة؟ قال:[العقْل وفكاك الأسير وأن لا يُقتل مسلم بكافر].
ونقل البخاري نصَّ هذا الحديث الشريف بدون أي مخالفة في نفس الجزء الثامن من نفس كتاب الديات.باب لا يُقتل المسلم بالكافر ص47 .
أستاذي..دعنا نتأمل قليلاً في هذه الرواية ملاحظين التالي وما يمكن أن نستفيده من كل ما فيها:
الراوي يَسْأَلُ الإِمَامَ عَلِيًّا عليه السلام بِلَفْظِ الجَمْع..فكانَ يَقْصدُ أَهْلَ البيت عليهم السلام وكان أميرُ المؤمنين هو المـُبَرَّز فيهم آنذاك ..
وبقرينة قول الشعبي عنه(يعني: عن أبي جحيفة): {وقال مرة: ما ليس عند الناس}نفهم أنَّ الراوي أبا جحيفة قد سَأَلَ الإمامَ عليًّا أكْثَرَ مِن مَرَّةٍ عن وُجُودِ شيْءٍ عندهم يَتَعَلَّق بالدِّين الإسلامي غيْرَ القرآن الكريم مِمَّا هو ليس في أيدي الناس..
ونُلاحِظ أنَّ الإمَامَ في كلِّ مَرَّةٍ يُقْسِمُ على عَدَمِ وُجُود مَا يَزِيدُ على هذا القرآن الكريم عندهم، مُسْتَثْنِيًا أمْرَيْنِ:
أولاً: فهْمٌ يُعْطَى رَجُلٌ في كِتَابٍ:
والجَوَابُ يُناسِب السؤالَ..وبِمَا أنَّ السُّؤَالَ عن وُجُودِ شيءٍ دِينِـيٍّ غيرِ القرآن فالجوابُ سيَكُون في نفْسِ دَائِرَةِ الدِّين..فالفهْمُ الذي أُوتُوهُ عليهم السلام يَكُونُ في الدِّين بِلا محَالَة.
ولو تَسَاءَلْنا عن مَصْدَرِ هذا الفَهْمِ الدِّينِي فَلَنْ يَعْدُوَ الجوَابُ عن أَنْ يَكُون أَمْرًا رَبَّانِيًّا مِن الرسول الأعظم مِن الله.
ثانياً:مَا في الصحيفة:
وكلُّ ما فيها يَتعَلَّق بالدِّينِ لا محَالة،مِن أَجْلِ مُنَاسَبَةِ الجوَابِ لِلسُّؤَالِ كَمَا أَشَرْنَا.
وهذه الرِّوَايَةُ تُؤَكِّدُ مَا وَرَدَ مِن طريقِ أتْبَاعِنا بِأَنَّ عِنْدَ أَهْلِ البيت عليهم السلام –مِن ضِمْنِ مَا عِنْدَهُم– كِتَابَيْنِ:صَحِيفَةُ عَلِيٍّ و الجْـَامِعَة.
7-وهناك رواية أخرى في هذا المجَال..أَخْرَجَها البخاري في نفس الجزء الثامن في(كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع):حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثني إبراهيم التيمي حدثني أبي قال:خَطَبَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه على مِنْبَرٍ مِن آجُر،وعليه سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فقال:[والله ما عندنا مِن كِتَـابٍ يُـقرَأ إلا كِتاب الله،ومَا في هذه الصحيفة،فنَشَرَها...]}.
الحاشية:
تَأَمَّلُوا الاستثناءَ في رواية البخاري الماضية(إلا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ في كتابٍ،ومَا في الصحيفة)..الإمامُ عليٌّ عليه السلام–في هذه الرواية-يُجِيب السائلَ هكذا: ليس عندنا إلا القرآن الكريم الذي عند الناس،ولكن عندنا شَيْئَيْنِ غيْر موجودَيْن عند الناس،ألا وهما:
فَهْمٌ فِكْرِيٌّ لِلْقرآنِ الكريم مِن عند رب العالمين،ومَا في الصحيفة،إذن البخاريُّ يُثْبِت في صَحِيحه بِأَنَّ أهل البيت عندهم مَا ليس عند الناس-غير القرآن الكريم-:عِلْمٌ لَدُنِيٌّ وفَهْمٌ رَبَّانِيٌ لِلكتاب المجيد الذي هو تِبْيَانٌ لِكلِّ شيء،ومَا في تلك الصحيفة مِن أحكام الإسلام أيضًا، ونحن لا نريد أكثر مِن هذا،لأن مَن يَمْتَلِك هذا العِلْم مع صفات الكَمَال الأخرى يكون هو المُقَدَّم على غيره و لله الحمد رب العالمين.
*البخاري(ج2)كتاب الحج.باب حرم المدينة:عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال:[مَا عندنا شيءٌ إلا كتاب الله وهذه الصحيفة].
*البخاري(ج8)كتاب الفرائض(في أوله).بابُ إثم من تبرأ من مواليه:حدثنا قتيبة … قال: قال عليٌّ رضي الله عنه: (ما عندنا كتاب نقرؤه -إلا كتاب الله- غير هذه الصحيفة)… .
*البخاري(ج1)كتاب العلم.باب كتابة العلم.روى عن أبي جحيفة قال:قلتُ لِعَلِيٍّ:هل عندكم كتاب؟ قال: [لا،إلا كتاب الله أو فَهْمٌ أُعْطِيه رَجُلٌ مُسْلِـمٌ أو مَـا في هذه الصحيفة].قلتُ: وما في هذه الصحيفة؟ قال: [العَقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر].
*صحيح ابن ماجة(ج2)كتاب الديات.باب لا يقتل مسلم بكافر (ح2658): عن أبي جحيفة قال:قلتُ لِعليِّ بن أبي طالب:هل عندكم شيءٌ مِن العلم ليس عند الناس؟ قال: [لا،والله ما عندنا إلا ما عند الناس،إلا أنْ يَرْزُقَ اللهُ رَجُلاً فَهْمًا في القرآن، أو ما في هذه الصحيفة،فيها الدِّيَاتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم،وأنْ لا يُقتَل مسْلِمٌ بكافر].
*المستدرك(ج2)كتاب الحج.باب حرم المدينة:عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عليٍّ رضي الله عنه قال: [ما عندنا شَيْءٌ إلا كتاب الله وهذه الصحيفة].
أقول:كلُّ الأحكام التي نأْخذها مِن كِبَارِ علمائنا إنما هي اسْتِقَاءٌ مِن كَوْثَرِ أهلِ البيت صلوات الله عليهم عن النبي(صلى الله عليه وآله)عن الله تبارك وتعالى بِالتَّفْصِيل الموجود في كُتُبِ علمائنا.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجِّل فرَجَهم
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
جاء في الرسالة:
{وأختم حديثي عما يخصُّ أمير المؤمنين عليًّا عليه السلام مما أردت الإشارة إليه بما نقله البخاري في نفس الجزء:
8-في الجزء الثامن في(كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب كراهية الخلاف ص161): حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس قال: لمَّا حُضِر النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - قال: [هَلُمَّ أَكْتُب لكم كتابًا لن تضلُّوا بَعْدَه]قال عمرُ:[إنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم غَلَبَه الوَجَعُ، وعندكم القرآن،فحَسْبُنـا كتاب الله] واختلف أهلُ البيت واختصموا..فمنهم مَن يقول: قَرِّبُوا يكتب لكم رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كتاباً لن تضلوا بعده.ومنهم مَن يقول ما قال عمرُ.فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[قُومُوا عَنِّي].
قال عبيدُ الله: فكان ابن عباس يقول: إنَّ الرَّزِيَّة..كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب}.
الحاشية:
وفي نفس صحيح البخاري(ج5)باب مرض النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم ووفاته، وقول الله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند الله تختصمون} قبل كتاب تفسير القرآن مباشرة: حدثنا قتيبة ...عن سعيد بن جبير قال: قال ابنُ عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس،اشْتَدَّ برسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وَجَعُه فقال: [ائْتُونِي أَكْتُبُ لكم كتابًا لَنْ تضلوا بعده أبدًا]فتنازعوا -ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازعٌ- فقالوا:مَا شَأْنُه؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوه! فذهبوا يَرُدُّون عليه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [دَعُونِي فالذي أنا فيه خيرٌ ممَّا تدعوني إليه]...وحدثنا علي بن عبد الله...عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَمَّا حُضِرَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، وفي البيت رجال فقال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم: [هَلُمُّوا أَكْتُبُ لكم كتابًا لا تضلوا بعده]فقال بعضُهم: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد غَلَبَه الوَجَعُ وعِنْدَكم القرآنُ، حَسْبُنا كتاب الله! فاخْتَلَفَ أهلُ البيت(أي: المتواجدون في البيت آنذاك)، واخْتَصَمُـوا، فمِنهم مَن يقول:قَرِّبُوا يَكْتُب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم مَن يقول غيرَ ذلك،فلمَّا أكثروا اللَّغوَ والاختلافَ قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم[قُومُوا]!*قال عبيد الله: فكان يقول ابنُ عبـاس: إنَّ الرَّزِيَّة كلّ الرزية مَا حَالَ بين رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم وبين أن يَكْتُب لهم ذلك الكتابَ لاختلافهم ولغطهم.
أقول: (هَلُمُّوا)أي: تَعَالَوا.وهذه ثلاث روايات يُفَسِّر بعضُها بعضًا، ولاحِظُوا كيف أنَّ النبيَّ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي- طَرَدَهُم بسبب مَوْقِفِهم هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وروى مسلمٌ مثْلَ الروايات السابقة،وذَكَرَ أَنَّ ابن عباس كان يبكي عندما كان يَرْوِيها، حتى يَبُلَّ دمْعُه الحَصى.(كتاب الوصية.باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه). (طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت1423هـ).
جاء في الرسالة:
{أتطرق الآن لبعض ما أورده البخاري في صحيحه عن مولاتنا فاطمة الزهراء بنت رسول الله وزوج الإمام علي وأم الحسنين وجدة الأئمة التسعة عليهم الصلاة والسلام ..
9-في الجزء الرابع في كتاب بدء الخلق.مناقب قرابة الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم: حدثنا أبوالوليد حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:
[فاطمة بضْعَةٌ مِنِّي..فمَنْ أغضَبَها أَغْضَبَنِي].
أقول: هل يَغْضَب رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لِغَيْر الله وفي غيْر معصيته؟
كلا، لا يغضب إلا لِله جل وعلا .. (إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى) .. قَوْلُه .. فِعْلُه .. تَقْرِيرُه .. كل ذلك داخل ضمن التبليغ عن الله سبحانه،ومن الواضح أنَّ الغضب فعلٌ مِن الأفعال، فلا يمكن أن يغضب صلى الله عليه وآله وسلم إلا في ضمن دائرة الحقوق الإلهية..
والآن نعود إلى الحديث الشريف .. متى غضبت فاطمة عليها الصلاة والسلام فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغضب،والرسول الأعظم لا يغضب إلا لله .. إذن فاطمة لا يمكن أن تغضب إلا رضاً لله تعالى وفي طاعتـه، وهذا مصداق أجلى من مصاديق عصمتها سلام الله عليها كما نعتقد نحن الشيعة الاثني عشرية.
10-وقال في نفس الجزء والكتاب والباب: قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم: [فاطمة سيدة نساء أهل الجنة].
أقول: درجات الجنة تمثل ما حققه الإنسان من كمالات في عبادة الله تعالى ومعرفته في دار الدنيا..فإذا كانت السيدةُ فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجنَّة فهي بالأَولى سيِّـدة نساء العالمين من الأولـين والآخريـن في هذه الحياة الدنيا، وأفضلهنَّ عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم}.
الحاشية:
رَوَى البخاري الحديثَيْن السابقين(ج4)مَرَّتَيْن على الأقلّ..تارةً تحت بابٍ عَنْوَنَه بِـ[باب مناقب قرابةِ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم ومَنْقَبَةِ فاطمةَ عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم]وتارةً أخرى تحت عنوان[باب مناقب فاطمة رضي الله عنها].
*مسلم(ج7)باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام:عن المسور بن مخرمة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[إنما فاطمة بضْعَة منِّي،يُؤْذِيني مَا آذاها].
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: ... عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله لِفاطمة:
[إنَّ اللهَ يَغْضَب لِغَضَبِك ويَرْضَى لِرِضَاك].
*وقال الحاكمُ في نفس الباب:أخبرنا أحمد بن بالويه العقصي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
[تُبْعَث الأنبياءُ يومَ القيامة على الدواب ليوافوا بالمؤمنين مِـــن قومهم المحشرَ،ويُبعَث صالح على ناقته،وأُبْعَث على البراق،خطوهـا عند أقصى طرفها،وتُبْعَث فاطمة أمَامي].
وقال بعده:أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ببغداد وأبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة وأبو العباس محمد بن يعقوب وأبو الحسين بن مأتي بالكوفة والحسن بن يعقوب العدل (قالوا)حدثنا ...عن أبي جحيفة عن علي عليه السلام قال:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول:
[إذا كان يوم القيامة نادَى مُنَادٍ مِن وراء الحجاب: يا أهل الجَمْع..غُضُّوا أبصارَكم عن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله حتى تَمُرَّ].
وقال بعده:عن جميع بن عمير قال: دخلتُ مع أمي على عائشة رضي الله عنها فسمعتُها مِن وراء الحجاب وهي تسألها عن عليٍّ فقالت (عائشة):
تسأليني عن رجلٍ والله ما أعْلَم رجلاً كان أَحَبّ إلى رسـول الله صلى الله عليه وآله مِن عـليٍّ،ولا في الأرض امرأة كانت أحَبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مِن امرأته.
وقال الحاكمُ بعده: حدثنـا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان ببغداد ... عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [إنما فاطمة شجنة منِّي،يُبْسطني ما يبسطها ويُقْبِضُني ما يُقْبِضُها].
وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان أَحَبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة ومِن الرجال عليّ.
وقال بعده: حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مكرم ابن أخي الحسن بن مكرم البزار ببغداد ... عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [أتَانِي جبريلُ عليه الصلاة والسلام بسفرجلةٍ مِن الجَنة فأكلتُها لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي،فَعَلُقَت خديجةُ بفاطمة،فكنتُ إذا اشتقتُ إلى رائحة الجنة شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطمة].
وقال بعده: ... عن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال وهو في مرضه الذي تُوُفيَ فيه: [يافاطمة..ألا ترضين أنْ تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمّة وسيدة نساء المؤمنين].
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة ... : ... عن جميع بن عمير قال:دخلتُ مع عمّتي على عائشة رضي الله عنها فسأَلَتْ: أيّ الناس كان أَحَبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالت(عائشة): فاطمة.قِيلَ: ومِن الرجال؟ قالت:
زَوْجها،إنْ كان ما عَلِمْتُه:صَوّامًا قَوَّامًا.
*المستدرك(ج3)ذِكْر خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:خَطَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله في الأرض أرْبَعةَ خُطوطٍ وقال:[أَتَدْرُون مَا هذا؟]،فقالوا:الله ورسوله أعلم،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أَفْضَلُ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ خديجة بنت خويلد،وفاطِمَة بنت محمدٍ،ومريم بنت عمران-وأَحْسَبُه قال- وامْرَأَة فرْعَون].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السِّيَاقَةِ.
وقال الحاكمُ(ج3)مناقب فاطمة: ... عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال: [حَسْبُك مِن نساء العَالمَـِينَ أرْبَع:مـريم بنت عمران، وآسيـا امْـرأة فرعون،وخديجة بنت خويلد،وفاطمة بنت محمد].
ثم رَوَى مثلَه عن أنس أيضًا،ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولن يخرجاه بهذا اللَّفظ،فإنَّ قوْلَه صلى الله عليه وآله: [حسبك من نساء العالمين] يُسَوِّي بين نساء الدنيا(إلا هذه النسوة).
وروى في هذا الباب:حدثنا أبو بكر محمد بن حيويه بن المؤمل الهمداني (قال) حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبدالرزاق بن همام (قال) حدثني أبي عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبدالرحمن بن عوف قال: خُذُوا عنِّي قبْلَ أنْ تُشَابَ الأحاديث بالأباطيل،سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله:
[أنَا الشجرةُ،وفاطمةُ فرْعُها،وعليٌّ لقاحُها،والحسـنُ والحسينُ ثَمَرَتُها،وشِيعتُنــا وَرَقُها،وأَصْلُ الشجرةِ في جَنةِ عدن،وسائرُ ذلك في سائرِ الجنة].
*ابن ماجة(ج1)باب ما جاء في مَرَضِ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: عن عائشة: ... فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله لِفاطمة): [ألا ترضين أنْ تكوني سيدةَ نساء المؤمنين أو نساء هذه الأمَّة].
*الترمذي(ج5)مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي بن أبي طالب: (ح3870) ... قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[إنَّ هذا مَلَكٌ لم يَنْزل الأرضَ قطّ قبْلَ هذه الليلة، اسْتَأْذَنَ رَبَّه أنْ يُسَلِّـم عَلَيَّ ويُبشِّرني بأنَّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة،وأنَّ الحسن والحسين سيِّــدا شباب أهل الجنة].
*الترمذي(ج5)ماجاء في فضل فاطمة رضي الله عنه:(ح3960)عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان أَحَبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه(وآلـه) وسلم فاطمة،ومِن الرجال عليٌّ.
*المستدرك(ج3)ذكر مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثنا أبوالحسن ... عن عائشة أنها كانت إذا ذكرَت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله قالت(عائشة): ما رَأَيْتُ أحدًا كان أَصْدَقَ لَهْجَةً منها إلا أنْ يكون الذي وَلَدَها.
أقول:إنها العِصْمَةُ مِن الأخطاء بِشَهادةِ السيدة عائشة.
وقال الحاكمُ بعده:حدثنا أبوالحسن بن يعقوب العدل ... عن عليٍّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[إذا كان يوم القيامة،قِيلَ:يا أهل الجَمْع.. غُضُّوا أبصارَكـم،وتَمُـرُّ فاطــمةُ بنت رســول الله صلى الله عليه وآله، فَتَمُرُّ وعَــليها ريطتان خَضْرَاوَانِ].
*مسلم(ج7)باب فضائل الصحابة.باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام: عن مسروق عن عائشة ... فقال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم: [يافاطمة..أمَا ترضين أن تكوني سيِّدَةَ نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمَّة]. ورَوَى بعده مثلَه.
أقول:الحديث واضح الدلالة،ولكني أُشِير إلى أنَّنا نلاحظ أنَّ البخاري ومسلم وغيرَهما عندما يذكرون سيدتنا فاطمة الزهراء في صِحَاحِهم فكثيرًا مَا يقولون: (عليها الصلاة والسلام) أو(عليها السلام).
*المستدرك(ج3)ذكْر مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثنا أبو العباس ... عن حذيفة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [نَزَلَ مَلَـكٌ مِن السماء فاسْتَأْذَنَ اللهَ أنْ يُسَلِّم عَلَيَّ،لم يَنْزِل قبْلَها، فَبَشَّرَنِي أنَّ فاطمة سيِّدَةُ نساء أهل الجنة].
وقال الحاكمُ بعده: تَابَعَهُ أبومري الأنصاري عن المنهال ... قبله.
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله:عن عاصم بن حمزة عن عليٍّ رضي الله عنه قال:
أخبرني رسولُ الله صلى الله عليه وآله أنَّ أوَّلَ مَن يَدْخُل الجنَّةَ أنَا وفاطمة والحسن والحسين.
*المستدرك(ج3)من مناقب الحسن والحسين ابني بنت رسول الله صلى الله عليه وآله:عن عاصم ... قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[الحسنُ والحسينُ سَيِّدَا شباب الجنة، وأبُوهما خيرٌ منهما].وروى مثلَه عن ابن عمر.
أقول:إذا كان الحَسَنان سيِّدَي شباب أهلِ الجنة،وكان أبوهما الإمامُ عليٌّ خَيْرًا منهما فمَا مَقَامُه في الجنة؟ صلى الله عليك يا أمير المؤمنين.
*المستدرك(ج3)من فضائل الحسن بن علي ... :وذَكَرَ مَوْلِدَه ومقتلَه عن القاسم ... قال: قامَ رجلٌ إلى الحسن بن عليٍّ فقال: يا مُسَوِّدَ وجوه المؤمنين،فقال الحسنُ:
[لا تُؤَنِّبْنِي -رحمك الله – فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله قد رَأَى بَنِـي أميَّة يخطون على منبره رجلاً رجلاً،وسَاءَه ذلك فَنَزَلَت{إنا أعطيناك الكوثر}نهر في الجنة،ونَزَلَت{إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر}تَمْلِكُها بَنُو أمَيّة].
قال الراوي:فَحَسَبْنَا ذلك فإذا هو لا يَزيدُ ولا يَنقُص.
و رَوَى نفْسَ المضمون عن الشعبي بن الليل الهمداني.
وقال: حدثنا أبو العباس ... عن يوسف بن مازن قال:عَرَضَ رجلٌ للحسن بن عليٍّ حِينَ بايَع(صَالَحَ)معاويةَ فَأَنَّبَه،وقال: سَوَّدْتَ وجوهَ المؤمنين،وفعلتَ وفعلتَ، فقال(الإمامُ الحسنُ عليه الصلاة والسلام): [لا تؤنِّبني فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله رَأَى بَنِي أميّة يَتَوَاثَبُون على منبره رجلاً رجلاً، فَشَـقَّ ذلك عليه، واهتَــمَّ، فأنْزَلَ اللهُ عز وجل{إنا أعطيناك الكوثر}نهر في الجنة، و{إنـا أنزلناه في ليلة القدر*وما أدراك ما ليلة القدر*ليلة القدر خير من ألف شهر}يَقْضُون بعدك].
*الترمذي(ج5)(ح3816):عن علي بن أبي طالب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله أَخَذَ بِيَدِ حسنٍ وحسينٍ وقال:
[مَن أحـَــبَّني وأحَبّ هذين وأبَـــاهما وأمهما كان معي في دَرَجَتي يوم القيامة].
*ابن ماجة(ج1)فضل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب:عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال لِلحسن:
[اللهم إني أُحِبّه فَأَحِبَّه وأَحِبَّ مَن يحبّه].قال:وضَمَّه إلى صدره.
وروى عن أبي هريرة قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[مَن أحَبَّ الحسنَ والحسينَ فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني].
*البخاري(ج4)كتاب بدء الخلق:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم يُعَوِّذ الحسنَ والحسينَ،ويقول: [إنَّ أباكما كان يُعَوِّذ بها إسماعيل وإسحاق : (أَعُوذ بِكَلمات الله التامَّات مِن كلِّ شيطانٍ وهامَّة ومِن كلِّ عَيْـــنٍ لامَّة) ].
*البخاري(ج4)باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما:عن البراء قال: رَأَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم -والحسنُ بنُ عليٍّ على عاتقه- يقول: [اللهم إني أحبُّه فَأَحِبَّه ].
*مسلم(ج7)من فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما:عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم أنه قال لِلحسن:
[اللهم إني أحِبُّه فَأَحِبَّه،وأَحْبِب مِن يُحِبُّه].
*الترمذي(ج5)مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي بن أبي طالب: (ح3856) :عن أبي سعيد قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم:
[الحسنُ والحسين سيدا شباب أهل الجنة].
وبعده(ح3858):عن أسامة بن زيد ... فإذا حسَنٌ وحسينٌ عـلى ورْكَيْه (ورْكَي النبي صلى الله عليه وآله)فقال:
[هذان ابْناي وابْنا ابنتي،اللهم إني أحبهما،فأحِبَّهما وأَحِبَّ مِن يحبّهما].
وبعده(ح3861):يوسف بن إبراهيم أنه سَمِعَ أنسَ بنَ مالك يقول:سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:أيّ أهلِ بيتِك أَحَبّ إليك؟قال(صلى الله عليه وآله): [الحسن والحسين].وكان يقول:[ادْعِي لِي ابْنَيَّ ] فيشمّهما ويضمّهما إليه.
*المستدرك(ج3)مناقب الحسن والحسين:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن سلمان رضي الله عنه قال:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[الحسنُ والحسينُ ابناي،مَن أَحَبَّهما أحبَّني،ومَن أحَبَّني أَحَبَّه اللهُ،ومَـن أَحَبَّه اللهُ أَدْخَلَه الجَنَّةَ،ومَن أَبْغَضَهما أَبْغَضَنِي،ومَن أَبْغضني أَبْغَضَه اللهُ،ومَن أبْغَضَه اللهُ أَدْخَلَه النَّارَ].
وقال الحاكمُ بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:خَرَجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ومَعَهُ الحسنُ والحسينُ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه،وهو يَلْثمُ هذا مَرّة وهذا مَرّة حتى انتَهَى إلينا، فقال له رَجُلٌ:يا رسول الله .. إنك تحِبُّهما؟
فقال(صلى الله عليه وآله): [نَعَم،مَن أَحَبَّهما فقد أَحَبَّنِي،ومَن أَبْغَضَهما فقد أَبْغَضَنِي].
*المستدرك(ج3)فضائل الحسن بن علي:حدثنا أبوعبدالله الأصبهاني ... عن أمِّ بكر بنت المسور قالت:
كان الحـسنُ بنُ عليٍّ سُــمَّ مِرَارًا، كلُّ ذلك يَفْلت، حتى كانت المَرَّة الأخيرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كَبِــده،فلَمَّا مات أَقَامَ نساءُ بَنِي هاشم النَّـــــوْحَ عليه شَـــــهْرًا.
وقال في هذا القسم:أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله اليعمري ... حدثنا شعبة قال: سمعتُ يزيد بن خمير يُحَدِّث أنه سَمِعَ عبدَ الرحمن بن جبير بن نفير يُحَدِّث عن أبيه قال: قلتُ للحسن بن علي: إنَّ الناس يقولون إنك تريد الخلافة! فقال(الإمامُ الحسن عليه الصلاة والسلام): قد كان جماجمُ العرب في يدي، يُحَارِبُون مَن حاربتُ ويُسَالِمُون مَن سالمتُ،ترَكْتُها ابْتِغَاءَ وجْهِ الله تعالى وحَقْن دِمَاءِ أُمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله،ثم ابْتَزَّها باتئاس أهل الحجاز.
وقال بعده:أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ... عن سالم بن أبي حفصة قال: سمعتُ أبا حازم يقول:
إنِّي لَشَاهِدٌ يوْمَ مَاتَ الحسنُ بنُ عليٍّ، فرَأَيْتُ الحســينَ بنَ عليٍّ يقول لِسَعيد بن العاص(مِن رُؤُوس بنِي أمَيَّة)،ويَطْعَـن في عُنُقِه ... وكان بينهم شيء،فقال أبو هريرة:
أَتَنْفَسُونَ على ابْنِ نبيِّكم صلى الله عليه وآله بِتُرْبَـةٍ تَدْفُنُونَـه فِيها،وقـَدْ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:
[مَن أَحَبَّهما فقد أَحَبَّنِي ومَن أَبْغَضَهما فقد أَبْغَضَنِي]؟!!
أقول: نعم، فقد مُنِع أهلُ البيت عليهم الصلاة والسلام أنْ يَدْفُنُوا الإمامَ الحسنَ عند جَدِّه رسولِ الله صلى الله عليه وآله، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، و{سيعلم الذين ظلموا أيّ مُنْقَلَبٍ ينقلبون}.
*البخاري(ج4ص216):حدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم قال:حدثني حسين بن محمد (قال) حدثنا جرير عن محمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أُتِيَ عبيدُ الله بنُ زيـاد بِرَأْسِ الحسـينِ بنِ عليٍّ،فجُعِلَ في طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ (يَعْبَث في رأْسِ الإمامِ الحسين عليه الصلاة والسلام)، وقال في حُسْنه شيئًا،فقال أنسٌ: كان أَشْبَههم بِرسولِ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم... .
وذَكَرَ البخاري بعد هذه الواقعة مَا جَرَى بيْن ابْنِ عمر والعراقي الذي يَسْأَل عن قَتْلِ الذُّبَاب،وفي آخِرِه قال ابنُ عمر:وقال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم (عن الإمامَيْن الحسن والحسين): [هُمَا رَيْحَانَتَاي مِن الدنيا].
*الترمذي (ج5) باب مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي: (ح3860): رزين قال: حَدَّثَتْنِي سلمى قالت:دخلتُ على أمِّ سلمة، وهي تبكي، فقلتُ: مَا يُبْكِيك؟ قالت: رأيتُ رســــولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم- تَعْنِي في المنام- وعلى رأْسِه ولِحْيَتهِ التُّرَابُ، فقلتُ: مَا لَك يا رسول الله؟! قال:[شَهِدْتُ قَتْلَ الحسينِ آنِفًا].
ورَوَى الترمذي بعده(ح3867):عن حفصة بنت سيرين قالت:حـدَّثنِي أنسُ بنُ مالكٍ قال:
كنتُ عند ابنِ زِيَادٍ،فَجِيءَ بِـرَأْسِ الحسـينِ،فَجَعَلَ يَقُول (يَعْبَث) بِقَضِيبٍ في أنْفِه(أنْفِ الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام).
*المستدرك(ج3)(أول فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله):أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري ببغداد ... عن أم الفضل بنت الحارث أنها دَخَلَت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله .. إنِّي رَأَيْتُ حلْمًا مُنْكَرًا الليلةَ! قال:[ومَا هو؟]قالت: إنه شديدٌ! قال:[وما هو؟] قالت: رأيتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِن جَسَدِك قُطعَت ووُضِعَت في حِجْرِي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [رأيتِ خيرًا،تَلِدُ فاطمةُ إن شاء الله غلامًا،فيكون في حِجْرك]، فوَلَدَت فاطمةُ الحسينَ،فكان في حجري كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فدَخَلتُ يوْمًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فوَضَعْتُه في حجره، ثم حَانَت مِنِّي الْتِفَاتَةٌ فإذا عَيْنَا رسولِ الله صلى الله عليه وآله تَهْرِيقَانِ مِن الدُّمُوع، قالت(أمُّ الفضل):فقلتُ:يا نبِيَّ الله .. ِبأَبِي أنتَ وأمّي،مَا لَكَ؟! قال:
[أَتَانِي جبريلُ عليه الصلاة والسلام، فأَخْبَرَنِي أنَّ أُمَّتِي ستَقْتُل ابْنِي هذا]، فقلتُ: هذا ؟! فقال: [نعم،وأَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِن تُرْبَتِهِ حَمْرَاء].
وقال الحاكمُ بعده:حدثني محمد بن صالح بن هانئ ... عن يعلى العامري أنه خَرَجَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى طعامٍ دُعُوا له، قال(الراوي): فاسْتَقْبَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله أَمَامَ القوْمِ،وحسينٌ مع الغلمان يلعب فأرَادَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يَأْخذه فطَفِقَ الصَّبِيُّ يَفِرّ هاهنا مرةً وهاهنا مرةً،فجَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله يُضَاحِكُه حتى أَخَذَه، قال(الراوي): فوَضَعَ إحْدَى يَدَيْه تحْت قَفَاه والأخرى تحْت ذقنِهِ، فوَضَعَ فَاهُ على فِيهِ يُقَبِّلُه،فقال:
[حسين مني وأنا مِن حسين،أَحبَّ اللهُ مَن أحبَّ حسينًا، حسينٌ سِبْطٌ مِن الأسباط].
وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ...، وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وهو حامِلٌ الحسينَ بنَ عليٍّ وهو يقول:
[اللهم إنِّي أُحِبُّه فأَحِبَّه].
قال الحاكمُ: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،وقد رُوِيَ بإسنادٍ في(الإمام) الحَسَنِ مثلُه، وكلاهما مَحْفُوظان.
وقال بعده:حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي مِن أَصْلِ كِتَابهِ ...، وحدثني أبو محمد الحسن بن محمد السبيعي الحافظ ...، وأخبرنا أبو محمد الحسن ابن محمد بن يحيى ابن أخي طاهرٍ العقيقي العلوي في كتاب النسب ...، وأخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأخمسي مِن كتاب التاريخ ...، وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي ...، وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي ... عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
[أَوْحَى اللهُ تعالى إلى محمدٍ صلى الله عليه وآله:
[إنِّي قَتَلْـتُ بِيَحْيَى بن زكريا سبعــين ألفًا،وإنِّي قاتِـلٌ بِابْــنِ ابْنَتِـك سبعين ألفًا وسبعين ألفًا].
قال الحاكمُ:هذا لَفْظُ حديثِ الشافعي،وفي حديثِ القاضي أبي بكر بن كامل:
[...إنِّي قتلتُ على دَمِ يحيى بنِ زكريـا ... وإنِّي قاتـلٌ على دَمِ ابنِ ابنتك...].
أقول:لماذا يَنْتَقِم اللهُ الجبّارُ مِن قاتِلِي الإمامِ الحسينِ(عليه الصلاة والسلام)ومِن الرَّاضِين بِذلك بِضِعْفِ -أو أضعاف- مَن انْتَقَمَ منهم لِقَتْلِ النبيِّ يحيى بن زكريا على نبينا وآله وعليه السلام؟! لا بدّ مِن وُجُودِ مِيزَةٍ مُعيّنةٍ في قَتْلِ الإمام الحسين عليه السلام.
وقال بعده:حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ... فأَتَى حسينٌ يَشْتَدّ حتى وّقّعّ في حِجْرِه(حِجْر النبي صلى الله عليه وآله)، ثم أَدْخَلَ يَدَه في لِحْيَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فجَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله يَفْتَحَ فَمَ الحسينِ، فيُدْخِلُ فَاهُ في فِيهِ،ويقول:
[اللهم إنِّي أُحبُّه فأَحِبَّه].
وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن أمِّ الفضل قالت:قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله، والحسينُ في حِجْره:
[ إنّ جبريلَ عليه الصلاة والسلام أَخْبَرَنِي أنَّ أُمَّتِي تَقْتُل الحسينَ].
قال الحاكمُ: قد اخْتَصَرَ ابنُ أبي سمينة(راوي الحديث)هذا الحديثَ،ورَوَاهُ غيرُه عن محمد بن مصعب بالتَّمَام.
وقال بعده:حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
مَا كُنَّا نَشُكُّ - وأَهْــلُ البيتِ مُتَوَافِرُون- أنَّ الحسينَ بنَ عليٍّ يُقْتَلُ بِالطَّفِّ(كربلاء).
أقول:إذَن،كان مَقْتَلُ الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام مَعْلُومًا لَدَى الصحابَة، ومَا عِلْمُهم بذلك إلا مِن رسول الله صلى الله عليه وآله،وكُلُّ مَا وَرَدَ مِن أحادِيث الفِتَنِ واتِّبَاعِ سُنَنِ السابِقِين مِن اليهود والنصارى يُشِير –مِن ضِمْنِ مَا يُشِير إلَيْهِ– إلى هذه الفاجِعَة الألِيمة، وأَدَلُّ دَلِيلٍ عليه روايةُ انْتِقَامِ الجَبَّار جل وعلا مِمَّن قَتَلَ نبيَّه يحيى بن زكريَّا وكلِّ مَن رَضِيَ بِذلك -وقَد مَرَّت- وبعْد هذا: هَلْ نَحْتَمِل أن يَذْهِب النبيُّ صلى الله عليه وآله مِن دُونِ أنْ يُوصِي إلى خَلِيفَةٍ؟!
*المستدرك(ج4)ذِكْر مثل النبي صلى الله عليه وآله ومثل الأمّة في رؤياه: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله -فيمَا يَرَى النائِمُ نصْفَ النهار- أَشْعَثَ،أَغْبَرَ،مَعَه قارُورَةٌ،فِيها دَمٌ،فقلتُ: يا نبيَّ الله .. مَا هذا؟ قال:
[هذا دَمُ الحسـينِ وأصحابهِ،لمْ أَزَلْ أَلْتَقِطْهُ مُنْذُ اليوْم]،قال(الراوي):
فأُحْصِيَ ذلك اليوْم فوَجَدُوه قُتِلَ قبْلَ ذلك بِيَوْمٍ. قال الحاكمُ: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، أَخْبَرَناه أبو الحسين علي بن عبد الرحمن الشيباني بالكوفة ... أخبرني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال: أخبرَتْنِي أمُّ سلمة رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله اضْطَجَعَ ذاتَ ليْلةٍ لِلنَّوْمِ فاسْتَيْقَظَ وهو حائِرٌ، ثم اضطجعَ فرَقدَ،ثم استيْقظَ وهو حائِرٌ دُونَ مَا رأيتُ به المَرَّةَ الأولى، ثم اضطجع،فاستيْقظَ وفِي يَدِهِ ترْبَةٌ حمراء، يُقَبِّلُها، فقلتُ: مَا هذه التربة يا رسول الله؟قال:
[أخبَرَنِي جــبريلُ عليه الصلاة والسلام أنَّ هذا يُقْتَلُ بِأَرْضِ العِرَاق-(يُشِيرُ)لِلحسينِ-فقلتُ لِجبريل:أَرِنِي ترْبةَ الأرضِ التي يُقْتَلُ بها،فهذه ترْبتُها].
أقول: لاحظوا رسولَ الله صلى الله عليه وآله يُقَبِّل تربةَ الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام وهو لم يُقْتَل بَعْدُ فيها فالسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
{وأختم حديثي عما يخصُّ أمير المؤمنين عليًّا عليه السلام مما أردت الإشارة إليه بما نقله البخاري في نفس الجزء:
8-في الجزء الثامن في(كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب كراهية الخلاف ص161): حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس قال: لمَّا حُضِر النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - قال: [هَلُمَّ أَكْتُب لكم كتابًا لن تضلُّوا بَعْدَه]قال عمرُ:[إنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم غَلَبَه الوَجَعُ، وعندكم القرآن،فحَسْبُنـا كتاب الله] واختلف أهلُ البيت واختصموا..فمنهم مَن يقول: قَرِّبُوا يكتب لكم رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كتاباً لن تضلوا بعده.ومنهم مَن يقول ما قال عمرُ.فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[قُومُوا عَنِّي].
قال عبيدُ الله: فكان ابن عباس يقول: إنَّ الرَّزِيَّة..كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب}.
الحاشية:
وفي نفس صحيح البخاري(ج5)باب مرض النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم ووفاته، وقول الله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند الله تختصمون} قبل كتاب تفسير القرآن مباشرة: حدثنا قتيبة ...عن سعيد بن جبير قال: قال ابنُ عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس،اشْتَدَّ برسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وَجَعُه فقال: [ائْتُونِي أَكْتُبُ لكم كتابًا لَنْ تضلوا بعده أبدًا]فتنازعوا -ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازعٌ- فقالوا:مَا شَأْنُه؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوه! فذهبوا يَرُدُّون عليه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [دَعُونِي فالذي أنا فيه خيرٌ ممَّا تدعوني إليه]...وحدثنا علي بن عبد الله...عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَمَّا حُضِرَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، وفي البيت رجال فقال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم: [هَلُمُّوا أَكْتُبُ لكم كتابًا لا تضلوا بعده]فقال بعضُهم: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد غَلَبَه الوَجَعُ وعِنْدَكم القرآنُ، حَسْبُنا كتاب الله! فاخْتَلَفَ أهلُ البيت(أي: المتواجدون في البيت آنذاك)، واخْتَصَمُـوا، فمِنهم مَن يقول:قَرِّبُوا يَكْتُب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم مَن يقول غيرَ ذلك،فلمَّا أكثروا اللَّغوَ والاختلافَ قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم[قُومُوا]!*قال عبيد الله: فكان يقول ابنُ عبـاس: إنَّ الرَّزِيَّة كلّ الرزية مَا حَالَ بين رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم وبين أن يَكْتُب لهم ذلك الكتابَ لاختلافهم ولغطهم.
أقول: (هَلُمُّوا)أي: تَعَالَوا.وهذه ثلاث روايات يُفَسِّر بعضُها بعضًا، ولاحِظُوا كيف أنَّ النبيَّ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي- طَرَدَهُم بسبب مَوْقِفِهم هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وروى مسلمٌ مثْلَ الروايات السابقة،وذَكَرَ أَنَّ ابن عباس كان يبكي عندما كان يَرْوِيها، حتى يَبُلَّ دمْعُه الحَصى.(كتاب الوصية.باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه). (طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت1423هـ).
جاء في الرسالة:
{أتطرق الآن لبعض ما أورده البخاري في صحيحه عن مولاتنا فاطمة الزهراء بنت رسول الله وزوج الإمام علي وأم الحسنين وجدة الأئمة التسعة عليهم الصلاة والسلام ..
9-في الجزء الرابع في كتاب بدء الخلق.مناقب قرابة الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم: حدثنا أبوالوليد حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:
[فاطمة بضْعَةٌ مِنِّي..فمَنْ أغضَبَها أَغْضَبَنِي].
أقول: هل يَغْضَب رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لِغَيْر الله وفي غيْر معصيته؟
كلا، لا يغضب إلا لِله جل وعلا .. (إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى) .. قَوْلُه .. فِعْلُه .. تَقْرِيرُه .. كل ذلك داخل ضمن التبليغ عن الله سبحانه،ومن الواضح أنَّ الغضب فعلٌ مِن الأفعال، فلا يمكن أن يغضب صلى الله عليه وآله وسلم إلا في ضمن دائرة الحقوق الإلهية..
والآن نعود إلى الحديث الشريف .. متى غضبت فاطمة عليها الصلاة والسلام فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغضب،والرسول الأعظم لا يغضب إلا لله .. إذن فاطمة لا يمكن أن تغضب إلا رضاً لله تعالى وفي طاعتـه، وهذا مصداق أجلى من مصاديق عصمتها سلام الله عليها كما نعتقد نحن الشيعة الاثني عشرية.
10-وقال في نفس الجزء والكتاب والباب: قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم: [فاطمة سيدة نساء أهل الجنة].
أقول: درجات الجنة تمثل ما حققه الإنسان من كمالات في عبادة الله تعالى ومعرفته في دار الدنيا..فإذا كانت السيدةُ فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجنَّة فهي بالأَولى سيِّـدة نساء العالمين من الأولـين والآخريـن في هذه الحياة الدنيا، وأفضلهنَّ عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم}.
الحاشية:
رَوَى البخاري الحديثَيْن السابقين(ج4)مَرَّتَيْن على الأقلّ..تارةً تحت بابٍ عَنْوَنَه بِـ[باب مناقب قرابةِ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم ومَنْقَبَةِ فاطمةَ عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم]وتارةً أخرى تحت عنوان[باب مناقب فاطمة رضي الله عنها].
*مسلم(ج7)باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام:عن المسور بن مخرمة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[إنما فاطمة بضْعَة منِّي،يُؤْذِيني مَا آذاها].
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: ... عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله لِفاطمة:
[إنَّ اللهَ يَغْضَب لِغَضَبِك ويَرْضَى لِرِضَاك].
*وقال الحاكمُ في نفس الباب:أخبرنا أحمد بن بالويه العقصي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
[تُبْعَث الأنبياءُ يومَ القيامة على الدواب ليوافوا بالمؤمنين مِـــن قومهم المحشرَ،ويُبعَث صالح على ناقته،وأُبْعَث على البراق،خطوهـا عند أقصى طرفها،وتُبْعَث فاطمة أمَامي].
وقال بعده:أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ببغداد وأبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة وأبو العباس محمد بن يعقوب وأبو الحسين بن مأتي بالكوفة والحسن بن يعقوب العدل (قالوا)حدثنا ...عن أبي جحيفة عن علي عليه السلام قال:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول:
[إذا كان يوم القيامة نادَى مُنَادٍ مِن وراء الحجاب: يا أهل الجَمْع..غُضُّوا أبصارَكم عن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله حتى تَمُرَّ].
وقال بعده:عن جميع بن عمير قال: دخلتُ مع أمي على عائشة رضي الله عنها فسمعتُها مِن وراء الحجاب وهي تسألها عن عليٍّ فقالت (عائشة):
تسأليني عن رجلٍ والله ما أعْلَم رجلاً كان أَحَبّ إلى رسـول الله صلى الله عليه وآله مِن عـليٍّ،ولا في الأرض امرأة كانت أحَبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مِن امرأته.
وقال الحاكمُ بعده: حدثنـا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان ببغداد ... عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [إنما فاطمة شجنة منِّي،يُبْسطني ما يبسطها ويُقْبِضُني ما يُقْبِضُها].
وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان أَحَبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة ومِن الرجال عليّ.
وقال بعده: حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مكرم ابن أخي الحسن بن مكرم البزار ببغداد ... عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [أتَانِي جبريلُ عليه الصلاة والسلام بسفرجلةٍ مِن الجَنة فأكلتُها لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي،فَعَلُقَت خديجةُ بفاطمة،فكنتُ إذا اشتقتُ إلى رائحة الجنة شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطمة].
وقال بعده: ... عن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال وهو في مرضه الذي تُوُفيَ فيه: [يافاطمة..ألا ترضين أنْ تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمّة وسيدة نساء المؤمنين].
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة ... : ... عن جميع بن عمير قال:دخلتُ مع عمّتي على عائشة رضي الله عنها فسأَلَتْ: أيّ الناس كان أَحَبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالت(عائشة): فاطمة.قِيلَ: ومِن الرجال؟ قالت:
زَوْجها،إنْ كان ما عَلِمْتُه:صَوّامًا قَوَّامًا.
*المستدرك(ج3)ذِكْر خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:خَطَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله في الأرض أرْبَعةَ خُطوطٍ وقال:[أَتَدْرُون مَا هذا؟]،فقالوا:الله ورسوله أعلم،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أَفْضَلُ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ خديجة بنت خويلد،وفاطِمَة بنت محمدٍ،ومريم بنت عمران-وأَحْسَبُه قال- وامْرَأَة فرْعَون].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السِّيَاقَةِ.
وقال الحاكمُ(ج3)مناقب فاطمة: ... عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال: [حَسْبُك مِن نساء العَالمَـِينَ أرْبَع:مـريم بنت عمران، وآسيـا امْـرأة فرعون،وخديجة بنت خويلد،وفاطمة بنت محمد].
ثم رَوَى مثلَه عن أنس أيضًا،ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولن يخرجاه بهذا اللَّفظ،فإنَّ قوْلَه صلى الله عليه وآله: [حسبك من نساء العالمين] يُسَوِّي بين نساء الدنيا(إلا هذه النسوة).
وروى في هذا الباب:حدثنا أبو بكر محمد بن حيويه بن المؤمل الهمداني (قال) حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبدالرزاق بن همام (قال) حدثني أبي عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبدالرحمن بن عوف قال: خُذُوا عنِّي قبْلَ أنْ تُشَابَ الأحاديث بالأباطيل،سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله:
[أنَا الشجرةُ،وفاطمةُ فرْعُها،وعليٌّ لقاحُها،والحسـنُ والحسينُ ثَمَرَتُها،وشِيعتُنــا وَرَقُها،وأَصْلُ الشجرةِ في جَنةِ عدن،وسائرُ ذلك في سائرِ الجنة].
*ابن ماجة(ج1)باب ما جاء في مَرَضِ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: عن عائشة: ... فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله لِفاطمة): [ألا ترضين أنْ تكوني سيدةَ نساء المؤمنين أو نساء هذه الأمَّة].
*الترمذي(ج5)مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي بن أبي طالب: (ح3870) ... قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[إنَّ هذا مَلَكٌ لم يَنْزل الأرضَ قطّ قبْلَ هذه الليلة، اسْتَأْذَنَ رَبَّه أنْ يُسَلِّـم عَلَيَّ ويُبشِّرني بأنَّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة،وأنَّ الحسن والحسين سيِّــدا شباب أهل الجنة].
*الترمذي(ج5)ماجاء في فضل فاطمة رضي الله عنه:(ح3960)عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان أَحَبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه(وآلـه) وسلم فاطمة،ومِن الرجال عليٌّ.
*المستدرك(ج3)ذكر مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثنا أبوالحسن ... عن عائشة أنها كانت إذا ذكرَت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله قالت(عائشة): ما رَأَيْتُ أحدًا كان أَصْدَقَ لَهْجَةً منها إلا أنْ يكون الذي وَلَدَها.
أقول:إنها العِصْمَةُ مِن الأخطاء بِشَهادةِ السيدة عائشة.
وقال الحاكمُ بعده:حدثنا أبوالحسن بن يعقوب العدل ... عن عليٍّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[إذا كان يوم القيامة،قِيلَ:يا أهل الجَمْع.. غُضُّوا أبصارَكـم،وتَمُـرُّ فاطــمةُ بنت رســول الله صلى الله عليه وآله، فَتَمُرُّ وعَــليها ريطتان خَضْرَاوَانِ].
*مسلم(ج7)باب فضائل الصحابة.باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام: عن مسروق عن عائشة ... فقال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم: [يافاطمة..أمَا ترضين أن تكوني سيِّدَةَ نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمَّة]. ورَوَى بعده مثلَه.
أقول:الحديث واضح الدلالة،ولكني أُشِير إلى أنَّنا نلاحظ أنَّ البخاري ومسلم وغيرَهما عندما يذكرون سيدتنا فاطمة الزهراء في صِحَاحِهم فكثيرًا مَا يقولون: (عليها الصلاة والسلام) أو(عليها السلام).
*المستدرك(ج3)ذكْر مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثنا أبو العباس ... عن حذيفة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [نَزَلَ مَلَـكٌ مِن السماء فاسْتَأْذَنَ اللهَ أنْ يُسَلِّم عَلَيَّ،لم يَنْزِل قبْلَها، فَبَشَّرَنِي أنَّ فاطمة سيِّدَةُ نساء أهل الجنة].
وقال الحاكمُ بعده: تَابَعَهُ أبومري الأنصاري عن المنهال ... قبله.
*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله:عن عاصم بن حمزة عن عليٍّ رضي الله عنه قال:
أخبرني رسولُ الله صلى الله عليه وآله أنَّ أوَّلَ مَن يَدْخُل الجنَّةَ أنَا وفاطمة والحسن والحسين.
*المستدرك(ج3)من مناقب الحسن والحسين ابني بنت رسول الله صلى الله عليه وآله:عن عاصم ... قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[الحسنُ والحسينُ سَيِّدَا شباب الجنة، وأبُوهما خيرٌ منهما].وروى مثلَه عن ابن عمر.
أقول:إذا كان الحَسَنان سيِّدَي شباب أهلِ الجنة،وكان أبوهما الإمامُ عليٌّ خَيْرًا منهما فمَا مَقَامُه في الجنة؟ صلى الله عليك يا أمير المؤمنين.
*المستدرك(ج3)من فضائل الحسن بن علي ... :وذَكَرَ مَوْلِدَه ومقتلَه عن القاسم ... قال: قامَ رجلٌ إلى الحسن بن عليٍّ فقال: يا مُسَوِّدَ وجوه المؤمنين،فقال الحسنُ:
[لا تُؤَنِّبْنِي -رحمك الله – فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله قد رَأَى بَنِـي أميَّة يخطون على منبره رجلاً رجلاً،وسَاءَه ذلك فَنَزَلَت{إنا أعطيناك الكوثر}نهر في الجنة،ونَزَلَت{إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر}تَمْلِكُها بَنُو أمَيّة].
قال الراوي:فَحَسَبْنَا ذلك فإذا هو لا يَزيدُ ولا يَنقُص.
و رَوَى نفْسَ المضمون عن الشعبي بن الليل الهمداني.
وقال: حدثنا أبو العباس ... عن يوسف بن مازن قال:عَرَضَ رجلٌ للحسن بن عليٍّ حِينَ بايَع(صَالَحَ)معاويةَ فَأَنَّبَه،وقال: سَوَّدْتَ وجوهَ المؤمنين،وفعلتَ وفعلتَ، فقال(الإمامُ الحسنُ عليه الصلاة والسلام): [لا تؤنِّبني فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله رَأَى بَنِي أميّة يَتَوَاثَبُون على منبره رجلاً رجلاً، فَشَـقَّ ذلك عليه، واهتَــمَّ، فأنْزَلَ اللهُ عز وجل{إنا أعطيناك الكوثر}نهر في الجنة، و{إنـا أنزلناه في ليلة القدر*وما أدراك ما ليلة القدر*ليلة القدر خير من ألف شهر}يَقْضُون بعدك].
*الترمذي(ج5)(ح3816):عن علي بن أبي طالب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله أَخَذَ بِيَدِ حسنٍ وحسينٍ وقال:
[مَن أحـَــبَّني وأحَبّ هذين وأبَـــاهما وأمهما كان معي في دَرَجَتي يوم القيامة].
*ابن ماجة(ج1)فضل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب:عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال لِلحسن:
[اللهم إني أُحِبّه فَأَحِبَّه وأَحِبَّ مَن يحبّه].قال:وضَمَّه إلى صدره.
وروى عن أبي هريرة قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[مَن أحَبَّ الحسنَ والحسينَ فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني].
*البخاري(ج4)كتاب بدء الخلق:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم يُعَوِّذ الحسنَ والحسينَ،ويقول: [إنَّ أباكما كان يُعَوِّذ بها إسماعيل وإسحاق : (أَعُوذ بِكَلمات الله التامَّات مِن كلِّ شيطانٍ وهامَّة ومِن كلِّ عَيْـــنٍ لامَّة) ].
*البخاري(ج4)باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما:عن البراء قال: رَأَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم -والحسنُ بنُ عليٍّ على عاتقه- يقول: [اللهم إني أحبُّه فَأَحِبَّه ].
*مسلم(ج7)من فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما:عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم أنه قال لِلحسن:
[اللهم إني أحِبُّه فَأَحِبَّه،وأَحْبِب مِن يُحِبُّه].
*الترمذي(ج5)مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي بن أبي طالب: (ح3856) :عن أبي سعيد قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم:
[الحسنُ والحسين سيدا شباب أهل الجنة].
وبعده(ح3858):عن أسامة بن زيد ... فإذا حسَنٌ وحسينٌ عـلى ورْكَيْه (ورْكَي النبي صلى الله عليه وآله)فقال:
[هذان ابْناي وابْنا ابنتي،اللهم إني أحبهما،فأحِبَّهما وأَحِبَّ مِن يحبّهما].
وبعده(ح3861):يوسف بن إبراهيم أنه سَمِعَ أنسَ بنَ مالك يقول:سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:أيّ أهلِ بيتِك أَحَبّ إليك؟قال(صلى الله عليه وآله): [الحسن والحسين].وكان يقول:[ادْعِي لِي ابْنَيَّ ] فيشمّهما ويضمّهما إليه.
*المستدرك(ج3)مناقب الحسن والحسين:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن سلمان رضي الله عنه قال:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[الحسنُ والحسينُ ابناي،مَن أَحَبَّهما أحبَّني،ومَن أحَبَّني أَحَبَّه اللهُ،ومَـن أَحَبَّه اللهُ أَدْخَلَه الجَنَّةَ،ومَن أَبْغَضَهما أَبْغَضَنِي،ومَن أَبْغضني أَبْغَضَه اللهُ،ومَن أبْغَضَه اللهُ أَدْخَلَه النَّارَ].
وقال الحاكمُ بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:خَرَجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ومَعَهُ الحسنُ والحسينُ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه،وهو يَلْثمُ هذا مَرّة وهذا مَرّة حتى انتَهَى إلينا، فقال له رَجُلٌ:يا رسول الله .. إنك تحِبُّهما؟
فقال(صلى الله عليه وآله): [نَعَم،مَن أَحَبَّهما فقد أَحَبَّنِي،ومَن أَبْغَضَهما فقد أَبْغَضَنِي].
*المستدرك(ج3)فضائل الحسن بن علي:حدثنا أبوعبدالله الأصبهاني ... عن أمِّ بكر بنت المسور قالت:
كان الحـسنُ بنُ عليٍّ سُــمَّ مِرَارًا، كلُّ ذلك يَفْلت، حتى كانت المَرَّة الأخيرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كَبِــده،فلَمَّا مات أَقَامَ نساءُ بَنِي هاشم النَّـــــوْحَ عليه شَـــــهْرًا.
وقال في هذا القسم:أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله اليعمري ... حدثنا شعبة قال: سمعتُ يزيد بن خمير يُحَدِّث أنه سَمِعَ عبدَ الرحمن بن جبير بن نفير يُحَدِّث عن أبيه قال: قلتُ للحسن بن علي: إنَّ الناس يقولون إنك تريد الخلافة! فقال(الإمامُ الحسن عليه الصلاة والسلام): قد كان جماجمُ العرب في يدي، يُحَارِبُون مَن حاربتُ ويُسَالِمُون مَن سالمتُ،ترَكْتُها ابْتِغَاءَ وجْهِ الله تعالى وحَقْن دِمَاءِ أُمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله،ثم ابْتَزَّها باتئاس أهل الحجاز.
وقال بعده:أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ... عن سالم بن أبي حفصة قال: سمعتُ أبا حازم يقول:
إنِّي لَشَاهِدٌ يوْمَ مَاتَ الحسنُ بنُ عليٍّ، فرَأَيْتُ الحســينَ بنَ عليٍّ يقول لِسَعيد بن العاص(مِن رُؤُوس بنِي أمَيَّة)،ويَطْعَـن في عُنُقِه ... وكان بينهم شيء،فقال أبو هريرة:
أَتَنْفَسُونَ على ابْنِ نبيِّكم صلى الله عليه وآله بِتُرْبَـةٍ تَدْفُنُونَـه فِيها،وقـَدْ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:
[مَن أَحَبَّهما فقد أَحَبَّنِي ومَن أَبْغَضَهما فقد أَبْغَضَنِي]؟!!
أقول: نعم، فقد مُنِع أهلُ البيت عليهم الصلاة والسلام أنْ يَدْفُنُوا الإمامَ الحسنَ عند جَدِّه رسولِ الله صلى الله عليه وآله، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، و{سيعلم الذين ظلموا أيّ مُنْقَلَبٍ ينقلبون}.
*البخاري(ج4ص216):حدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم قال:حدثني حسين بن محمد (قال) حدثنا جرير عن محمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أُتِيَ عبيدُ الله بنُ زيـاد بِرَأْسِ الحسـينِ بنِ عليٍّ،فجُعِلَ في طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ (يَعْبَث في رأْسِ الإمامِ الحسين عليه الصلاة والسلام)، وقال في حُسْنه شيئًا،فقال أنسٌ: كان أَشْبَههم بِرسولِ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم... .
وذَكَرَ البخاري بعد هذه الواقعة مَا جَرَى بيْن ابْنِ عمر والعراقي الذي يَسْأَل عن قَتْلِ الذُّبَاب،وفي آخِرِه قال ابنُ عمر:وقال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم (عن الإمامَيْن الحسن والحسين): [هُمَا رَيْحَانَتَاي مِن الدنيا].
*الترمذي (ج5) باب مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي: (ح3860): رزين قال: حَدَّثَتْنِي سلمى قالت:دخلتُ على أمِّ سلمة، وهي تبكي، فقلتُ: مَا يُبْكِيك؟ قالت: رأيتُ رســــولَ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم- تَعْنِي في المنام- وعلى رأْسِه ولِحْيَتهِ التُّرَابُ، فقلتُ: مَا لَك يا رسول الله؟! قال:[شَهِدْتُ قَتْلَ الحسينِ آنِفًا].
ورَوَى الترمذي بعده(ح3867):عن حفصة بنت سيرين قالت:حـدَّثنِي أنسُ بنُ مالكٍ قال:
كنتُ عند ابنِ زِيَادٍ،فَجِيءَ بِـرَأْسِ الحسـينِ،فَجَعَلَ يَقُول (يَعْبَث) بِقَضِيبٍ في أنْفِه(أنْفِ الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام).
*المستدرك(ج3)(أول فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله):أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري ببغداد ... عن أم الفضل بنت الحارث أنها دَخَلَت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله .. إنِّي رَأَيْتُ حلْمًا مُنْكَرًا الليلةَ! قال:[ومَا هو؟]قالت: إنه شديدٌ! قال:[وما هو؟] قالت: رأيتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِن جَسَدِك قُطعَت ووُضِعَت في حِجْرِي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [رأيتِ خيرًا،تَلِدُ فاطمةُ إن شاء الله غلامًا،فيكون في حِجْرك]، فوَلَدَت فاطمةُ الحسينَ،فكان في حجري كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فدَخَلتُ يوْمًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فوَضَعْتُه في حجره، ثم حَانَت مِنِّي الْتِفَاتَةٌ فإذا عَيْنَا رسولِ الله صلى الله عليه وآله تَهْرِيقَانِ مِن الدُّمُوع، قالت(أمُّ الفضل):فقلتُ:يا نبِيَّ الله .. ِبأَبِي أنتَ وأمّي،مَا لَكَ؟! قال:
[أَتَانِي جبريلُ عليه الصلاة والسلام، فأَخْبَرَنِي أنَّ أُمَّتِي ستَقْتُل ابْنِي هذا]، فقلتُ: هذا ؟! فقال: [نعم،وأَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِن تُرْبَتِهِ حَمْرَاء].
وقال الحاكمُ بعده:حدثني محمد بن صالح بن هانئ ... عن يعلى العامري أنه خَرَجَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى طعامٍ دُعُوا له، قال(الراوي): فاسْتَقْبَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله أَمَامَ القوْمِ،وحسينٌ مع الغلمان يلعب فأرَادَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يَأْخذه فطَفِقَ الصَّبِيُّ يَفِرّ هاهنا مرةً وهاهنا مرةً،فجَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله يُضَاحِكُه حتى أَخَذَه، قال(الراوي): فوَضَعَ إحْدَى يَدَيْه تحْت قَفَاه والأخرى تحْت ذقنِهِ، فوَضَعَ فَاهُ على فِيهِ يُقَبِّلُه،فقال:
[حسين مني وأنا مِن حسين،أَحبَّ اللهُ مَن أحبَّ حسينًا، حسينٌ سِبْطٌ مِن الأسباط].
وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ...، وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وهو حامِلٌ الحسينَ بنَ عليٍّ وهو يقول:
[اللهم إنِّي أُحِبُّه فأَحِبَّه].
قال الحاكمُ: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،وقد رُوِيَ بإسنادٍ في(الإمام) الحَسَنِ مثلُه، وكلاهما مَحْفُوظان.
وقال بعده:حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي مِن أَصْلِ كِتَابهِ ...، وحدثني أبو محمد الحسن بن محمد السبيعي الحافظ ...، وأخبرنا أبو محمد الحسن ابن محمد بن يحيى ابن أخي طاهرٍ العقيقي العلوي في كتاب النسب ...، وأخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأخمسي مِن كتاب التاريخ ...، وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي ...، وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي ... عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
[أَوْحَى اللهُ تعالى إلى محمدٍ صلى الله عليه وآله:
[إنِّي قَتَلْـتُ بِيَحْيَى بن زكريا سبعــين ألفًا،وإنِّي قاتِـلٌ بِابْــنِ ابْنَتِـك سبعين ألفًا وسبعين ألفًا].
قال الحاكمُ:هذا لَفْظُ حديثِ الشافعي،وفي حديثِ القاضي أبي بكر بن كامل:
[...إنِّي قتلتُ على دَمِ يحيى بنِ زكريـا ... وإنِّي قاتـلٌ على دَمِ ابنِ ابنتك...].
أقول:لماذا يَنْتَقِم اللهُ الجبّارُ مِن قاتِلِي الإمامِ الحسينِ(عليه الصلاة والسلام)ومِن الرَّاضِين بِذلك بِضِعْفِ -أو أضعاف- مَن انْتَقَمَ منهم لِقَتْلِ النبيِّ يحيى بن زكريا على نبينا وآله وعليه السلام؟! لا بدّ مِن وُجُودِ مِيزَةٍ مُعيّنةٍ في قَتْلِ الإمام الحسين عليه السلام.
وقال بعده:حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ... فأَتَى حسينٌ يَشْتَدّ حتى وّقّعّ في حِجْرِه(حِجْر النبي صلى الله عليه وآله)، ثم أَدْخَلَ يَدَه في لِحْيَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله،فجَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله يَفْتَحَ فَمَ الحسينِ، فيُدْخِلُ فَاهُ في فِيهِ،ويقول:
[اللهم إنِّي أُحبُّه فأَحِبَّه].
وقال بعده:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن أمِّ الفضل قالت:قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله، والحسينُ في حِجْره:
[ إنّ جبريلَ عليه الصلاة والسلام أَخْبَرَنِي أنَّ أُمَّتِي تَقْتُل الحسينَ].
قال الحاكمُ: قد اخْتَصَرَ ابنُ أبي سمينة(راوي الحديث)هذا الحديثَ،ورَوَاهُ غيرُه عن محمد بن مصعب بالتَّمَام.
وقال بعده:حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
مَا كُنَّا نَشُكُّ - وأَهْــلُ البيتِ مُتَوَافِرُون- أنَّ الحسينَ بنَ عليٍّ يُقْتَلُ بِالطَّفِّ(كربلاء).
أقول:إذَن،كان مَقْتَلُ الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام مَعْلُومًا لَدَى الصحابَة، ومَا عِلْمُهم بذلك إلا مِن رسول الله صلى الله عليه وآله،وكُلُّ مَا وَرَدَ مِن أحادِيث الفِتَنِ واتِّبَاعِ سُنَنِ السابِقِين مِن اليهود والنصارى يُشِير –مِن ضِمْنِ مَا يُشِير إلَيْهِ– إلى هذه الفاجِعَة الألِيمة، وأَدَلُّ دَلِيلٍ عليه روايةُ انْتِقَامِ الجَبَّار جل وعلا مِمَّن قَتَلَ نبيَّه يحيى بن زكريَّا وكلِّ مَن رَضِيَ بِذلك -وقَد مَرَّت- وبعْد هذا: هَلْ نَحْتَمِل أن يَذْهِب النبيُّ صلى الله عليه وآله مِن دُونِ أنْ يُوصِي إلى خَلِيفَةٍ؟!
*المستدرك(ج4)ذِكْر مثل النبي صلى الله عليه وآله ومثل الأمّة في رؤياه: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله -فيمَا يَرَى النائِمُ نصْفَ النهار- أَشْعَثَ،أَغْبَرَ،مَعَه قارُورَةٌ،فِيها دَمٌ،فقلتُ: يا نبيَّ الله .. مَا هذا؟ قال:
[هذا دَمُ الحسـينِ وأصحابهِ،لمْ أَزَلْ أَلْتَقِطْهُ مُنْذُ اليوْم]،قال(الراوي):
فأُحْصِيَ ذلك اليوْم فوَجَدُوه قُتِلَ قبْلَ ذلك بِيَوْمٍ. قال الحاكمُ: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، أَخْبَرَناه أبو الحسين علي بن عبد الرحمن الشيباني بالكوفة ... أخبرني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال: أخبرَتْنِي أمُّ سلمة رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله اضْطَجَعَ ذاتَ ليْلةٍ لِلنَّوْمِ فاسْتَيْقَظَ وهو حائِرٌ، ثم اضطجعَ فرَقدَ،ثم استيْقظَ وهو حائِرٌ دُونَ مَا رأيتُ به المَرَّةَ الأولى، ثم اضطجع،فاستيْقظَ وفِي يَدِهِ ترْبَةٌ حمراء، يُقَبِّلُها، فقلتُ: مَا هذه التربة يا رسول الله؟قال:
[أخبَرَنِي جــبريلُ عليه الصلاة والسلام أنَّ هذا يُقْتَلُ بِأَرْضِ العِرَاق-(يُشِيرُ)لِلحسينِ-فقلتُ لِجبريل:أَرِنِي ترْبةَ الأرضِ التي يُقْتَلُ بها،فهذه ترْبتُها].
أقول: لاحظوا رسولَ الله صلى الله عليه وآله يُقَبِّل تربةَ الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام وهو لم يُقْتَل بَعْدُ فيها فالسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
جاء في نهاية رسالة الذكرى :
{دَعْنا الآن نتَعَرَّض لِلحقائق التالية مِمَّا نُؤْمِن به نحن الإماميَّة:
1-لا يتصف الله تعالى بصفات المخلوقين 2-البَدَاء 3-التبَرك 4-التقِية.
أولاً: إنَّ الله تبارك وتعالى لا يَتَّصِف بصفات المخلوقين:
إنَّ البخاري - وإنْ أَوْرَدَ في صحيحه ما يُناقِض هذه العقيدة،كَرِوَايَتِه قَطْقَطَة النار بعد أنْ يَضَع الله سبحانه وتعالى قَدَمَهُ فيها! ورِوَايَتِه مَا عن أبي هريرة مِن نزول الله تعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا![ج8كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(يريدون أن يبدلوا كلام الله)] - إلا أنه أَوْرَدَ مَا يُوَافِق عقيدتَنا في صفات الله تعالى، وَدُونَكَ بعضَ مَا رَوَاه: في الجزء الثامن في[كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا)]: حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال: جاء حَبْر إلى رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقال: يا محمد .. إن الله يضع السماوات على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع،ثم يقول بيده: أنا الملك.فضحك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم،وقال:{ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
في الجزء الثامن في [كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(لما خلقت بيدي)]: حدثنا مسدد سمع يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله أن يهودياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال: يا محمد..إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى بدت نواجذه،ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}.
وروى بعده: حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش سمعت إبراهيم قال سمعت علقمة يقول قال عبد الله: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم .. إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك0فرأيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}.
أقول: أَفَبَعْدَ هذا الاستشهاد منه صلى الله عليه وآله وسلم بالآية الكريمة التي تستنكر على غير أهل التوحيد اعتقادهم الباطل، بعد هذا فهل يمكن أن يُقال بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يستنكر على هذا الرجل إثباته اليد والأصابع لله تعالى؟!
ثانياً:البـَدَاء:
لقد أُقيمت الدنيا علينا ولم تقعد بسبب عقيدتنا بـ(البَداء) والتي هي من العقائد الأساسية عند المسلمين، وما الاختلاف بينهم فيه إلا لَفْظِيٌّ فقط !
إذ أننا نعتقد أنَّ البداء في حَقِّ الله تعالى هو تَغْيِيرُ ما يشاء كما يشاء -وهو العليم الحكيم القدير- وذلك لِعِلْمِه، ولكن لا لِعِلْمٍٍ بعْد جَهْلٍ كَمَا في الإنسان، وإنما سُمِّيَ هذا بَدَاءً في حقِّ الله تعالى مِن باب الـمُشَاكَلَة -في عِلْم البلاغة- مع الإنسان، إذ نحن تَبْدُو لنا الأمورُ جديدةً بعْد جهلٍ بها، وأما اللهُ تعالى فَلا ..
وسأنقل هنا حديثاً نقله البخاري في صحيحه في الجزء الرابع في (كتاب بدء الخلق.باب ما ذُكر عن بني إسرائيل)، وفي الحديث ذكر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كلمة (بَدا) صريحة، وهذا المعنى الذي ورد في الرواية هو مصداق من مصاديق عقيدتنا نحن الإمامية في(البَداء):
حديث أبرص وأقرع وأعمى في بني إسرائيل:
حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم .. [وثمة سند آخر]وحدثني محمد حدثنا عبد الله بن رجاء أخبرنا همام عن إسحاق بن عبدالله قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع بَدَا لله عز وجل-[لاحظ كلمة(بَدَا)وهي الفِعْلُ الذي اشْتُقَّت مِنْه كلمة(بَدَاء)]- أنْ يبتليهم فبَعَث إليهم مَلَكاً،فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حَسَن وجلد حسَن .. قد قَذِرَني الناس.قال:فَمَسَحَهُ فذهب عنه،فأُعطِيَ لوناً حسناً وجلداً حسناً،فقال: أي المال أحب إليك؟قال: الإبل أو قال: البقر- هو شَكَّ في ذلك أن الأبرص والأقرع قال أحدُهما: الإبل وقال الآخر: البقر- فأُعطيَ ناقة عشراء. فقال: يُبارَك لك فيها0وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟قال: شَعرٌ حَسَنٌ،ويذهب عني.قد قذرني الناس.فمسحه فذهب، وأعطي شعراً حسناً.قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر.قال: فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: يُبارَك لك فيها.وأتى الأعمى فقال:أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس، فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم.فأعطاه شاة والداً.
فأنتج هذان،وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من إبل، ولهذا وادٍ من بقر، ولهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته،فقال: رَجُلٌ مسكين .. تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك..أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ عليه في سفري،فقال له: إن الحقوق كثيرة.فقال له:كأني أعرفك.أَلَم تكن أبرص،يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لِكابرٍ عن كابرٍ.فقال:إن كنتَ كاذباً فَصَيَّرَك اللهُ إلى ما كنت.وأتى الأقرع في صورته وهيئته،فقال له مثل ما قال لهذا،فرد عليه ما رد عليه هذا. فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت.وأتى الأعمى في صورته،وقال:رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك .. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال:قد كنتُ أعمى فرد الله بصري، وفقيراً فأغناني، فخُذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال: أَمسِك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك.
ثالثاً:التَّبَرُّك:
سأكتفي بذكر الأثر الذي نقله البخاري في صحيحه بدون أن يعلق عليه مما يفصح أنه يقبل فحواه .. خصوصاً وأنه أدرجه تحت هذا الكتاب من الجزء الثامن: [كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب ما ذكر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وخص على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم]: حدثني أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد عن أبي بردة قال:قَدِمْتُ المدينةَ فَلَقِيَني عبدالله بن سلام فقال لي: اِنْطلِقْ إلى المنـزل، فأسقيك في قدَحٍ شَرِبَ فيه رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم وتصلي في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم.
فانْطلقْتُ معه،فسقاني سويقاً،وأطعمني تمراً، وصليتُ في مسجده.
رابعاً:التقِية:
[اسمٌ لاتَّقَى يَتَّقِي والمراد بِها:التَّحَفُّظ عن ضَرَر الغير بِمُوَافَقَتِه في قَوْلٍ أو فِعْلٍ مُخَالِفٍ لِلحَقِّ].
ولا حاجة للتفصيل فيها وإنما المهم عندي في هذه المختصرة إثباتُ جواز التقية -فضلاً عن وجوبها أحياناً- مِن كتاب(صحيح البخاري)،فقد قال في الجزء الثامن في أول(كتاب الإكراه):
وقال الحسن:التقية إلى يوم القيامة.
هذا .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين}(نِهَايَةُ أَصْلِ الرِّسَالَة الوثيقة).
الحاشية:
تابِعٌ لِـ (التَّبَرُّك):
*البخاري(ج1ص50–51):كتاب الوضوء.باب الماء الذي يغسل به شَعْر الإنسان : ... حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا إسرائيل عن عاصم عن ابن سيرين قال: قلتُ لِعبيدة: عِنْدنا مِن شَعْرِ النبيِّ صلى عليه(وآله)وسلم،أَصَبْنَاهُ مِن قِبَلِ أَنس أو مِن قِبَل أَهْلِ أنس، فقال: لأنْ تَكُون عندي شَعْرَةٌ مِنه أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدنيا وما فيها.
وبعده: حدثنا محمد ابن عبد الرحيم قال: أخبرنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا عباد عن أبي عون عن ابن سيرين عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لَمَّا حَلَقَ رَأْسَه كان أبو طلحة أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِن شَعْرِه.
أقول: لم يَحْتَفِظ أنسٌ أو أهلُه وكذلك ابنُ سيرين بِشَعْرٍ مِن شَعْرِ النبي صلى الله عليه وآله إلا لِيَتَبَرَّكوا به.
خامسًا:النِّكَاح المُنْقَطِع(زواج المُتْعَة):
*البخاري(ج2 ص153)باب مَن لَبَّى بالحج وسَمَّاه:في باب التمتع عن مطرف عن عمران قال: تَمَتَّعْنـا عَلى عهْدِ رسول الله صلى الله عـليه (وآله) وسلم ونَـزَلَ القـرآنُ (بذلك)، قال رَجُــلٌ بِرَأْيِــه مَا شاء.(إشارة إلى مَن نَهَى عن المُتْعَتَيْن: مُتْعَة الحج ومتْعة الزواج ).
*صحيح مسلم(ج4)كتاب النكاح: باب نكاح المُتْعَة ... قال عطاءٌ: قَدِمَ جابرُ بن عبد الله مُعْتَمِرًا، فجِئْنَاه في مَنْزِلِه، فَسَأَلَه القوْمُ عن أشياء ثم ذكَرُوا المُتْعَةَ،فقال: نعم،اسْتَمْتَعْنـا على عَــهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأبي بكر وعُمَر.
وبعده: عن ابن الزبير قال:سمعتُ جابرَ بن عبدالله يقول: كُنَّا نَسْتَمْتِع بِالْقَبْضَةِ مِن التَّمْرِ والدَّقِيقِ الأيَّامَ على عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأبي بكر، حتى نَهَى عنها عُمَرُ في شَأْنِ عمرو بن حريث.
أقول: مِن الواضح أنَّ الحديث عن مُتْعَة الزواج بِقَرِينَة أنَّ الاستمتاعَ كان بِالقَبْضَة مِن التَّمْر والدَّقِيق(الطحين)، وبقرينة قوله (الأيام).
وذكَرَ مسلمٌ عن أبي نضرة قال: كنتُ عند جابر بن عبد الله فأَتَاهُ آتٍ فقال: ابنُ عباس وابنُ الزبير اختَلَفا في المُتْعَتَيْن(متعة الحــج ومتعة الـــزَّواج)، فقال جابرٌ: فعَلْنَاهما مع رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم، ثم نهانا عنهما عمرُ فَلَمْ نَعُد لهما.
أقول: (خَشْيَةً)، وثبوتُ جَوَازِ المتعتين هو مَحَلُّ إجْمَاعِ أهلِ البيت عليهم الصلاة والسلام.
*النسائي(ج5 ص153)كتاب مناسك الحج.التمتع:عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى أنه كان يُفتِي بالمتعة،فقال له رجلٌ: رُوَيْدك ببَعْضِ فِتْيَاك،فإنك لا تَدْرِي مَا أَحْدَث أميرُالمؤمنين في النُّسُك بعد،(قال أبو موسى): حتى لِقِيتُه فسألتُه، فقال عمرُ: قد عَلِمتُ أنَّ النبي صــلى الله عليه(وآله)وسلم قد فعَلَه ولكن كَرِهْتُ أنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ بِهِنَّ فِي الأَرَاك ثم يَرُوحُوا بالحَجِّ تَقْطُرُ رُؤُوسُهم.
أقول: مِن الواضح أنَّ كلامَ عُمَر عن زواج المتعة بِقَرِينَةِ قوله: (معرِّسين)وقوله: (تقطر رؤوسهم) مِن الاغتسال عن الجَنَابَةِ الحادِثَةِ لهم عن طَرِيقِ هذا الزواج.
ولِلأسف الشديد أنَّ البعضَ يَعْتَقِد بِأَنَّ هذا الزواج مُجَرَّدٌ عن أحكام الزواج الدائم، وهذا غيْر صحيحٍ وإنما المُتْعَةُ كالدَّائِم فلا يجوز التَّمَتُّعُ بالمَحَارِمِ ولا بالمُتَزَوِّجَة ولا بِذَاتِ العدَّةِ ويُشْتَرَط في صِحَّتِهِ العَقْدُ اللَّفْظِيّ والمهْرُ، ومَا الاختلاف بينهما إلا في تَحْدِيد أَمَدٍ لِهذا الزواج والتفصيلُ مَوْكُولٌ إلى مَحَلِّه.
وروى النسائي عن محمد عن مطرف قال:قال لِي عمرانُ بن حصين إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قد تَمَتَّعَ وتَمَتَّعْنا معه،قال فيها قائِلٌ بِرَأْيِه.
سادسًا:الجَمْعُ بين الصَّـلاتَيْنِ في الحَضَـر(مَكَان السَّكَن)بِدُونِ خَوْفٍ ولا مَطرٍ:
*صحيح مسلم(ج2)باب الجمع بين الصلاتين في الحضر:حدثنا يحيى بن يحيى قال:قرَأْتُ على مالك عن ابن الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الظهْرَ والعَصْرَ جميعًا والمغربَ والعشاءَ جميعًا في غَيْرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ.
أقول: أَي:في وَطَنِهِ.
وقال مسلمٌ بعده:حدثنا أحمد بن يونس وعون بن سلام جميعًا عن زهير،قال ابنُ يونس (قال) حدثنا زهير(قال)حدثنا أبو الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم الظهرَ والعصرَ جميعًا بالمدينةِ في غيْرِ خوف ولا سفر0 قال أبو الزبير: فسألتُ سعيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلك؟ فقال: سألتُ ابنَ عباس كما سألتَنِي فقال: أَرَادَ أنْ لا يُحْرِج أحدًا مِن أُمَّتِهِ.
وبعده:وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا ... عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: جَمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ بالمدينةٍ في غيْرِ خوْفٍ ولا مَطَرٍ.[في حديث وكيع] قال(الراوي): قلتُ لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كَيْ لا يُحْرِج أُمَّتَه.(وفي حديث أبي معاوية)قِيلَ لابنِ عباس: مَا أَرَادَ إلى ذلك؟ قال: أَرَادَ أنْ لا يُحْرِج أُمَّتَه.
وبعده: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... عن ابن عباس قال: صَلَّيْتُ مع النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم ثمَانِيًا جميعًا وسَبْعًا جميعًا... .
وبعده:حدثنا أبو الربيع الزهراني ... عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم صَلَّى بالمَدِينَةِ سبْعًا وثمانيًا الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ.
وبعده: حدثني أبو الربيع الزهراني ... عن عبد الله بن شقيق قال: خَطَبَنا ابنُ عباس يوْمًا بعد العصر،حتى غَرُبَت الشمسُ وبَدَت النجومُ،وجَعَلَ الناسُ يقولون: الصلاةَ الصلاةَ، قال(الراوي): فجاءَه رَجُلٌ مِن بَنِي تميم،لا يَفْتُرُ ولا يَنْثَنِي(وهو يقول)الصلاةَ الصلاةَ،فقال ابنُ عباس: أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ لا أُمَّ لك؟! ثم قال: رأَيــْتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم جَــمَعَ بيْن الظُّــهرِ والعَصرِ والمغربِ و العشاءِ.قال عبدُالله بن شقيق:فَحَاكَ في صَدْرِي مِن ذلك شَيْءٌ،فأَتَيْتُ أبا هريرة، فسألتُه،فصَدَّقَ مَقَالَتَه(مقالة ابن عباس).
وبعده:حدثنا ابن أبي عمر ... عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال:قال رَجُلٌ لابنِ عباس: الصلاةَ،فسَكَتَ،ثم قال:الصلاةَ،فسَكَتَ،ثم قال: الصلاةَ، فسَكَتَ، ثم قال(ابنُ عباس):لا أُمَّ لك! أَتُعَلِّمُنا بالصلاة، وكُنَّا نَجْمَعُ بين الصلاتَيْنِ على عهْد رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم!
*صحيح أبي داود(ج1)باب الجمع بين الصلاتين:(ح1210):عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال:صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم الظهرَ والعصرَ جميعًا والمغربَ والعشاءَ جميعًا في غيْرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ.
(ح1211):عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:جَمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم بَيْن الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خوْفٍ ولا مَطَرٍ،فَقِيلَ لابن عبـاس: مَـا أَرَادَ إلى ذلك؟قال:أَرَادَ أنْ لا يُحْرِج أُمَّتَه.
(ح1214):عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال:صَلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم بالمدينة ثمانيًا وســـبْعًا:الظهر والعصر،والمغرب والعشاء.
قال أبو داود:ورَوَاه صالحٌ موْلى التوأمة عن ابن عباس قال:في غيْرِ مَطَرٍ.
*النسائي(ج1ص286وما بعدها)كتاب المواقيت.الوقت الذي يَجْمَع فيه المُقِيم: قال النسائي: وزَعَمَ ابنُ عباس أنه صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم بالمدينة الأُولَى(الظهر)والعصر ثَمَانِ سَجدَات ليس بينهما شَيْءٌ.
أقول: لمَاذا يُعَبِّر بِـ(زَعَمَ)؟!فإننا إنْ لم نَقُل بأنَّ(الزَّعْم)أخُو الكذب فلا أَقَلّ بأنَّه بِمَعْنَى(الادِّعَاء)؟! ألَيْس ابنُ عباس مِن خِيرَةِ الصحابة؟
وقال النسائي تحت عنوان(الجمع بين الصلاتين في الحضر):أخبرنا قتيبة عن مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:صَـلَّى رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الظهرَ والعصرَ جميعًا والمغربَ والعشاءَ جميعًا مِنْ غيْرِ خوْفٍ ولا سَفَرٍ.
وقال بعده:أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ... عن سعيد بن جبير عـن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم كان يُصَلِّي بالمدينةِ، يَجْمَعُ بيْن الصلاتَيْن:بيْن الظهر والعصر والمغرب والعشاء مِن غيْرِ خوْفٍ ولا مَطَرٍ،قِيلَ له: لِمَ؟ قال: لِئَلا يَكُون على أُمَّتِهِ حَرَجٌ.
أقول:سِيَاقُ كلامِ ابنِ عباس (النبي كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين...) يَدُلُّ على أنَّ جَمْعَ النبي لَم يَكُن قليلاً بل كان ذلك سَجِيَّةً وعادَةً.
سَــابعًا:الأنبِيـــَـــاءُ عليهم الصلاة والسلام أَحْيَاءٌ يُرْزَقُون بعد الموْت:
*صحيح ابن ماجة(ج1)باب ذكر وفاته صلى الله عليه(وآله)وسلم:عن أبي الدرداء قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[أَكْثِـروا الصلاةَ عَلَيَّ يوم الجمعة،فإنه مَشْهودٌ تشهده الملائكة،وإنَّ أحدًا لن يصلي عَلَيَّ إلا عُرِضَت عَلَيَّ صلاتُه حتى يَفْرَغ منها]،قال(الراوي):قُلْتُ:وبعْدَ المَوْت؟قال:[وبعْدَ الموْت،إنَّ اللهَ حَرَّم على الأرض أنْ تَأْكُلَ أجسادَ الأنبياء،فَنَبِيُّ اللهِ حَيٌّ يُرْزَق].
ورواه ابنُ ماجة أيضًا(ج1)(ح1085)عن أوس بن أوس،ورواه عنه(ج1) (ح1636)،وروى أبو داود مثلَه(ج1)(ح1531).
ثامنًا: جَمْع القرآن الكريم:
*البخاري(ج4)باب مناقب زيد بن ثابت:عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: جَمَــــعَ القرآنَ على عَـــــــهْدِ رســـول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أرْبَعةٌ كلُّهم مِن الأنصار:أُبَيّ ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد بن ثابت .قـلتُ لأنس:مَن أبو زيد؟ قال:أحَد عمومتي.
أقول:نَقَلْتُ هذه الروايةَ لأُثْبِتَ أنَّ القرآنَ الكريمَ جُمِعَ في عهد النبي صلى الله عليه وآله وليس بعده، وأمَّا مَن أَوَّلُ جَامِعٍ له فهو أمير المؤمنين عليٌّ ،جَمَعَه مِن فَمِ رسول الله صلى الله عليه وآله كمَا ثبَت عندنا بالدليل القطعي.
وقد شَهد الحاكم النيسابوري بِأَصْلِ الجَمْع،فقد قال في المستدرك(ج2 ص611) تحت عنوان(تأليف القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله): حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النحوي(قال)حدثنا ابن أبي طالب(قال) حدثنا وهب بن جرير بن حازم (قال) حدثنا أبي قال: سمعتُ يحيى بنَ أيوب يُحَدِّث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:
كُنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله نُؤَلِّف (نَجْمَع) القرآنَ مِن الرّقاع.
قال الحاكمُ:(هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وفيه الدليلُ الواضح أنَّ القرآنَ إنما جُمِعَ في عهْدِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).انتَهَى كلامُ الحاكم.
تاسعًا: مَوْلِد الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها:
*المستدرك(ج3)ذكْر ما ثَبَت عندنا مِن أعقاب فاطمة وولادتها:أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى...سمعتُ عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي يذكر عن أبيه عن جده قال: وُلِدَت فاطمةُ رضي الله عنها سنة إحدى وأربعين مِن مَوْلِد رسول الله صلى الله عليه وآله.
أقول:أي بعد البِعْثَة بعامٍ واحدٍ على الأقل،وهذا رَدٌّ على مَن يَرَى أنها وُلِدت قبل البعثة النبوية.
عاشرًا:البِدَايَة الحقيقية لِلتاريخ الهجري:
*البخاري(ج4)باب مِن أين أرخوا التاريخ:عن سهل بن سعد قال:مَا عَدّوا مِن مَبْعَث النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم،ولا مِن وَفاتهِ،مَا عَدّوا إلا مِن مَقْدَمِه المدينةَ.
وكان قد ذكَرَ البخاري قبْلَ صفحةٍ واحدةٍ مِن هذا الباب،تحت عنوان (باب هجرة النبي صلى الله عليه[وآله]وسلم):...حتى نَزَلَ بهم في بَنِي عمرو بنِ عوف،وذلك يوم الاثنين مِن شهر ربيع الأول.روَى ذلك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير.
أقول:إذن كانت بِدَايَةُ العامِ الهجري شَهْرَ ربيع الأول فَمَن الذي غَيَّرَه حتى أصْبَحَ شَهْرَ مُحرَّم(لِيَفْرَح فيه!)وهو شهرَ افْتِجَاعِ السماء والأرض على الإمام الحسين صلوات الله عليه؟!
حادي عشر: لَيْلة القَدْر:
*البخاري(ج2)كتاب صلاة التراويح.باب فضل ليلة القدر.باب تَحَرِّي ليلة القدر في الوِتْر مِن العَشْر الأوَاخِر: ... عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال:[تَحَرَّوْا ليْلَةَ القدْرِ في الوِتْر مِن العَشْرِ الأوَاخِر مِن رمضان].
وبعده:عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:كان رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يُجَاوِر في رمضان العَشْرَ التي في وسط الشهر فإذا كان حِينَ يُمْسِي مِن عشرين ليلةً تَمْضِي ويَسْتَقبِل إِحْدَى وعشرين رَجَعَ إلى مَسْكَنهِ ورَجَع مَن كان يُجَاوِر معه،وإنه أَقَامَ في شهرٍ جَاوَرَ فِيه الليلةَ التي كان يَرْجِعُ فيها،فَخَطَبَ الناسَ فأَمَرَهم مَا شاء الله ثم قال:[كنتُ أُجَـاوِر هذه العشْـر ثم قَــد بَدَا لِي أَنْ أُجَاور هذه العشر الأوَاخِرَ فمَن كان اعْتَكَفَ معي فليَثْبُـت في مُعْتَكَفهِ ، وقد أُرِيتُ هذه الليلةَ...فابْتَغُوها في العشر الأواخـر، وابْتَغُوها في كلِّ وِتْرٍ، وقد رَأَيْتُنِي أَسْجُــد في ماءٍ وطِينٍ]، فاسْتَهَلَّت السمَاءُ في تلك الليْـلة فأَمْطَرَت، فوكف المسجد في مصلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ليلة إِحدى وعشرين،فَبَصُرَت عَيْنِي:نَظَرْتُ إِلَيْه انْصَرَفَ مِن الصُّبْـــح ووجْهُهُ مُمْتَلِئ طِينًا وماءً.
وبعده:عن عائشة قالت:كان رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يُجَاوِر في العشر الأواخر مِن رمضان ويقول:[تحرَّوا ليلةَ القدر في العشر الأواخر مِن رمضان].
وبعده:حدثنا عاصم عن أبي مجلز وعكرمة :قال ابنُ عباس رضي الله عنهما:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[هي في العشر،هي في تِسْعٍ يمضين أو في سبْعٍ يَبْقين]يعني ليلة القدر.تابَعَه عبد الوهاب عن أيوب.
أقول: في رواية البخاري السابقة عن ابن عباس ما يَدُل على أنَّ ليلة القدر قد تَكُون ليلةَ الثالث والعشرين(في سبْعٍ يَبْقَيْن)وقد وَرَدَ فيها-عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام- مَا يُؤَكِّد على أنها ليلة القدر،وورَدَ عنهم على أنها ليلةَ الحادِي والعشرين كمَا في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري الماضية،ومَا رواه الحاكمُ في المستدرك:حدثنا الأستاذ أبو الوليد الهيثم بن خلف الدوري ... حدثنا الحريث بن محشي أنَّ عليًّا قُتِلَ صبيحة إحدى وعشرين مِن رمضان، قال(الراوي): فسمعتُ الحسنَ بنَ عليٍّ يقول وهو يخطب وذَكَرَ مناقبَ عليٍّ فقال: [قُتِلَ ليْلةَ أُنْزِل القرآن وليلة أُسْرِي بعيسى وليلة قُبِض موسى].
فَالإمامُ الحسنُ عليه الصلاة والسلام يَتَحَدَّث عن أمير المؤمنين الإمامِ عليٍّ فيقول بأنه قُتِل ليلةَ أُنزِل القرآنُ،والقرآنُ الكريم أنزِل ليلة القدر، وبِما أنَّ الإمام عليًّا قُتِلَ ليلة الحادي والعشرين فتكون النتيجة أنَّ ليلة القدر هي ليلة الحادي والعشرين مِن شهر رمضان المبارك، وهذه الليلة تُعْتَبَر مِن الليالي المُحْتَمَلَة لِلَيْلَةِ القدر عندنا الإمامية،ولله الحمد رب العالمين.
ثاني عشر: زيارة أهل البقيع:
*المستدرك(ج3 - ص55 – 56)استغفاره صلى الله عليه وآله لأهل البقيع:حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن همدان الصيرفي بمرو مِن أصل كتابه ... عن أبي مويهبة مَوْلَى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: طَرَقَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ذاتَ ليْلةٍ، فقال:
[يا أبا مويهبة..انْطَلِق اسْتَغْفِر فإنِّي قد أُمِرْتُ أنْ أسْتَغفِر لأَهْلِ هــذا البَقِيع]، فانْطَلَقتُ معه، فلمَّا بَلَغَ البقيعَ قال:
[السلام عليكم يا أهلَ البقيع،لِيَهْنَ لَكُم مَا أَصْبَحْتم فيه،لو تَعْلمُون مَا أَنْجَاكم اللهُ مِنه!أَقْبَلَت الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيلِ المظلم،يَتْبَع أَوَّلَها آخِرُها]،ثم قال:[يا أبا مويهبة..إنَّ الله خَيَّرَنِي أنْ يُؤْتِيَنِي خزائنَ الأرض والخُلْد فيها ثم الجنَّة وبيْن لِقاءِ رَبِّي عز وجل]، فقلتُ:بأَبِي أنتَ وأُمِّي،فَخُذ مفاتيحَ خزائنِ هذه الأرض والخلدَ فيها ثم الجنة، قال:[كَلا يا أبا مويهبة،لقد اخْتَرْتُ لقاءَ ربِّي عز وجل]،ثم اسْتَغفَرَ لأَهْلِ البقيعِ ثم انْصَرَفَ، فلمَّا أَصْبَحَ بَدَاه شَكْوَاه الذي قُبِضَ فِيه صلى الله عليه وآله(وروى بعده مثلَه).
وروَى مسلمٌ مثلَه في أكثر مِن حديث.(كتاب الجنائز.باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها). (طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت 1423هـ).
أقول:إذن،هناك استحبابٌ لِزيارة البقيع خاصةً والاستغفار لهم كمَا أُمِر النبي صلى الله عليه وآله، وليس الأمْرُ كمَا يُصَوِّره بعضُهم مِن أنَّ زيارةَ القبور لِلْعِظَةِ والعِبْرَةِ فاكْتَفُوا بِمَوْتاكم في بلدكم ولا حاجة لِلمَجِيء إلى البقيع!
ثالث عشر:زيارة القبور والصلاة والبكاء عندها:
*المستدرك(ج3)شهادة عمر بن قيس ... :أخبرنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله الصفار ... أنَّ فاطمةَ بنت محمد صلى الله عليه وآله كانت تَزُور قبْرَ عَمِّها حمزة بن عبد المطلب في الأيام،فتُصَلِّي وتَبْكِي عنده.
وروى مسلمٌ بكاءَ النبي صلى الله عليه وآله على قبْر أُمِّه عليها السلام.(كتاب الجنائز.باب استئذان النبي صلى الله عليه-وآله-ربَّه عز وجل في زيارة أمه).(طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت 1423هـ).
رابع عشر :ميـــلاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة المشرفة:
*المستدرك(ج3)إسلام ولد حكيم بن حزام كلّهم:أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... قال الحاكمُ:
تَوَاتَرَت الأخْبَارُ أنَّ فاطمة بنت أسد وَلَدَت أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-في جَوْفِ الكعبة.
خامس عشر:اسْتِغْفَار النبي آدَم بِحَقِّ النبي محمد صلى الله عليه وآله:
*المستدرك(ج2) اسْتِغفار آدم عليه السلام بِحَقِّ محمد صلى الله عليه وآله: حدثنا أبوسعيد...عن عمر بن الخطاب قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[لَمّا اقْتَرَفَ آدمُ الخطيئةَ قال:ياربِّ ..أسألك بِحَقِّ محمــَّــدٍ لَمَا غفرْتَ لِي،...فقال اللهُ:(صَدَقْتَ ياآدم،إنه لأَحَبُّ الخَلْقِ إلَيَّ،اُدْعُنِي بِحَقِّه فقد غفرتُ لك،ولولا محمد مَا خلقْتُك)].
سادس عشر:مُتْعَة الحَج:
*البخاري:(ج2 ص152)كتاب الحج.باب التمتع والإقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي:روى عن الحكم عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم قال:شهدتُ عثمَـانَ وعليًّا رضي الله عنهما..وعثمانُ يَنهى عن المُتْعَة وأنْ يُجْمَع بينهما، فلمَّا رَأَى عَـليًّا أَهَلَّ بهما(وقال):لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وحجة، قال(عثمانُ): مَا كُنْتُ لأَدَعَ سُنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه (وآله) وسلم لِقَوْلِ أَحَدٍ. وفي نفس الصفحة رَوَى البخاري مَا يُوَافِق مَا فَعَلَه الإمامُ عليٌّ عليه السلام في الجَمْعِ بين الحج والعمرة: عن أبي حمزة نصر بن عمران الضبعي قال: تَمَتَّعْـــتُ، فنهاني ناسٌ، فسألتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما،فأَمَرَنِي،فرَأَيْتُ في المَنَامِ كَأَنَّ رجُلاً يقول لِي:حَجٌّ مبرور وعمرة متقبلة،فأخبرتُ ابنَ عباس،فقال:سُنَّة النبي صلى الله عليه (وآله)وسلم.
وروى في الصفحة التالية عن سعيد بن المسيب قال: اختَلَفَ عليٌّ وعثمانُ رضي الله عنهما -وهما بسعفان- في المتعة،فقال عليٌّ: مَا تُرِيد إلى أنْ تَنْهَى عن أَمْرٍ فَعَلَه النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم؟!
قال(الرَّاوي): فلمَّا رَأَى ذلك عليٌّ أَهَلَّ بهما جميعًا.
(ورَوَى مثلَه في(ج4)في باب أيام الجاهلية.وهو بعد باب الفضائل بقليل).
وروى في نفس الصفحة (ج2 ص153)باب مَن لبَّى بالحج وسمَّاه:عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قَدِمْنا مع رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك بالحج.فأَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم فجعلناها عمرة.
وروى البخاري رواياتٍ أخرى في نفس هذه الصفحات وما بعدها(كثيرة جدًّا..عن عائشة وابن عمر)تَدُلُّ على جَوَاز الجَمْع بين الحج والعمرة إنْ لم تَدُل على الوجوب لِمَن هُم خارج مكة المكرمة كما نقول نحن الشيعة الإمامية.
سابع عشر: جَلْسَة الاستِرَاحَة:
*البخاري(ج1)كتاب الأذان.باب وجوب صلاة الجماعة.تحت بابٍ فَرْعِيٍّ عنوانُه: باب من صلى وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم:عن أيوب عن أبي قلابة قال:جَـاءنا مالك بن الحويرث في مسجِدنا هذا فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيتُ النبــيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم يصلي.فقلتُ لأبي قلابـة: كيف كَان يصلي؟ قال: مثل شيخنا هذا.قال:وكان شيخُنا يَجْلِس إذا رَفَعَ رأسَه مِن السجود قبل أنْ يَنْهَضَ في الركعة الأولى.
ثامن عشر: الخُمْس:
*البخاري(ج1)كتاب الإيمان.باب أداء الخمس من الإيمان:حدثنا علي بن الجعد ... عن أبي حمزة قال:كُـنتُ أقعد مع ابنِ عباس،يُجْلسُني على سريره، فقال: أَقِم عندي حتى أجْعَلَ لك سَهْمًا مِن مالي،فـأقَمْتُ معه شهرَين 0 ثم قال:إنَّ وَفْدَ عبد القيس لَمَّا أَتَـوا النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم قال:[مَن القوم أو مَن الوفد؟] قالوا:ربيعة.قال:[مرحبًا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولاندامى].فقالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام،وبيننا وبينك هذا الحـَـيّ مِن كفار مضر،فَمُرْنا بأمْرٍ فَصْلٍ،نُخْبِر به مَن وراءنا وندخل به الجَنة.وسألوه عن الأشربة0فأمَرَهم بأرْبع ونهَــاهم عن أربع:أمَرَهم بـ ... وأنْ تُعْطُوا مِن المَغْنَمِ الخُمْسَ0ونهاهم عن ... .
أقول: لاحظوا كلمةَ(المَغْنَم)فهي تَعْنِي كلَّ مَا يَغْنَمه الإنسانُ وَيَرْبَحه-كما عن أهل اللغة، ولا ذِكْرَ لِلحَرْبِ في هذه الرواية أصْلاً حتى تُفَسَّر بغنائم الحرب.
ورواه في(ج1)أيضًا في كتاب العلم.باب تحريض النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويُخْبِرُوا به مَن وراءهم.
تاسع عشر:تَشْرِيع الأذَان:
*المستدرك(ج3)فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب:حدثني نصر بن محمد العدل ... عن سفيان بن الليل قال لمَّا كان مِن أمْرِ الحسنِ بنِ عليٍّ ومعاوية مَا كان قَدِمْتُ عليه المدينةَ وهو جالسٌ في أصحابه ... قال(الراوي): فتَذاكَرْنا عنده الأَذانَ، فقال بعضُنا:إنَّمَا كان بدْءُ الأذانِ رُؤْيَا عبدِ الله بنِ زيد بن عاصم،فقال له الحسنُ بنُ علي:
إنَّ شَأْنَ الأذانِ أَعْظَمُ مِن ذلك، أَذَّنَ جبريلُ عليه السلام في السماءِ مثنى مثنى،وعَلَّمَه رسولَ الله صلى الله عليه وآله ... فأَذَّنَ الحسنُ حِين وَلَّى.
عشْرون: حَرْب الجَمَل:
*البخاري(ج5)كتاب المغازي.كتاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى كسرى وقيصر:عن أبي بكرة قال:نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ سمعتُها مِن رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسـلم أيّامَ الجمَل، بعدما كِدْتُ أَلْحَقَ بِأَصْحاب الجمل فأقاتل معهم، قال (أبو بكرة):لَمَّا بَلَغَ رسـولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم أنَّ أهْلَ فارِسَ قد مَلَّكُوا عليهم بنتَ كسرى قال :
[لَنْ يُفْـلِح قـوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهم امْرَأَةً].
حادي وعشرون: حَرْب صِفِّين و مَقْتَلُ عَمَّار بن ياسر رضي الله عنه:
*المستدرك (ج 3)مناقب عمار بن ياسر رضي الله عنه: حدثني علي بن عيسى الحيري ومحمد بن موسى الصيدلاني(قالا)...عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[ابْن سُمَيَّة .. مَا عُرِضَ عليه أَمْرَان قَطُّ إِلا أَخَذَ بِالأَرْشَدِ منهما].
وقال الحاكمُ بعده:وله متابع مِن حديثِ عائشة رضي الله عنه(أخبرناه)أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي...عطاء بن يسار عن عائشة قالت:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[مَا خُيِّرَ عمَّار بيْن أَمْرَيْنِ إِلا اخْتَارَ أَرْشَدَهُمَا].
*وقال في هذا الباب: ... عـن لؤلؤة مولاة أم الحكم ابنة عمار ابن ياسر قالت: لمَّا كان اليوم الذي قُتِـلَ فيه عمَّارُ بنُ ياسر،والرَّايَة يَحْمِلُها أبو هاشم بن عتبة، وقد قُتِلَ أصحــاب عَلِيٍّ رضي الله عنه ذلك اليـــوم، حتى كان العصرُ،ثم تَقدَّمَ عمَّـارُ بنُ يَـــاسر ورأى أبا هاشم يقدمه، وقد جَنَحَت الشمسُ لِلْغُرُوب،ومع عمَّار ضيح مِن لَبَنٍ،يَنْتَظِر غرُوبَ الشمسِ أَنْ يفطر، فقال حين غَرُبَت الشمسُ وشَرِبَ الضيحَ : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:
[آخِرُ زَادِك مِن الدنيا ضيحٌ مِــن لَبَنٍ]،قال:
ثم أقرب فقَاتَل حتى قُتِلَ وهو ابن أربع وتسعين سنة*قال ابــن عمرو:حدثني عبد الله بن الحارث عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابـــت ... (قال خزيمةُ بن ثابت):سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول(عَن عَمَّار):
[تَقْتُلُك الفِئَةُ البَاغِيَةُ] ... وكـان الذي قَتَلَ عمارًا أبو غادية المزني،طَعَنَه بالرُّمْح، فسَقَطَ فقَاتَلَ حتى قُتِلَ.وكـان يومئذٍ يُقَاتل وهو ابن أربع وتسعين،فلمَّا وَقَعَ كَبَّ عَلَيْه رَجُلٌ آخرُ فاحْتَـــــزَّ رَأْسَه،فأَقْبَلا يَخْتَصِمَان:كلٌّ منهما يقول: أَنا قَتَلْتُه،فقال عمرُو بنُ العاص:واللهِ إِنْ يَخْتَصِمَان إلا في النَّارِ.ثم قال ابنُ عمرو: حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون قال:أَقْبَلَ عمَّارٌ وهو ابْن إحدى وتسعين سنة، وكـان أَقْدَم في البلاد مِن رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان أَقْبَلَ إِلَيْه ثلاثــةُ نَفَرٍ:عقبة بن عامر الجهني وعمر بن الحارث الخولاني وشــريك بن سلمة،فـانْتَهَوا إليه جميعًا،وهو يقول:
والله لو ضَرَبْتُمُونا حتى تَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَـاتِ هَجرَ لَعَلِمْنا أَنَّا على الحَقِّ وأنْتُم على البَاطِل.فحَمَلُوا عليْه جميعًا،فقَتَلُـوه،وزَعَمَ بعضُ الناس أَنَّ عقبة بن عامر الذي قَتَلَه، ويُقَال: بل قَتَلَه عمرُ بــن الحارث الخولاني،قال ابنُ عمرو:الذي أُجْمِعَ عليْه في عمَّارٍ أَنَّه قُتِلَ مع عَـلي بن أبي طالب رضي الله عنهما بِصِفِّين في صفر،سنة سبْعٍ وثلاثين،وهو ابن ثلاث وتسعين سنة،ودفن هناك بصفين.
وقال الحاكمُ بعده:أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصنعاني ... قال: لمَّا قُتِلَ عمَّارُ بن ياسر دَخَلَ عمرُو بن حزم على عمرِو بنِ العاص فقال:قُتِلَ عمارٌ،وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:
[تقتله الفئةُ الباغيةُ]فقام عمرُو فَزِعًا،حتى دَخَلَ على معاوية،فقال له معاويةُ:ما شَأْنُك؟ فقال: قُتِلَ عمارُ بن ياسر؟!فقال(معاوية):
قُتِلَ عمارٌ،فَإِذًا(أَيْ فَمَا المُشْكِلَة)؟!
فقال عمرُو:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[تقتله الفئة الباغية]، فقال له معاويةُ:
أَنَحْنُ قَتَلْنَاه؟ إِنَّمَا قَتَلَه عَلِيٌّ وأصحابُه،جَاؤُوا بِهِ حتـَّــى أَلْقَوْهُ بيْن رِمَاحِنا أو قال سُيُوفِنـــا.
قال الحاكمُ:صحيح على شرطهمــا ولم يخرجاه بهذه السياقة.
أقول:لا تَعْلِيقَ على كلام معاوية.
وقال بعده:أخبرنا أبو زكريا العنبري ... قال أبو عبد الرحمن السلمي: شَهِدْنا صِفِّين، فكُنَّا إذا تَوَادَعْنا دَخَلَ هؤلاء في عَسْكَر هؤلاء وهؤلاء في عسكر هؤلاء فرَأَيْتُ أربعةً يَسِيرُون معاوية بن أبي سفيان وأبو الأعور السلمي وعمرو بن العاص وابنه،فسمعتُ عبدَ الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو: قد قَتَلْنَا هذا الرَّجُلَ وقد قال رسـولُ الله صلى الله عليه وآله فيه مَا قال؟! قال:أَيُّ الرَّجُل؟قال:عمار بن يـــاسر، أَمَا تَذْكُر يوْمَ بَنَى رسولُ الله صلى الله عليه وآله المسجدَ،فكُنَّــــا نَحْمِل لُبْنَةً لُبْنَةً وعمارُ يَحْمِل لُبْنَتَيْنِ لبنتين، فمَرَّ على رسول الله صلى الله عليه وآله يَحْمل لبنتين لبنتين-وأنتَ مِمَّن حَضَرَ–قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[أَمَا إنك سَتَقْتُلُك الفئةُ الباغِيَةُ،وأنتَ أهْلُ الجَنَّة]، فــدَخَل عمرو على معاوية فقال:قَتَلْنا هذا الرجلَ،وقد قال فيه رسولُ الله صــلى الله عليه وآله ما قال؟!
فقال(معاويةُ): اسْكُتْ،فواللهِ مَا تَزَال ترحض في بَوْلِك، أَنَحْنُ قَتَلْناه؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وأصحابُه،جَاؤُوا بهِ حتى أَلْقَوْهُ بَيْنَنَا!
وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ... عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أَنَّ رَجُلَيْن أَتَيَا عمرَو بنَ العاص يَخْتَصِمَان في دَمِ عمارِ بنِ ياسر وسَلْبهِ، فقال عمرو: خَلِّيَا عنْه فإنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [اللهم أُولِعَت قريشٌ بِعَمَّارٍ،إِنَّ قاتِلَ عمَّارٍ وسَالِبَهُ في النَّار].
*البخاري (ج3) كتاب الجهاد والسير. باب مسح الغبار عن الناس في السبيل: حدثنا إبراهيم بن موسى ... وكان عَمَّارٌ يَنْقُل لبْنَتَيْن لبنتين، فَمَرَّ به النبيُّ صلى الله عليه(وآله) وسلم، ومَسَحَ عن رأسه الغبارَ وقال:
[وَيْحَ عمار، تَقْتُلُه الفِئَةُ الباغِيَةُ، عمـــارٌ يَدْعُوهم إلى الله ويدعونه إلى النار].
وروى مثلَه(ج1 كتاب الصلاة.باب فضل استقبال القبلة. باب التعاون في بناء المسجد) عن أبي سعيد.
*مسلم (ج8) كتاب الفتن وأشراط الساعة. باب لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء:...وحدثني محمد بن عمرو بن جبلة ... أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعمار:
[تَقْتُلك الفئةُ الباغيـــــــة].وحدثني إسحاق بن منصور...بِمثلِه. وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... عن أم سلمة، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[تَقْتُل عمارًا الفئةُ الباغية].
*الترمذي (ج5) مناقب عمار بن ياسر رضي الله عنه (ح3888): حدثنا أبو مصعب المديني...عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[أَبْشِرْ ياعمار تقتلك الفئةُ الباغيةُ].
وفي الباب عن أم سلمة وعبدالله بن عمرو و أبي اليسر وحذيفة.
ثاني وعشرون:إِلْحَاق لَفْظ(عليه السلام)لأَسْمَاءِ أهْلِ البيت عليهم السلام:
وَجَدْتُ ستةً وعشرين مَوْضِعًا في كتاب(صحيح البخاري)أَلْحَقَ البخاري - في رِوَايَتِه -لَفْظَ(عليه السلام)لأَسْمَاءِ بَعْضِ مَن ذَكَرَهم مِن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام،وهذا نَصُّ كلامِه:
1-(ج2 ص 43)- بعْد كتاب الكسوف - باب التهجد بالليل.باب تحريض النبي على صلاة الليل والنوافل مِن غير إِيجَابٍ وطَرْق النبي باب فاطمةَ وعَلِيٍّ عليهما السلام لَيْلَةً للصلاة.
2-(ج3 ص 229) كتاب الجهاد والسِّيَر. باب لبْس البيضة:... فكانت فاطمة عليها السلام ... .
3-(ج3) كتاب الهبة.باب إذا وهب دينًا على رجل:... الحسن بن علي عليهما السلام... .
4-(ج4) أوَّلُ بابِ فَرْضِ الخمس : ... حسين بن علي عليهما السلام ... .
5-(ج4 في أَوَّلِه ص 42) :باب فرْض الخمس:... أن فاطمة عليها السلام ... .
6-(ج4 ص 47) : ... فاطمة عليها السلام ... .
7-(ج4 ص 48) : ... فاطمة عليها السلام ... .
8-(ج4 ص 71) : ... جاءت فاطمة عليها السلام ... .
9-(ج4 ص 208) : ... فاطمة عليها السلام ... .
10-(ج4)باب مناقب المهاجرين وفضلهم.باب منقبة قرابة رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم.
11-(ج4) الباب السابق: ... أن فاطمة عليها السلام ... .
12-(ج5) كتاب المغازي.باب حديث بني النضير...(ص24):... أن فاطمة عليها السلام ... .
13-(ج5) كتاب المغازي.باب غزوة أحد (ص28):...كانت فاطمة عليها السلام ... .
14-(ج5) كتاب المغازي.باب غزوة خيبر (ص82):...أن فاطمة عليها السلام ... .
15-(ج5) باب مرض النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم (ص 138):... فاطمة عليها السلام ... .
16-(ج5) الباب السابق (ص 144) : ... فقالت فاطمة عليها السلام ... .
17-(ج5) الباب السابق (ص 144) : ... قالت فاطمة عليها السلام ... .
18-(ج6) باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (ص 101):... فاطمة عليها السلام ... .
19-(ج6) كتاب النكاح.باب لا يتزوج أكثر من أربع:...علي بن الحسين عليهما السلام ... .
20-(ج6) كتاب النفقات.باب عمل المرأة في بيت زوجها (ص192):...فاطمة عليها السلام... .
21-(ج6) كتاب النفقات.باب خادم المرأة : ... فاطمة عليها السلام ... .
22-(ج7) كتاب الطب (ص 11):...فاطمة عليها السلام ... .
23-(ج7) كتاب الأدب.باب التبسم والضحك (ص 92):... فاطمة عليها السلام ... .
24-(ج7) كتاب الاستئذان. باب القائلة في المسجد (ص 140):...فاطمة عليها السلام... .
25-(ج7) كتاب الاستئذان.باب من ناجى بين يدي الناس ولم يخبر بسر صاحبه فإذا مات أخبر (ص141):...فاطمة عليها السلام... .
26-(ج7)كتاب الدعوات.باب التكبير والتسبيح عند المنام:... فاطمة عليها السلام ... .
وفي نهاية هذا التِّطْوَاف -أيها المؤمنـون- فإني أحمد الله كثيرًا على توفيقِه، ولَسْتُ أَدَّعِي أنِّي اسْتَقْصَيْتُ جميعَ ما في هذه الكُتُـب مِمَّا يَتَعلّق بِأَهلِ بيتِ العصمة صلوات الله عليهم ولكني ذَكَرْتُ مَا يَكْفِي منه، وصلى الله على سيدنـا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيَّته في العَالمَـِين إمام الزمان صلوات الله عليه.
{دَعْنا الآن نتَعَرَّض لِلحقائق التالية مِمَّا نُؤْمِن به نحن الإماميَّة:
1-لا يتصف الله تعالى بصفات المخلوقين 2-البَدَاء 3-التبَرك 4-التقِية.
أولاً: إنَّ الله تبارك وتعالى لا يَتَّصِف بصفات المخلوقين:
إنَّ البخاري - وإنْ أَوْرَدَ في صحيحه ما يُناقِض هذه العقيدة،كَرِوَايَتِه قَطْقَطَة النار بعد أنْ يَضَع الله سبحانه وتعالى قَدَمَهُ فيها! ورِوَايَتِه مَا عن أبي هريرة مِن نزول الله تعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا![ج8كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(يريدون أن يبدلوا كلام الله)] - إلا أنه أَوْرَدَ مَا يُوَافِق عقيدتَنا في صفات الله تعالى، وَدُونَكَ بعضَ مَا رَوَاه: في الجزء الثامن في[كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا)]: حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال: جاء حَبْر إلى رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقال: يا محمد .. إن الله يضع السماوات على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع،ثم يقول بيده: أنا الملك.فضحك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم،وقال:{ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
في الجزء الثامن في [كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(لما خلقت بيدي)]: حدثنا مسدد سمع يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله أن يهودياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال: يا محمد..إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى بدت نواجذه،ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}.
وروى بعده: حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش سمعت إبراهيم قال سمعت علقمة يقول قال عبد الله: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم .. إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك0فرأيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}.
أقول: أَفَبَعْدَ هذا الاستشهاد منه صلى الله عليه وآله وسلم بالآية الكريمة التي تستنكر على غير أهل التوحيد اعتقادهم الباطل، بعد هذا فهل يمكن أن يُقال بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يستنكر على هذا الرجل إثباته اليد والأصابع لله تعالى؟!
ثانياً:البـَدَاء:
لقد أُقيمت الدنيا علينا ولم تقعد بسبب عقيدتنا بـ(البَداء) والتي هي من العقائد الأساسية عند المسلمين، وما الاختلاف بينهم فيه إلا لَفْظِيٌّ فقط !
إذ أننا نعتقد أنَّ البداء في حَقِّ الله تعالى هو تَغْيِيرُ ما يشاء كما يشاء -وهو العليم الحكيم القدير- وذلك لِعِلْمِه، ولكن لا لِعِلْمٍٍ بعْد جَهْلٍ كَمَا في الإنسان، وإنما سُمِّيَ هذا بَدَاءً في حقِّ الله تعالى مِن باب الـمُشَاكَلَة -في عِلْم البلاغة- مع الإنسان، إذ نحن تَبْدُو لنا الأمورُ جديدةً بعْد جهلٍ بها، وأما اللهُ تعالى فَلا ..
وسأنقل هنا حديثاً نقله البخاري في صحيحه في الجزء الرابع في (كتاب بدء الخلق.باب ما ذُكر عن بني إسرائيل)، وفي الحديث ذكر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كلمة (بَدا) صريحة، وهذا المعنى الذي ورد في الرواية هو مصداق من مصاديق عقيدتنا نحن الإمامية في(البَداء):
حديث أبرص وأقرع وأعمى في بني إسرائيل:
حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم .. [وثمة سند آخر]وحدثني محمد حدثنا عبد الله بن رجاء أخبرنا همام عن إسحاق بن عبدالله قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع بَدَا لله عز وجل-[لاحظ كلمة(بَدَا)وهي الفِعْلُ الذي اشْتُقَّت مِنْه كلمة(بَدَاء)]- أنْ يبتليهم فبَعَث إليهم مَلَكاً،فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حَسَن وجلد حسَن .. قد قَذِرَني الناس.قال:فَمَسَحَهُ فذهب عنه،فأُعطِيَ لوناً حسناً وجلداً حسناً،فقال: أي المال أحب إليك؟قال: الإبل أو قال: البقر- هو شَكَّ في ذلك أن الأبرص والأقرع قال أحدُهما: الإبل وقال الآخر: البقر- فأُعطيَ ناقة عشراء. فقال: يُبارَك لك فيها0وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟قال: شَعرٌ حَسَنٌ،ويذهب عني.قد قذرني الناس.فمسحه فذهب، وأعطي شعراً حسناً.قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر.قال: فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: يُبارَك لك فيها.وأتى الأعمى فقال:أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس، فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم.فأعطاه شاة والداً.
فأنتج هذان،وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من إبل، ولهذا وادٍ من بقر، ولهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته،فقال: رَجُلٌ مسكين .. تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك..أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ عليه في سفري،فقال له: إن الحقوق كثيرة.فقال له:كأني أعرفك.أَلَم تكن أبرص،يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لِكابرٍ عن كابرٍ.فقال:إن كنتَ كاذباً فَصَيَّرَك اللهُ إلى ما كنت.وأتى الأقرع في صورته وهيئته،فقال له مثل ما قال لهذا،فرد عليه ما رد عليه هذا. فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت.وأتى الأعمى في صورته،وقال:رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك .. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال:قد كنتُ أعمى فرد الله بصري، وفقيراً فأغناني، فخُذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال: أَمسِك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك.
ثالثاً:التَّبَرُّك:
سأكتفي بذكر الأثر الذي نقله البخاري في صحيحه بدون أن يعلق عليه مما يفصح أنه يقبل فحواه .. خصوصاً وأنه أدرجه تحت هذا الكتاب من الجزء الثامن: [كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب ما ذكر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وخص على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم]: حدثني أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد عن أبي بردة قال:قَدِمْتُ المدينةَ فَلَقِيَني عبدالله بن سلام فقال لي: اِنْطلِقْ إلى المنـزل، فأسقيك في قدَحٍ شَرِبَ فيه رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم وتصلي في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم.
فانْطلقْتُ معه،فسقاني سويقاً،وأطعمني تمراً، وصليتُ في مسجده.
رابعاً:التقِية:
[اسمٌ لاتَّقَى يَتَّقِي والمراد بِها:التَّحَفُّظ عن ضَرَر الغير بِمُوَافَقَتِه في قَوْلٍ أو فِعْلٍ مُخَالِفٍ لِلحَقِّ].
ولا حاجة للتفصيل فيها وإنما المهم عندي في هذه المختصرة إثباتُ جواز التقية -فضلاً عن وجوبها أحياناً- مِن كتاب(صحيح البخاري)،فقد قال في الجزء الثامن في أول(كتاب الإكراه):
وقال الحسن:التقية إلى يوم القيامة.
هذا .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين}(نِهَايَةُ أَصْلِ الرِّسَالَة الوثيقة).
الحاشية:
تابِعٌ لِـ (التَّبَرُّك):
*البخاري(ج1ص50–51):كتاب الوضوء.باب الماء الذي يغسل به شَعْر الإنسان : ... حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا إسرائيل عن عاصم عن ابن سيرين قال: قلتُ لِعبيدة: عِنْدنا مِن شَعْرِ النبيِّ صلى عليه(وآله)وسلم،أَصَبْنَاهُ مِن قِبَلِ أَنس أو مِن قِبَل أَهْلِ أنس، فقال: لأنْ تَكُون عندي شَعْرَةٌ مِنه أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدنيا وما فيها.
وبعده: حدثنا محمد ابن عبد الرحيم قال: أخبرنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا عباد عن أبي عون عن ابن سيرين عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لَمَّا حَلَقَ رَأْسَه كان أبو طلحة أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِن شَعْرِه.
أقول: لم يَحْتَفِظ أنسٌ أو أهلُه وكذلك ابنُ سيرين بِشَعْرٍ مِن شَعْرِ النبي صلى الله عليه وآله إلا لِيَتَبَرَّكوا به.
خامسًا:النِّكَاح المُنْقَطِع(زواج المُتْعَة):
*البخاري(ج2 ص153)باب مَن لَبَّى بالحج وسَمَّاه:في باب التمتع عن مطرف عن عمران قال: تَمَتَّعْنـا عَلى عهْدِ رسول الله صلى الله عـليه (وآله) وسلم ونَـزَلَ القـرآنُ (بذلك)، قال رَجُــلٌ بِرَأْيِــه مَا شاء.(إشارة إلى مَن نَهَى عن المُتْعَتَيْن: مُتْعَة الحج ومتْعة الزواج ).
*صحيح مسلم(ج4)كتاب النكاح: باب نكاح المُتْعَة ... قال عطاءٌ: قَدِمَ جابرُ بن عبد الله مُعْتَمِرًا، فجِئْنَاه في مَنْزِلِه، فَسَأَلَه القوْمُ عن أشياء ثم ذكَرُوا المُتْعَةَ،فقال: نعم،اسْتَمْتَعْنـا على عَــهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأبي بكر وعُمَر.
وبعده: عن ابن الزبير قال:سمعتُ جابرَ بن عبدالله يقول: كُنَّا نَسْتَمْتِع بِالْقَبْضَةِ مِن التَّمْرِ والدَّقِيقِ الأيَّامَ على عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأبي بكر، حتى نَهَى عنها عُمَرُ في شَأْنِ عمرو بن حريث.
أقول: مِن الواضح أنَّ الحديث عن مُتْعَة الزواج بِقَرِينَة أنَّ الاستمتاعَ كان بِالقَبْضَة مِن التَّمْر والدَّقِيق(الطحين)، وبقرينة قوله (الأيام).
وذكَرَ مسلمٌ عن أبي نضرة قال: كنتُ عند جابر بن عبد الله فأَتَاهُ آتٍ فقال: ابنُ عباس وابنُ الزبير اختَلَفا في المُتْعَتَيْن(متعة الحــج ومتعة الـــزَّواج)، فقال جابرٌ: فعَلْنَاهما مع رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم، ثم نهانا عنهما عمرُ فَلَمْ نَعُد لهما.
أقول: (خَشْيَةً)، وثبوتُ جَوَازِ المتعتين هو مَحَلُّ إجْمَاعِ أهلِ البيت عليهم الصلاة والسلام.
*النسائي(ج5 ص153)كتاب مناسك الحج.التمتع:عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى أنه كان يُفتِي بالمتعة،فقال له رجلٌ: رُوَيْدك ببَعْضِ فِتْيَاك،فإنك لا تَدْرِي مَا أَحْدَث أميرُالمؤمنين في النُّسُك بعد،(قال أبو موسى): حتى لِقِيتُه فسألتُه، فقال عمرُ: قد عَلِمتُ أنَّ النبي صــلى الله عليه(وآله)وسلم قد فعَلَه ولكن كَرِهْتُ أنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ بِهِنَّ فِي الأَرَاك ثم يَرُوحُوا بالحَجِّ تَقْطُرُ رُؤُوسُهم.
أقول: مِن الواضح أنَّ كلامَ عُمَر عن زواج المتعة بِقَرِينَةِ قوله: (معرِّسين)وقوله: (تقطر رؤوسهم) مِن الاغتسال عن الجَنَابَةِ الحادِثَةِ لهم عن طَرِيقِ هذا الزواج.
ولِلأسف الشديد أنَّ البعضَ يَعْتَقِد بِأَنَّ هذا الزواج مُجَرَّدٌ عن أحكام الزواج الدائم، وهذا غيْر صحيحٍ وإنما المُتْعَةُ كالدَّائِم فلا يجوز التَّمَتُّعُ بالمَحَارِمِ ولا بالمُتَزَوِّجَة ولا بِذَاتِ العدَّةِ ويُشْتَرَط في صِحَّتِهِ العَقْدُ اللَّفْظِيّ والمهْرُ، ومَا الاختلاف بينهما إلا في تَحْدِيد أَمَدٍ لِهذا الزواج والتفصيلُ مَوْكُولٌ إلى مَحَلِّه.
وروى النسائي عن محمد عن مطرف قال:قال لِي عمرانُ بن حصين إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قد تَمَتَّعَ وتَمَتَّعْنا معه،قال فيها قائِلٌ بِرَأْيِه.
سادسًا:الجَمْعُ بين الصَّـلاتَيْنِ في الحَضَـر(مَكَان السَّكَن)بِدُونِ خَوْفٍ ولا مَطرٍ:
*صحيح مسلم(ج2)باب الجمع بين الصلاتين في الحضر:حدثنا يحيى بن يحيى قال:قرَأْتُ على مالك عن ابن الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الظهْرَ والعَصْرَ جميعًا والمغربَ والعشاءَ جميعًا في غَيْرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ.
أقول: أَي:في وَطَنِهِ.
وقال مسلمٌ بعده:حدثنا أحمد بن يونس وعون بن سلام جميعًا عن زهير،قال ابنُ يونس (قال) حدثنا زهير(قال)حدثنا أبو الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم الظهرَ والعصرَ جميعًا بالمدينةِ في غيْرِ خوف ولا سفر0 قال أبو الزبير: فسألتُ سعيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلك؟ فقال: سألتُ ابنَ عباس كما سألتَنِي فقال: أَرَادَ أنْ لا يُحْرِج أحدًا مِن أُمَّتِهِ.
وبعده:وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا ... عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: جَمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ بالمدينةٍ في غيْرِ خوْفٍ ولا مَطَرٍ.[في حديث وكيع] قال(الراوي): قلتُ لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كَيْ لا يُحْرِج أُمَّتَه.(وفي حديث أبي معاوية)قِيلَ لابنِ عباس: مَا أَرَادَ إلى ذلك؟ قال: أَرَادَ أنْ لا يُحْرِج أُمَّتَه.
وبعده: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... عن ابن عباس قال: صَلَّيْتُ مع النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم ثمَانِيًا جميعًا وسَبْعًا جميعًا... .
وبعده:حدثنا أبو الربيع الزهراني ... عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم صَلَّى بالمَدِينَةِ سبْعًا وثمانيًا الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ.
وبعده: حدثني أبو الربيع الزهراني ... عن عبد الله بن شقيق قال: خَطَبَنا ابنُ عباس يوْمًا بعد العصر،حتى غَرُبَت الشمسُ وبَدَت النجومُ،وجَعَلَ الناسُ يقولون: الصلاةَ الصلاةَ، قال(الراوي): فجاءَه رَجُلٌ مِن بَنِي تميم،لا يَفْتُرُ ولا يَنْثَنِي(وهو يقول)الصلاةَ الصلاةَ،فقال ابنُ عباس: أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ لا أُمَّ لك؟! ثم قال: رأَيــْتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم جَــمَعَ بيْن الظُّــهرِ والعَصرِ والمغربِ و العشاءِ.قال عبدُالله بن شقيق:فَحَاكَ في صَدْرِي مِن ذلك شَيْءٌ،فأَتَيْتُ أبا هريرة، فسألتُه،فصَدَّقَ مَقَالَتَه(مقالة ابن عباس).
وبعده:حدثنا ابن أبي عمر ... عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال:قال رَجُلٌ لابنِ عباس: الصلاةَ،فسَكَتَ،ثم قال:الصلاةَ،فسَكَتَ،ثم قال: الصلاةَ، فسَكَتَ، ثم قال(ابنُ عباس):لا أُمَّ لك! أَتُعَلِّمُنا بالصلاة، وكُنَّا نَجْمَعُ بين الصلاتَيْنِ على عهْد رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم!
*صحيح أبي داود(ج1)باب الجمع بين الصلاتين:(ح1210):عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال:صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم الظهرَ والعصرَ جميعًا والمغربَ والعشاءَ جميعًا في غيْرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ.
(ح1211):عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:جَمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم بَيْن الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خوْفٍ ولا مَطَرٍ،فَقِيلَ لابن عبـاس: مَـا أَرَادَ إلى ذلك؟قال:أَرَادَ أنْ لا يُحْرِج أُمَّتَه.
(ح1214):عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال:صَلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم بالمدينة ثمانيًا وســـبْعًا:الظهر والعصر،والمغرب والعشاء.
قال أبو داود:ورَوَاه صالحٌ موْلى التوأمة عن ابن عباس قال:في غيْرِ مَطَرٍ.
*النسائي(ج1ص286وما بعدها)كتاب المواقيت.الوقت الذي يَجْمَع فيه المُقِيم: قال النسائي: وزَعَمَ ابنُ عباس أنه صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم بالمدينة الأُولَى(الظهر)والعصر ثَمَانِ سَجدَات ليس بينهما شَيْءٌ.
أقول: لمَاذا يُعَبِّر بِـ(زَعَمَ)؟!فإننا إنْ لم نَقُل بأنَّ(الزَّعْم)أخُو الكذب فلا أَقَلّ بأنَّه بِمَعْنَى(الادِّعَاء)؟! ألَيْس ابنُ عباس مِن خِيرَةِ الصحابة؟
وقال النسائي تحت عنوان(الجمع بين الصلاتين في الحضر):أخبرنا قتيبة عن مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:صَـلَّى رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الظهرَ والعصرَ جميعًا والمغربَ والعشاءَ جميعًا مِنْ غيْرِ خوْفٍ ولا سَفَرٍ.
وقال بعده:أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ... عن سعيد بن جبير عـن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم كان يُصَلِّي بالمدينةِ، يَجْمَعُ بيْن الصلاتَيْن:بيْن الظهر والعصر والمغرب والعشاء مِن غيْرِ خوْفٍ ولا مَطَرٍ،قِيلَ له: لِمَ؟ قال: لِئَلا يَكُون على أُمَّتِهِ حَرَجٌ.
أقول:سِيَاقُ كلامِ ابنِ عباس (النبي كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين...) يَدُلُّ على أنَّ جَمْعَ النبي لَم يَكُن قليلاً بل كان ذلك سَجِيَّةً وعادَةً.
سَــابعًا:الأنبِيـــَـــاءُ عليهم الصلاة والسلام أَحْيَاءٌ يُرْزَقُون بعد الموْت:
*صحيح ابن ماجة(ج1)باب ذكر وفاته صلى الله عليه(وآله)وسلم:عن أبي الدرداء قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[أَكْثِـروا الصلاةَ عَلَيَّ يوم الجمعة،فإنه مَشْهودٌ تشهده الملائكة،وإنَّ أحدًا لن يصلي عَلَيَّ إلا عُرِضَت عَلَيَّ صلاتُه حتى يَفْرَغ منها]،قال(الراوي):قُلْتُ:وبعْدَ المَوْت؟قال:[وبعْدَ الموْت،إنَّ اللهَ حَرَّم على الأرض أنْ تَأْكُلَ أجسادَ الأنبياء،فَنَبِيُّ اللهِ حَيٌّ يُرْزَق].
ورواه ابنُ ماجة أيضًا(ج1)(ح1085)عن أوس بن أوس،ورواه عنه(ج1) (ح1636)،وروى أبو داود مثلَه(ج1)(ح1531).
ثامنًا: جَمْع القرآن الكريم:
*البخاري(ج4)باب مناقب زيد بن ثابت:عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: جَمَــــعَ القرآنَ على عَـــــــهْدِ رســـول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أرْبَعةٌ كلُّهم مِن الأنصار:أُبَيّ ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد بن ثابت .قـلتُ لأنس:مَن أبو زيد؟ قال:أحَد عمومتي.
أقول:نَقَلْتُ هذه الروايةَ لأُثْبِتَ أنَّ القرآنَ الكريمَ جُمِعَ في عهد النبي صلى الله عليه وآله وليس بعده، وأمَّا مَن أَوَّلُ جَامِعٍ له فهو أمير المؤمنين عليٌّ ،جَمَعَه مِن فَمِ رسول الله صلى الله عليه وآله كمَا ثبَت عندنا بالدليل القطعي.
وقد شَهد الحاكم النيسابوري بِأَصْلِ الجَمْع،فقد قال في المستدرك(ج2 ص611) تحت عنوان(تأليف القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله): حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النحوي(قال)حدثنا ابن أبي طالب(قال) حدثنا وهب بن جرير بن حازم (قال) حدثنا أبي قال: سمعتُ يحيى بنَ أيوب يُحَدِّث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:
كُنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله نُؤَلِّف (نَجْمَع) القرآنَ مِن الرّقاع.
قال الحاكمُ:(هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وفيه الدليلُ الواضح أنَّ القرآنَ إنما جُمِعَ في عهْدِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).انتَهَى كلامُ الحاكم.
تاسعًا: مَوْلِد الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها:
*المستدرك(ج3)ذكْر ما ثَبَت عندنا مِن أعقاب فاطمة وولادتها:أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى...سمعتُ عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي يذكر عن أبيه عن جده قال: وُلِدَت فاطمةُ رضي الله عنها سنة إحدى وأربعين مِن مَوْلِد رسول الله صلى الله عليه وآله.
أقول:أي بعد البِعْثَة بعامٍ واحدٍ على الأقل،وهذا رَدٌّ على مَن يَرَى أنها وُلِدت قبل البعثة النبوية.
عاشرًا:البِدَايَة الحقيقية لِلتاريخ الهجري:
*البخاري(ج4)باب مِن أين أرخوا التاريخ:عن سهل بن سعد قال:مَا عَدّوا مِن مَبْعَث النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم،ولا مِن وَفاتهِ،مَا عَدّوا إلا مِن مَقْدَمِه المدينةَ.
وكان قد ذكَرَ البخاري قبْلَ صفحةٍ واحدةٍ مِن هذا الباب،تحت عنوان (باب هجرة النبي صلى الله عليه[وآله]وسلم):...حتى نَزَلَ بهم في بَنِي عمرو بنِ عوف،وذلك يوم الاثنين مِن شهر ربيع الأول.روَى ذلك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير.
أقول:إذن كانت بِدَايَةُ العامِ الهجري شَهْرَ ربيع الأول فَمَن الذي غَيَّرَه حتى أصْبَحَ شَهْرَ مُحرَّم(لِيَفْرَح فيه!)وهو شهرَ افْتِجَاعِ السماء والأرض على الإمام الحسين صلوات الله عليه؟!
حادي عشر: لَيْلة القَدْر:
*البخاري(ج2)كتاب صلاة التراويح.باب فضل ليلة القدر.باب تَحَرِّي ليلة القدر في الوِتْر مِن العَشْر الأوَاخِر: ... عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال:[تَحَرَّوْا ليْلَةَ القدْرِ في الوِتْر مِن العَشْرِ الأوَاخِر مِن رمضان].
وبعده:عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:كان رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يُجَاوِر في رمضان العَشْرَ التي في وسط الشهر فإذا كان حِينَ يُمْسِي مِن عشرين ليلةً تَمْضِي ويَسْتَقبِل إِحْدَى وعشرين رَجَعَ إلى مَسْكَنهِ ورَجَع مَن كان يُجَاوِر معه،وإنه أَقَامَ في شهرٍ جَاوَرَ فِيه الليلةَ التي كان يَرْجِعُ فيها،فَخَطَبَ الناسَ فأَمَرَهم مَا شاء الله ثم قال:[كنتُ أُجَـاوِر هذه العشْـر ثم قَــد بَدَا لِي أَنْ أُجَاور هذه العشر الأوَاخِرَ فمَن كان اعْتَكَفَ معي فليَثْبُـت في مُعْتَكَفهِ ، وقد أُرِيتُ هذه الليلةَ...فابْتَغُوها في العشر الأواخـر، وابْتَغُوها في كلِّ وِتْرٍ، وقد رَأَيْتُنِي أَسْجُــد في ماءٍ وطِينٍ]، فاسْتَهَلَّت السمَاءُ في تلك الليْـلة فأَمْطَرَت، فوكف المسجد في مصلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ليلة إِحدى وعشرين،فَبَصُرَت عَيْنِي:نَظَرْتُ إِلَيْه انْصَرَفَ مِن الصُّبْـــح ووجْهُهُ مُمْتَلِئ طِينًا وماءً.
وبعده:عن عائشة قالت:كان رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يُجَاوِر في العشر الأواخر مِن رمضان ويقول:[تحرَّوا ليلةَ القدر في العشر الأواخر مِن رمضان].
وبعده:حدثنا عاصم عن أبي مجلز وعكرمة :قال ابنُ عباس رضي الله عنهما:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[هي في العشر،هي في تِسْعٍ يمضين أو في سبْعٍ يَبْقين]يعني ليلة القدر.تابَعَه عبد الوهاب عن أيوب.
أقول: في رواية البخاري السابقة عن ابن عباس ما يَدُل على أنَّ ليلة القدر قد تَكُون ليلةَ الثالث والعشرين(في سبْعٍ يَبْقَيْن)وقد وَرَدَ فيها-عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام- مَا يُؤَكِّد على أنها ليلة القدر،وورَدَ عنهم على أنها ليلةَ الحادِي والعشرين كمَا في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري الماضية،ومَا رواه الحاكمُ في المستدرك:حدثنا الأستاذ أبو الوليد الهيثم بن خلف الدوري ... حدثنا الحريث بن محشي أنَّ عليًّا قُتِلَ صبيحة إحدى وعشرين مِن رمضان، قال(الراوي): فسمعتُ الحسنَ بنَ عليٍّ يقول وهو يخطب وذَكَرَ مناقبَ عليٍّ فقال: [قُتِلَ ليْلةَ أُنْزِل القرآن وليلة أُسْرِي بعيسى وليلة قُبِض موسى].
فَالإمامُ الحسنُ عليه الصلاة والسلام يَتَحَدَّث عن أمير المؤمنين الإمامِ عليٍّ فيقول بأنه قُتِل ليلةَ أُنزِل القرآنُ،والقرآنُ الكريم أنزِل ليلة القدر، وبِما أنَّ الإمام عليًّا قُتِلَ ليلة الحادي والعشرين فتكون النتيجة أنَّ ليلة القدر هي ليلة الحادي والعشرين مِن شهر رمضان المبارك، وهذه الليلة تُعْتَبَر مِن الليالي المُحْتَمَلَة لِلَيْلَةِ القدر عندنا الإمامية،ولله الحمد رب العالمين.
ثاني عشر: زيارة أهل البقيع:
*المستدرك(ج3 - ص55 – 56)استغفاره صلى الله عليه وآله لأهل البقيع:حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن همدان الصيرفي بمرو مِن أصل كتابه ... عن أبي مويهبة مَوْلَى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: طَرَقَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ذاتَ ليْلةٍ، فقال:
[يا أبا مويهبة..انْطَلِق اسْتَغْفِر فإنِّي قد أُمِرْتُ أنْ أسْتَغفِر لأَهْلِ هــذا البَقِيع]، فانْطَلَقتُ معه، فلمَّا بَلَغَ البقيعَ قال:
[السلام عليكم يا أهلَ البقيع،لِيَهْنَ لَكُم مَا أَصْبَحْتم فيه،لو تَعْلمُون مَا أَنْجَاكم اللهُ مِنه!أَقْبَلَت الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيلِ المظلم،يَتْبَع أَوَّلَها آخِرُها]،ثم قال:[يا أبا مويهبة..إنَّ الله خَيَّرَنِي أنْ يُؤْتِيَنِي خزائنَ الأرض والخُلْد فيها ثم الجنَّة وبيْن لِقاءِ رَبِّي عز وجل]، فقلتُ:بأَبِي أنتَ وأُمِّي،فَخُذ مفاتيحَ خزائنِ هذه الأرض والخلدَ فيها ثم الجنة، قال:[كَلا يا أبا مويهبة،لقد اخْتَرْتُ لقاءَ ربِّي عز وجل]،ثم اسْتَغفَرَ لأَهْلِ البقيعِ ثم انْصَرَفَ، فلمَّا أَصْبَحَ بَدَاه شَكْوَاه الذي قُبِضَ فِيه صلى الله عليه وآله(وروى بعده مثلَه).
وروَى مسلمٌ مثلَه في أكثر مِن حديث.(كتاب الجنائز.باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها). (طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت 1423هـ).
أقول:إذن،هناك استحبابٌ لِزيارة البقيع خاصةً والاستغفار لهم كمَا أُمِر النبي صلى الله عليه وآله، وليس الأمْرُ كمَا يُصَوِّره بعضُهم مِن أنَّ زيارةَ القبور لِلْعِظَةِ والعِبْرَةِ فاكْتَفُوا بِمَوْتاكم في بلدكم ولا حاجة لِلمَجِيء إلى البقيع!
ثالث عشر:زيارة القبور والصلاة والبكاء عندها:
*المستدرك(ج3)شهادة عمر بن قيس ... :أخبرنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله الصفار ... أنَّ فاطمةَ بنت محمد صلى الله عليه وآله كانت تَزُور قبْرَ عَمِّها حمزة بن عبد المطلب في الأيام،فتُصَلِّي وتَبْكِي عنده.
وروى مسلمٌ بكاءَ النبي صلى الله عليه وآله على قبْر أُمِّه عليها السلام.(كتاب الجنائز.باب استئذان النبي صلى الله عليه-وآله-ربَّه عز وجل في زيارة أمه).(طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت 1423هـ).
رابع عشر :ميـــلاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة المشرفة:
*المستدرك(ج3)إسلام ولد حكيم بن حزام كلّهم:أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ... قال الحاكمُ:
تَوَاتَرَت الأخْبَارُ أنَّ فاطمة بنت أسد وَلَدَت أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-في جَوْفِ الكعبة.
خامس عشر:اسْتِغْفَار النبي آدَم بِحَقِّ النبي محمد صلى الله عليه وآله:
*المستدرك(ج2) اسْتِغفار آدم عليه السلام بِحَقِّ محمد صلى الله عليه وآله: حدثنا أبوسعيد...عن عمر بن الخطاب قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[لَمّا اقْتَرَفَ آدمُ الخطيئةَ قال:ياربِّ ..أسألك بِحَقِّ محمــَّــدٍ لَمَا غفرْتَ لِي،...فقال اللهُ:(صَدَقْتَ ياآدم،إنه لأَحَبُّ الخَلْقِ إلَيَّ،اُدْعُنِي بِحَقِّه فقد غفرتُ لك،ولولا محمد مَا خلقْتُك)].
سادس عشر:مُتْعَة الحَج:
*البخاري:(ج2 ص152)كتاب الحج.باب التمتع والإقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي:روى عن الحكم عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم قال:شهدتُ عثمَـانَ وعليًّا رضي الله عنهما..وعثمانُ يَنهى عن المُتْعَة وأنْ يُجْمَع بينهما، فلمَّا رَأَى عَـليًّا أَهَلَّ بهما(وقال):لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وحجة، قال(عثمانُ): مَا كُنْتُ لأَدَعَ سُنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه (وآله) وسلم لِقَوْلِ أَحَدٍ. وفي نفس الصفحة رَوَى البخاري مَا يُوَافِق مَا فَعَلَه الإمامُ عليٌّ عليه السلام في الجَمْعِ بين الحج والعمرة: عن أبي حمزة نصر بن عمران الضبعي قال: تَمَتَّعْـــتُ، فنهاني ناسٌ، فسألتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما،فأَمَرَنِي،فرَأَيْتُ في المَنَامِ كَأَنَّ رجُلاً يقول لِي:حَجٌّ مبرور وعمرة متقبلة،فأخبرتُ ابنَ عباس،فقال:سُنَّة النبي صلى الله عليه (وآله)وسلم.
وروى في الصفحة التالية عن سعيد بن المسيب قال: اختَلَفَ عليٌّ وعثمانُ رضي الله عنهما -وهما بسعفان- في المتعة،فقال عليٌّ: مَا تُرِيد إلى أنْ تَنْهَى عن أَمْرٍ فَعَلَه النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم؟!
قال(الرَّاوي): فلمَّا رَأَى ذلك عليٌّ أَهَلَّ بهما جميعًا.
(ورَوَى مثلَه في(ج4)في باب أيام الجاهلية.وهو بعد باب الفضائل بقليل).
وروى في نفس الصفحة (ج2 ص153)باب مَن لبَّى بالحج وسمَّاه:عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قَدِمْنا مع رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك بالحج.فأَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم فجعلناها عمرة.
وروى البخاري رواياتٍ أخرى في نفس هذه الصفحات وما بعدها(كثيرة جدًّا..عن عائشة وابن عمر)تَدُلُّ على جَوَاز الجَمْع بين الحج والعمرة إنْ لم تَدُل على الوجوب لِمَن هُم خارج مكة المكرمة كما نقول نحن الشيعة الإمامية.
سابع عشر: جَلْسَة الاستِرَاحَة:
*البخاري(ج1)كتاب الأذان.باب وجوب صلاة الجماعة.تحت بابٍ فَرْعِيٍّ عنوانُه: باب من صلى وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم:عن أيوب عن أبي قلابة قال:جَـاءنا مالك بن الحويرث في مسجِدنا هذا فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيتُ النبــيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم يصلي.فقلتُ لأبي قلابـة: كيف كَان يصلي؟ قال: مثل شيخنا هذا.قال:وكان شيخُنا يَجْلِس إذا رَفَعَ رأسَه مِن السجود قبل أنْ يَنْهَضَ في الركعة الأولى.
ثامن عشر: الخُمْس:
*البخاري(ج1)كتاب الإيمان.باب أداء الخمس من الإيمان:حدثنا علي بن الجعد ... عن أبي حمزة قال:كُـنتُ أقعد مع ابنِ عباس،يُجْلسُني على سريره، فقال: أَقِم عندي حتى أجْعَلَ لك سَهْمًا مِن مالي،فـأقَمْتُ معه شهرَين 0 ثم قال:إنَّ وَفْدَ عبد القيس لَمَّا أَتَـوا النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم قال:[مَن القوم أو مَن الوفد؟] قالوا:ربيعة.قال:[مرحبًا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولاندامى].فقالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام،وبيننا وبينك هذا الحـَـيّ مِن كفار مضر،فَمُرْنا بأمْرٍ فَصْلٍ،نُخْبِر به مَن وراءنا وندخل به الجَنة.وسألوه عن الأشربة0فأمَرَهم بأرْبع ونهَــاهم عن أربع:أمَرَهم بـ ... وأنْ تُعْطُوا مِن المَغْنَمِ الخُمْسَ0ونهاهم عن ... .
أقول: لاحظوا كلمةَ(المَغْنَم)فهي تَعْنِي كلَّ مَا يَغْنَمه الإنسانُ وَيَرْبَحه-كما عن أهل اللغة، ولا ذِكْرَ لِلحَرْبِ في هذه الرواية أصْلاً حتى تُفَسَّر بغنائم الحرب.
ورواه في(ج1)أيضًا في كتاب العلم.باب تحريض النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويُخْبِرُوا به مَن وراءهم.
تاسع عشر:تَشْرِيع الأذَان:
*المستدرك(ج3)فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب:حدثني نصر بن محمد العدل ... عن سفيان بن الليل قال لمَّا كان مِن أمْرِ الحسنِ بنِ عليٍّ ومعاوية مَا كان قَدِمْتُ عليه المدينةَ وهو جالسٌ في أصحابه ... قال(الراوي): فتَذاكَرْنا عنده الأَذانَ، فقال بعضُنا:إنَّمَا كان بدْءُ الأذانِ رُؤْيَا عبدِ الله بنِ زيد بن عاصم،فقال له الحسنُ بنُ علي:
إنَّ شَأْنَ الأذانِ أَعْظَمُ مِن ذلك، أَذَّنَ جبريلُ عليه السلام في السماءِ مثنى مثنى،وعَلَّمَه رسولَ الله صلى الله عليه وآله ... فأَذَّنَ الحسنُ حِين وَلَّى.
عشْرون: حَرْب الجَمَل:
*البخاري(ج5)كتاب المغازي.كتاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى كسرى وقيصر:عن أبي بكرة قال:نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ سمعتُها مِن رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسـلم أيّامَ الجمَل، بعدما كِدْتُ أَلْحَقَ بِأَصْحاب الجمل فأقاتل معهم، قال (أبو بكرة):لَمَّا بَلَغَ رسـولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم أنَّ أهْلَ فارِسَ قد مَلَّكُوا عليهم بنتَ كسرى قال :
[لَنْ يُفْـلِح قـوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهم امْرَأَةً].
حادي وعشرون: حَرْب صِفِّين و مَقْتَلُ عَمَّار بن ياسر رضي الله عنه:
*المستدرك (ج 3)مناقب عمار بن ياسر رضي الله عنه: حدثني علي بن عيسى الحيري ومحمد بن موسى الصيدلاني(قالا)...عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[ابْن سُمَيَّة .. مَا عُرِضَ عليه أَمْرَان قَطُّ إِلا أَخَذَ بِالأَرْشَدِ منهما].
وقال الحاكمُ بعده:وله متابع مِن حديثِ عائشة رضي الله عنه(أخبرناه)أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي...عطاء بن يسار عن عائشة قالت:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[مَا خُيِّرَ عمَّار بيْن أَمْرَيْنِ إِلا اخْتَارَ أَرْشَدَهُمَا].
*وقال في هذا الباب: ... عـن لؤلؤة مولاة أم الحكم ابنة عمار ابن ياسر قالت: لمَّا كان اليوم الذي قُتِـلَ فيه عمَّارُ بنُ ياسر،والرَّايَة يَحْمِلُها أبو هاشم بن عتبة، وقد قُتِلَ أصحــاب عَلِيٍّ رضي الله عنه ذلك اليـــوم، حتى كان العصرُ،ثم تَقدَّمَ عمَّـارُ بنُ يَـــاسر ورأى أبا هاشم يقدمه، وقد جَنَحَت الشمسُ لِلْغُرُوب،ومع عمَّار ضيح مِن لَبَنٍ،يَنْتَظِر غرُوبَ الشمسِ أَنْ يفطر، فقال حين غَرُبَت الشمسُ وشَرِبَ الضيحَ : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:
[آخِرُ زَادِك مِن الدنيا ضيحٌ مِــن لَبَنٍ]،قال:
ثم أقرب فقَاتَل حتى قُتِلَ وهو ابن أربع وتسعين سنة*قال ابــن عمرو:حدثني عبد الله بن الحارث عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابـــت ... (قال خزيمةُ بن ثابت):سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول(عَن عَمَّار):
[تَقْتُلُك الفِئَةُ البَاغِيَةُ] ... وكـان الذي قَتَلَ عمارًا أبو غادية المزني،طَعَنَه بالرُّمْح، فسَقَطَ فقَاتَلَ حتى قُتِلَ.وكـان يومئذٍ يُقَاتل وهو ابن أربع وتسعين،فلمَّا وَقَعَ كَبَّ عَلَيْه رَجُلٌ آخرُ فاحْتَـــــزَّ رَأْسَه،فأَقْبَلا يَخْتَصِمَان:كلٌّ منهما يقول: أَنا قَتَلْتُه،فقال عمرُو بنُ العاص:واللهِ إِنْ يَخْتَصِمَان إلا في النَّارِ.ثم قال ابنُ عمرو: حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون قال:أَقْبَلَ عمَّارٌ وهو ابْن إحدى وتسعين سنة، وكـان أَقْدَم في البلاد مِن رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان أَقْبَلَ إِلَيْه ثلاثــةُ نَفَرٍ:عقبة بن عامر الجهني وعمر بن الحارث الخولاني وشــريك بن سلمة،فـانْتَهَوا إليه جميعًا،وهو يقول:
والله لو ضَرَبْتُمُونا حتى تَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَـاتِ هَجرَ لَعَلِمْنا أَنَّا على الحَقِّ وأنْتُم على البَاطِل.فحَمَلُوا عليْه جميعًا،فقَتَلُـوه،وزَعَمَ بعضُ الناس أَنَّ عقبة بن عامر الذي قَتَلَه، ويُقَال: بل قَتَلَه عمرُ بــن الحارث الخولاني،قال ابنُ عمرو:الذي أُجْمِعَ عليْه في عمَّارٍ أَنَّه قُتِلَ مع عَـلي بن أبي طالب رضي الله عنهما بِصِفِّين في صفر،سنة سبْعٍ وثلاثين،وهو ابن ثلاث وتسعين سنة،ودفن هناك بصفين.
وقال الحاكمُ بعده:أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصنعاني ... قال: لمَّا قُتِلَ عمَّارُ بن ياسر دَخَلَ عمرُو بن حزم على عمرِو بنِ العاص فقال:قُتِلَ عمارٌ،وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:
[تقتله الفئةُ الباغيةُ]فقام عمرُو فَزِعًا،حتى دَخَلَ على معاوية،فقال له معاويةُ:ما شَأْنُك؟ فقال: قُتِلَ عمارُ بن ياسر؟!فقال(معاوية):
قُتِلَ عمارٌ،فَإِذًا(أَيْ فَمَا المُشْكِلَة)؟!
فقال عمرُو:سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول:[تقتله الفئة الباغية]، فقال له معاويةُ:
أَنَحْنُ قَتَلْنَاه؟ إِنَّمَا قَتَلَه عَلِيٌّ وأصحابُه،جَاؤُوا بِهِ حتـَّــى أَلْقَوْهُ بيْن رِمَاحِنا أو قال سُيُوفِنـــا.
قال الحاكمُ:صحيح على شرطهمــا ولم يخرجاه بهذه السياقة.
أقول:لا تَعْلِيقَ على كلام معاوية.
وقال بعده:أخبرنا أبو زكريا العنبري ... قال أبو عبد الرحمن السلمي: شَهِدْنا صِفِّين، فكُنَّا إذا تَوَادَعْنا دَخَلَ هؤلاء في عَسْكَر هؤلاء وهؤلاء في عسكر هؤلاء فرَأَيْتُ أربعةً يَسِيرُون معاوية بن أبي سفيان وأبو الأعور السلمي وعمرو بن العاص وابنه،فسمعتُ عبدَ الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو: قد قَتَلْنَا هذا الرَّجُلَ وقد قال رسـولُ الله صلى الله عليه وآله فيه مَا قال؟! قال:أَيُّ الرَّجُل؟قال:عمار بن يـــاسر، أَمَا تَذْكُر يوْمَ بَنَى رسولُ الله صلى الله عليه وآله المسجدَ،فكُنَّــــا نَحْمِل لُبْنَةً لُبْنَةً وعمارُ يَحْمِل لُبْنَتَيْنِ لبنتين، فمَرَّ على رسول الله صلى الله عليه وآله يَحْمل لبنتين لبنتين-وأنتَ مِمَّن حَضَرَ–قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[أَمَا إنك سَتَقْتُلُك الفئةُ الباغِيَةُ،وأنتَ أهْلُ الجَنَّة]، فــدَخَل عمرو على معاوية فقال:قَتَلْنا هذا الرجلَ،وقد قال فيه رسولُ الله صــلى الله عليه وآله ما قال؟!
فقال(معاويةُ): اسْكُتْ،فواللهِ مَا تَزَال ترحض في بَوْلِك، أَنَحْنُ قَتَلْناه؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وأصحابُه،جَاؤُوا بهِ حتى أَلْقَوْهُ بَيْنَنَا!
وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ... عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أَنَّ رَجُلَيْن أَتَيَا عمرَو بنَ العاص يَخْتَصِمَان في دَمِ عمارِ بنِ ياسر وسَلْبهِ، فقال عمرو: خَلِّيَا عنْه فإنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله يقول: [اللهم أُولِعَت قريشٌ بِعَمَّارٍ،إِنَّ قاتِلَ عمَّارٍ وسَالِبَهُ في النَّار].
*البخاري (ج3) كتاب الجهاد والسير. باب مسح الغبار عن الناس في السبيل: حدثنا إبراهيم بن موسى ... وكان عَمَّارٌ يَنْقُل لبْنَتَيْن لبنتين، فَمَرَّ به النبيُّ صلى الله عليه(وآله) وسلم، ومَسَحَ عن رأسه الغبارَ وقال:
[وَيْحَ عمار، تَقْتُلُه الفِئَةُ الباغِيَةُ، عمـــارٌ يَدْعُوهم إلى الله ويدعونه إلى النار].
وروى مثلَه(ج1 كتاب الصلاة.باب فضل استقبال القبلة. باب التعاون في بناء المسجد) عن أبي سعيد.
*مسلم (ج8) كتاب الفتن وأشراط الساعة. باب لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء:...وحدثني محمد بن عمرو بن جبلة ... أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لِعمار:
[تَقْتُلك الفئةُ الباغيـــــــة].وحدثني إسحاق بن منصور...بِمثلِه. وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... عن أم سلمة، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[تَقْتُل عمارًا الفئةُ الباغية].
*الترمذي (ج5) مناقب عمار بن ياسر رضي الله عنه (ح3888): حدثنا أبو مصعب المديني...عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:
[أَبْشِرْ ياعمار تقتلك الفئةُ الباغيةُ].
وفي الباب عن أم سلمة وعبدالله بن عمرو و أبي اليسر وحذيفة.
ثاني وعشرون:إِلْحَاق لَفْظ(عليه السلام)لأَسْمَاءِ أهْلِ البيت عليهم السلام:
وَجَدْتُ ستةً وعشرين مَوْضِعًا في كتاب(صحيح البخاري)أَلْحَقَ البخاري - في رِوَايَتِه -لَفْظَ(عليه السلام)لأَسْمَاءِ بَعْضِ مَن ذَكَرَهم مِن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام،وهذا نَصُّ كلامِه:
1-(ج2 ص 43)- بعْد كتاب الكسوف - باب التهجد بالليل.باب تحريض النبي على صلاة الليل والنوافل مِن غير إِيجَابٍ وطَرْق النبي باب فاطمةَ وعَلِيٍّ عليهما السلام لَيْلَةً للصلاة.
2-(ج3 ص 229) كتاب الجهاد والسِّيَر. باب لبْس البيضة:... فكانت فاطمة عليها السلام ... .
3-(ج3) كتاب الهبة.باب إذا وهب دينًا على رجل:... الحسن بن علي عليهما السلام... .
4-(ج4) أوَّلُ بابِ فَرْضِ الخمس : ... حسين بن علي عليهما السلام ... .
5-(ج4 في أَوَّلِه ص 42) :باب فرْض الخمس:... أن فاطمة عليها السلام ... .
6-(ج4 ص 47) : ... فاطمة عليها السلام ... .
7-(ج4 ص 48) : ... فاطمة عليها السلام ... .
8-(ج4 ص 71) : ... جاءت فاطمة عليها السلام ... .
9-(ج4 ص 208) : ... فاطمة عليها السلام ... .
10-(ج4)باب مناقب المهاجرين وفضلهم.باب منقبة قرابة رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم.
11-(ج4) الباب السابق: ... أن فاطمة عليها السلام ... .
12-(ج5) كتاب المغازي.باب حديث بني النضير...(ص24):... أن فاطمة عليها السلام ... .
13-(ج5) كتاب المغازي.باب غزوة أحد (ص28):...كانت فاطمة عليها السلام ... .
14-(ج5) كتاب المغازي.باب غزوة خيبر (ص82):...أن فاطمة عليها السلام ... .
15-(ج5) باب مرض النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم (ص 138):... فاطمة عليها السلام ... .
16-(ج5) الباب السابق (ص 144) : ... فقالت فاطمة عليها السلام ... .
17-(ج5) الباب السابق (ص 144) : ... قالت فاطمة عليها السلام ... .
18-(ج6) باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (ص 101):... فاطمة عليها السلام ... .
19-(ج6) كتاب النكاح.باب لا يتزوج أكثر من أربع:...علي بن الحسين عليهما السلام ... .
20-(ج6) كتاب النفقات.باب عمل المرأة في بيت زوجها (ص192):...فاطمة عليها السلام... .
21-(ج6) كتاب النفقات.باب خادم المرأة : ... فاطمة عليها السلام ... .
22-(ج7) كتاب الطب (ص 11):...فاطمة عليها السلام ... .
23-(ج7) كتاب الأدب.باب التبسم والضحك (ص 92):... فاطمة عليها السلام ... .
24-(ج7) كتاب الاستئذان. باب القائلة في المسجد (ص 140):...فاطمة عليها السلام... .
25-(ج7) كتاب الاستئذان.باب من ناجى بين يدي الناس ولم يخبر بسر صاحبه فإذا مات أخبر (ص141):...فاطمة عليها السلام... .
26-(ج7)كتاب الدعوات.باب التكبير والتسبيح عند المنام:... فاطمة عليها السلام ... .
وفي نهاية هذا التِّطْوَاف -أيها المؤمنـون- فإني أحمد الله كثيرًا على توفيقِه، ولَسْتُ أَدَّعِي أنِّي اسْتَقْصَيْتُ جميعَ ما في هذه الكُتُـب مِمَّا يَتَعلّق بِأَهلِ بيتِ العصمة صلوات الله عليهم ولكني ذَكَرْتُ مَا يَكْفِي منه، وصلى الله على سيدنـا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيَّته في العَالمَـِين إمام الزمان صلوات الله عليه.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
الخاتمة
أختم أوراقي بِبَعْضِ مَا تفضَّل اللهُ به - مِن نَظْمٍ - عَلَيَّ أَنَا راجِي الحَضْرَتَيْن (الحَضْرَة النَّبَوِيَّة وحَضْرَة البَقِيع):
* القصيدة العَلَوِيَّة:
أَشَرْتُ إلى خمسَ عشرةَ دلالَة -مِمِّا لا يُحْصَى مِن الدلالات- على أفضلية وأحقية أمير المؤمنين عليٍّ بمَنْصِب الخلافة الإلهية بعد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله .. سأرقِّم أماكنَ الإشارات في الأبيات، ثم سأذكر هذه الأدلة بعد الفراغ مِن القصيدة إن شاء الله تعالى:
شـادِنٌ يَسْكُـنُ فيْحـاءَ..يُجَـلِّيها النَّظَـرْ
نَجْمُـهُ قدْ جَـالَ في العَلْيَا فأَصْـفَى مِنْ كَدَرْ
سِرُّهُ قـدْ كُنَّ فِيـهِ مُنْــذُ آذانِ الصِّغَــرْ
حُبُّــهُ قـدْ خُـطَّ في القَلْـبِ زَمـانَ الأزَلِ
فَـوَلِيُّ اللهِ (1) دَاعِيــهِ إِلَــهُ العالَمِــينْ
بَعْدَ أنْ جَادَ بمَـا يَلْبَـسُ في كَفِّ اليَمِيـــنْ
وَنَـوَى اللهَ بمَــا أنْفـقَ كَسْبــاً لِلحَنِيـنْ
مَـنْ تَــوَلاهُ نَجَــا رَغْـمَ قُصُـورِ العَمَلِ
صَــادِقٌ (2)مَتْبُـوعُ في كُلِّ فِعـالٍ وَعَمَـلْ
وَفِدَاهُ ذَاقَ ( 3 ) ذاكَ الرِّجْـسُ ما كـانَ سَألْ
شَاهِـدٌ (4)يَتْلُـو رَسُـولَ اللهِ لا يَأْلُو الوَجَـلْ
طاهِرٌ(5)،هَادٍ(6) سَبِيلَ الرُّشْدِ،نَفْسُ (7) الرُّسُلِ
وَهْوَ(8) حَبْلُ اللهِ مَمْدُودٌ، وَعِلْمُ(9)الكُتْبِ حَاوِي
خَيْرُهُمْ(10)طُرًّا ،وَهَلْ(11)يَنْجُو حَقُودٌ له قَالِي
قُرْبُهُ(12)قَدْ أَوْجَبَ الحُـبَّ لَهُ مِنْ كُلِّ نَـاوِي
أُذُنٌ(13) وَاعِيَــةٌ تَصْـغَى إلى كُـلِّ عَـلِي
قَدْ شَرَى (14)نَفْسَـهُ لِلهِ فِــدَاءً لِلرَّسُـولْ
حَيْثُ بَـاتَ اللَّيْلَ لا يَخْشَـى رِجالاً أوْ نُصُولْ
وَهْوَ مَنْ أُنْزِلَ فِيهِ:(هَلْ أَتَى)(15)حَتَّى البَتُولْ
مَـعَ سِبْـطَيْنِ كَـرِيمَيْنِ.كَفــاكُمْ عَـذَلِي
* لَوْ جَعَلْـتُ البَحْرَ حِبْـراً وَالأقالِيـمَ وَرَقْ
وَاسْتَعَنْـتُ الخَلْــقَ طُـرّاً لِيُوَفُّـوا لَهُ حَـق
وَأَعَدْتُ الكَرَّ عَـدّاً ضُعُفـاً،أبْغِـي السَّبَـقْ
مَـا أَتَيْـتُ العُشْـرَ مِـنْ فَضْـلٍ لِهذا الرَّجلِ
ذا عَلِيٌّ00ذا عَلِيٌّ00 ذا عَلِي
(1) إشارةً إلى قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومَن يتول اللهَ ورسولَهُ والذين آمنوا فإنَّ حزب الله هم الغالبون} سورة المائدة (55،56)0
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكـونوا مع الصادقين} سورة التوبة (119)0
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليـس له دافع} سورة المعارج (1،2)0
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {أفمـَن كان على بيِّنة من ربه ويتلوه شاهِدٌ منه} سورة هود (17)0
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهـل البيت ويطهركم تطهيراً} سورة الأحزاب (33)0
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {إنما أنت مُنذِرٌ ولِكلِّ قوْمٍ هَادٍ} سورة الرعد (7)0
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فمَن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعـل لعنة الله على الكاذبين} سورة آل عمران(61)0
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا} سورة آل عمران (103)0
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومَـن عنده علم الكتاب} سورة الرعد (43)0
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريَّة} سورة البينة(7)0
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} سورة الصافات(24)0
(12) إشارة إلى قوله تعالى: {قُل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} سورة الشورى (23)0
(13) إشارة إلى قوله تعالى: {وتعيها أذن واعية} سورة الحاقة (12)0
(14) إشارة إلى قوله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} سورة البقرة (207)0
(15) وهي سورة الإنسان التي نزلت في الأربعة الأطهار(علي وفاطمة والحسن والحسين) عليهم الصلاة والسلام أجمعين في قصة التَّصَدُّق على المسكين واليتيم والأسير، وهي معروفة في كتب التفاسير0
* إشارة إلى ما رواه أخطبُ خوارزم مِن علماء العامَّة بإسناده إلى ابن عباس رضوان الله عليه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
[لَوْ أنَّ الرِّياضَ أقلامٌ والبَحْرَ مِدادٌ والجِنَّ حُسَّابٌ والإنْسَ كُتَّابٌ ما أحْصَوا فضائلَ علي ابن أبي طالب]0
* نُورُ الأَنْجُم:
عَصَمَ اللهُ لنـا مِـنْ هاشـمٍ * خمْسـةً ، يَنْبُـو لديهم كَلِمِي
وَتَلتْهُـمْ تِسْعَــةٌ بعدهـمُ * مَـا لهُمْ مِـثْلٌ بفِكْـرٍ أو دَمِ
فرسولُ الله طَــهَ أحمــدُ * حاطِمُ الشِّرْكِ ، طَبِيبُ السَّقمِ
ثم يَـأْتي بعْـده حيــدرةٌ * ثمَّ زهــراءُ بَتُـولُ الأُمَـمِ
فكريمُ البيتِ مَـنْ لِصُلحِـهِ * مَعَ سُفيـانَ تَمَـامُ السَّلَـمِ
فشَهِيدُ الحـقِّ مَـن بسَيْـفِه * ظَـلَّ لِلإسـلام أعـلى شَمَمِ
ثم يَجْلُـو زيْنُهـم سادِسُهـم * مذهبَ الشَّـكِّ وزيْغَ الظُّلَـمِ
ويُنَمِّـي في الجَـلاءِ بــاقِرٌ * يُسْفِـرُ الحْـقَّ بِنُور الأنجُـمِ
يَبْسُطُ العِلـمَ إمَـامٌ صـادقٌ * يـرتوي مِـن نهْلِه كلُّ فـمِ
ثم موسـى بعـده بكَظمِــه * غَيْظـه أسْفـرَ وَجْهُ الحُلُـمِ
وعَــلِيٌّ لِلرِّضـا مَصْـدرُهُ * قد دَعَا – حقّاً – لِزَيْنِ الشِّيَمِ
وجَـوادٌ يَــدُهُ مَبْسُوطـةٌ * يَـرْتُقُ الفتْـقَ ببـرِّ الكَـرَمِ
ثم هَـادِ النَّـاس مِن كُلِّ ضـلالٍ وَمُرَبِّيهِمْ على كُلِّ سَمِـي
الـذي أتْقـنَ حِفْـظَ الدِّيـن والمذهَـبِ مِـن مُسْتَعْـدِمِ
ثـم يَأْتِـي حَسَنٌ زَكِيُّهُـمْ * حَفِـظَ الدِّيـنَ بحِفْظِ العَلَمِ
قـائمِ المَعْـدَنِ ذاكَ المُرْتَجَـى * وَسَمِيِّ المُصطفـى خَيْرِ سَمِي
* اللِّوَاءُ لِوَائي:
تجرَّأتُ – وأستغفر الله تعالى – وكتبتُ هذه الأبياتَ على لِسان أمير المؤمنين الإمام علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه مُصَوِّراً إيّاه يتحدَّث عن نفسه مُشيراً إلى ما جمعه السيد الرضي – قده – مِن كلماته وخطبه والموسومة بـ (نهج البلاغة) ، فأقول راجياً منه الشفاعة:
تَفتَـرُّ في فَلَـكِي حَروف هجائي * مِثْلَ افْتِـرَار الكَوْكَـبِ القَـذَّاءِ
وتَدُورُ مُعْلِنَـةً صُـرَاحَ ذلُولِـها * لِمَـكانِ أفكَـارِي وَرِقِّ هَـوائِي
واللهِ ما ازْوَرَّت تبِيـنُ لِمَنْطِقِـي * ما انْماثَ عَنْها الزَّيْف قبْلَ هجائي
فـإذا أرَدْتُ صِيَـاغَها وَنِظامَهـا * هَبَطـتْ عَلـــيَّ كَدِيمَةٍ نَهْلاءِ
وَحْيُ الكَلامِ يَسُوقهُ لِي مَنْبَعِــي * مِن آلِ هاشِـمَ،أرْتَويهِ كَمَــاءِ
تَتَسَابَقُ الكلماتُ بَيْنَ جَوانِحِــي * حَتَّى تُلبِّـي بَيْنَـها أصْدائــي
حَتَّى تَفِيقَ عَلى خِطَـابِي أجْيُــلٌ * وَتَهُـشُّ أخْرَى،وَاللواءُ لِوائـي
نَهْجُ البلاغةِ بانَ أصْبـحُ وجْهِـهِ * لِيَقُولَ: إنَّ العِلمَ فِي أحْشائــي
* المُنْقِذُ صلوات الله عليه:
أَبَعْدَ الحسَـينِ السِّبْط يُنتَظَـرُ الأمْـرُ * فـلا دامَ مِن بعد الحسـين لَنَا دَهْرُ لقدْ أفجَعَ الإسلامَ مُذْ غَـابَ نُـورُهُ *فهَلْ يُرْتَجَى يَـا مَهْدِ مِنْ بَعْـده صَبْرُ
أَطـاحَتْ عُروشُ الغَيِّ أرْكانَ دِينِكم *فزَالَـتْ،فلَيْسَ اليَوْم مِن نُـورهِ خُبْرُ
فَإنْ عاقكَ الأنْصارُ فالْحَق بمَنْ مَضَـى * حُسَيْـنٍ عَلا حَرْباً وَأنْصَـارُهُ قصْرُ
إلامَ التَّنائي - ياإمامُ - وَهذه الأفـاعي تَوَلَّـتْ ،وَالدُّنََـى كُلُّـها سُكْــرُ
لقدْ أصْبَحَ الأتْبَـاعُ لُقْمَـاتِ ظـالمٍ * فَعَجِّلْ ، فَليْسَ اليوم مِنْ صَبْرِكم صَبْرُ
أَلَيْسَ الحسـينُ اْغْتِيـلَ ذَوْداً لِدينِكم * فَعَجِّـل ، فَذَا الإسلامُ حُزَّتْ لهُ نَحْرُ
*خطر التلفزيون:
قَدْ صَيَّـرَ التِّلْفَـازُ قَلْبَ العَـانِي * أُرْجُــوزَةً لِلْفِسْــقِ والإيمَـانِ
يَغْدُو يُؤَرْجِحُهُ الهَـوَى بَعْدَ التُّقَـى * ويَـرُوحُ لا يَبْغِي سِـوَى الشَّيْطَانِ
الخَيْـرُ يَجْذِبُـهُ فَيَغْصبُـه العُـرِي * صـارَت رُؤَاهُ تَجَـاذُبَ الحِبْـلانِ
أَنَّـى لِصَـائِرِه يَبِـيتُ بِهَــدْيِهِ * مَـادَامَ مَصْـرُوعًا عَلَى الفَنَّـانِ
أَنَّـى لِنَــاشِئِنَا يَثُـوبُ لِرُشْـدِهِ * مَـادَامَ صَافِي السُّمِّ بِالأَحْضَـانِ
أَضْحَى لِفِكْرِ البَعْضِ صَدْرًا مُرْضِعًا * هَـالُوا عَلَيْـهِ صَنِيـعَةَ الرُّضْـعَانِ
مَهْمَا أُفِيضُ فَلَسْتُ أُحْصِـي شَـرَّه * فَاسْتَمْسِكُــوا بِبَقِيَّـةِ الرَّحْمَـنِ
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيته في العالَمِين إمام الزمان عجل الله فرَجَه الشريف.
كَتَبَه أضْعَفُ العباد إلى الله تعالى سلمان بن مبارك الجميعة عَفَا الله عنه وعن والديه وعن جميع المؤمنين والمؤمنات.
أختم أوراقي بِبَعْضِ مَا تفضَّل اللهُ به - مِن نَظْمٍ - عَلَيَّ أَنَا راجِي الحَضْرَتَيْن (الحَضْرَة النَّبَوِيَّة وحَضْرَة البَقِيع):
* القصيدة العَلَوِيَّة:
أَشَرْتُ إلى خمسَ عشرةَ دلالَة -مِمِّا لا يُحْصَى مِن الدلالات- على أفضلية وأحقية أمير المؤمنين عليٍّ بمَنْصِب الخلافة الإلهية بعد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله .. سأرقِّم أماكنَ الإشارات في الأبيات، ثم سأذكر هذه الأدلة بعد الفراغ مِن القصيدة إن شاء الله تعالى:
شـادِنٌ يَسْكُـنُ فيْحـاءَ..يُجَـلِّيها النَّظَـرْ
نَجْمُـهُ قدْ جَـالَ في العَلْيَا فأَصْـفَى مِنْ كَدَرْ
سِرُّهُ قـدْ كُنَّ فِيـهِ مُنْــذُ آذانِ الصِّغَــرْ
حُبُّــهُ قـدْ خُـطَّ في القَلْـبِ زَمـانَ الأزَلِ
فَـوَلِيُّ اللهِ (1) دَاعِيــهِ إِلَــهُ العالَمِــينْ
بَعْدَ أنْ جَادَ بمَـا يَلْبَـسُ في كَفِّ اليَمِيـــنْ
وَنَـوَى اللهَ بمَــا أنْفـقَ كَسْبــاً لِلحَنِيـنْ
مَـنْ تَــوَلاهُ نَجَــا رَغْـمَ قُصُـورِ العَمَلِ
صَــادِقٌ (2)مَتْبُـوعُ في كُلِّ فِعـالٍ وَعَمَـلْ
وَفِدَاهُ ذَاقَ ( 3 ) ذاكَ الرِّجْـسُ ما كـانَ سَألْ
شَاهِـدٌ (4)يَتْلُـو رَسُـولَ اللهِ لا يَأْلُو الوَجَـلْ
طاهِرٌ(5)،هَادٍ(6) سَبِيلَ الرُّشْدِ،نَفْسُ (7) الرُّسُلِ
وَهْوَ(8) حَبْلُ اللهِ مَمْدُودٌ، وَعِلْمُ(9)الكُتْبِ حَاوِي
خَيْرُهُمْ(10)طُرًّا ،وَهَلْ(11)يَنْجُو حَقُودٌ له قَالِي
قُرْبُهُ(12)قَدْ أَوْجَبَ الحُـبَّ لَهُ مِنْ كُلِّ نَـاوِي
أُذُنٌ(13) وَاعِيَــةٌ تَصْـغَى إلى كُـلِّ عَـلِي
قَدْ شَرَى (14)نَفْسَـهُ لِلهِ فِــدَاءً لِلرَّسُـولْ
حَيْثُ بَـاتَ اللَّيْلَ لا يَخْشَـى رِجالاً أوْ نُصُولْ
وَهْوَ مَنْ أُنْزِلَ فِيهِ:(هَلْ أَتَى)(15)حَتَّى البَتُولْ
مَـعَ سِبْـطَيْنِ كَـرِيمَيْنِ.كَفــاكُمْ عَـذَلِي
* لَوْ جَعَلْـتُ البَحْرَ حِبْـراً وَالأقالِيـمَ وَرَقْ
وَاسْتَعَنْـتُ الخَلْــقَ طُـرّاً لِيُوَفُّـوا لَهُ حَـق
وَأَعَدْتُ الكَرَّ عَـدّاً ضُعُفـاً،أبْغِـي السَّبَـقْ
مَـا أَتَيْـتُ العُشْـرَ مِـنْ فَضْـلٍ لِهذا الرَّجلِ
ذا عَلِيٌّ00ذا عَلِيٌّ00 ذا عَلِي
(1) إشارةً إلى قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومَن يتول اللهَ ورسولَهُ والذين آمنوا فإنَّ حزب الله هم الغالبون} سورة المائدة (55،56)0
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكـونوا مع الصادقين} سورة التوبة (119)0
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليـس له دافع} سورة المعارج (1،2)0
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {أفمـَن كان على بيِّنة من ربه ويتلوه شاهِدٌ منه} سورة هود (17)0
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهـل البيت ويطهركم تطهيراً} سورة الأحزاب (33)0
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {إنما أنت مُنذِرٌ ولِكلِّ قوْمٍ هَادٍ} سورة الرعد (7)0
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فمَن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعـل لعنة الله على الكاذبين} سورة آل عمران(61)0
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا} سورة آل عمران (103)0
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومَـن عنده علم الكتاب} سورة الرعد (43)0
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريَّة} سورة البينة(7)0
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} سورة الصافات(24)0
(12) إشارة إلى قوله تعالى: {قُل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} سورة الشورى (23)0
(13) إشارة إلى قوله تعالى: {وتعيها أذن واعية} سورة الحاقة (12)0
(14) إشارة إلى قوله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} سورة البقرة (207)0
(15) وهي سورة الإنسان التي نزلت في الأربعة الأطهار(علي وفاطمة والحسن والحسين) عليهم الصلاة والسلام أجمعين في قصة التَّصَدُّق على المسكين واليتيم والأسير، وهي معروفة في كتب التفاسير0
* إشارة إلى ما رواه أخطبُ خوارزم مِن علماء العامَّة بإسناده إلى ابن عباس رضوان الله عليه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
[لَوْ أنَّ الرِّياضَ أقلامٌ والبَحْرَ مِدادٌ والجِنَّ حُسَّابٌ والإنْسَ كُتَّابٌ ما أحْصَوا فضائلَ علي ابن أبي طالب]0
* نُورُ الأَنْجُم:
عَصَمَ اللهُ لنـا مِـنْ هاشـمٍ * خمْسـةً ، يَنْبُـو لديهم كَلِمِي
وَتَلتْهُـمْ تِسْعَــةٌ بعدهـمُ * مَـا لهُمْ مِـثْلٌ بفِكْـرٍ أو دَمِ
فرسولُ الله طَــهَ أحمــدُ * حاطِمُ الشِّرْكِ ، طَبِيبُ السَّقمِ
ثم يَـأْتي بعْـده حيــدرةٌ * ثمَّ زهــراءُ بَتُـولُ الأُمَـمِ
فكريمُ البيتِ مَـنْ لِصُلحِـهِ * مَعَ سُفيـانَ تَمَـامُ السَّلَـمِ
فشَهِيدُ الحـقِّ مَـن بسَيْـفِه * ظَـلَّ لِلإسـلام أعـلى شَمَمِ
ثم يَجْلُـو زيْنُهـم سادِسُهـم * مذهبَ الشَّـكِّ وزيْغَ الظُّلَـمِ
ويُنَمِّـي في الجَـلاءِ بــاقِرٌ * يُسْفِـرُ الحْـقَّ بِنُور الأنجُـمِ
يَبْسُطُ العِلـمَ إمَـامٌ صـادقٌ * يـرتوي مِـن نهْلِه كلُّ فـمِ
ثم موسـى بعـده بكَظمِــه * غَيْظـه أسْفـرَ وَجْهُ الحُلُـمِ
وعَــلِيٌّ لِلرِّضـا مَصْـدرُهُ * قد دَعَا – حقّاً – لِزَيْنِ الشِّيَمِ
وجَـوادٌ يَــدُهُ مَبْسُوطـةٌ * يَـرْتُقُ الفتْـقَ ببـرِّ الكَـرَمِ
ثم هَـادِ النَّـاس مِن كُلِّ ضـلالٍ وَمُرَبِّيهِمْ على كُلِّ سَمِـي
الـذي أتْقـنَ حِفْـظَ الدِّيـن والمذهَـبِ مِـن مُسْتَعْـدِمِ
ثـم يَأْتِـي حَسَنٌ زَكِيُّهُـمْ * حَفِـظَ الدِّيـنَ بحِفْظِ العَلَمِ
قـائمِ المَعْـدَنِ ذاكَ المُرْتَجَـى * وَسَمِيِّ المُصطفـى خَيْرِ سَمِي
* اللِّوَاءُ لِوَائي:
تجرَّأتُ – وأستغفر الله تعالى – وكتبتُ هذه الأبياتَ على لِسان أمير المؤمنين الإمام علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه مُصَوِّراً إيّاه يتحدَّث عن نفسه مُشيراً إلى ما جمعه السيد الرضي – قده – مِن كلماته وخطبه والموسومة بـ (نهج البلاغة) ، فأقول راجياً منه الشفاعة:
تَفتَـرُّ في فَلَـكِي حَروف هجائي * مِثْلَ افْتِـرَار الكَوْكَـبِ القَـذَّاءِ
وتَدُورُ مُعْلِنَـةً صُـرَاحَ ذلُولِـها * لِمَـكانِ أفكَـارِي وَرِقِّ هَـوائِي
واللهِ ما ازْوَرَّت تبِيـنُ لِمَنْطِقِـي * ما انْماثَ عَنْها الزَّيْف قبْلَ هجائي
فـإذا أرَدْتُ صِيَـاغَها وَنِظامَهـا * هَبَطـتْ عَلـــيَّ كَدِيمَةٍ نَهْلاءِ
وَحْيُ الكَلامِ يَسُوقهُ لِي مَنْبَعِــي * مِن آلِ هاشِـمَ،أرْتَويهِ كَمَــاءِ
تَتَسَابَقُ الكلماتُ بَيْنَ جَوانِحِــي * حَتَّى تُلبِّـي بَيْنَـها أصْدائــي
حَتَّى تَفِيقَ عَلى خِطَـابِي أجْيُــلٌ * وَتَهُـشُّ أخْرَى،وَاللواءُ لِوائـي
نَهْجُ البلاغةِ بانَ أصْبـحُ وجْهِـهِ * لِيَقُولَ: إنَّ العِلمَ فِي أحْشائــي
* المُنْقِذُ صلوات الله عليه:
أَبَعْدَ الحسَـينِ السِّبْط يُنتَظَـرُ الأمْـرُ * فـلا دامَ مِن بعد الحسـين لَنَا دَهْرُ لقدْ أفجَعَ الإسلامَ مُذْ غَـابَ نُـورُهُ *فهَلْ يُرْتَجَى يَـا مَهْدِ مِنْ بَعْـده صَبْرُ
أَطـاحَتْ عُروشُ الغَيِّ أرْكانَ دِينِكم *فزَالَـتْ،فلَيْسَ اليَوْم مِن نُـورهِ خُبْرُ
فَإنْ عاقكَ الأنْصارُ فالْحَق بمَنْ مَضَـى * حُسَيْـنٍ عَلا حَرْباً وَأنْصَـارُهُ قصْرُ
إلامَ التَّنائي - ياإمامُ - وَهذه الأفـاعي تَوَلَّـتْ ،وَالدُّنََـى كُلُّـها سُكْــرُ
لقدْ أصْبَحَ الأتْبَـاعُ لُقْمَـاتِ ظـالمٍ * فَعَجِّلْ ، فَليْسَ اليوم مِنْ صَبْرِكم صَبْرُ
أَلَيْسَ الحسـينُ اْغْتِيـلَ ذَوْداً لِدينِكم * فَعَجِّـل ، فَذَا الإسلامُ حُزَّتْ لهُ نَحْرُ
*خطر التلفزيون:
قَدْ صَيَّـرَ التِّلْفَـازُ قَلْبَ العَـانِي * أُرْجُــوزَةً لِلْفِسْــقِ والإيمَـانِ
يَغْدُو يُؤَرْجِحُهُ الهَـوَى بَعْدَ التُّقَـى * ويَـرُوحُ لا يَبْغِي سِـوَى الشَّيْطَانِ
الخَيْـرُ يَجْذِبُـهُ فَيَغْصبُـه العُـرِي * صـارَت رُؤَاهُ تَجَـاذُبَ الحِبْـلانِ
أَنَّـى لِصَـائِرِه يَبِـيتُ بِهَــدْيِهِ * مَـادَامَ مَصْـرُوعًا عَلَى الفَنَّـانِ
أَنَّـى لِنَــاشِئِنَا يَثُـوبُ لِرُشْـدِهِ * مَـادَامَ صَافِي السُّمِّ بِالأَحْضَـانِ
أَضْحَى لِفِكْرِ البَعْضِ صَدْرًا مُرْضِعًا * هَـالُوا عَلَيْـهِ صَنِيـعَةَ الرُّضْـعَانِ
مَهْمَا أُفِيضُ فَلَسْتُ أُحْصِـي شَـرَّه * فَاسْتَمْسِكُــوا بِبَقِيَّـةِ الرَّحْمَـنِ
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيته في العالَمِين إمام الزمان عجل الله فرَجَه الشريف.
كَتَبَه أضْعَفُ العباد إلى الله تعالى سلمان بن مبارك الجميعة عَفَا الله عنه وعن والديه وعن جميع المؤمنين والمؤمنات.
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
(مُلْحَق بِالرسالة)
البـَـلْسَمُ الـمَسْطُورُ
فِي
الـكَوْثَرِ الـمَهْدُور
بقلم: سلمان بن مبارك الجميعة
ـــــــــــــــــــــــ
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءَه العادُّون ولا يؤدي حقَّه المجتهدون،وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبدالله وأهل بيته الطيبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً،وبعد..
قال أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الخطبة الرابعة والتسعين مِن كتاب(نَهْج البلاغة)،يَصِفُ الأنبياءَ عليهم الصلاة والسلام:
[...فاسْتَوْدَعهم في أفْضَل مُسْتودع،وأقَرَّهم في خير مُسْتقرٍّ،تَناسَخَتْهم كَرائمُ الأصْلاب إلى مُطَهَّراتِ الأرْحام، كُلَّما مَضى منهم سَلَفٌ قامَ منهم بِدِينِ اللهِ خلَفٌ].
سأشارك في الدفاع عن المعصومين عليهم الصلاة والسلام بهذه اللَّفْتَةِ التي سَأنَوِّهُ عليها في هذه الرسالة المختصرة،وأرجو أنْ تفتح للمؤمنين أبواباً مِن الرحمة إن شاء الله تعالى.
وأسأله أن يرزقنا شفاعة الشافعين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى اللهَ بقلب سليم..
سلمان
ـــــــــــــــــــــــــ
سأتناول نُكتةً أشار إليها القرآنُ الكريمُ بعدَ ذِكرهِ لِبَعض الآياتِ التي يَدَّعِي بعضُ مُخَطِّئةِ الأنبياءِ بأنها تدُلُّ على عدم عصمَتِهم المُطْلَقةِ عليهم الصلاة والسلام..وهذه النكتة هي:
إنَّ اللهَ جل وعلا بَعدَ أنْ يَقُصَّ علينا بعضَ قصصِ هؤلاء الأنبياء العظام أو يُشِيرَ إلى نتيجةٍ لِبعض المواقفِ التي صَدَرَت عنهم فإنَّهُ تعالى يُعَقِّبُ ذلك بأنَّه اجْتَبَى واصْطَفَى واخْتَارَ هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام،وَرُبَّما يُفرِّعُ -بالفاء- هذا الاجْتِبَاءَ على هذه القصص أو المواقفِ المُدَّعَى دُلالتها على صدور المعصية عنهم.
لاحظوا أنه لا يُتَصَوَّر مِن عاقلٍ -فضلاً عن سيِّد العقلاء- أنه يُثْنِي على أحَدٍ كثيرَ ثَناءٍ،وأنه يَختاره لِخِلافَتهِ في الأرض والحُكمِ بين الناس بِالعدل،بَعْدَ أنْ يَصِمَهُ بالعصيان والغواية وارتكاب الذنب،إذا كان مَعْنَى هذه المُصْطلحات هو المعنى المعروف مِن التَّمَرُّدِ على الله تعالى والخروج عن حَرِيم شريعتِه،لأنَّ هذا الأسْلوبَ -بالإضافة إلى أنه بعيدٌ عن الحَدِّ الأدْنى مِن البلاغة- فهو مُخْرجٌ لِلمُسْتعمِل لهُ عن دائرة العُقَلانيَّة،فكيْف يُعَقِّب عَدمَ تماميةِ وعدمَ كفاءةِ إنسانٍ مّا لِلنُّبُوة والخلافة الإلهية -بِسَبَبِ عصيانه- بِأَنَّه اجْتباه واصطفاه واختاره لهذا المنصِب؟!
حتى لو كان هذا المقدارُ مِن العصيان -المُدَّعَى- لا يَضُرُّ بِمَقامِ النبوة فإنه لا يُصَحِّحُ هذا الاستعمال قَطُّ !
سأشير إشاراتٍ طَفِيفَةً إلى هذا المعنى -الذي تَخْتَزِله نُكْتَتُنا- عَبْرَ عَرْضِ بَعْضِ الآيات الكريمة التي تَحْمٍِل ما ذكرْنا.ولكن مِن المُناسِب قبل ذلك أنْ نُمَهِّدَ -باختصار- بِالحديث عن العِصْمَة،فنقول:
لولا عصمة الأنبياء لَمَا وَثِقَ الخَلْقُ بالرسالات الإلهية،وذلك لأنَّ جَوَازَ وإمْكانَ الخطأِ عليهم -صلوات الله عليهم- يُؤدِّي إلى زَعْزَعَةِ اطْمِئْنَانِ وثِقَةِ المُكَلَّفِينَ في صِدْق الرسول..سواءً كان إمكان الخطأ والاشتباه عِندهم على مستوى تَلَقِّي الوَحْي وتبْلِيغ الرسالة،أو كان على صَعِيد الالتزام بِمَا يُؤَدُّونه مِن شرائع..
إذن لا بُدَّ مِن عصمتهم في جميع هذه المراحل،ويكفي مُرْشِداً لِثُبُوت العصمة لديهم قولُه عَزَّ مِنْ قائل:{وما يَنْطق عن الهوى*إنْ هو إلا وحي يوحى}،وقولُه تعالى:{ما آتاكم الرسولُ فَخُذُوه وما نهاكم عنه فانْتَهُوا}،فلو لم يَكُن الرسولُ مَعصوماً مُطْلَقاً لَمَا أَمَرَنا اللهُ تعالى بِأَخْذِ كلِّ ما يأتي به وتَرْكِ كلِّ ما يَنْهَانا عنه،مُسَلِّمِين له بذلك،فلو صَحَّ أَنْ يُخْطِئ لَجَازَ أنْ يَأْتِينا بِغَيْر ما عند الله تعالى،وإذا كُنَّا مأمورين بِالاتِّبَاع المُطْلَق، إذاً فاللهُ يَأْمُرنا بِأَخْذِه أيضًا وهذا محال في حقِّه تبارك وتعالى.
وأما معنى العصمة،فقد عُرِّفت بِتَعَاريف شتَّى،بعضُها يَرْجعُ إلى معْنى واحد، وهو أنَّ العصمة نَوْعٌ مِن العِلْم القَطْعِي بِحَقَائق الأشياء،فَنَظَرُ المعصوم إلى الأعمال الباطلة يَخْتَلِف عن نَظَرِنا إليها،فهو يَرَاها على واقِعِها..فيَرَى قُبْحَها ونُتُونَتَها كَمَا نَرَى بِأَعْيُنِنا ما أمامنا،وبالتالي فيَسْتَحِيل عليه أَنْ يَرْتَكِبَها -مع قُدْرَتِه على ذلك طبعاً- فالمعصومُ يَرَى بَاطِنَ الفاحشة وما هي عليه في الواقع، وهي -بلا شك- قَذِرَة،فَلَنْ يَرْتَكِبها، بل لَنْ تَمِيلَ نَفْسُه إلى ذلك أصلاً،ولا بأس بِهَذَيْن المثالَيْن لِتَوْضيح كَوْنِ المعصوم لا يَفْعَل المعصيةَ مع قُدْرَته على ذلك:
*المثال الأول:
نَرَى أَنَّ الإنسانَ العاقِلَ يَسْتَطِيع أنْ يَخْرُج أَمَامَ الناس عَارِيًا،لَكِنَّه لا يمكن أنْ يَفْعَل ذلك،لِوُضُوح قُبْحِ ودَنَاءَةِ هذا الفِعْلِ عِنْدَه وُضُوحًا وجْدَانِيًّا لا يُخَالِجُه شَكٌّ في ذلك.
*المثال الثاني:
السُّمُّ القاتِل أو البَوْلُ القَذِر..يَسْتطيع الإنسانُ العاقل أنْ يَتَنَاوَلَه،ولكنه لا يُقدِمُ على ذلك،بل لا تَمِيل نَفْسُه إليه أَصْلاً.
وَلْنَعُدْ إلى صُلْب بِحْثِنا ونَذْكُر الآياتِ الكريمة التالية -على طَوَائِف- مع بعض التعليق:
*الطائفة الأولى:
قوله تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى*ثم اجْتباهُ ربُّه...} (طه121– 122).
لاحظوا كيف أنَّ الله تعالى عَطفَ اجتِباءَه لآدَمَ عليه السلام بـ(ثم)التي تَدُلُّ على الترتيب بِالإِضافة إلى المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه..فالاجتباءُ لم يَأْتِ قبْل المعصية والغوَايَة،بل أَتَى بعدهما،ونحن وإنْ كنا نَنْفِي أنْ تكون المعصيةُ والغوايةُ سَبَبًا لِلاجْتباء -إذْ أنه غيْر مَعْقُول- ولكننا نَسْتَبْعِد ونُحِيل -لهذا الترتيب وغيره- أنْ يكون معْنى المعصية والغواية هو المعنى المـُتَدَاوَلُ والمعرُوف مِن الخروج عن طاعة الله تعالى والتَّمَرُّدِ على أوامره،بل لا بُدَّ أنْ يكون المعنى مُتَنَاسباً مَع سَبْكِ كلام المولى وسِيَاق الآيات الشريفة،فنقول -مثلاً- بِأَنَّ المعصية هنا بِمَعْنَى تَرْكِ الأوْلى والأَحَبِّ إلى الله تعالى،وهو عدم الأكل مِن تلك الشجرة، لا بِمَعْنَى فِعْلِ المُحَرَّمِ المـَنْهِيّ عنْه نَهْيًا لا يُسْمَح بِارْتِكَاب نَقِيضِه وهو الأَكْل،فعَدَمُ الأكل أَحَبُّ إلى الله تعالى مِن الأكل منها، فأَتَى النهيُ عنه لذلك.
أو نقول بِأَنَّ نَهْيَ المولى تعالى نبيَّه آدَمَ لم يكن نَهْيًا مَوْلَوِيًّا،يَعْنِي لم يَكُن النَّهْيُ نَهْيَ تَكْلِيفٍ بِحَيْث أنه يَتَرَتَّب عليْه غَضَبُ اللهِ جلَّ وعلا،وإنما كان نَهْيًا إِرْشَادِيًّا،لِمَا في الأكل مِنْ ضَرَرٍ يَعْلَمه اللهُ سبحانه.
أو غيْر ذلك مِمَّا خَرَّجَ به علماؤنا الأبرارُ ما جَرَى لآدَمَ وحَوَّاءَ-عليهما السلام- في تلك الجَنَّة.
*الطائفة الثانية:
قوله تعالى:{وهَلْ أَتَاك نَبَأُ الخصْم إذ تَسَوَّرُوا المحرَابَ*إذ دَخَلُوا على داود فَفَزِعَ منهم قالوا لا تَخَف خَصْمانِ بَغَى بعضُنا على بعضٍ فَاحْكُم بيننا بِالحق ولا تُشْطِط واهْدِنا إلى سواء الصراط*إنَّ هذا أخي له تسْع وتسعون نعْجَة ولِي نعجة واحدة فقال أَكْفِلْنِيها وعَزَّنِي في الخطاب*قال لقد ظَلَمَك بِسُؤال نعجتك إلى نعاجه وإنَّ كثيراً مِن الخلطاء لَيَبْغِي بعضُهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليلٌ مَا هم وظَنَّ داودُ أنما فَتَنَّاه فاسْتغفَر رَبَّه وخَرَّ راكعًا وأناب*فغَفَرْنا له ذلك وإنَّ له عندنا لَزُلْفَى وحسن مآب * ياداود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحْكُم بين الناس بِالحق ولا تَتَّبِع الهوى فيُضِلّك عن سبيل الله إنَّ الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}(سورةص26،21).
والكلامُ كَمَا في سابقه،فلم يَكُن اسْتِغفارُ داود عليه السلام عن ذَنْبٍ مَوْلَوِيٍّ يُعَاقَب عليه لو لم يَستغفِر،لِمَا مَرَّ مِن الدليل العَقْلِي على إثباتِ العصمة،ولِمَا يُنَاسِب بَلاغَةَ القرآنِ الكريم واسْتِعْمَالَ ذلك مِن قِبَل رَبِّ العالمين، حيث أنه تعالى بَعْد أنْ سَرَدَ قصةَ داود -مع المتخَاصِمَيْن واسْتِغْفَارَه إِيَّاه وغُفْرَانَه سبحانه- عَقَّبَ ذلك بِالمنْزِلةِ العظيمة والوظيفة الجسيمة لداود،-ولِذلك- جَعَلَه خليفتَه في الأرض،وأَمَرَه أنْ يَحْكُم بين الناس بِالعدْل.مَنْزِلة الخلافة والتمثيل عن الله تعالى في أَرْضِه منزلةٌ لا يَنَالُها أَيُّ أحَدٍ،بل هي لِخَاصَّتِه جل وعلا..فكيف يَسْتَسِيغ العقلُ أو العَارِفُ بِالعربِيَّة –أَقَلُّها- أنْ يَمْتَدِح اللهُ سبحانه داودَ بِهذا التَّنْصِيب الخطير بعد ذِكْرِه المباشر لِلتَّمَرُّدِ والعصيان المُدْعَيَيْنِ لِداود لأنه اسْتَغْفَر رَبَّه؟!
*الطائفة الثالثة:
قوله تعالى:{وإذ نادى ربُّك موسى أن ائْتِ القومَ الظالمين*قومَ فرعون ألا يَتَّقُون*قال ربي إني أخاف أن يكذبون*ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون*ولهم عَلَيَّ ذنبٌ فأخاف أن يقتلون*قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون*فَأْتِيَا فرعونَ فَقُولا إنا رسولا رب العالمين* أن أرسل معنا بني إسرائيل*قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين*وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين*قال فعلتها إذاً وأنا مِن الضالين*ففررْتُ منكم لما خفتُكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني مِن المرسلين}(الشعراء 21،10).
قَوْلُ نبِيِّ الله موسى عليه السلام:{لهم علي ذنب}يعني:بِنَظَرِهم أَنَّ ما فَعَلْتُه مِن قَتْلِ ذلك القِبْطِي الكافر ذَنْبٌ فسَيَقْتُلُوني عليه،بل إنَّ فرعون تَمَادَى وعَبَّرَ عن هذا الذنب أو عنه وعن خُرُوجِ موسى عليه بِالكُفْرِ،فقال اللهُ تعالى على لسانه:{وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين}وجَارَاه موسى عليه السلام، فقال له بِأَنَّنِي ضَالٌّ في رأيكم إذاً؟! ولكنَّ الله ربي جَعَلَني حاكمًا وخليفةً في الأرض ورسولاً إلى الناس أجمعين.
إذن لا يُعقل أنْ تكون هذه الواقعة مُشْتَمِلَةً على تَمَرُّدِ موسى بقوله:{وأنا من الضالين}،أو تكون مشتملةً على خَطَأ في الموضوع الخارجي..قَتَلَ ذلك القبطيَّ بِوَكْزِه،فهو يَسْتَحق القتلَ،وموسى وإنْ لم يَقْصد قتْلَه إلا أنَّ ضَرْبَتَه كانت في محلِّها، وإلا لَمَا ناسَبَ موسى أن يَرُدَّ على فرعون بِأَنه بَعْد هذا الخطأ والضلال -في نَظَر فرعون- وَهَبَهُ اللهُ الحكمَ والرسالة!
*الطائفة الرابعة:
قوله تعالى:{و وهبنا لداود سليمان نعْم العبد إنه أَوَّاب*إذ عُرض عليه بِالعَشِي الصافنات الجياد*فقال إني أحْبَبْتُ حُبَّ الخير عن ذِكْر ربي حتى توارت بالحجاب*رُدوها علي فطفق مسحاً بِالسوق والأعناق* ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب*قال رب اغفر لي وهب لي مُلكاً لا ينبغي من بعدي إنك أنت الوهاب*فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب*والشياطين كل بناء وغواص* وآخرين مقرنين في الأصفاد*هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب*وإن له عندنا لزلفى وحُسْن مآب}(سورةص40،30).
في هذه الآيات الشريفة..عندما يُثْنِي اللهُ تبارك وتعالى على سليمان عليه السلام فَيَصِفهُ بِأنه ذو عبودية خالصة له سبحانه وبِأنه أَوَّابٌ إليه بِاستمرار..هذا قَبْلَ أَنْ يَذْكُر قِصَّتَه مع الجياد والخيول،ثم يَعُود بعْد سَرْدِها لِيَذْكُر منزلتَه لديه وحُسْنَ أَوْبَتِهِ إليه..كلُّ هذا ويَأْتِي البعضُ لِيَدَّعِي بِأَنَّ قوله تعالى في هذه القصة على لسان سليمان عليه السلام {إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي}تَصْرِيحٌ بِأَنَّ سليمان قَدَّمَ حُبَّه لِلجيادِ على ذكر الله تعالى..إنَّ هذا لا يُنَاسِب سِيَاقَ سَرْدِ الله تعالى لِلقصة،والثَّنَاءَ الذي حَفَّهَا مِنْ طَرَفَيْها!
ثم لو كان سليمان -والعياذ بالله- عاصيًا فإنه وإِنِ اسْتَغْفَرَ لَم يَتَجَرَّأ مباشرةً بِطَلَبِ المُلْكِ الذي لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِن بعده؟! إنَّ هذا لا يُحتَمَل مِن مؤمنٍ واعٍ مِن عامّةِ الناس،لِمَا فِيه مِن قلَّةِ الاستحياء مِن المَعْصِيِّ- ادِّعاء-.ألا تذكرون قصةَ ذلك العبد الصالح الذي -بعد أنْ خالَفَ مولاه تعالى- سَجَدَ أربعين يوماً دون أنْ يَطْلُبَ مِن الله تعالى أَدْنَى شيءٍ،حياءً منه،فكيف بِعَاصٍ -حسب الادِّعاء- يَطْلُب المُلْكَ كله بعْد تَوْبَتِه مباشرة؟!
*الطائفة الخامسة:
قوله تعالى:{فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم*لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم*فاجتباه ربُّه فجعله من الصالحين}(القلم50،48).
وقوله تعالى:{وإن يونس لمن المرسلين*إذ أبق إلى الفلك المشحون* فساهم فكان من المدحضين*فالتقمه الحوت وهو مليم*فلولا أنه كان من المسبحين*للبث في بطنه إلى يوم يبعثون*فنبذناه بالعراء وهو سقيم*وأنبتنا عليه شجرة من يقطين*وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}(الصافات148،139).
لم يَكُن النبيُّ يونس عليه السلام عاصيًا أبدًا،وفَحْوَى الكلامِ في هذه الآيات مِن هذه الطائفة الخامسة يَأْبَى ذلك أيضًا،لأَنَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ -بعْدَ سَرْدِ قصةِ يونس- بِأنه اجْتَباه،وذَكَرَ -بَعْدَ ذلك- بِأَنه أَرْسَلَه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون (1) فلا يُنَاسِب المقامُ عصيانَ النبيِّ يونس أبدًا*.
ـــــــــــــ
(1)سواءً كان يونس عليه السلام قد أُرسِل إلى غير قوْمِه الأولين -على قوْلٍ- أو أنه أُعِيدَ إرسالُه إلى نفْس قوْمِه كما هو ظاهر الآيات الكريمة كما هو تعبير الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره(الأمثل).
*لِلاستزادة:
أ– الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل.للفقيه الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.دار إحياء التراث العربي.
ب– عصمة الأنبياء في القرآن الكريم.للمحقق الكبير الفقيه الشيخ جعفر السبحاني.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيته في العالمين إمام الزمان عجل الله فرجه.
سلمان
البـَـلْسَمُ الـمَسْطُورُ
فِي
الـكَوْثَرِ الـمَهْدُور
بقلم: سلمان بن مبارك الجميعة
ـــــــــــــــــــــــ
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءَه العادُّون ولا يؤدي حقَّه المجتهدون،وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبدالله وأهل بيته الطيبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً،وبعد..
قال أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الخطبة الرابعة والتسعين مِن كتاب(نَهْج البلاغة)،يَصِفُ الأنبياءَ عليهم الصلاة والسلام:
[...فاسْتَوْدَعهم في أفْضَل مُسْتودع،وأقَرَّهم في خير مُسْتقرٍّ،تَناسَخَتْهم كَرائمُ الأصْلاب إلى مُطَهَّراتِ الأرْحام، كُلَّما مَضى منهم سَلَفٌ قامَ منهم بِدِينِ اللهِ خلَفٌ].
سأشارك في الدفاع عن المعصومين عليهم الصلاة والسلام بهذه اللَّفْتَةِ التي سَأنَوِّهُ عليها في هذه الرسالة المختصرة،وأرجو أنْ تفتح للمؤمنين أبواباً مِن الرحمة إن شاء الله تعالى.
وأسأله أن يرزقنا شفاعة الشافعين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى اللهَ بقلب سليم..
سلمان
ـــــــــــــــــــــــــ
سأتناول نُكتةً أشار إليها القرآنُ الكريمُ بعدَ ذِكرهِ لِبَعض الآياتِ التي يَدَّعِي بعضُ مُخَطِّئةِ الأنبياءِ بأنها تدُلُّ على عدم عصمَتِهم المُطْلَقةِ عليهم الصلاة والسلام..وهذه النكتة هي:
إنَّ اللهَ جل وعلا بَعدَ أنْ يَقُصَّ علينا بعضَ قصصِ هؤلاء الأنبياء العظام أو يُشِيرَ إلى نتيجةٍ لِبعض المواقفِ التي صَدَرَت عنهم فإنَّهُ تعالى يُعَقِّبُ ذلك بأنَّه اجْتَبَى واصْطَفَى واخْتَارَ هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام،وَرُبَّما يُفرِّعُ -بالفاء- هذا الاجْتِبَاءَ على هذه القصص أو المواقفِ المُدَّعَى دُلالتها على صدور المعصية عنهم.
لاحظوا أنه لا يُتَصَوَّر مِن عاقلٍ -فضلاً عن سيِّد العقلاء- أنه يُثْنِي على أحَدٍ كثيرَ ثَناءٍ،وأنه يَختاره لِخِلافَتهِ في الأرض والحُكمِ بين الناس بِالعدل،بَعْدَ أنْ يَصِمَهُ بالعصيان والغواية وارتكاب الذنب،إذا كان مَعْنَى هذه المُصْطلحات هو المعنى المعروف مِن التَّمَرُّدِ على الله تعالى والخروج عن حَرِيم شريعتِه،لأنَّ هذا الأسْلوبَ -بالإضافة إلى أنه بعيدٌ عن الحَدِّ الأدْنى مِن البلاغة- فهو مُخْرجٌ لِلمُسْتعمِل لهُ عن دائرة العُقَلانيَّة،فكيْف يُعَقِّب عَدمَ تماميةِ وعدمَ كفاءةِ إنسانٍ مّا لِلنُّبُوة والخلافة الإلهية -بِسَبَبِ عصيانه- بِأَنَّه اجْتباه واصطفاه واختاره لهذا المنصِب؟!
حتى لو كان هذا المقدارُ مِن العصيان -المُدَّعَى- لا يَضُرُّ بِمَقامِ النبوة فإنه لا يُصَحِّحُ هذا الاستعمال قَطُّ !
سأشير إشاراتٍ طَفِيفَةً إلى هذا المعنى -الذي تَخْتَزِله نُكْتَتُنا- عَبْرَ عَرْضِ بَعْضِ الآيات الكريمة التي تَحْمٍِل ما ذكرْنا.ولكن مِن المُناسِب قبل ذلك أنْ نُمَهِّدَ -باختصار- بِالحديث عن العِصْمَة،فنقول:
لولا عصمة الأنبياء لَمَا وَثِقَ الخَلْقُ بالرسالات الإلهية،وذلك لأنَّ جَوَازَ وإمْكانَ الخطأِ عليهم -صلوات الله عليهم- يُؤدِّي إلى زَعْزَعَةِ اطْمِئْنَانِ وثِقَةِ المُكَلَّفِينَ في صِدْق الرسول..سواءً كان إمكان الخطأ والاشتباه عِندهم على مستوى تَلَقِّي الوَحْي وتبْلِيغ الرسالة،أو كان على صَعِيد الالتزام بِمَا يُؤَدُّونه مِن شرائع..
إذن لا بُدَّ مِن عصمتهم في جميع هذه المراحل،ويكفي مُرْشِداً لِثُبُوت العصمة لديهم قولُه عَزَّ مِنْ قائل:{وما يَنْطق عن الهوى*إنْ هو إلا وحي يوحى}،وقولُه تعالى:{ما آتاكم الرسولُ فَخُذُوه وما نهاكم عنه فانْتَهُوا}،فلو لم يَكُن الرسولُ مَعصوماً مُطْلَقاً لَمَا أَمَرَنا اللهُ تعالى بِأَخْذِ كلِّ ما يأتي به وتَرْكِ كلِّ ما يَنْهَانا عنه،مُسَلِّمِين له بذلك،فلو صَحَّ أَنْ يُخْطِئ لَجَازَ أنْ يَأْتِينا بِغَيْر ما عند الله تعالى،وإذا كُنَّا مأمورين بِالاتِّبَاع المُطْلَق، إذاً فاللهُ يَأْمُرنا بِأَخْذِه أيضًا وهذا محال في حقِّه تبارك وتعالى.
وأما معنى العصمة،فقد عُرِّفت بِتَعَاريف شتَّى،بعضُها يَرْجعُ إلى معْنى واحد، وهو أنَّ العصمة نَوْعٌ مِن العِلْم القَطْعِي بِحَقَائق الأشياء،فَنَظَرُ المعصوم إلى الأعمال الباطلة يَخْتَلِف عن نَظَرِنا إليها،فهو يَرَاها على واقِعِها..فيَرَى قُبْحَها ونُتُونَتَها كَمَا نَرَى بِأَعْيُنِنا ما أمامنا،وبالتالي فيَسْتَحِيل عليه أَنْ يَرْتَكِبَها -مع قُدْرَتِه على ذلك طبعاً- فالمعصومُ يَرَى بَاطِنَ الفاحشة وما هي عليه في الواقع، وهي -بلا شك- قَذِرَة،فَلَنْ يَرْتَكِبها، بل لَنْ تَمِيلَ نَفْسُه إلى ذلك أصلاً،ولا بأس بِهَذَيْن المثالَيْن لِتَوْضيح كَوْنِ المعصوم لا يَفْعَل المعصيةَ مع قُدْرَته على ذلك:
*المثال الأول:
نَرَى أَنَّ الإنسانَ العاقِلَ يَسْتَطِيع أنْ يَخْرُج أَمَامَ الناس عَارِيًا،لَكِنَّه لا يمكن أنْ يَفْعَل ذلك،لِوُضُوح قُبْحِ ودَنَاءَةِ هذا الفِعْلِ عِنْدَه وُضُوحًا وجْدَانِيًّا لا يُخَالِجُه شَكٌّ في ذلك.
*المثال الثاني:
السُّمُّ القاتِل أو البَوْلُ القَذِر..يَسْتطيع الإنسانُ العاقل أنْ يَتَنَاوَلَه،ولكنه لا يُقدِمُ على ذلك،بل لا تَمِيل نَفْسُه إليه أَصْلاً.
وَلْنَعُدْ إلى صُلْب بِحْثِنا ونَذْكُر الآياتِ الكريمة التالية -على طَوَائِف- مع بعض التعليق:
*الطائفة الأولى:
قوله تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى*ثم اجْتباهُ ربُّه...} (طه121– 122).
لاحظوا كيف أنَّ الله تعالى عَطفَ اجتِباءَه لآدَمَ عليه السلام بـ(ثم)التي تَدُلُّ على الترتيب بِالإِضافة إلى المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه..فالاجتباءُ لم يَأْتِ قبْل المعصية والغوَايَة،بل أَتَى بعدهما،ونحن وإنْ كنا نَنْفِي أنْ تكون المعصيةُ والغوايةُ سَبَبًا لِلاجْتباء -إذْ أنه غيْر مَعْقُول- ولكننا نَسْتَبْعِد ونُحِيل -لهذا الترتيب وغيره- أنْ يكون معْنى المعصية والغواية هو المعنى المـُتَدَاوَلُ والمعرُوف مِن الخروج عن طاعة الله تعالى والتَّمَرُّدِ على أوامره،بل لا بُدَّ أنْ يكون المعنى مُتَنَاسباً مَع سَبْكِ كلام المولى وسِيَاق الآيات الشريفة،فنقول -مثلاً- بِأَنَّ المعصية هنا بِمَعْنَى تَرْكِ الأوْلى والأَحَبِّ إلى الله تعالى،وهو عدم الأكل مِن تلك الشجرة، لا بِمَعْنَى فِعْلِ المُحَرَّمِ المـَنْهِيّ عنْه نَهْيًا لا يُسْمَح بِارْتِكَاب نَقِيضِه وهو الأَكْل،فعَدَمُ الأكل أَحَبُّ إلى الله تعالى مِن الأكل منها، فأَتَى النهيُ عنه لذلك.
أو نقول بِأَنَّ نَهْيَ المولى تعالى نبيَّه آدَمَ لم يكن نَهْيًا مَوْلَوِيًّا،يَعْنِي لم يَكُن النَّهْيُ نَهْيَ تَكْلِيفٍ بِحَيْث أنه يَتَرَتَّب عليْه غَضَبُ اللهِ جلَّ وعلا،وإنما كان نَهْيًا إِرْشَادِيًّا،لِمَا في الأكل مِنْ ضَرَرٍ يَعْلَمه اللهُ سبحانه.
أو غيْر ذلك مِمَّا خَرَّجَ به علماؤنا الأبرارُ ما جَرَى لآدَمَ وحَوَّاءَ-عليهما السلام- في تلك الجَنَّة.
*الطائفة الثانية:
قوله تعالى:{وهَلْ أَتَاك نَبَأُ الخصْم إذ تَسَوَّرُوا المحرَابَ*إذ دَخَلُوا على داود فَفَزِعَ منهم قالوا لا تَخَف خَصْمانِ بَغَى بعضُنا على بعضٍ فَاحْكُم بيننا بِالحق ولا تُشْطِط واهْدِنا إلى سواء الصراط*إنَّ هذا أخي له تسْع وتسعون نعْجَة ولِي نعجة واحدة فقال أَكْفِلْنِيها وعَزَّنِي في الخطاب*قال لقد ظَلَمَك بِسُؤال نعجتك إلى نعاجه وإنَّ كثيراً مِن الخلطاء لَيَبْغِي بعضُهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليلٌ مَا هم وظَنَّ داودُ أنما فَتَنَّاه فاسْتغفَر رَبَّه وخَرَّ راكعًا وأناب*فغَفَرْنا له ذلك وإنَّ له عندنا لَزُلْفَى وحسن مآب * ياداود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحْكُم بين الناس بِالحق ولا تَتَّبِع الهوى فيُضِلّك عن سبيل الله إنَّ الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}(سورةص26،21).
والكلامُ كَمَا في سابقه،فلم يَكُن اسْتِغفارُ داود عليه السلام عن ذَنْبٍ مَوْلَوِيٍّ يُعَاقَب عليه لو لم يَستغفِر،لِمَا مَرَّ مِن الدليل العَقْلِي على إثباتِ العصمة،ولِمَا يُنَاسِب بَلاغَةَ القرآنِ الكريم واسْتِعْمَالَ ذلك مِن قِبَل رَبِّ العالمين، حيث أنه تعالى بَعْد أنْ سَرَدَ قصةَ داود -مع المتخَاصِمَيْن واسْتِغْفَارَه إِيَّاه وغُفْرَانَه سبحانه- عَقَّبَ ذلك بِالمنْزِلةِ العظيمة والوظيفة الجسيمة لداود،-ولِذلك- جَعَلَه خليفتَه في الأرض،وأَمَرَه أنْ يَحْكُم بين الناس بِالعدْل.مَنْزِلة الخلافة والتمثيل عن الله تعالى في أَرْضِه منزلةٌ لا يَنَالُها أَيُّ أحَدٍ،بل هي لِخَاصَّتِه جل وعلا..فكيف يَسْتَسِيغ العقلُ أو العَارِفُ بِالعربِيَّة –أَقَلُّها- أنْ يَمْتَدِح اللهُ سبحانه داودَ بِهذا التَّنْصِيب الخطير بعد ذِكْرِه المباشر لِلتَّمَرُّدِ والعصيان المُدْعَيَيْنِ لِداود لأنه اسْتَغْفَر رَبَّه؟!
*الطائفة الثالثة:
قوله تعالى:{وإذ نادى ربُّك موسى أن ائْتِ القومَ الظالمين*قومَ فرعون ألا يَتَّقُون*قال ربي إني أخاف أن يكذبون*ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون*ولهم عَلَيَّ ذنبٌ فأخاف أن يقتلون*قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون*فَأْتِيَا فرعونَ فَقُولا إنا رسولا رب العالمين* أن أرسل معنا بني إسرائيل*قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين*وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين*قال فعلتها إذاً وأنا مِن الضالين*ففررْتُ منكم لما خفتُكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني مِن المرسلين}(الشعراء 21،10).
قَوْلُ نبِيِّ الله موسى عليه السلام:{لهم علي ذنب}يعني:بِنَظَرِهم أَنَّ ما فَعَلْتُه مِن قَتْلِ ذلك القِبْطِي الكافر ذَنْبٌ فسَيَقْتُلُوني عليه،بل إنَّ فرعون تَمَادَى وعَبَّرَ عن هذا الذنب أو عنه وعن خُرُوجِ موسى عليه بِالكُفْرِ،فقال اللهُ تعالى على لسانه:{وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين}وجَارَاه موسى عليه السلام، فقال له بِأَنَّنِي ضَالٌّ في رأيكم إذاً؟! ولكنَّ الله ربي جَعَلَني حاكمًا وخليفةً في الأرض ورسولاً إلى الناس أجمعين.
إذن لا يُعقل أنْ تكون هذه الواقعة مُشْتَمِلَةً على تَمَرُّدِ موسى بقوله:{وأنا من الضالين}،أو تكون مشتملةً على خَطَأ في الموضوع الخارجي..قَتَلَ ذلك القبطيَّ بِوَكْزِه،فهو يَسْتَحق القتلَ،وموسى وإنْ لم يَقْصد قتْلَه إلا أنَّ ضَرْبَتَه كانت في محلِّها، وإلا لَمَا ناسَبَ موسى أن يَرُدَّ على فرعون بِأَنه بَعْد هذا الخطأ والضلال -في نَظَر فرعون- وَهَبَهُ اللهُ الحكمَ والرسالة!
*الطائفة الرابعة:
قوله تعالى:{و وهبنا لداود سليمان نعْم العبد إنه أَوَّاب*إذ عُرض عليه بِالعَشِي الصافنات الجياد*فقال إني أحْبَبْتُ حُبَّ الخير عن ذِكْر ربي حتى توارت بالحجاب*رُدوها علي فطفق مسحاً بِالسوق والأعناق* ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب*قال رب اغفر لي وهب لي مُلكاً لا ينبغي من بعدي إنك أنت الوهاب*فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب*والشياطين كل بناء وغواص* وآخرين مقرنين في الأصفاد*هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب*وإن له عندنا لزلفى وحُسْن مآب}(سورةص40،30).
في هذه الآيات الشريفة..عندما يُثْنِي اللهُ تبارك وتعالى على سليمان عليه السلام فَيَصِفهُ بِأنه ذو عبودية خالصة له سبحانه وبِأنه أَوَّابٌ إليه بِاستمرار..هذا قَبْلَ أَنْ يَذْكُر قِصَّتَه مع الجياد والخيول،ثم يَعُود بعْد سَرْدِها لِيَذْكُر منزلتَه لديه وحُسْنَ أَوْبَتِهِ إليه..كلُّ هذا ويَأْتِي البعضُ لِيَدَّعِي بِأَنَّ قوله تعالى في هذه القصة على لسان سليمان عليه السلام {إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي}تَصْرِيحٌ بِأَنَّ سليمان قَدَّمَ حُبَّه لِلجيادِ على ذكر الله تعالى..إنَّ هذا لا يُنَاسِب سِيَاقَ سَرْدِ الله تعالى لِلقصة،والثَّنَاءَ الذي حَفَّهَا مِنْ طَرَفَيْها!
ثم لو كان سليمان -والعياذ بالله- عاصيًا فإنه وإِنِ اسْتَغْفَرَ لَم يَتَجَرَّأ مباشرةً بِطَلَبِ المُلْكِ الذي لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِن بعده؟! إنَّ هذا لا يُحتَمَل مِن مؤمنٍ واعٍ مِن عامّةِ الناس،لِمَا فِيه مِن قلَّةِ الاستحياء مِن المَعْصِيِّ- ادِّعاء-.ألا تذكرون قصةَ ذلك العبد الصالح الذي -بعد أنْ خالَفَ مولاه تعالى- سَجَدَ أربعين يوماً دون أنْ يَطْلُبَ مِن الله تعالى أَدْنَى شيءٍ،حياءً منه،فكيف بِعَاصٍ -حسب الادِّعاء- يَطْلُب المُلْكَ كله بعْد تَوْبَتِه مباشرة؟!
*الطائفة الخامسة:
قوله تعالى:{فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم*لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم*فاجتباه ربُّه فجعله من الصالحين}(القلم50،48).
وقوله تعالى:{وإن يونس لمن المرسلين*إذ أبق إلى الفلك المشحون* فساهم فكان من المدحضين*فالتقمه الحوت وهو مليم*فلولا أنه كان من المسبحين*للبث في بطنه إلى يوم يبعثون*فنبذناه بالعراء وهو سقيم*وأنبتنا عليه شجرة من يقطين*وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}(الصافات148،139).
لم يَكُن النبيُّ يونس عليه السلام عاصيًا أبدًا،وفَحْوَى الكلامِ في هذه الآيات مِن هذه الطائفة الخامسة يَأْبَى ذلك أيضًا،لأَنَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ -بعْدَ سَرْدِ قصةِ يونس- بِأنه اجْتَباه،وذَكَرَ -بَعْدَ ذلك- بِأَنه أَرْسَلَه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون (1) فلا يُنَاسِب المقامُ عصيانَ النبيِّ يونس أبدًا*.
ـــــــــــــ
(1)سواءً كان يونس عليه السلام قد أُرسِل إلى غير قوْمِه الأولين -على قوْلٍ- أو أنه أُعِيدَ إرسالُه إلى نفْس قوْمِه كما هو ظاهر الآيات الكريمة كما هو تعبير الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره(الأمثل).
*لِلاستزادة:
أ– الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل.للفقيه الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.دار إحياء التراث العربي.
ب– عصمة الأنبياء في القرآن الكريم.للمحقق الكبير الفقيه الشيخ جعفر السبحاني.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما بقيته في العالمين إمام الزمان عجل الله فرجه.
سلمان
عاشق الزهراء- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
رد: الرسالة الوثيقة في ثبْت لفْتة الحقيقة
شكراً على هذا الكتاب
انصار الحجة (عج)- المدير العام
- عدد المساهمات : 131
تاريخ التسجيل : 02/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى